الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 6الرجوع إلى "الفكر"

أصداء الفكر

Share

مسابقات قصصية بمناسبة الذكرى الثلاثين ل 9 أفريل 1938 :

عندما يحل 9 أفريل 1968 يكون قد مضت ثلاثون سنة على وقوف الشعب التونسى أمام جبروت الاستعمار . وبهذه المناسبة تشكلت تحت اشراف الحزب الاشتراكى الدستورى لجنة قومية للاحتفال بهذه الذكرى . ومن جملة  ما ضبطته هذه اللجنة مسابقة قصصية هذه تفاصيلها :

" تذكر اللجنة القومية لاحتفالات الذكرى الثلاثين ل " 9 أفريل 1938 " وما أعلنت عنه الشركة التونسية للتوزيع منذ 12 ديسمبر 1967 من أنها قررت احداث :

1- جائزة قومية قدرها ألف دينار تسمى " جائزة 9 أفريل " تمنح لاحسن  قصة تتناول بطولات من الكفاح الوطنى .

2 - جائزة قدرها مائة دينار بالنسبة لكل ولاية لاحسن قصة معدة للاطفال يستمد موضوعها من حوادث بطولية خاصة بالجهة .

واللجنه القومية لذكرى " 9 أفريل 1938 " تستحث ذوى الهمم الخلاقة والابداع على الاستجابة للمساهمة فى هذه المسابقة ، وتقديم قصصهم الى لجان التنسيق الحزبى أو اللجان الثقافية قبل العشرين من شهر مارس المقبل " .

جوائز النادى الثقافى ( ابو القاسم الشابى ) :

1 - الجائزة المسرحية : ينظم النادى الثقافى ( أبو القاسم الشابى ) مسابقة فى الانتاج المسرحى ابتكارا او اقتباسا وترجمة

أ - الشروط : 1 - بالنسبة للتأليف المبتكر ، فى اى موضوع يختاره الكاتب . وبالنسبة  للترجمة ينبغى ان تكون المسرحية مختارة من روائع المسرح العالمى ولم تسبق ترجمتها . أما بالنسبة للاقتباس ، فينبغى ان تكون مقتبسة من قصة طويلة عربية أو أجنبية لا من مسرحية أجنبية .

2 - يجب ان تكون المسرحية باللغة العربية الفصحى

3 - تقدم فى خمسة نظائر مرقونة ، غير مكتوب عليها اسم المؤلف  ومصحوبة بظرف يذكر بداخله اسم المؤلف أو المترجم أو المقتبس وعنوانه ، مع بيان عنوان المسرحية المعروضة .

4 - بالنسبة للمسرحيات المترجمة أو المقتبسة ينبغى أن يقدم معها النص الاصلى .

5 - يجب أن يكون الانتاج المقدم لم يسبق نشره أو اذاعته أو تمثيله .

6 - توجه المسرحيات فى أجل اقصاه موفى شهر جويلية 1968 باسم السيد رئيس ( النادى الثقافى أبو القاسم الشابى - حى الوردية - تونس ) عن طريق البريد المضمون الوصول .

ب - الجوائز المرصودة : - بالنسبة للتأليف المبتكر :   500 دينار - بالنسبة للاقتباس :          300 دينار - بالنسبة للترجمة :            200 دينار

والملاحظ ان مقدار هذه الجوائز وضعها الحزب الاشتراكى الدستورى على ذمة النادى قصد تشجيع الانتاج المسرحى .

وسيقع توزيع الجوائز على الفائزين يوم 9 اكتوبر 1968 بمناسبة ذكرى ( أبى القاسم الشابى ) .

و تجدر الاشارة الى أن هيأة النادى تود أن تقع ترجمة مثل المسرحيات ذات القيمة الآتية :

 Eschyle : Les Perses Sophocle : Oedipe à Colone Aristophane : Lysistrata Calderon : La vie est un Songe Tchékov : Oncle Vania La Cerisaie Lorca : La maison de Bernarda Charles Morgan : Le fleuve étincelant  Pirandello : Ce soir on improvise Brecht : Le Cercle de Craie Caucasien Maitre Puntila et son Valet Matti Ionesco : Le roi se meurt .

