لا يزال اهتمام رجال الفكر والادب في هذه البلاد متجها الى دور المتثقف في المجتمعات النامية ، بعد الندوة التى انتظمت فى هذا الصدد بنادى " ابو القاسم الشابي " خلال شهر رمضان المنصرم .
وقد ابي السيد رئيس الجمهورية الا أن يدعو المشاركين في حلقات هذه الندوة الثلاث ويتحادث بل ويتناقش معهم فى جملة من القضايا الفكرية التى تفرض نفسها على " النخبة " ، خاصة فى تونس .
وكان فخامة الرئيس بين اخوانه وابنائه المثقفين ، رمزا حيا للالتزام في أشرف قيمه وأقدس مقوماته ، ومثالا بليغا للمتثقف يقف حياته على خدمة قومه ويضحى بقشور السعادة فى سبيل الجوهر واستحقاقا لشرف الفكر الاصيل .
فهو كمثقف تبين سلم القيم الصحيح و "ادرك" العالم الذي حوله ورسالته فيه ، وتاق بكليته - قولا وفعلا - الى تحقيق " المجتمع الجديد " بكل حوارحه ، لم تثنه العقبات والآلام وضروب الحرمان ،ولم يزده ازورار اشباه المثقفين " وشكوكهم وتخيلاتهم الا ايمانا وعزيمة ! وما زال يكافح الشر ويكافح اليأس حتى فرض على " الواقع " بالاعتماد على الشعب ، نظرته وقده على قد تلك المثل العليا التى أدركها بفضل ثقافته وربط بها مصيره وسعادته .
وان " الحبيب بورقيبة "كزعيم للثقافة وكمثال حى لما يجب أن يكون عليه كفاح المثقفين يجب أن يلهم مثقفينا ورجال الفكر فى بلادنا فيسعوا الى ان يكونوا - مثله - شجاعة على ادراك الحق وشجاعة على قول الحق ، وأن يحرصوا -مثله- علي أن يكون سلوكهم منسجما مع أفكارهم وأن يتقمصوا شخصية المثقف في المجتمع الذي يحتاج إلى نور يهديه ورائد يعبد له طريقه فى الحياة
وإذا كان كفاح تونس اليوم لا يقتضى المغامرة بالحياة وتحمل المنافى والحرمان فانه ليس بأسهل ولا بأقل عناء .
تونس اليوم تجاهد الجهاد الاكبر من أجل القضاء على بقايا التخلف ورواسب عصور الانحطاط فليقبل المتثقفون على القيام بواجباتهم وليكونوا في مقدمة الشعب ومع الشعب اذ المصير واحد والتاريخ لا يرحم .
لقد تحمل الحبيب بورقيبة منذ أكثر من ثلاثين سنة أعباء كل المتثقفين واضطلع بالرسالة المقدسة ، فلا أقل من أن يتحمل كل المثقفين اليوم بعض "أعباء" الحبيب بورقيبة .
