الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 10الرجوع إلى "الفكر"

أعلام من بنزرت

Share

عرض : الحبيب هوله

صدر عن دار المغرب العربى ، بتونس ، التى يديرها الاديب : ابو القاسم محمد كرو . أعلام من بنزرت للاديب الشاب : رشيد الذوادى ، فى طبعة انيقة ، تعرض خلاله بالدراسة ، الى ستة عشر شخصية ادبية وسياسية ، انجبتها تربة بنزرت الخالدة

وهذا الانتاج الجديد ، يعزز ما صدر لنفس المؤلف ، فى السنوات الاخيرة بنزرت ارض البطولات ، ابطال وشهداء ، والتي تعرض فيها المؤلف إلى بعض لشخصيات السياسية ، فى النطاق الجهوى ، والمحلى التى كان لها اعظم الاثر ، فى وسطها الاجتماعى

والاديب رشيد الذوادى ، ينتمي ، الى اسرة التعليم ، ورغم ما فى هذه المهمة الشاقة التى تستنفد اوقات المربى ، فان هذا الكاتب الشاب ، عمل ف سبيل التنقيب ، عن بعض الشخصيات ، المجهولة ، لدى الكثير ، والتي كان لها مجالها الفسيح ، فى التاثير على بيئتها ، واستطاعت ، ان تاخذ بنصيبها فى تغيير مجرى الاحداث .

وقد اعتاد اهل التراجم عبر التاريخ ، الاهتمام بالرجال العظام ، الذين كان لهم مجالهم الواسع ، فى النطاق القومى ، ويهملون من الرجال ، الذين عملوا فى صمت ، دون جلبه او ضوضاء ، وتبقى العظمه دائما تخضع الى قانون السببية ، فلابد من الاهتمام ، بهذه الشخصيات ، وان لم يكن دورها الا محدودا جهويا حسب مواهبها ، وقدرتها الذاتية .

ويبدو ان الكاتب انتهج ، فى هذه التراجم ، اتجاها مدرسيا ، فى اختصار المسائل ، وتركيز العناصر وقد يكون هذا راجعا الى قلة المصادر ، التى كانت بين يدى الكاتب ، وهى التى فرضت عليه تلك الطريقة ، فى الاختصار

والإيجاز ، دون التحليل والاطناب . وهذا يجعل المنقب عن آثار الرجال المترجم لهم امرا صعبا دونه اهوال

واثناء قراءتى لهذا الكتاب ، اثار فى نفسى كثيرا من الذكريات ، مع بعض المدرسين ، المترجم لهم فى هذا الكتاب ، الذين كانوا يتولون التدريس بالفرع الزيتونى ببنزرت . امثال الاساتذين : سليمان الدالى ، فحل علم - البلاغة - دون منازع ، ومحمد الطاهر الخماسى ، الفقيه الورع ، اللذين عملا على احياء الروح الوطني ، فى نفوس تلاميذهم ، اثناء حركة التحرير ، وفى العمل المتواضع الذى قام به أحد تلاميذ الشيخين رشيد الذوادى عربون وفاء ، للذين اخلصوا فى مهمتهم التربوية ، فاعطوا من روحهم ، ومن ايمانهم ، الشئ الكثير فى عصر طغت عليه الآلة ، فافتقد بذلك الانسان روحه الامين

ومن اهم الشخصيات المترجم لها فى هذا الكتاب : الشيخ ادريس ، الذى لعب دورا كبيرا ، فى توعية الجماهير الشعبية ، فى فترة عصيبة ، من حياة الامة ، ولا يزال الكثير ، ممن عاصروا الشيخ ادريس يذكرون خصاله الحميدة ، وحماسه المتقد ، من اجل الدفاع ، عن قيم الاسلام ، والذود عن حباض هذا الوطن معتقدا ، وهو المسلم الراسخ الايمان ، أن حب الوطن من الايمان .

ولهذا السبب نرى المؤلف يخصص للشيخ ادريس اكثر الصفحات من الكتاب ، بالنسبه لبقية الشخصيات المترجم لها ، نظرا لتوفر المراجع الخاصة بالشيخ ادريس ، وعديد الاثار المخطوطة ، التى خلفها الفقيد ، مما لم يتوفر للمؤلف عند درسه لبقية الشخصيات الاخرى

ولعلة من الوفاء لهذا الرجل أن نذكر دوره الفعال ، اثناء حركة التجنيس والوقفه الحازمة التى وقفها من هذه القضية الخطيرة ، التى كان الاستعمار يريد منها القضاء على الذاتية القومية ومنها الجانب الديني ، وهكذا يتضح ان الشيخ ادريس عاش كل احداث عصره ، وتفاعل معها ، كما انه تتبع حركة كفاح امته وعمل فى المنهج السوى ،

ولعله من الوفاء لهذا الرجل ، ان تقوم لجنة تحت اشراف اللجنة الثقافية الجهوية ، لاحياء بعض الآثار التى خلفها الفقيد ، خاصة مخطوطه ، الذي جاء ذكره ، فى ترجمة الفقيد ، والذي يبدو ان المؤلف اطلع عليه وهو كتاب : تبيان الاجمال ، فى مقاصد الاحتلال - وهو يشتمل على خمسة فصول ، وخاتمة فالمقدمة : فى الدواعي التى دعت فرنسا ، الى ان تحتل تونس ، والخمسة

فصول : فى شرح فساد سياستها والخاتمة ، فى حكم من امتزج بالفرنسيين ، فى العهد الاستعمارى . على حد ما قاله المؤلف ، فى ترجمة الشيخ ادريس

وهذا العمل المواضع ، للمؤلف الشاب ، يحفز العاملين ، فى الميدان الثقافي بالجهة على زيادة البحث والتنقيب ، لآثار بعض المترجم لهم ، خصوصا ، الذين تركوا لنا آثارا ادبية وعملية حتى نوفى هؤلاء الاعلام حقهم ، من الدراسة والعناية المستفيضة وهذا الكتاب يفتح آفاقا واسعة ، قصد الاحاطة الشاملة ، لانتاج هؤلاء ، سواء للمؤلف نفسه ، او للذين لهم ولوع بتراجم الرجال . " فهذا الصنف من الرجال ، كانوا امثلة ، للتضحية فى سبيل الآخرين ، اذابوا من ارواحهم وحياتهم شموعا ، مهدت الطريق امام غيرهم ، لذا لا يمكن ان ننساهم ولا ان نغفل عما قدموه ، لابناء جلدتهم والانسانية ، من خدمات جليلة " ( من مقدمة الكتاب . (

اشترك في نشرتنا البريدية