2 - جائزة القصة : سعيا وراء تدعيم الروابط الثقافية بين بلدان المغرب العربى الكبير : تونس - الجزائر - ليبيا - المغرب الاقصى .

فان النادى الثقافى أبو القاسم الشابى ينظم مسابقة فى القصة الطويلة بين كتاب هذه الاقطار الشقيقة حسب الشروط التالية :

1 - ان تكون القصة باللغة العربية الفصحى فى أى موضوع يختاره الكاتب .

2 - ان تقدم فى خمس نظائر مرقونة ، غير مكتوب عليها اسم المؤلف ومصحوبة بظرف يذكر بداخله الاسم والعنوان ، مع بيان عنوان القصة المعروضة .

3 - ان توجه فى اجل اقصاه موفى شهر أوت 1968 باسم السيد رئيس ( النادى الثقافى أبو القاسم الشابى - حى الوردية - تونس ) . عن طريق البريد المضمون الوصول .

4 - ان لا تكون القصة قد نشرت او اذيعت ب - الجائزة المرصودة 1.000 دينار تونسى

والملاحظ ان مقدار هذه الجائزة وضعته الشركة التونسية للتوزيع على ذمة النادى قصد تشجيع الانتاج القصصى وهى تتعهد بنشر القصة الفائزة مع ضمان حقوق التأليف لصاحبها . وسيقع اسناد هذه الجائزة يوم 9 اكتوبر 1968 بمناسبة ذكرى ( أبى القاسم الشابى ) .

3 - جائزة الانتاج الادبى ينظم النادى الثقافى ( أبو القاسم الشابى ) مسابقة فى الانتاج الادبى موضوعيا " تاريخ الادب التونسى الحديث ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر ، يكون مدعما بمختارات لنصوص من ذلك الادب تنير جوانبه "

أ - الشروط : 1 - يجب ان يقدم الانتاج باللغة العربية الفصحى فى خمسة نظائر    مرقونة ، غير مكتوب عليها اسم المؤلف ، ومصحوبة بظرف يذكر بداخله الاسم والعنوان مع بيان عنوان الانتاج المعروض .

2 - يجب ان يقدم الانتاج فى اجل اقصاه موفى شهر أوت 1968 باسم

السيد رئيس ( النادى الثقافى أبو القاسم الشابى - حي الوردية - تونس ) عن طريق البريد المضمون الوصول .

3 - ان لا يكون الانتاج قد نشر او اذيع .

ب - الجائزة المرصودة : 1.000 دينار تونسى . والملاحظ ان مقدار هذه الجائزة وضعته الشركة التونسية للتوزيع على ذمة النادى قصد تشجيع الانتاج الادبى وهى التى تتعهد بنشر الكتاب الفائز مع ضمان حقوق التأليف لصاحبه . وسيقع اسناد هذه الجائزة يوم 9 اكتوبر 1968 بمناسبة ذكرى ( أبى القاسم الشابى ) .

فضيحة الموسم الادبية فى مصر :

جاء فى مجلة الآداب عدد جانفى 1968 بعد الحديث ( ص 60 ) عن النشاط السينمائى فى مصر ما يلى :

