الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 10الرجوع إلى "الفكر"

نذوة القراء, رد حول موضوع بين الحصري وابن حزم

Share

كنا نشرنا فى عدد 4/ 1 / 1980 مقالا للدكتور الشاذلى بو يحيى عن الحصرى وابن حزم وقد وافتنا رسالة من الدكتور محمد بن سعد الشويعر يرد فيها على ما جاء فى مقال الدكتور الشاذلى بو يحيى ورأينا أن ننشرها عملا بحرية الفكر وخدمة للثقافة العربية وتوخيا للحقيقة والصراحة فاتحين بذلك صفحات المجلة لكل ما من شأنه أن يوصلنا إلى مزيد من الدقة والبحث الصائب .

بسم الله الرحمن الرحيم  خطاب مفتوح  الى الاستاذ الكريم : الشاذلى بو يحيى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :  فقد اطلعت على مقالكم المنشور فى مجلة " الفكر " ، السنة 25 ، العدد 5 ، سنة 1980 م . ، شهر فبراير .

وهو ذاته الصادر فى مجلة " الثقافة المصرية " ، السنة السابعة ، العدد 79 ، فبراير 1980 م . وقد يكون صدر فى غيرهما أيضا . ومع ما في هذا المقال من تحامل كثير ، ومهاجمة عنيفة ، لا تحسن بالعلماء ، وحملة الاقلام ، ممن نجلهم ونحترم مستواهم العلمي ، ومكانتهم المرموقة .. وأنت لك فى النفوس منزلة ، وفي الجهود العامية مكانة . ولعلك قرأت قبل أن تكتب : لكثير من النقاد ؛ آراءهم حول فضل السابق لسبقه .. ومكانة اللاحق لاجادته .

ولست أسمى رسالتى هذه ردا أو تعقيبا ، بقدر ما هى تبيان حول مقالك : رد على مقال عنوانه : بين الحصرى وابن حزم .. لأننى أزهد الناس عن الدخول

فى المعتركات الكلامية ، التى هى فى الغالب لا تجدى فتيلا ، بمقدار ما هى محاولة للعلو ، والانتقاص من قدر الآخرين .. وهذه فى نظري خصلة مشينة ، فلقد كتبت مرة عن أزمة النقد فى عالمنا العربى ، وأعدت بعض الاسباب الى الحدة فى الامزجة العربية ، وعدم الواقعية في النقاش ، بل قد يصل أحيانا الى النواحى الشخصية ، والمثالب الاخلاقية .. كما نفهم من مدلول هذا البيت :

جاء شقيق عارضا رمحه      إن بني عمك فيهم رماح

ولذا فانما أسطره هنا ما هو الا من باب عتب الولد على والده ، أو محاورة الطالب لاستاذه ، نشدانا للحقيقة ، وتقربا من الواقع ، الذى يجب أن يعرفه القارىء ، ومحاولة لسلوك منهجية جديدة .

لقد ترددت كثيرا بين مد وجزر ، واقدام واحجام .. وإحقاقا للحقيقة ، وبيانا للتاريخ ، فلقد كان بحثى الذى يحمل آرائى حول الحصرى وابن حزم ، جاهزا ، قبل أن أقرأ لك سطرا ، أو أسمع أن لك دراسة عن أبى اسحاق الحصري ..

وما ذنبنا نحن المشارقة ، اذا كانت ثقافة اخواننا المغاربة لم تصل الينا الا متأخرة .. بل إنكم ضننتم ببعضها أن يترجم للغة العربية . كما هو واقع أطروحتك عن : الحياة الادبية فى افريقيا تحت حكم الزيريين ، الذى لم استطع العثور عليه بغير الفرنسية وفى وقت متأخر جدا ..

ولولا أن أخي وصديقى الاستاذ محمد العروسي المطوى ، لفت نظري في حديث عابر معه فى القاهرة ، الى مقالك ، الذي لم يحدد مكانه بادىء ذى بدء ، لما عرفت عنه شيئا .. مما جعلني أزيد البحث والاستقصاء .. فصور لي الصديق الحبيب اللمسى مقالك من حوليات الجامعة التونسية العدد الاول .. والذى لم يسعدنى الحظ بالاطلاع على شئ من محتوياته غير هذا المقال المصور ، والذى أشرت اليه فى بحثى وأعدت لك الفضل فى اشارتك فيه الى المصون . ومن هنا فان المعرفة لا يحدها حدود ، كما أن المعاني مطروحة فى الطريق ، مشتركة بين الناس ، كما قال بذلك الجاحظ ( 163 - 225 ه . ) ، وأبو هلال ( ... - 395 ه . ) . والمصادر التى يستقى منها كل دارس تبين الاتجاه ، وتعطى المؤشر الأخضر ، أما الذي يحكم ذلك ويعينه فهو الفكر

