الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "الفكر"

أصداء الفكر, * عندما يفقد الأديب حريته . . .

Share

تدور هذه الأيام مناقشات حادة فى الصحافة حول الالتزام . وقد كانت نقطة الانطلاق قصيدة ( النهد ) التى نشرها الشاعر جعفر ماحد فى ( الفكر ) ومقال له بعنوان ( خواطر فى أدب العصر ) نشره فى صفحة ( الصباح ) الثقافية . وكم كنا نرحب بالنقد الأدبى وندعو اليه فى الحاح شديد لكننا لا نرضى أن ينزل النقاش الى مستوى لا يليق بحملة القلم - وسألنا الشاعر جعفر ماجد المتهم الأول فى قضية الالتزام فقال :

يجب أن يفهم بعض القراء أن الحديث فى الالتزام ليس هو الالتزام - لا أظن أنى فى حاجة الى التذكير بقسم كبير من شعرى يدخل فى ما يسميه الناس التزاما مثل ( فى صقلية ) التى أذاعتها التلفزة المصرية وقصائد الجلاء و ( الشعب يأبى ) التى التزمت فيها الدفاع عن الشعب ضد أعدائه المتآمرين عليه ولكنى لست أميل الى فصل هذا الشعر عن بقية قصائدى بوصفه بالالتزام لأن ( فى صقلية ) و ( ذكرى حشاد ) و ( حديث بائس ) و ( الجوع من الايمان ) نبعت من عين النفس التى نبعت منها قصيدة ( النهد ) مثلا .

ولا أفهم كيف يتصور قوم أن الشاعر يمكن أن يحس بغير قلبه ويخضع لغير الهامه وانى أذكر هؤلاء بما جاء فى مشاركة أستاذ الجيل محمود المسعدى فى مؤتمر الأدباء العرب . وكفى به حجة ؛ وقد نشرت كلمته فى مجلة ( الفكر جانفى 1958 ) :

ان ماضينا قد ألقى علينا درسا لا تقدر قيمته فى الحرية والاختيار وأن كل حصر أو ضغط أو توجيه للفكر لا يكون فيه للفكر الا الوبال والموت . ص٥

. . فليس الأديب صاحب اقتصاد حتى يسأل العمل على التوحيد أو التعاون الاقتصادى أو الدعوة اليهما وهو لا يدرى كيف يمكنان وهل يمكنان وليس هو من حيث هو أديب مضطلعا بمسؤولية الحكم السياسى أو الدعاية السياسية حتى يسأل بتحليل الأوضاع السياسية لمختلف البلدان العربية ووضع الخطط لتنسيق سياستها أو النفخ في أبواق الدعابة لها . ليس الأديب بشئ من هذا وان كان لا يخلو من واجبات قومية سياسية واقتصادية بصفته مواطنا عربيا ، أما من حيث هو أديب فانما هو كائن خلاق بفنه وفكره ولو حملناه على غير ذلك عسفا لمسخناه مسخا .. . فاذا كان الأديب هو هذا فان أوجب ما تجب حمايته له هى " حريته " لأنها شرط قدرته وخلقه . ص29

... ولو انصرف بى فى أدبه عن كل ما يتصل بالقومية العربية من مشاكل فانه يكفيه شرفا وخدمة أن يغذى فكرى ويزيد نظرتى للوجود وللحياة خصبا ووضوحا ويقوى فى الذاتية وشخصيتى الانسانية ! ... وبعبارة أشمل لنتجنب توجيهه نحو نوع من الفن أو ضرب من التفكير دون الأنواع والضروب الأخرى ) . ص30

* ازمة الانتاج الفكرى بتونس

يستعد الساحل التونسى مرة أخرى للسير من جديد بالثقافة لربط صلة الحاضر بالماضى الثقافى المجيد عندما كان هذا الساحل يشع بأنواره المتألقة لا على افريقية فحسب بل كان يضئ المشرق والمغرب بقيروانه ومهديته وسوسته وما اليها من المدن كيف لا وفى طليعة أعلامه أبو عبد الله المازرى الامام دفين المنستير والحكيم الاديب أمية بن أبى الصلت وعبد العزيز بن شداد الصنهاجى وتميم بن المعز العبيدى وابن هانى وما اليهم من رجال العلوم والفنون والادب والانتاج .

وها هى اللجنة الثقافية بسوسة تشمر عن ساعد الجد فتثير أهم المواضيع الحية لمناقشتها واتخاذ مواقف حيالها فدعت الى التبارى فى مضمار الحلقه الاولى من المناقشة فى الموضوع المعنون به وقد شارك فى النقاش فى الدورة الاولى : الاساتذة عمر سعيدان ، أحمد الشابى ، محمد الهادى العامرى ودار هذا النقاش تحت رئاسة الاستاذ السيد الهادى المزابى مدير المعهد الثانوى للذكور بسوسة .