" ويقول قائل . . ان قطاع السينما تسيطر عليه أهواء خاصة ومن ثم لا يقاس عليه . قلنا لا بأس . . الى اين نتجه ، ستشد انتباهنا بلا شك ( فضيحة الموسم الادبية ) التى كانت عنوانا للمعركة الدائرة على صفحات الاعداد 2250 الى 2252 ديسمبر من مجلة " المصور " بخصوص جوائز الدولة التشجيعية التى قررتها الدولة كحافز له قيمة للجيل الجديد . وانحرف بها المقررون الى مسالك اخرى . . وصفها رجاء النقاش فى العدد 2250 من مجلة " المصور " بانها : " غير سليمة وغير عادلة ، لانها مسالك تؤدى فى النهاية الى افساد قيمة هذه الجوائز ، وتعطيلها عن أداء دورها فى الحياة الثقافية " ثم ضرب رجاء أمثلة على ذلك بحرمان الكاتبة الموهوبة لطيفة الزيات ثم الدكتور مصطفى محمود . . وآخر قرارات اللجنة التى تثير الدهشة هو قرارها باعطاء جائزة الدولة التشجيعية فى القصة القصيرة لابراهيم الوردانى وحرمان القصاص أبو المعاطى أبو النجا منها . . ثم تساءل رجاء : " لماذا تشجع ابراهيم الوردانى وهو كاتب تجاوز مرحلة التشجيع والنمو وأصبح الآن كاتبا له شخصيته الخاصة التى لا يمكن أن تعطى أفضل مما أعطت . لقد اختار الوردانى لنفسه أن يكون صحفيا وأن يكتب قصصا ترفيهية خفيفة ولم يستطع أن ينمى موهبته على الاطلاق ، بل على العكس أطلق صرخات معروفة وعالية ضد الثقافة الانسانية . وصرخته مشهورة ضد الثقافة اليونانية التى احترمها العالم كله وكان فى مقدمة الذين احترموها اجدادنا العرب . هذه الثقافة الانسانية العظيمة وقف ابراهيم الوردانى ليعلن أنها " أدب عفاريت " وانها شئ تافه لا يستحق الاحترام ولا التقدير . ويستطرد رجاء " ان أى ناقد لن يستطيع فى يوم من الايام مهما كانت مدرسة هذا الناقد ومهما كان لونه الفكرى ، أن يقول ان ابراهيم الوردانى كاتب قصة قصيرة بالمعنى الفنى الصحيح او أن بالامكان أن يحتل ولو سطرا واحدا من تاريخ القصة القصيرة المعاصرة " .

وجاء رد الوردانى فى العدد الذى يليه مائعا . . سافرا بدون منطق ، فقال عن رجاء " انه كناقد مثلا . . لم يدرس معنى كلمة ( جائزة تشجيع ) ، انها ليست لتشجيع الناشئين . ولكنها لمن قطعوا شوطا فى النصف الثانى من رحلة حياتهم الادبية . . الى محطة الوصول العظمى التى اسمها الجائزة التقديرية . . " ( لاحظ تعبيره عن الجائزة التقديرية وتشبيهها بمحطة الوصول العظمى . . انه تعبير سطحى ساذج ) ثم عدد الوردانى أسماء الذين سبق حصولهم على تلك الجائزة . . ولكنه أسف عندما تعرض لذكر حصول الدكتور مندور على هذه الجائزة فقال ( ثم المرحوم الدكتور مندور . انه نالها وهو عجوز يتعكز على كتف زوجته المكافحة ) . وأنا لا أريد أن أناقشه فى أن الدكتور مندور حصل على الجائزة وسنه لا تتجاوز الثانية والخمسين . ولكن الذى أريد أن أثبته هنا أن ابراهيم الوردانى لم يستطع أن يغفر للدكتور مندور هجومه على أدبه ومفاهيم قصصه حتى بعد وفاته . . ولن أنسى أن الوردانى بعد أن قرأ هذا الهجوم رد عليه بقصتين اسم بطل القصة الاولى غندور وبطل الاخرى شحرور . . وغندور فى القصة صحفى جاهل يدعى العلم وأشياء أخرى لا أريد ذكرها . . تسىء الى ذكرى استاذ مبجل من اساتذة الفكر فى حياتنا ولى عنا .

