هذا العدد اردناه تحية اكبار وتقدير للثورة الجزائرية التى تدخل هذا الشهر في عامها الخامس وتواصل بثبات وعزم سعيها الى هدفها المقدس الا وهو الاستقلال وتقرير المصير
وقراء " الفكر " يعلمون ان هذه المجلة لم تزل منذ نشأتها موفية إلى المثل العليا التى يتوق اليها رجال الثورة ، واقفة الى جانب الجزائر الباسلة المتوثبة بما نشرته وتنشره من دراسات للواقع الجزائري وشهادات عن القمع واعمال العنف وسياسة الابادة الاجرامية ، وبما نشرته ايضا وتنشره من ادب انشائى مستوحى من هذه المغامرة الانسانية العظمى التى يريد بها اخواننا الجزائريون بناء كيانهم من جديد وبعث شخصيتهم عزيزة طريفة خلاقة
ان تضامننا الايجابى المتماشى مع طبيعة هذه المجلة التقدمية وماهية رسالتها الانسانية لا نستمده من روابط الاخوة والجوار ووحدة اللغة والمعتقد فحسب ؛ فان لهذه الروابط وزنا وأي وزن في معيار اعمالنا ومواقفنا من غير شك . ولكننا نحب ايضا ان نخرج بالقضية الجزائرية من حدود العائلة الاسلامية الكبرى وصعيد المغرب الكبير المظفر الى دائرة البشرية المتضامنة حتما فى السراء والضراء ، ونستشرف بها الى افق الانسانية المتطلعة الى الخير والاخاء والمحبة .
ذلك ان المعمورة الفاضلة ، التي تبينها فيلسوف الاسلام ابو نصر الفارابى منذ عشرة قرون ، لا تبلغ تمامها حتى تقوم كل امة من مجموع اممها برسالتها وتقدم قسطها - مهما تواضع - للسير بالحضارة الى غايتها المطلقة تستمده من اعمق اعماق شخصتها واطرف ما تجود به قريحة ابنائها الاصيلة . والامة الجزائرية امة لها كيانها ومقوماتها ولها شخصيتها وتاريخها وهى امة انبتت تربتها اعلاما في الادب والعلم والفن منذ فجر التاريخ الى القرن الماضى . وان الاستعمار الفرنسى بمحاولته مسخ هذه الامة وطمس معالمها وفرنسة ابنائها واستئصالهم من طبيعة بيئتهم ونوع حياتهم اجرم فى ذات الانسانية اجراما اذهوا وقف جد ولا من اخصب هذه الجداول التى تغذى دوما نهر الحضارة والفكر
فتضامننا مع اخواننا ليس اذن من باب " انصر اخاك ظالما او مظلوما " فقط هو انتصار للفكر وانتصار للقدم العليا وصرخة داوية نامل ان تحرك الضمائر وتحفز صاحب القلم فى كل مكان للنضم الى جبهة الخير فى صراعها ضد قوى الشر
بذلك يتحقق الامل ويعلو الحق وينطلق الفكر والادب والفن في ارض الكفاح والتضحية وتسترجع الامة الجزائرية مكانتها فى عائلة الانسانية الكبرى ولا يبقى الا ان تردد الاجبال " لعنة الفكر " على الاستعمار الفرنسى بالجزائر الخالدة