* نداء من الزميلة " القصة "

مجلة " القصة " فى الجمهورية العربية المتحدة ترحب بأن تتلقى انتاج الكتاب والادباء فى القصة : تاليفا وترجمة ونقدا وبحثا وتاريخا .

" ... و " وزارة الثقافة والارشاد " تصدر اليوم مجلة " القصة " جريا على سنن الاستقلال والتخصص الذى يساعد على التنميه والتعمق والاستيعاب . وان فى ذلك لتقديرا حقا لرسالة القصة فى تربية الفكر ولتعريف بالحياة وتقويم الادراك لما يدور فى جنبات النفوس ، وان فيه كذلك لاعزازا لمكان الادب القصصى بين فنون الادب الرفيع .

والخط العريض لمنهج هذه المجلة انها للقصة باوسع ما للكلمة من معنى . فلن يستأنر بها مذهب بعينه من مذاهب الادب القصصى ، ولن يتحكم فيها ذوق خاص من اذواق المفاضلة والتمييز . ولكنها ستجتهد ما وسعها الاجتهاد أن تكون مضمارا حرا فسيح الرحاب لكل عمل قصصى ، له على تعدد القيم الفنية وتنوعها وزن واعتبار .

وحرصها على أن تقدم القصص الموضوعة التى تستبين فيها ملامحنا

القومية . وصراعنا الاجتماعى ، لا يصرفها عن أن تقدم نماذج قصصية مترجمة من اللغات الاجنبية ، ما دامت تحمل من المعانى الجوهرية ومن المزايا الفنية ما يدنو بها من مستوى القصص العالمى . فالمعيار الدقيق عندها للقصه - وضعا او ترجمة - هو أن تلمس فيها الاستحابة الانسانية للحياة فى أصالة وصدق ، وأن ترى بها صورتنا البشرية التى تتوافق سماتها على تباين الزمان والمكان .

وكما تعتز المجلة بأن تعرض من الاعمال القصصية ثمرات ناضجة لاقلام متمرسة ، لها تجارب موفقة فان المجلة كذلك يسرها أن تحتفى بما تتمخض عنه قرائح الشباب من قصص فيها مخايل مبشرة ، وبواكير واعدة .

وليست القصص وحدها موضوع المجلة ، فمن ابوابها نقد القصص وتراجم القصاص .

وعلى الجملة ، كل ما يتناول النشاط الفنى حول الادب القصصى . . . " " من افتتاحية المجلة بقلم رئيس التحرير "

عنوان رئيس التحرير محمود تيمور 6 شارع يحيى ابراهيم - الزمالك - القاهرة ج . ع . م .

* معهد للأدينية العلمية بموسكو

جاء فى الانباء ان جريدة " لابرافدا " خصصت مقالا طويلا للتحريض على القيام بحملة لا دينية واسعة النطاق بالاتحاد السوفياتى واكدت ان المعتقدات الدينية لا يمكن التغلب عليها الا بتدابير ادارية كالتى جاءت فى مخطط التربية اللادينية الذى اعدته اللجنة الاديولوجية للحزب ويقتضى هذا المخطط :

1) احداث معهد للأدينية العلمية 2) تخصيص قسم من طلبة كليات التاريخ والفلسفة فى الدراسات العليا للادينية واقرار ايام دراسية وندوات ودروس بالمراسلة لتعميم اللادينية فى كامل تشكيلات الحزب ومنظمات الشباب .

وتشجيعا لذلك فان وزارة الثقافة ولجنة الدولة للسينما ستكافئان أحسن تأليف ينجز حول موضوع الالحاد .

* عباس محمود العقاد فى ذمة الله :

في هذه الابام الاخيرة هوى علم من أعلام العربية عن سن تناهز الخمس والسبعين بعد جهاد طويل فى عالم الفكر والادب دام خمسين سنة حمل فيها القلم منصرفا الى العمل المتواصل وثوق النفس صمودا مخلصا لما آمن به من آراء مدافعا عنها مثيرا بها هميم اجيال متوالية من الشباب .