واذا لم يكن أحد القراء قد عرف كتابات الوردانى فيكفى هذه الفقرة للحكم على عدم حساسيته ككاتب . . هل هذه شروط القصة القصيرة التى تنبع من الوجدان الصافى ؟ هل أبطال القصة أناس تلقائيون أما أناس يدافعون عن كاتبهم ( ؟ . . هذا من ناحية المضمون أما من ناحية الشكل فلنرجع الى مقاله .. انه استخدم التعبيرات الصحفية الدعائية الدارجة لتقييم نفسه كأديب مثل ( لقد كنت ولمدة سنوات طويلة قبل الثورة وبعد الثورة صيتا مطروحا على رصيف القصة القصيرة المصرية . كانت قصصى فى الصحف والمجلات بداية اجتذاب زبائن جدد للقراءة ، ما من مجلة جديدة يصدرها طموح متزلف للجماهير الا ويحوم حولى ) .

وبعد ذلك حاول الوردانى الايقاع بين رجاء وبين اللجنة التى منحت الجائزة بقوله : " ثم أنت تهز كرامة اللجنة التى شرفتنى بهذا الاختيار للجائزة . اللجنة التى كان رئيسها ومقررها استاذ جيلنا الكبير ( توفيق الحكيم ) والذي يجلس عن يمينه عميد القصة القصيرة المصرية ( محمود تيمور ) وراح الوردانى بعد ذلك يقيم نفسه مستخفا برجاء " تعال هنا أقرص أذنك . فلا بد أنك شعرت بنحس تلك السقطة التى سوف تتوهج فى سيرة حياتك النقدية . حكاية انكارك البات لى ككاتب قصة قصيرة . بل انك متطوع فى حماس بالنيابة عن غيرك من كل النقاد ومن أى مدرسة كانوا . يا ساتر : " لتمسح اسمى من أية قائمة معترف بها . أنت لا تتكلم عن كاتب قصة قصيرة من قبرص أو تل أبيب ولكنك تتكلم عن كاتب قصة من مصر له بصمة مطبوعة على وجدان أكبر مجموعة من كتاب القصة الذين جاءوا من بعده " .

وبعد أن عدد مآثره التى يظنها آثاره على القصة المصرية راح يثبت ذلك بادانة نفسه ، وادانة النقاء الفنى فى حياتنا وتشتت الكتاب فى المناصب الادارية واجهزة الاعلام ، يقول الوردانى : " أنت تلغينى ككاتب قصة ، فى الوقت الذى أنا فيه عضو لجنة القصة الرسمية فى الدولة ثم فى الاذاعة والتلفزيون اسمى مدرج مع الصفوة من كتاب القصة الذين قدر لهم أعلى أجر . . يوميا يطلب منى قصة جديدة لمجلة أو اذاعة أو تلفزيون أو مسرح أو سينما ، بل وانت يا رجاء ألم تطلب أن أكتب قصصا لمجلتك ( الكواكب ) كيف يحدث هذا وأنت تعتبرنى كاتب القصة الترفيهى الهايف الجاهل . أما حكاية أن أحدا لا يعترف لى من المدارس الفكرية بأنواعها . . فيا لها من راحة أحسست بها منذ زمان ، حين قررت أنه لا توجد عملية نقد سليم أمينة فى مصر . . " .

وأنبرى للدفاع عن الوردانى بعض الصحفيين فاظهروا من عدم الدقة الادبية أكثر مما أظهر الوردانى

وجاء رد رجاء النقاش صريحا غير هياب لا بابراهيم الوردانى ولا بالادباء الكبار الذين أراد الوردانى الوقيعة بين رجاء وبينهم . وبصمتهم فقط وليس بجدارة الوردانى على الجائزة . كتب رجاء النقاش فى العدد 2252 تحت عنوان " ليس قرارا ولكنه فضيحة أدبية " وبعنوانين فرعيين " لماذا يمتنع توفيق الحكيم " " يعتذر نجيب محفوظ " : ( قضية الجائزة التشجيعية فى القصة القصيرة والتى أثرتها منذ اسبوعين على صفحات " المصور " ما زالت فى رأيى بحاجة الى حديث موضوعى صريح . وهى ليست حالة فردية ، تتصل بشخص او شخصين وانما كنموذج أعتقد أنه يتكرر باستمرار ويجب أن تقف الحياة الادبية فى وجه هذا النموذج وتقضى عليه ، اذا كنا حقا نريد حياة أدبية تعبر عن الضمير العام والوجدان العام تعبيرا صحيحا وصادقا ، وخاليا من كل تأثر بالشلل الادبية المختلفة ، التى آن الاوان لكشفها بصراحة ، والتي تتكون هنا أو هناك لتفرض على الحياة الادبية أشياء غريبة عنها كل الغربة ) .