والترجيح ، والموازنة والاستدلال . وهذه هبة من الله يوزعها بين عباده ، بقدر ما اعطاهم من عقل وفهم وادراك . وطالما سمعنا وقرأنا عن اثنين يفكران فى موضوع واحد ، فما بالك بشئ مطروح وله ما يبرر إعمال الفكر من المعلومات المبسوطة التى لم تكن وقفا على أحد بذاته . وقد يكون باعك النقدى ، وادراكك لما قيل فى المجال ، أدرى بذلك حتى يمكنك الحكم على جوهر ما قيل ، والحكم على الشئ فرع من تصوره .. رغم أن ثقافتك باللغة الفرنسية ، وبالمناسبة فقد أطلعت على فصل ترجم لى من كتابك الحياة الادبية فى شمال افريقيا ، وهي وان كانت ترجمة سيئة قد لا تعبر عن ما أردته أنت ، فانني قد أشرت الى ذلك فى موضعه من بحثي ، واستميحك عذرا اذا كان فى الترجمة بعض القصور .

ولئن كان حديثكم يتسم بشدة ابن حزم ، وعنف المغاربة ، الذى تأثرتم به كثيرا ، فان جوابي هذا يستمد منهجه من هدوء أبي اسحاق الحصرى . ورغبته فى الملاينة ، لأننى تأثرت به ، ولكل وجهة هو موليها .

ولن أتعرض لمقالكم كله بالتعقيب والمداولة لسببين : أولهما : ان المجال سيطول ، ولست أحبذ ذلك .. وفى هذه الاطالة مجال للتكرار .

وثانيهما : أننى معجب بالاخوة التونسيين وحرصهم على بعث التراث المتعلق بديارهم رغم ان صحوتهم العربية جاءت متأخرة .

ولذا فاننى أريد أن أبقى عليك استاذا اعترف له بالفضل فى مكانه ، واحترم علمه ، واسمع عن أخلاقه .. وللخلق مكانة كبيرة فى السلوك الاجتماعى كما أبانه القرآن الكريم ، وحث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولا أعتقد أنك تجزم بأن التفكير محجور والمعرفة وقف .. على أحد دون أحد .. كما انك أيضا قد توافقني الرأى ، ونوافق جميعا " شوقيا " بأن الخلاف فى وجهة النظر لا تفسد المودة ، ولا تقطع الصلة .

ولذا أرجو أن تتفضل بافساح صدرك ، وأن تلين عريكتك ، على أنني لا اغمط لك حقا فى الفضل ، واتساع المعرفة وسلامة التفكير ، كما جاء فى مقالى عن الحصرى ونشر آخر سنة 1398 ه .

- لقد قلت فى ردك كلاما حول ما أشرت اليه من أن أول من لفت النظر الى المقارنة بين المصون وطوق الحمامة هو الشاذلى بو يحيى عندما أشار في حوليات الجامعة التونسية الى أن فى المصون مشابهة لطوق الحمامة ..

وفى هذا اعطاء لك ما تستحق من الاولوية ، ثم احالة الى مصدرك ، ولو كان فى الامر كما تسميه نقصا .. لانني لم أجد فيما قلته مقارنات تفصيلية ، وكلما جئت به فى هذا المقال هو كلام مجمل .. لكننى أردت أن أضع القارىء بعد اطلاعى على الكتابين ، ليقف على مقارنات ملموسة ، وموازنات محسوسة . فان كانت هذه الناحية مرتسمة فى ذهنك ، أو نويت تبيانها للقارئ ولم يتيسر ، فهذا لا يحرمك من فضل السبق بالاشارة كما قلت ، ولا يحرمني الاهتمام بالتوضيح أمام القارىء ، فى عصر لا يؤمن الناس فيه الا بكل ما هو محسوس ، ولا يقتنعون فيه بالعبارة المجملة .. فما جاء فى كلامك ، فهو دعوى والدعوى تحتاج ما يقويها بالاثبات ، والبراهين .. وهذا ما اشحت الطرف عنه . على أنك ، وأنا معك في هذا ، لا تعدو أن تكون ممن يضع الصوى على الطريق وقد يأتى باحث آخر ليبين عن أشياء غابت عنا ، أو يسفه آراءنا جميعا .. وقد يقع على ما لم نقع عليه .. والكمال لله وحده ..