فلقد ترك الفقيد عباس محمود العقاد تراثا أدبيا ضخما فى ثلاثة وثمانين مؤلفا من بينها عشرة دواوين من الشعر ولم يكن هذا التراث الا ثمرة التكوين الشخصى والانصراف التام الى الخلق لان الفقيد لم يحمل من الشهادات الا الشهادة الابتدائية ولم يتمسك بالوظيف الا فترة قليلة من الزمن أعرض عنه بعدها وأقبل على التأليف رغم العنت والالم والمشقة ورغم ظلم الكثير من المتعاظمين والمستأسدين ذوى الوجوه المتعددة الذين يعتبرون الرجولة فى دوس البشر والتضييق عليهم و " التديك " على اشلائهم . رحم الله العقاد فلقد كره كل عبودية وتحرر ما أمكنه ذلك ولم يمنعه موقفه هذا من تقديم خدمات جليلة لمجتمعه وللعالم العربى بأجمعه .

* ذكرى وليام شكسبير :

مرت على ولادة الشاعر والمسرحي الشهير وليام شكسبير 400 سنة لاقى فيها من عناية الناس جميعا فى أقطار المحموعة كلها ما لم يلقه شاعر قبله ولا مسرحى . ذلك أن مسرحياته الخالدة سواء كانت " هملت " أو " مكبث " أو غيرهما قد عبرت فى شمول لا مثيل له عن مآسى الانسان وصورت مواقف مأسوية للفرد فى جنونه عندما تنزل به المصائب وفى وحدته وانفراده عندما يعثر به الحظ وتتظافر عليه قوى الشر متكالبة عنيدة . ولقد لقيت مسرحيات شكسبير اقبالا عظيما فى العالم العربى عندما أنكب أكبر المترجمين ينقلونها إلى الناس ويذيعونها وانصرف أكبر الممثلين يمثلونها على خشبات المسارح ولعل الجمهور فى العالم العربى وجد مآسى الانسان فى هذه الاشخاص التى تحيا أمامه شاهدة على ما مر به فى أواخر القرن التاسع عشر والخمسين الاولى من القرن العشرين من ظلم الغاصبين وتنكل الاستعماريين وشيوع الفقر والجوع بين صفوفه .

فبمناسبة الذكرى الاربعمائة لولادة هذا المسرحى الكبير أقيم فى تونس أسبوع لشكسبير عرضت فيه أفلام عديدة لمسرحياته واستمع الى محاضرات عن حياته وعن قيمة مؤلفاته وعن كنه شاعريته فيها .

وهذا سيبقى شكسبير خالدا ما دام الانسان فى طوره الاول من حضارته . فماذا يكون الامر يا ترى بعد آلاف السنين ؟ .

احتفال العالم بذكرى ميلاد غاليليو

( برينو فريدمان ) يحتفل العالم فى هذه الآونة بذكرى ميلاد غاليليو وذلك الرجل العظيم  الذى يعتبر من بين مؤسسى العلوم الحديثة , خاصة علم الفضاء . اننا فى عامنا الحالى نبعث الى الاجرام برسلنا , الا وهى الكواكب  

الصناعية , ولكن الذى سهل علينا مهمتنا وانا لنا طريقنا هو ذلك العالم  والاستاذ الجامعى الغضوب , الذى اذهل سكان المعمورة منذ 354 سنة , عندما  نشر عام 1610 بحثا بعنوان " رسول الكواكب " " Le Messager Astral " وبفضل هذا الكتاب عم استخدام التلسكوب بين المشتغلين بعلم الفلك , وخطا  هذا العلم خطواته الاولى التى قادته بعد قرون عدة الى ارتياد الفضاء .

اننا استطعنا اليوم توجيه الاقمار الصناعية ووضعها فى مدار , وارسال الصواريخ نحو زهرة او نحو القمر , ولكن لجاليليو علينا أيادى بيضاء لن  ننساها , فقد وضع ذلك الاستاذ الذى كان ينتمى الى جامعة بادوا علم  الدينمايكا ، الذى يبحث تحرك الاجسام ، وهى القوانين التى نطبقها الآن  ونحن نغشى الفضاء ، ولهذا فان لغاليليو فضلا لا يقل عن فضل علماء الصواريخ  من بين الذين جددوا الطريقة التجريبية التى ارست قواعد البحث العلمى  المنهجى ، فلقد كان هو وكوبرنيك ونيوتن من مؤسسى العلم الحديث .

كان غاليليو على سعة علمه يشبه غيره من بنى الانسان , فهو مثلهم غير  معصوم من الخطأ , لقد كان يتشبث بغلطه فى عناد وصلابة , ويستميت فى  الدفاع عنه , ويختال زهوا بما حققه , ولا يطيق للآخرين رأيا . وقد كان  أنانيا , لاذع السخرية ، وهل يستطيع ابن آدم ان يتخلى عن مثالب البشر , حتى ولو كان عبقريا ؟ كلا , ثم كلا .