" والفضيحة الادبية تعود الى أن اختيار ابراهيم الوردانى للجائزة لا يمكن أن يكون تعبيرا عن ضمير أدبى حى ، وانما - على العكس - هو نتيجة لضمير أدبى غائب عن الوجود وغائب عن التأثير " . ثم يذكر رجاء اسباب غياب الضمير الادبى فى هذا القرار فيقول : " أول خطا فى اعتقادى هو ان الاستاذ توفيق الحكيم رئيس لجنة الجائزة قد امتنع عن التصويت . ان هذا الموقف خطا من جانب أديبنا الكبير . وهو خطأ يتكرر كثيرا فى حياة توفيق الحكيم وليس هذا ما ننتظره من فنان عظيم رائد مثل توفيق الحكيم . اننا ننتظر منه - على العكس - مواقف حاسمة وواضحة . . ننتظر أن تكون قراراته مثل كتاباته مؤثرة ، وحاسمة ، معبرة حقا عن الضمير الادبى العام .

" وقد يكون لتوفيق الحكيم عذره فى أنه لم يقرأ للكاتبين المترشحين

للجائزة ، بما فيه الكفاية . ولكن اذا اعتبرنا ان هناك بين بداية بحث الموضوع واتخاذ قرار فيه ما يصل الى ستة أشهر فان من حقنا ان نتساءل لماذا لم يقرأ توفيق الحكيم خلال هذه الفترة الطويلة ما يمكنه من اصدار قراره ؟ " .

وذكر رجاء " هناك أدباء مثل نجيب محفوظ ومحمود العالم ويوسف ادريس ومحمد عبد الحليم عبد الله وعبد الرحمن الشرقاوى فى لجنة الجائزة ولكنهم لم يحضروا جلسات اللجنة فكيف يتخلون عن مثل هذه المسؤوليات الهامة ، التى كان باستطاعتها أن تحفظ هذه الجوائز حتى تحقق خدمة حقيقية لبلدنا وثقافتنا ومستقبلنا الفكرى والفنى " .

ثم أوضح رجاء نتيجة سلبية كل هؤلاء ثم حرمان رجل يستحق الجائزة " أبو المعاطى أبو النجا " وحصل عليه الوردانى بأصوات ثروت اباظة وأمين يوسف غراب ومحمود البدوى ومحمود يوسف ، ليس فيهم ناقد واحد ، بل فيهم الصحفى محمود يوسف وهو كاتب معروف ولكنه ليس مؤهلا ليكون حكما فى هذه اللجنة .

الفكر : وهكذا لسنا وحدنا فى تونس نشكو أزمة النقد . . واذا عم المصاب هان . . . كما يقال !

الكتاب الفرنسى بين العظمة والتقهقر :

فى مقال للكاتب الفرنسي المعروف " روبير أسكاربيت " Robert Escarpit نشر بجريدة لوموند (Le Monde) ( 16 نوفمبر 1967 ) تحليل ضاف تناول الملابسات التى حفت بتاريخ الكتاب الفرنسى والامراض التى انتابته فى السنوات الاخيرة .

أول ما لاحظه الكاتب هو أن عدد الكتب التى صدرت سنة 1860 لا يقل عن 11882 بينما لا يتجاوز عدد الكتب الصادرة سنة 11872:1960 أى أن هناك استقرارا مبهتا . ويعزو هذا الركود الى الحروب التى انتابت البلاد الفرنسية ولكنه فيما بعد يلاحظ أن ألمانيا رغم خوضها نفس الحروب تداركت نفسها ولم يقع انخفاض فى النشر بل بالعكس فان الكتاب الالمانى لا يزال فى اطراد مستمر .

