الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 6الرجوع إلى "المنهل"

أمهات كتب التفسير الحديثة والقديمة، مالها عليها

Share

- ٢ -

٤- تفسير الكشاف لجارالله محمود بن عمر الزمخشرى المتوفي سنة ٥٢٨ ه

لا يخفى أن تفسير الكشاف مؤسس على بلاغة القرآن ومبنى على علمي المعانى والبيان ، فهو قد حقق كثيرا من فرائد الكتاب العزيز ، وكشف عن كثير من مخدرات معانيه الحسان فبرزت بأروع صورة وأجلى بيان .

ومن مزاياه انه يوقف على مواضع من حقيقة القرآن ومجازه ، ويجلى للناظر مطالع من إيجازه وإعجازه . وإن كان هذا الوحى المعجز كالكهرباء وضيائه ، تستنير بنوره الأبصار ، ولا تحيط بكنهه الأفكار ، أو هو :

كالبدر من حيث التفت رأيته              يهدى إلى عينيك نورا ثاقبا

كالشمس فى كبد السماء وضوؤها        يغشى البلاد مشارقا ومغاربا

لكن يؤخذ على هذا التفسير ، ما يؤخذ على مذهب مؤلفه المعتزلي ، وهو انه منح العقل سلطة لا تحد بحد نقل ولا عقل ، فحلق فى جو لا يبلغه حس ولا علم ، فنفي ما اثبته الله لنفسه من صفات كماله ، ونعوت جلاله ؛ كالوجه واليدين والاستواء ، وغيرها ، نعم إن كتب التفسير المذهبية ، قد جنحت لهذا التأويل كما سيأتي غير آن الزمخشرى قد زاد فى تفسيره نفي صفات المعاني ايضا كالحياة والعلم والقدرة والكلام ) سبحان ربك رب العزة عما يصفون ( على ان محشي الكشاف العلامة ابن المنير المتوفى سنة ٦٨٣ ه قد انتصف من اعتزاليات الكشاف وناقشه فيها وفي غيرها من مسائل الكلام وأساليب البيان ، والناظر فيهما يستغرق فى حل المشكلات الكلامية ، والأعاريب النحوية ويذهل عن تدبر الآيات الكريمة وفهمها

٥ - تفسير القاضي ناصر الدين البيضاوى المتوفى سنة ٥٨٥ ه

أما القاضي البيضاوى فقد لخص ما فى الكشاف من وجوه الأعراب ايضا ، وزاد عليه فى الأجمال والابهام ، وايراد مايراه مرجوحا أو ضعيفا ، ولكنه يشيراليه ، وتفسيره رحمه الله فيه مجملات ومغاليق كثيرة ، من الفنون الكلامية والعقلية فهو لا يشبه التفسير الكبير ) مفاتح الغيب ( للرازي في بسط ما يتعلق بالحكمة والكلام ، وشرح الحقائق وإيضاح الغوامض ، وسببه انه أراد ان يوجز القول فى فنون اللسان وعلم دقائق الكلام ، واسرار المعقولات والحكمة ، فجاء بالغاز ومعميات عجيبة " فكان تفسيره يحتوى فنونا من العلم وعرة الممالك ، وأبوابا من القواعد مختلفة الطرائق كما قال فيه بعض واصفيه ، واكثر الاحاديث التى أوردها فى ختام السور كصاحب الكشاف لا تصح .

٦- تفسير الأمام فخر الدين الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ ه

أما تفسير علامة المعقول الرازي ، فقد اطال فيه النفس ، وفسر القرآن بحسب ما تقتضيه القواعد العربية ، وعلم الكلام ، واصول الفقه وفن الجدل .

والمناظرة ، واكثر في معاني الآيات من الوجوه والاحتمالات القريبة والبعيدة ونقل عن الفلاسفة الأقدمين وعلماء الهيئة والفلك ، ما لا اتصال له بعلم التفسير بل ما يخرج بالقراء عن موضوعه ، ولكن ليس من الانصاف فيه قول بعض واصفية : " فيه كل شئ الا التفسير " . بل هو تفسير جليل ، وفيه تطويل وقد تجد فيه من التحقيق ما لا تجده في غيره ، ومثاله فى تفسير قوله تعالى : " واذا سألك عبادى عني فأنى قريب أجيب دعوة الداعى اذا دعان " . . فقد ذكر هنا أن الدعاء أهم مقامات العبودية واستدل على ذلك بالآدلة العقلية والنقلية ، ثم ذكر السؤال والجواب في كتاب الله تعالى ، وبين أنواعهما وصورهما وضرب لهما الامثال ) إلى أن قال ( : أما الصورة الثالثة وهى فى هذه الآية ) قال ( : " واذا سألك عبادى عني فانى قريب " . . ولم يقل : فقل انى قريب فتدل على تعظيم حال الدعاء من وجوه . ) الاول ( : كأنه سبحانه وتعالى يقول : عبدى : أنت انما تحتاج الى الواسطة فى غير وقت الدعاء ، أما فى مقام الدعاء فلا واسطة بيني وبينك : ) اه ص ١٣١ ج ٢ ( .

أقول : إن النوع الاول الذي يختص بالتشريع ، اذن الله فيه لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يجيب السائل بقوله : ) قل ( أو ) فقل ( : " ويسألونك عن الروح ، ويسألونك عن الجبال ، يسألونك عن . الساعة ، يسألونك ماذا ينفقون ، يسالونك عن الشهر الحرام ، يسألونك عن اليتامي " والجواب في كل : ) قل ( كذا ، مخاطبا للرسول صلى الله عليه وسلم .

اما في مقام الدعاء فقد سألوا النبي صلى الله : أربنا قريب فنناجية أم بعيد فنناديه ؟ فنزل قوله تعالى " واذا سألك عبادي عني فانى قريب " ولم يقل ) قل ( او ) فقل ( كما جاء في ايات التشريع بل خاطب تعالى عباده كفاحا بلا واسطة نبى مرسل ، ولا ملك مقرب ، ليد لهم سبحانه على انه أقرب اليهم من جميع عباده وهو أرحم الراحمين .

إنما يؤخذ على مثل الامام لرازي رحمه الله تعالى تأجيله النصوص القرآنية المبيئة بحقائق الصفات الالهية وتفريقه بين ما اثبته منها كصفات المعاني السبع : الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام اى الكلام النفسي دون اللفظي ، وما أوله كالعلوم والاستواء والوجه واليدين والعين خلافا لما فى كتاب ) الابانة ( للامام أبي الحسن الاشعري .

للبحث صلة

اشترك في نشرتنا البريدية