ولعل صلابة غاليليو هى التى أضفت على أسلوبه بساطة وقوة ووضوحا ,  فخلص بذلك الكتابات العلمية من الاسلوب المهلهل المتكلف الملئ بالحشو الذى  كان سائدا فى ذلك العصر .

كان غاليليو صعب المراس , مجبولا على العدوان ، ولقد ولد فى  15 فبراير سنة 1564 فى بيزا وهو ينحدر من أسرة نبيلة ضاعت ثروتها  فعاشت فى ضنك . وما كاد غاليليو يبلغ السابعة عشرة من عمره حتى التحق بجامعة بيزا ليدرس الطب ، وفى هذه المدينة قام بأول كشف علمى عظيم  سجله له التاريخ ، فبينما كان فى الكاتدرائية أخذ ينظر الى ثريا معلقة  بالسقف وهى تتأرجح ، ولاحظ عندئذ ان الوقت الذى تستغرقه كل حركة من  حركات الثريا لا يتغير مهما اختلفت سعة هذه الحركة . وقد كانت هذه  الملاحظة الاساس الذى قامت عليه فكرة الرقاص (البندول) التى استخدمت  فيما بعد فى صناعة الساعات ، بيد ان غاليليو انتفع بها فى اعداد ميقت  (كرونومتر) لقياس النبض.

تجربة البرج المائل :

انصرف غاليليو عن الطب ، وانكب على دراسة الرياضيات والعلوم ،

ولكنه واجه صعوبات مادية اضطرته الى ترك الجامعة فى عام 1585م قبل ان  يتم دراسته وينال اجازته العلمية ، ومع ذلك فقد تابع بحوثه , وذاع اسمه ، فعين فى سنة 1589 مدرسة للرياضيات بجامعة بيزا , وقام عندئذ بتجارب  هامة فى الديناميكا , منها تجربته الشهيرة التى غيرت حياته رأسا على عقب،  ترى هل اسقط غاليليو حقا كرتين مختلفتى الوزن من برج بيزا المائل ليثبت  انهما تصلات الى الارض فى وقت واحد ؟ ام لعل أحد خصومه هو الذى قام  بهذه التجربة ليدحض نظرية غاليليو ؟ على أية حال كان غاليليو مصيبا  وارسطو مخطئا حين وضع الاول هذا المبدأ : "عندما تسقط الاجسام سقوطا  لا يعوقه شئ ، تساوى فى سرعة وقوعهما مهما اختلفت أوزانها (ان لم نأخذ فى  الاعتبار مقاومة الهواء ) .

وفى عام 1592 عين غاليليو استاذا للرياضيات فى جامعة بادوا الشهيرة  فعمل بها ثمانية عشر عاما قطعها فى البحث العلمى .

قانون القصور الذاتى :

من منا لم يقم فى المدرسة بالتجربة الشهيرة التى حققها غاليليو من قبل ، والتى تنحصر فى دحرجة كرات على سطح مائل : ان هذه التجارب التى أدت  الى معرفة العلاقات بين القوة والحركة ، هى التى استخلص منها غاليليو ان القوة  لازمة لتحريك الجسم ولابطاء حركته أو تغيير اتجاهه وهى معلومات كانت فى  ذلك العصر جديدة كل الجدة . ان غاليليو اكتشف عندئذ فكرة القصور الذاتى  التى صقلها نيوتن بعد ذلك بعدة سنين وسماها قانون الحركة الاولى فى كتابة  "المبادئ" فالعلاقات بين القوة والكتلة والحركة هى التى تحدد أى عمل يؤدى  الى تحريك الاجسام , بما فى ذلك القاء الصواريخ .

وطرق غاليليو ميدانا اخر من البحوث فدرس مسار قذيفة Projectile واثبت انها تسير فى قطع مكافئ parabole ، فأضاف بذلك لبنة جديدة  الى صرح الديناميكا , وهو مبدأ محصلة القوى الذى يبين كيفية جمع تأثير قوتين ، أو اكثر ، على جسم واحد فى وقت واحد ، بغية تحديد المسار trajectoire الذى سيتخذه الجسم , فاذا طبقنا ذلك على الصواريخ وجدنا ان  احدى القوانين هى قوة الدفع ، والاخرى هى الجاذبية الارضية ، تلك نظرة  سريعة الى تجارب غاليليو فى حقل الديناميكا ، ولقد فصلها غاليليو وحلل نتائجها فى كتاب نشره عام 1638 , بعنوان " محاورات فى علمين حديثين " .