وأمام هذه الظاهرة يتساءل الكاتب على لسان أحد الجامعيين الكاناديين : " هل تضاءل حقيقة عدد الكتاب والباحثين فى فرنسا وهل أن فرنسا تعيش فى هذا الميدان على حساب ماضيها الزاهر ؟ " .

ويمضى الكاتب لتوضيح هذه الظاهرة بمقارنة رواج سوق الكتاب الفرنسى بازدهار سوق الكتاب الامريكى والالمانى . فيصل الى هذه النتيجة :

ألمانيا : سنة 16.236:1950 عنوانا من الكتب  سنة 30.798:1964 عنوانا من الكتب الولايات المتحدة الامريكية : سنة 11.22:1950 سنة 28.451:1964 فرنسا : سنة 11.849:1950 سنة 13.479:1964

هذا علاوة على اقبال العالم على ترجمة الكتب من اللغة الالمانية واللغة الانقليزية الى لغات اخرى بصفة مطردة بينما نسبة ما يترجم من اللغة الفرنسية الى لغات أخرى لا يزيد على 10 فى المائة ) الكتب العلمية ( . كما أن الامر يزيد خطورة عندما يلاحظ أن تسويق الكتاب الفرنسى فى الخارج يعد صفرا بالقياس الى تسويق الكتاب الالمانى والاميركى

ويبحث الكاتب عن جذور هذا الداء العضال فيقول : " إن أسباب الداء موجودة فى فرنسا لان الكتاب لقلة ما يحظى به من عناية تتجاذبه اربع وزارات وأن سوقه تعمها الفوضى المطلقة وأن هياكل الانتاج والتوزيع بقيت تتأرجح بين الطرق البالية التى يتوخاها أصحاب " الصناعات التقليدية " وبين المبالغة فى " التجمع " الذي يضيع فيه الكتاب بين اللامسؤولية و " المؤسسات الخفية الاسم " ، فليس فى فرنسا مثلما هو الشأن فى البلدان الاخرى مجلس قومى للكتاب وليس عندنا خطوط أولية لسياسة تتعلق بالكتاب سواء فى القطاع الخاص أو العام " .

وبعد الاسهاب فى تحليل أسباب تقهقر الكتاب الفرنسى يقترح الكاتب احداث ديوان قومى للكتاب

طه حسين فى ذكراه التاسعة والسبعين :

فى جريدة الدعوة الصادرة فى 18 ديسمبر 1967 بالسعودية الشقيقية حديث عن طه حسين بمناسبة دخوله السنة التاسعة والسبعين من عمره تظهر فيه جوانب من حياة عميد الادب العربى آثرنا نقل مقتطفات منها لعلها تفيد الباحث .

سئل طه حسين عن سنه فقال : " بفضل اول سفر الى فرنسا عرفت سنى بالضبط . لانى جئت الازهر فلم يطلب احد منى شهادة ميلاد . وانما سألوا عن سنى فقال أخي أحمد حسين رحمه الله : 15 سنة ، ولم أكن أبلغ الخامسة عشرة وانما كنت فى الثالثة عشرة من عمرى . . ودخلت الجامعة المصرية ، عام انشائها فلم تطلب الى سنى وانما اكتفت باسمى والجنيه الذى دفعته لم أكن أملكه ، وانما اقترضته من صديقى القديم وزميلى فى المجمع من أحمد حسن الزيات ولم أرده اليه ولن أرده .

فى فرنسا عرفت ان الجامعة الفرنسية تطلب دائما شهادة ميلاد وكانت والدتي تحتفظ بشهادات الميلاد لابنائها جميعا فارسل الى والدى هذه الشهادة وعرفت منها تاريخ مولدى ويوم مولدى . شهر مولدى وعام مولدى : منذ ايام اتممت ال 78 وبدأت التاسعة والسبعين . الله اعلم ، ان كنت سأتمها او لا أتمها " .

