نحن في هذه المجلة لم نترك قط فرصة تمر دون ان ننوه بالتبادل الثقافي بين سائر الامم - وبين الشقيقة والصديقة منها على الخصوص - ونلفت الانظار الى فوائده من حيث التعارف والتقارب وخدمة السلم وتوفير التقدير المتبادل والتسابق البرىء الى الخلق والانتاج .
ولم نزل نعتقد انه يجب فتح الحدود في وجه المجلات والكتب والمعارض والافلام والمحاضرين والباحثين والفرق التمثيلية والفنية ... وان كنا نلاحظ انه كثيرا ما يدخل عبر هـذه الحدود المفتوحة الكثير من الكتب السخيفة والمجلات التجارية التي تعتمد على الصور الملونة بصارخ الالوان ، المثيرة ، اكثر مما تعتمد على قيمتها الذاتية ، والكثير من الافلام التي تسمم الشباب و تمسخه اکثر مما تغذيه و تهذبه ! ... مؤمنين بان ( الزبد يذهب جفاء ) وبأن الطريقة الناجعة لوقاية الناشئة وحمايتها معنويا ورفع مستوى المواطنين ليست حتما فى الحيلولة دون وصول اسباب الاغراء والاثارة اليهم ، بل في تربيتهم وتثقيفهم وتنشئتهم بحيث يقدرون على التمييز بين الحق والباطل والخير والشر والجمال والقبح والأصيل والزائف
والذي أردنا ان نلفت اليه انظار المسؤولين هو قبل كل شيء العمل لايجاد شيء من التوازن بين ما یرد علينا - كما وكيفا - وما يجب ان نصدره الى الخارج وخصوصا الى البلدان التي نستقبل دائما ممثلى ثقافتها وفنها بكل حفاوة .
الذي اردنا ان نؤكده هو ان التبادل الثقافى المنشود ، لكي يأتي بالفائدة المرجوة ، يجب ان يحرص على التكافؤ بين الاخذ والعطاء .
فلا بد حينئذ من ان يفكر المسؤول الأول عن الثقافة القومية في توفير الوسائل اللازمة كى تزور الفرق التونسية للتمثيل والموسيقى والفنون الشعبية البلدان الشقيقة والصديقة ، وخاصة تلك التي استقبلت الجمهورية التونسية سفراءها فى هذا الميدان، وكى تصل المجلات والجرائد التونسية الى الاسواق العربية خاصة والعالمية عامة ، على نحو ما نرى المجلات العربية والاروبية تغزو مكتباتنا ، وكى يزور كبار أدبائنا وعلمائنا - ولنا والحمد لله من نعتز بهم ونفخر - الجامعات والنوادى خارج تونس ويلقوا المحاضرات ويتبادلوا المعلومات .
بذلك وبغيره مما لا يمكن حصره فى نطاق هذه الكلمة تشع الثقافة التونسية فى الخارج كما تشع ثقافات اخرى فى داخل بلادنا ، ويعرف وجه تونس على حقيقته ، ويصبح للتبادل الثقافي معناه .
الفكر