الطريقة التجريبية :

كان غاليليو يقوم بتجاربه ثم يستخلص منها استنتاجاته ، وبعد ذلك  يقوم بتجارب أخرى ليتحقق من صحة ما وصل اليه من استنتاجات ، وكان  

يطبق الرياضيات على أعمال ، وهذه طرائق أصبحت اليوم شائعة ، بيد انها  احدثت ثورة فى البحث العلمى خلال عصر غاليليو ، اذ كان الباحثون يعتمدون  على أقوال ارسطو , وليس على التجارب والقياسات .

فى الفلكيات :

ونشر غاليليو عام 1610 اول كتاب له بعنوان " رسول الكواكب" ، وضمنه ما توصل اليه من كشوف هامة بفضل استخدام للمرقب (التلسكوب) ومن المعروف أن غاليليو لم يخترع هذه الآله ولكنه صقل عدساتها بشكل  جعلها تكبر الصور 32 مرة . وقد كان غاليليو اول من وجه المرقب نحو السماء  فأماط اللثام عن كثير من اسرار القبة الزرقاء , فاكتشف ان سطح القمر ليس  أملس تماما , بل هو مثل الارض تكسوه الجبال والوديان ورصد المجرة فوجد  فيها من النجوم ما لا يعد ولا يحصى ، واكتشف أربعة من أقمار المشترى . ان  اكتشافات غاليليو أحدثت جلبة يعجز الخيال عن تصورها ويقصر القلم عن  وصفها ، كما أثارت عليه حفيظة ادعياء العلم عندما أثبتت ان الارض ليست فى  مركز الكون وان البشر لا يحتلون مكان الصدارة فى العالم , فهم يعيشون على  كوكب صغير متواضع بين عدد غفير من الاجرام .

وأخذت اكتشافات غاليليو تترى ، واستمر طوال ثمانية عشر شهرا  يدرس البقعة الشمسية ورسمها بدقة .

الترمومتر :

وتشعبت بحوث هذا العالم العبقرى وتنوعت اختراعاته التى نذكر منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر مقياس الحرارة الهوائى thermometre a air وميزان استاتيكية السوائل ، كما ادخل غاليليو تحسينات جمة على المجهر .

وفى عام 1633 حاكمت السلطات غاليليو بسبب اكتشافاته الفلكية ، وزاد الطين بلة ان مكابرة هذا العالم العبقرى لم يكن يعادلها سوى حقد اتباع ارسطو عليه ، وصلف البابا حينذاك . ثم امضى غاليليو الاعوام الثمانية الاخيرة من عمره بالقرب من فلورنسا ، بعيدا عن الضوضاء ، ولكن هذه العزلة لم تضعف توقد ذهنه ، ولم تؤثر على انتاجه العقلى ، ففى هذه الفترة ألف تحفته " محاورات فى علمين حديثين " ، وفى عام 1637 فقد غاليليو نعمة البصر ، ثم انتقل الى جوار بارئه بعد ذلك بخمس سنين . ( آراء اليونسكو )

* النشاط الثقاف فى نادى ابى القاسم الشابى : اقام نادى أبي القاسم الشابى - بعد الندوة الهامة التى دارت حول الثقافة ودور المثقف فى البلاد النامية اهمية شعرية يوم الجمعية 21 فيفرى - شارك فيها الشعراء : عبد العزيز قاسم - أحمد خير الدين - عيسى المعمورى - محمد مزهود - فاضل خلف ( من الكويت ) - جعفر ماجد - الميدانى بن صالح - عبد المجيد بن جدو - على شلفوح - نور الدين صمود - الهادى نعمان . وقد قدم الشعراء المشاركين السيد العروسى المطوى عضو هيئة النادى وتخلل الانشاد فواصل من المالوف عزفتها فرقة من اساتذة المعهد الرشيدى .

* مجلة الشعر : صدرت بالقاهرة فى مفتتح هذه السنة مجلة ( الشعر ) التى يرأس تحريرها الشاعر الدكتور عبد القادر القط وقد اطلعنا على العدد الثانى من هذه المجلة فوجدناه حافلا بالقصائد ذات النزعات المختلفة شكلا ومعنى . وفى العدد مجموعة من الدراسات حول الشعر القديم والحديث ، وعرض لبعض دواوين لشعراء معاصرين . نرجو لمجلة الشعر الازدهار ، والعمل على الرقى بالشعر العربى فى كامل البلاد العربية .