وسئل عن الاساءات التى تعرض لها فقال : " اول شىء . . قصة الشعر الجاهلى وما اثار من لغط فى الازهر وفى مجلس النواب . . وكانت اساءة اخرى . . فى وزارة محمد باشا محمود ، رحمه الله : عندما اجتمع طلبة الحقوق ببعض طلبة الادب ، وهجموا على غرفتى ، وكنت عميدا للاداب . ومن المحقق ان بعض السياسيين قد اغروهم بهذا . عفا الله عما سلف . ورحم الله من اساء الى . ان كان قد توفى . وعفا الله عنه ان كان حيا . وما اظن !

واما : " الحسنة " ، فانى اشكر قبل كل شىء بر والدى بى ، ورحمتهما لى وحزنهما على حين حيل بيني وبين ان ارى الضوء . ثم بر زوجتى بى واحسانها الى منذ عرفتها الى الآن " اكثر من 50 سنة " .

وسئل عن اربع : المرض - النجاح - الغرور - الامل . فقال :

. . " اما ( المرض ) ، فقد لقيت منه شرا كثيرا ، ولكنني اتعزى عن هدا الشر ، بما يؤثر من ان الله يكفر عن المرء ، بعض سيئاته ويغفر له بعض ذنوبه بمقدار ما يؤذيه المرض .

. . اما عن ( النجاح ) فقد ذقته لاول مرة ، عندما ظفرت بدرجة الدكتوراه ، من جامعة القاهرة وكنت اول من اخرجته الجامعة . وذقته للمرة الثانية ، لما ظفرت بدرجة الليسانس فى الاداب من السوربون . وكنت اول مصرى ظفر بها . ثم عندما ظفرت بدبلوم الدراسات العليا من السوربون وكان موضوع الرسالة التى اكتبها لامتحانى لهذا الدبلوم من اعسر الموضوعات بالقياس الى خاصة ، والى المصريين عامة " لانه كان يعتمد قبل كل شىء ، علم النص اللاتينى للمؤرخ المشهور تاسيت . . واخيرا ورابعا - ان شئت - عنده ظفرت بدرجة الدكتوراه فى السوربون . واعظم نجاح احسسته وفرحت به وما زلت به سعيدا فرحا كان عندما قبلت زوجتى ان تكون لى زوجا ، وعندما اتممنا هذا الزواج فى التاسع من اغسطس 1917 . ثم اتيح لى الوان من النجاح اثناء حياتى : استاذا وصحفيا ومؤلفا ، فقبلتها شاكرا لله انعامه على بها .

تريد ان احدثك عن ( الغرور ) الحمد لله الذى اعفانى منه . اشهد الله انى ما رضيت قط عن نفسى . ولكنى اعتبرت كل ما اتيح لى من رضا وغبطة ، فضلا من الله على .

اما ( الامل ) ، فلا اعرف الحياة بدونه . وكل ما امله دائما ، ان يمنحنى الله من الصحة ويتيح لى من التوفيق ما يمكننى من ان اتم ما بدأته : كتاب الايام وكتاب الفتنة الكبرى " .

وسئل عن أمله فى نيل جائزة " نوبل " ؟ فقال : " لا . . لا أمل فيها ، لانها يا سيدى ، تعتمد قبل كل شىء على اعتبارات سياسية . وأنا أعتقد ، بانى ابلغ ما يؤهلنى لها . ! "

أعلام الفكر الاسلامى في العصر الحديث :

أصدرت لجنة المؤلفات التيمورية كتاب أعلام الفكر الاسلامى في العصر الحديث لأحمد تيمور . وهو يحتوى على ترجمة لما يقرب من تسعين مفكرا إسلاميا من مصر والشام والعراق وتونس والمغرب والجزائر والمملكة السعودية .

