الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

أحزان البؤساء

Share

قد كان حسبي من الايام مظلمة      حظ شقي به لى قد قضى القدر

وكان حسبي بؤس قد رضي به         فلا يزول ، ولا يجلو .. ويندثر

وخلت انى اتخذت الصمت مكرمة    فلا يؤرقني نطق ولا فكر

ولم يكن ذاك الا وحي موعظة         وفي الحياة دروس كلها عبر

لكننى قد وجدت الامر مختلفا        فى واقع يزدرى صمتي ويحتقر

ولم يكن قط هذا الصمت من خور   لكنه كان نيلا دونه الخور

ولا اظن سمو النبل مثلبة              وبالسمو لكم ذا تزخر السير

ولم يكن قط صمت النبل من وهن   لكنه الكبر بالجوزاء ياتزر

ولم يك الصمت ضعفا قط فى زمن    بل حكمة دائما بالعقل تنتصر

فالصمت نبل رفيع جل مرتبة         أرى به الحلم كل اللغو يختصر

والصمت بحر سحيق لا قرار له       اغلي اللآلئ في الاعماق يدخر

وربما غر صمت البحر طائفة         فاستهتروا بهدوء البحر أو سخروا

فجاءهم منه رد كله غضب           ومن على غضب الامواج يقتدر ؟

والويل من غضبة الامواج هادرة      فلا الشطوط بها تنجو ولا الجزر

والويل للزورق المغرور من لجج        غضبي بطياتها الاهوال تستعر

كانما البحر بركان اذا اضطربت       أمواجه خلتها بالرعب تنهمر

بلى هو البحر كالبركان منفجر        والويل من كل بحر حين ينفجر

ومدهشى ان يكون البحر مغتربا        فلا يقر ولا يدرى به البشر

ومؤسفى أن يعم  الغى أفئدة            فيها استقر ظلام الغي لا العبر

ومفجعى أن أرى القانون منتحرا        على يدى من به قد كان يفتخر

كأنما الحق فى أيامنا عبث                يلهو الكبار به ، والناس تأتمر

فقل لمن شن حول القبو سلسلة        من الحروب : ترى ما الأمر ؟ ما الخبر ؟

اكان يجرى قيام الحرب طاحنة           من أجل قبو حقير ترخص البقر ؟

أم انه مثلما الاوهام موحية               قصر منيف به الاحلام تزدهر ؟

فالقبو - ويلاه - للاحياء مقبرة          فيها ترى الحي تحت الارض يندثر

والقبو ما كان يوما مسكنا أبدا            بل حفرة قط لا يجرى بها البشر

من حوله ترتع الجرذان سارحة             وللصراصير فى أرجائه زمر

واللنفايات فيما حوله قصص              بها المآسى التى يبكى لها الحجر

وما اختيارا به قد زحت مرتضيا            لكنه كان مما شاءه القدر

وكم تجرعنا الاقدار من غصص            ومن على رفض ما تقضيه بقتدر ؟

فلم اكن فى الغنى بالمال ذا سعة           بها الى هجر هذا الجحر أبتدر

ولست للقبو - حاشا الله - مغتصبا      كما الضلال أثيم الظن يبتكر

لكن الى اليسر دوما عشت مفتقرا         ومن الى اليسر منا ليس يفتقر ؟

وربما كان لى فى العسر تعزية                وفي الشقاء دروس كلها عبر

فما الغنى قط بالاموال طائلة              وفي ثراء عريض ليس ينحصر

بل في التقى في تحاشى كل مظلمة          فويح فى الظلم من في غيهم سدروا !

ورب تقوى بها الاخلاق سامية             لا مثلما في الغنى الإخلاق تنحدر

فقل لمن تخذوا الاديان أقنعة               باعوا بها واشتروا بالزور واتجروا

لا تحسبوا أن عين الله غافلة                فالله قد جل فيه السمع والبصر

وألف رحمى لتاريخ لنا سقطت            راياته ، وانطوى من ذكره الأثر

وألف رحمى لأمجاد لنا أفلت              بالنبل كانت ، وبالإخلاق تزدهر

فأين تلقى ترى فى عصرنا عمرا            وهل يعود الينا مرة عمر ؟ !!

فقل لمن راح أهل الفقر محتقرا             مهلا .. رويدك من ذا أنت تحتقر؟

فربما كان من قد رحت محتقرا              أغنى بتقواه مما أنت تدخر

اشترك في نشرتنا البريدية