* انشاء متحف بأديس ابابا : قررت اثيوبيا انشاء قصر للثقافة بأديس ابابا تودع به آثارها التاريخية ، والثقافية ، والفنية . هذا وقد نظمت مسابقة دولية للمهندسين المعماريين لوضع تصميم هذا المتحف . وسوف يشتمل قصر الثقافة هذا على ثلاثة أقسام : قسم للآثار ، وآخر للرسومات والتماثيل القديمة والحديثة ، وثالث للفنون والتقاليد الشعبية . كما سيزود ببهو يسع 400 شخص يمكنهم حضور ما سيقام فيه من حفلات موسيقية وتمثيلية ، وكذلك الافلام التى ستعرض به .

* حكمة منكيوس الخالدة : اصدرت اخيرا مجموعة اليونسكو للروئع الانسانية " كتاب منكيوس " وهو يحوى اقوال منكيوس ، ذلك الفيلسوف الصينى العظيم الذى عاش فى عصر ارسطو ، اى فى القرن الرابع قبل الميلاد وكان من مؤسسة الفلسفة الكنفوشيوسية ، وهى عقيدة اخلاقية طبعت الشخصية الصينية بطابعها وظلت دين امبراطورية الصين وديدنها خلال الفى عام .

* مسابقة لصغار الفنانين : الطفل والدنيا : يقام فى براغ في المدة من 6 اكتوبر الى 8 نوفمبر 1964 معرض دولى لرسوم الاطفال ، وقد اشترك فى تنظيمه وزارة التعليم والثقافة بتشيكوسلوفاكيا واتحاد الفنون والتصوير والشعبة التشيكوسلوفاكية القومية لليونسكو ، وباب الاشتراك فى هذا المعرض مفتوح امام الاطفال والشبان الذين لا يتجاوزون السابعة عشرة من عمرهم .

ولكل دولة او مؤسسة الحق فى عرض اعمال فنية يتراوح عددها بين الستين والثمانين ، وتتكون من رسوم وصور ملونة ورسومات من الورق المقصوص والملصوق ( على الا يتجاوز حجم اللوحة 44×55 سم والا يقل عن 20×30 سم ) وكذلك من اعمال الخزف والحفر على الخشب . وتقوم لجنة تحكيم دولية بمنح ثلاث جوائز كبرى لأفضل الآثار الفنية ، ولابرز المجموعات الوطنية ، كما ستوزع جوائز على الاعمال الفنية التى طرقت المواضيع التالية : العاب الاطفال ، اشغال الكبار ، الحياة المعاصرة ، مستقبل الانسانية السعيد ، " عيون الخيال " .

هذا وسيفرد جزء من المعرض للمؤلفات التى تبحث فى صور التعبير الفنى لدى الطفل وتعليم الفنون . وستنظم الى جانب ذلك مسابقة للافلام القصيرة ( 16 او 35 م م) .

شعراء افريقيا :

لقد كان الشعر فى غابر الزمان صوت القرية او القبيلة بل الامة بأسرها ، فأصبح اليوم صوت فرد لا يتكلم الا ليفضى بأحاسيسه الشخصية . غير ان الشاعر فى افريقيا عاد فى الوقت الحاضر ما كان عليه فى العصور الخالية ، لا يبث القلم والقرطاس خلجات نفسه فقط بل ينطق باسم القارة كلها . فالآلام الشعراء ومباهجهم وآمالهم ليست سوى مباهج افريقيا السوداء قاطبة وآلامها وآمالها ، لقد أضحى الشعر الافريقى فى اللحظة الراهنة التعبير الحقيقى الصادق عن طائفة من البشر أخذت تتحرر من بقايا الاغلال التى قيدها بها الاستعمار فيما مضى ، وتسعى جاهدة لاسترداد شخصيتها وكرامتها التى سلبها منها تجار الرقيق ومن استعبدوهم من قبل .

فالشاعر الافريقى المعاصر ينتمى الى الجنس البشرى ، ولا يمكن بأى حال من الاحوال ان نعزل جميع افكاره وأحاسيسه عن ذلك الجو العام ، جو الثورة والآمال الذى تعيش فيه الانسانية ، ومن نافلة القول ان هذه الحقيقة تنطبق على " الادب غير المدون " ، اى تلك المقطوعات الشعرية التى تقال او تنشد ، وتنتقل شفاها من جيل الى جيل ، كما تنطبق على أرقى المؤلفات الادبية التى يضعها شعراء تلقوا العلم فى جامعة السوربون أو جامعة كمبردج ، ويتقنون معرفة الكتاب الفرنسيين والانجليز المعاصرين .