وأنا شخصيا لا أقول الا رحم الله من هدانى الى عيوب نفسي ، بنية سليمة . - ثم لمعلوماتك فاننى أملك صورتين من النسختين الوحيدتين فى العالم - على حد علمي - من المصون .. وقد سرت في تحقيقهما بعض الخطوات .. ووجدت بينهما تباينا كثيرا بين الحذف والزيادة .

ولم أكن لأتوصل إلى نسخة المدينة المنورة الا بمعرفة حسن حسنى عبد الوهاب رحمه الله ، ونسخة ليدن بأيضاح منك .

ولكن الذى يجب أن يتحلى به العالم ، بأن ما ذكره في بحوثه من مصارف توصل اليها قصده فى ذلك اشاعة العلم ، وطلب ما عند الله من أجر .. لان العالم الذى يحتكر علمه لنفسه سيسأل أمام الله عن هذا العلم وما عمل فيه ، وهل قصد به المفاخرة والاستعلاء ، وكسب الشهرة والتعاظم .. أم أراد بذلك اشاعة المعرفة والمساهمة فى انارة الاذهان ، لأنه يستفيد من الآخرين ، ويستفيدون منه .

وما يجب أن يتحلى به طالب العلم هو اعادة الفضل لاهله ، والاحالة للمصدر فبالنسبة لهذه الحالة ، يعلم الله لقد أوفيتها حقها بالنسبة لك ولغيرك ،

وأشرت الى ما وضح لى من مقالتك .. ولا يصح منك أن تسمى ، زيادة المعرفة سطوا لأنها أبعد ما تكون عن السرقات ، حيث يعتبر الجرجانى : أن السرقة ما كان باللفظ والمعنى ، ولذا تنتفي عند الجرجانى السرقة فى المعنى العام المشترك وهو العقلي ..

وفي مجال كهذا ليس في الامر لفظ ولا معنى خاص ، بل هو معنى مشترك فأنت أعطيت اشارة محلية بالعبارة التالية : " فالشبه متين بين الكتابين وشعاع افريقيا الادبي والعلمي على الاندلس كبير وغير مجحود ، وتفوق الافارقة وعطفهم على علماء الاندلس وأدبائها مشهور ، والتجاوب بين القطرين وتتبع أهل القطر لما ينشأ وما لا ينشأ خاصة فى القطر الاخر معروف ، فلا يبعد اذن ، بل يتعين - الا اذا اثبت النقد الداخلى عكس ذلك - ان ابن حزم المتوفى عام 456 ه . عرف كتاب المصون للحصرى ، كما عرف رسالة الجاحظ فى العشق والنساء . فأنت هنا تعطى حكما مجملا مأخوذا من قول ابن حزم في رده على ابن الربيب ، فقد قال عن أهل القيروان وهى كعبه المغرب آنداك : ولعمري ما لهم كتاب مشهور الا وقد اطلعنا عليه ( نفح الطيب : 3 ، 156 - 178 في رسالة فصل الاندلس ) .

وكتب الادب قد قارنت كثيرا بين أدب المغرب وأدب الاندلس وهي تعطى هذا الحكم ..كما نقول : ان هذا الحكم يطلق أيضا على أدب المغاربة واستفادتهم من المشرق العربي من بغداد ودمشق والقاهرة . والكلام المجمل لا ينبىء عن الحقيقة وانما الذي يقررها أو ينفيها المقارنات والموازنات .. وهذا لم تتطرق اليه كما يبدو والتردد فيما قلته .

لكني قرأت الكتابين قراءة الفاحص وأبنت عن مواضع رأيتها تتشابه ووضعت مقارنات مادية لا يستطيع نكرانها الا من فى نفسه هوى .

ولك أو لغيرك أن تخالفني الرأى ، أو تعتبر هذا التشابه الذى أوردته غير ملائم وتستدل عليه .. ولى أيضا أن أبدى وجهة نظري . ولذا فان هناك فرق بين الاسلوب المجمل الانشائى المتكرر عن تفوق الأفارقة ، وعطفهم على أدباء الاندلس ، وبين من يقارن حال فرد وتقارب انتاجه مع فرد آخر يماثله فى الاتجاه ، ويتقاربان في المشرب ، فقد أوردت في بحثى أحد عشر مثالا لتشابه الكتابين ..كما أوردت ستة أدلة من حياة كل منهما ترجح هذا التشابه .. وهذا ما لم يكن له وجود فى بحثك . ولذا فانه ليس من حقك - هداك الله - أن

تصف غيرك بعبرات جزافا اجلك عن أن توصف أنت بها . وأربأ بقلمي أن ينحدر فى مستواها .