تحية الى روح أبى القاسم الشابى :

نشر الشاعر المصرى صالح جودت فى مجلة العربى عدد فيفرى 1968 قصيدا مهدى الى روح شاعرنا أبى القاسم الشابى بمناسبة ذكراه الرابعة والثلاثين ننقله الى قرائنا الكرام إتماما للفائدة :

لم ينفر الوحى ولم يغرب                  عن قمة الالهام فى " يعرب "

من زعم الشعر انتهى عهده ؟            كم جاء بعد المتنبى نبى

شوقى ، وما شوقى سوى سورة          فى محكم التنزيل لم تكتب

لينعم الشعر بآياتها                       وتعمر الفصحى على الأحقب

وشاعر النيل الذى هزنا                  بشعره المستعر الملهب

أشعلها في دمنا ثورة                     وقودها الغاصب والأجنبى

وشاعر القطرين ، من جاءنا              بكل قول مؤنس معجب

علمنا الرقة فى أوجها                    والحب في أسلوبه المذهب

قد رضى الله على قومنا                 وأتبع الكوكب بالكوكب

أن غاب عن مشرقنا شاعر              تألق الشاعر فى المغرب

هيهات ننسى لأبولو يدا             ياما سقت من غيثها الصيب

مرت على مطلع أيامنا               ونحن كالحبات فى الطحلب

فقربت منا بعيد المدى               وأطلعت منا زهور الربى

وكان فينا وتر ساحر                 يخطر في برد الصبا الأقشب

من تونس الخضراء ، من روحها      من سمعها الحر الذكى الأبى

صلاته للحسن صوفية               فى هيكل الحب كنجوى نبى

لا ينكر الرحمن احسانها              لو تليت للناس فى " يثرب "

ما علموه الشعر ، لكنه              لالاه من روحه الطيب

منغم اللفظ ، جديد الرؤى           ينساب من عذب الى أعذب

واية التجديد أن تلتقى               حلاوة الصنعة والموهب

وتطلع الصورة مجلوة                  باللحن في ايقاعه الخلب

لا أن يخون الشعر ميزانه              ويغرق المبنى فى المعرب

ويفقد النظم تقاليده                  ويصبح الفن بلا مذهب

قم يا أبا القاسم واسخر معى           من قصة الحصرم والثعلب

من الألى سدت مزاميرهم                فأعرضوا عن شعرنا المطرب

اضحك من الشعر الجديد الذى        لم ندر من أم له أو أب

من الألى اختلت موازينهم               فاستبدلوا الميزان بالعقرب

لووا عمود الشعر حتى انحنى        وسار بين الناس كالأحدب

مهلهل الجرس ، لقيط الجنى         لم ينم للعرب ولم ينسب

فشطرة تخلص فى كلمة              وشطرة تمتط كاللولب

وفكرة صفراء صينية                وفكرة حمراء كالصقلب

فما استقام الشكل من عورة        ولا خلا المضمون من مثلب

ان كان هذا شعر أيامنا              فيا ضياع الشعر فى يعرب

عفوا أبا القاسم ، ان لج بى         حديثهم فى ذكرك الطيب

وأنت من بالبحر فى عمقه          وبالقوافى صعبة المطلب

غنى الجبال الخضر ألحانه           وأطلق النايات في السبسب

وضاء بالحب ستار الدجى          وأطلع الزنبق في المجدب

وزف بنت النور أنشودة            نشوانة الأنغام في الموكب

أطلعها تختال فى ملكها              كأنها بلقيس فى " مأرب "

والتفت الشرق له هاتفا :           يا عجبا من سحر هذا الصبى

فى ميعة العمر واشراقه              يرنو الى عرش "أبى الطيب"

قد عاش ما عاش على رقة         لم يحف بالجاه ولا المنصب

بل عاش للشعر وأقداسه           ينزفه من قلبه المتعب

ويوغر الشعب على طغمة          تحتمل الاوزار كالمشجب

ويبعث الصيحة فى قومه            أن ينفروا من غفلة الغيهب

ان غضب الشعب على قيده       فالله سيف النصر للمغضب

عاش ، وما عاش ، فما عمره         الا كعمر الورد لم يسهب

ومات ، لا بل عاش فى موته          كما يعيش الدين بعد النبى

اشترك في نشرتنا البريدية