وقد نشرت اليونسكو فى سلسلة " الروائع الانسانية " كتابا باللغة الانجليزية يحوى 36 قطعة شعرية نظمها مؤلفون من عشرة بلدان افريقية . وهناك شئ يؤلف بين هذه الاشعار على اختلافها ، وهو ترجمتها لصوت افريقى خالص حتى ولو كانت مدونة بالفرنسية أو بالانجليزية أو بالبرتغالية

وقد لاحظ لانجستون هيج ، وهو الشاعر الامريكى الاسود الذى انتخب مؤلفات هذا الكتاب ، ان أهم شعراء افريقيا المعاصرين يعتبرون كتابا محدثين فى اسلوبهم ، وذلك على العكس من اسلافهم الذين كانوا متأثرين بروائع العصر الفكتورى ، او بالكتاب الفرنسيين الكلاسيكين ، ويوضح هيج الفارق الشاسع سن الشعراء الناطقين بالانجليزية والشعراء الناطقين بالفرنسية فادباء الطائفة الاولى من امثال بيتر كلارك وبلوك موديزان و . أ . س . جوردان وبيتر ابراهام ( جنوب افريقيا ) وجبريل اوكارا ( نيجيريا ) يميلون الى الافضاء بتجاربهم الشخصية المباشرة ، وهم بذلك يعبرون بطريقة غير مباشرة عن جنسهم من خلال انفعالاتهم الذاتية ، فى حين نرى الشاعر الناطق بالفرنسية يخرج من فرديته ، ولا ينسى بتاتا انه يتكلم باسم القارة الافريقية كلها وباسم جميع سكانها .

ولكن الحقيقة التى لا يجب اغفالها هى ان الادب الافريقى المعاصر أدب ملتزم بكل ما تحويه هذه الكلمة من مفهوم عام ومعان نبيلة . فهؤلاء الشعراء ليسوا دعاة للقومية الافريقية بقدر ما هم ممثلون للزنجبة المشبوبة حماسا ، والتى وهبوا للتعبير عنها أبدانهم وأرواحهم وثقافتهم وهذا القول الصحيح بالنسبة لكبار الشعراء سنا ، من امثال ليوبول سيدار - سنغور ، زعيم المدرسة الفرنسية ، الذى يعتبر اشهر الشعراء الافريقبين قاطبة ، كما ينطبق أيضا على الشعراء الشبان امثال دافيد ديوب ، وتشيكايا يوتام سى ، اذ يفيض انتاجهم الادبى جميعا بالاعتزاز بجنسهم وبلدهم ، وهذا الشعور انما ينبع

باكمله من وعى حديث ، واحساس جديد بالذات ، يتجليان بشكل خاص فى تفهم التراث الشعبى وتقديره .

كتب ابيوس نيكول شاعر السيراليون فى طريق عودته الى رحاب وطنه بعد غيبة طويلة فى انجلترا ، يقول :

اذهب الى الغابة - وتغلغل فى اعماقها

تجد فيها قلبك كامنا

وروحك التى ورثتها عن اجدادك

روحك الصامتة

ولقد رحلت

راقصا طوال الطريق

ان كثيرا من الشعراء الذين وردت اشعارهم بكتاب هيج يشكون وكأنهم أصحاب رسالة وأصحاب قضية فهم يحتجون مثلا على تلك الاهانة المستترة التى تحويها بعض التعابير كا " القارة السوداء " . ويبدو ذلك واضحا فى مطلع تلك القصيدة التى كتبها ليبريان رولان توميكاى دامبستر تحت عنوان :

" هل هذه هى افريقيا ؟ " " هل هذه هى افريقيا ؟ لقد سماها الرجال المجحفون منذ وقت غير بعيد بقارة الظلمات وارض القرد والقرود وموطن الرجال من ذوى الذيول وآكلى لحوم البشر الذين لا يصلحون الا ليكونوا خدم الغير "

ثم يشيد الشاعر بافريقيا " التى تقرر مصيرها بنفسها ... فى اعتزاز وكياسة ليس هناك ما يعلو عليها ... فهو اليوم مناط الامل ... "

ويحتل الامل المقام الاول فى كثير من هذه الاشعار الافريقية . ومن المدهش حقا ان " الامل الذى يتعلق اولا وقبل كل شئ بمستقبل افريقيا وسكانها ينبسط فيشمل الانسانية جمعاء . فالشاعر الغانى ا. ل . ميلنر - يرون فى قصيدة " تلك افريقيا ذات الثروة الطائلة الفائضة ... " يعبر عن املة فى " ان يجد العالم السلم والراحة " ، فى حين يتمنى شاعر جنوب افريقيا ريتشارد ريف ان تجمع حلبة غناء واحدة جميع ابناء البرية ، اذ لا يوجد لحن أسود ، لا ولا لحن أبيض بل هى الموسيقى يا أخوانى ، ولا شئ عداها "