وفى حديثك عن وفاته بأنه توفى عام 413 ه . والذى تستشهد فيه بمؤتمر المستشرقين الذي عقد فى دلهى عاصمة الهند .. ولم تحدده فانك قد قلت عن هذا العام بدون تعليل أو تمحيص .. وهنا أحب تذكيرك بأنني تعرضت في حديث آخر لهذه الوفاة . واستعرضت فيه لجميع الاقوال فى تاريخ الوفاة .. ومنها رأيين لحسن حسنى عبد الوهاب ورأيك هذا ..

ومع هذا فانك لم تكن لسابق فقد قال بذا قبلك وقبلي : 1) الحسن بن رشيق (.... / 456 ه ) فى الانموذج كما نقل عنه . 2) العينى فى بغية الملتمس ، ص 219 . 3) ابن خلكان فى وفيات الاعيان ، ص 1 : 27 . 4) ابن السراج فى أحد قوليه من الحلل السندسية 1 : 277 . 5) حسن حسنى عبد الوهاب فى ورقات من الحضارة العربية ، ص 221 ، من مجلة البدر 6) محمود مصطفى فى اعجام الاعلام ، ص 98 . 7) الزركلى فى الاعلام ، 1 : 44 . 8) رابح بونار فى المغرب الغربى وتاريخه ، ص 308 . 9) وأنت في الحياة الادبية فى افريقيا تحت حكم الزيريين ، ص 20 .

وقد اثبت هذا جميعه لامانة النقل ، كما اثبت الاقوال الاخرى عن تاريخ الوفاة وناقشت ذلك جميعه . وقد زدت على هذا فى باب التأييد والترجيح بأن ناقشت كلمة تلميذه ابن رشيق : " مات وقد تجاوز الأشد" واستشهدت بالآية الكريمة : " فلما بلغ أشده وبلغ اربعين سنة " وتفسيرها ومدلول كلمة الأشد فى كتب اللغة .. وفى ذلك دعمت رأيى الذى أرجح . ومع هذا فانني لا اعتبرك سارقا لمن سبقك .. وان كنت لم تعلل لأنك وقفت عند رأي واحد .. مع أنك لم تعد الآراء الثمانية التى سبقتك ، لكن لغيرك أن يوافقك أو

يخالفك في رأى لم تكن فيه الوحيد حتى تدعى أن كل من قال فيه أخذ عنك . وأهمية الرأى لمن جاء بعدك أننى استعرضت الآراء وبررت رأيى هذا بما ثبت لدى بالدليل القاطع .. ولم يسبق لك ذكره وبهذا ينطبق الرأى النقدى وللأخير فضل الاجادة " .

ثم جزاك الله خيرا - لماذا تهاجم الدكتور احسان عباس ، وتص عليه بزيارة نونس ، لأنه لم يذكر مقالك في تحقيقه للذخيره .. الا تفترض فى الدكتور احسان - وهو من هو علما وأدبا وحرصا على التراث - لم يتح له الاطلاع على هذا العدد من الحوليات لانها ضيقة الانتشار ، قليلة التوزيع .. ثم الا تفترض ايضا أنه طلع عليه ولم يجد فيه رأيا قاطعا ودليلا واضحا ؟ بل هي اشارات وكلام مجمل ، لم يكن فيه الدليل المقنع ، بدليل أننى أشرت الى موطن كلامك ، ولكل باحث أن يرجع الى موطن الاستدلال ، ولكل باحث أيضا حكمه فى الاخذ والترجيح .. وليس للكاتب أن يفرض رأيه على القراء .. لان لهم آراءهم وموازناتهم فيما يطرح أمامهم .

وفي مجال المقارنة بين الأثنين قلت بأنه من المشهور أن ابن حزم ألف طوق الحمامة عام 417 ه . وهذا الرأى ليس لك ، اذ جميع الدراسات التى اهتمت بابن حزم من غربية وعربية ذكرت هذا ، وقد نقلت منها هذا الرأي اجمالا .. وقد ذكر الدكتور طاهر مكى فى تحقيقه لطوق الحمامة وطبعته دار المعارف بمصر . وهو أوفى تحقيق وقع عليه نظري حتى الآن لهذا الكتاب .. هذا فى استعراضه لما دار حول طوق الحمامة في كلمته التى قدم بها الكتاب . لكننى عندما أشرت لهذه الحال وغيرها كنت احاول ترجيح ما أميل اليه من رأى بالبرهنة والاستدلال والشواهد التى لم يسبق لك أن نظرت اليها . وليس قولك : إن هذا لا يحتاج الى اثبات " برأى صائب اذ مهمة الباحث فى مثل تلك الحال الاستدلال والتوثيق . فكم من قول مشهور يتضح بالدليل فيما بعد على قصوره .. لكن الشواهد عندما ترصد ، والبراهين عندما تورد ، فهي الدليل المادي على مكانة الباحث واهتمامه أو سطحيته .

