نحن فى هذه المجلة ما فتئنا كل سنة منذ اندلاع الثورة الجزائرية نشيد ببطولة الشعب الجزائري وفى كل مرة نأمل أن تتم الحرب وتزول المحنة .
لكن أرض الجزائر المكافحة ما تزال مسرحا للويلات والآلام : الارواح فيها تزهق والحرمات تنتهك والأفكار تكبت . لا قول فيها إلا للرصاص ولاصوت بها إلا للمدفع والرشاش .
على أن الشعب الجزائري الأبي وإن طال به الكفاح فهو صامد أمام الظلم ثابت فى وجه الطغيان قد زاده طول المراس عزما وإيمانا وأحلت غالي التضحية فى نفسه الأمل والرجاء . هو يجاهد في عزم الأبطال ويصابر فى همة المؤمنين ويستميت فى نخوة وعزة .
وهو فى جهاده ومصابرته واستماتته لم يعدم أخوة يقيلون عثرته ويضمدون جراحه ويأخذون بيده . فقد لقى فى شعوب المغرب الكبير السند الذي لاينى والعون الذي لا يفتر . وما موقف تونس الأخير مع المواقف الأخرى المتعددة إلا تعزيزا لجانبه وتقريبا لساعة خلاصه .
وهو لم يعدم أيضا نصرة الأحرار فى العالم الذين وقفوا إلى جانبه وقفة المؤمن بحقه فى الحرية وبعدالة قضيته وبضرورة إعانته .
وهو لم يعدم فى فرنسا نفسها أصدقاء آزروه فى محنته وصرخوا فى وجه حكومتهم . وما صيحة رجال الفكر والفن إلا بوق إنذار وصرخة فزع . ستطيح لا محالة بهيكل الاستعمار النخر وستزيل وصمة لصقت بجبين القرن العشرين .
فعلى رجال الفكر فى كل بلاد أن يتحدوا لنصرة الحق والعدالة والحرية لا بالنسبة للجزائر فقط بل بالنسبة لكل بلد يدوس فيه الإنسان أخاه الإنسان ويعتدي فيه البشر على البشر . عند ذاك يكون أمل الإنسانية عظيما في انتصار الحق على الباطل والعدالة على الظلم والحرية على العبودية .