ولا يتسع المجال فى هذا المقال لتحليل مدى ما أسهم به كل من هؤلاء الشعراء الستة والثلاثون الذين وردت اسماؤهم فى فهرس الكتاب . كما اننا لا نستطيع استخلاص المقومات والمميزات الوطنية او الاقليمية التى تعكسها كتابات كل منهم ، بل نكتفى بالاشارة الى الفارق الاساسى بين الشعراء الناطقين بالفرنسبة والشعراء الناطقين بالانجليزية . بيد اننا لا يمكننا ان نغفل ذكر شاعرين من أدباء مدغشقر تميزت كتاباتهم بانشادية منقطعة النظير ، وقد

نشر المنتخب بعض قصائد هذين الاديبين وهما جان جوزيف رابياريفولو وفلاقين رانيو . اما الشاعر رابياريفولو فتكتسى كتاباته بمسحة من الحزن والتشاؤم ( انتحر رابياريفولو وهو فى الثانية والثلاثين من العمر ) وهو يعبر عن مزاجه السوداوى باستعارات مدهشة غريبة تكاد كثرتها تضفى على الشعر ثوبا شرقيا ، وهذه الاشعار تضيف طابعا مدغشقريا خالصا الى القطع الشعرية الافريقية التى يضمها الديوان . كما لا يجوز لنا أن ننسى ما حواه الكتاب من الاشعار التقليدية العريقة التى تلعب دورا هاما فى الحياة القبلية فى افريقيا . وقد ترجمت هذه النصوص الى اللغات الاوربية ترجمة ممتازة قام بمعظمها السيد ايلى بيير من جامعة عبدان .

ويعتبر كتاب هيج فى مجموعه مساهمة هامة فى التعريف بافريقيا الجديدة ومشاكلها التى تنعكس فى مؤلفات شعرائها . ( آراء اليونسكو )

* المؤتمر الاقليمى الرابع للجان اليونسكو الوطنية العربية : اقرت لجان اليونسكو الوطنية لعدد كبير من البلاد العربية ، فى المؤتمر الذى عقدته فى مدينة الجزائر من 3 الى 7 مارس ( آذار ) 1964 برئاسة الادب الكاتب الجزائرى السيد مالك بن نبى ، مبدأ تجريد حملة اقليمية لمحو الامية وستدرس تفاصيل هذه الحملة فى شهر سبتمبر ( ايلول ) المقبل فى مدينة الاسكندرية على يد فريق من الخبراء . وقد رأى المؤتمرون ضرورة النهوض بالاعداد العلمى والتكنولوجيا فى بلادهم ووضع سياسة علمية لكل بلد ،  تكفل الاسراع فى نهضته الاقتصادية والاجتماعية . وقرروا اخيرا التعمق فى دراسة الثقافة العربية التى شرع بها ضمن اطار مشروع اليونسكو الكبير الخاص بالتقدير المتبادل لقيم الشرق والغرب الثقافية ، واعربوا عن امتنانها لليونسكو ودولها الاعضاء على ما بذلوه من جهود فى سبيل انقاذ معابد النوبة وآثارها .

* جائزة " كلوفيس " : فاز " م . ا . نجلان " حاكم الجزائر سابقا بجائزة " كلوفيس هوق " للشعر ، الممنوحة من طرف شركة الشعراء الفرنسيين بقصيدة " الامل الدائم " ذى الطابع الكلاسيكى .

وهكذا ينجح السيد ناجلان فى الشعر وليته نجح فى السياسة عندما كان واليا عاما على الجزائر منذ سنوات وقبل فوات الاوان ؟ . .

* المثقفون فى اسبانيا : شهر علانية اكثر من مائة رجل من رجال الفكر الاسبانى فى شهر اكتوبر المنصرم بقساوة المعاملة المسلطة على عدد كبير من الاشخاص الموقوفين " بأستورى " .

وكذب الوزير " فراقا " هاته الانباء موجها تهجمات عنيفة فى خطاب القاه " بفلادوليد " ضد الذين أمضوا العريضة المشهرة بتلك المعاملة . وساند هؤلاء مثقفون آخرون من اسبانيا وكتاب فرنسيون. أما الصحافة الاسبانية فقد شنت ضدهم جملة شديدة محكمة متهمة اياهم خاصة بالقيام بحركة شيوعية . واتصل الكثير منهم بتهديدات بالموت .

اشترك في نشرتنا البريدية