وقد حاولت أن لا أكون سطحيا ، فأعطى الدليل على ان وراء الاخذ بالقول - سواء كان مشهور أو مرجحا - بحثا يتقصى الحقيقة ، ووجهة نظر استدل بها على صحة ما أخذت به ، بما بسطته من رأى ، وقدمته من برهان .

وفى حديثك عن رسالة ابن الربيب ، بأنك قد ذكرتها .. ومع هذا فهي لم تكن وقفا عليك ، بل لم نتهمك بالسرقة فى هذا لانها قد ذكرت قبلك كثيرا ... وممن ذكرت فى بحثى أنهم أوردوها : الدكتور صلاح الدين المنجد وقد طبع رد ابن حزم لابن الربيب واسمه الميزان بعنوان " فضائل أهل الاندلس " : ومحمد ابراهيم الكتانى فى بحث له بمجلة " الثقافة المغربية " عدد 1 السنة الاولى باسم مؤلفات ابن حزم .

كما ان الرسالة موجودة فى نفح الطيب 3 : 156 - 178 في رسالة ابن حزم فضل الاندلس .

وعلى مبدئك فى الاطلاق .. فانك تعتبر سارقا من هؤلاء . ودليل مادى آخر وهو أن مسودة هذا البحث ، والمتضمنة للآراء المدروسة عن المقارنة بين ابن حزم والحصرى ، كانت جاهزة قبل أن أسمع عن مقالك هذا ، وقد دفعني استاذى الدكتور حسن جاد الى التريث لعل فيه جديدا . الا انى بعد اطلاعى عليه لم أجد فيه عمقا في البحث ، ولا استدلالا بالبراهين ، ومع هذا فلم أغمطك ما تستحقه فيما يتعلق بأسبقيتك في القول بالمشابهة  ونسبت لك الفضل فيما جئت به فى مكانه ، وهذه أهانة علمية .

هذه وجهة نظر عاجلة اثبتها للحقيقة ، وقد دفعنى الى الابتعاد لاول مرة عن طريق تنكبته ، ووجهة نظر اتخذتها . ذلك أنك سلكت ادعاءات لتحيط نفسك بهالة كبيرة ، وما ذلك الا اننى لا أحب التعالى والانانية بل اعتبرني لا زلت طالب علم ، ولا ازال ، وكلما اتسعت مداركى آمنت بضيق فى وجهتى وضآلتى ، وكلما وجدت ضالة علمية حمدت الله وشكرت من هدانى اليها ، ورحم الله امرأ هدانى الى عيوبى .

فان اقتنعت بما فى هذا فذاك لك ، وان أبيت الا الاستعلاء فهذا لك أيضا .. وسأعود بعد ذلك لأسلوب فى الحياة ، مهما كانت الاحوال ، فقد كان ابو اسحاق الحصرى هادئا ، ولا يدخل مع أحد فى مماحكاة أو مجادلات وقد اقتفيت اثره ، وانست بوجهة نظره عندما تراجع عن اعداد كتاب لطبقات الشعراء في عصره بعدما لفت نظره تلميذه ابن رشيق ببيتين من الشعر .

ولكن الحكم الفصل بيننى وبينك ، حتى أقطع ادعاءك هم الشعراء والادباء على الساحة العربية بأن ينشر مقالك ومقالتى فى صحيفة واحدة ليطلعوا عليهما ، ومن ثم يقولوا الحقيقة دون أخذ ورد .

- مقالك في حوليات الجامعة التونسية العدد الاول 1964 م . - ومقالى بين الحصرى وابن حزم المنشور فى مجلة الفيصل العدد 10 عام 1398 ه .

- ومقالي عن أبيهم الحصرى المنشور فى المجلة العربية العدد 12 شوال عام 1398 ه . والتى تصدر بالرياض . وللقارىء حكمه الذي سيكشف عن منهج كلامنا .. وأسلوبه فى عرض المعلومات وارجاع الفضل لاهله ، وأداء الامانة على وجهها . والله الهادى سواء السبيل .

اشترك في نشرتنا البريدية