هذا العدد الذى نستهل به السنة الحادية عشرة من حياة مجلة الفكر " أردناه شاهدا على غزارة ما نشر في السنوات العشر السابقة ، وعلى اصالة ما . أنتجته الأقلام التونسية منذ فجر الاستقلال فى دنيا الثقافة والأدب ، وبالتابع دليلا على المجهود المتواصل الذي لم تنفك تبذله ، فى ايمان وصبر وعزيمة ، من اجل المساهمة فى النهوض بالفكر والسمو بالانسان وخدمة القيم البشرية العليا .
انتخبنا نماذج من الابحاث والقصص والشعر وحاولنا ادراج عينة مما ساهم به الأدباء في العقد الأول من حياة المجلة ، تذكيرا ووفاء . . وحثا على مواصلة العمل واطراد الانتاج الصالح ، ونحن نعلم ان الذى ادرجناه فى هذا العدد لا يدل الا دلالة نسبية جدا على مدى وعمق مساهمة اصدقائنا فى تغذية الفكر وخدمة الثقافة ، ولكننا لا نملك ان ننشر اكثر مما نشرنا بحكم مقتضيات حجم المجلة وامكانياتها المادية ، هذه الإمكانيات التى تعذر لنا معها ذكر كل من نشرنا له طيلة السنوات العشر السابقة مما نلتمس له حسن التفهم ونرجو المعذرة .
والشباب ! اننا نقدم لهم خيرة ما انتجه اخوانهم الكبار ونذكرهم بجهاد من تقدمهم ، على سبيل غرس الثقة بالوطن فى انفسهم الغضة ، وحفز هممهم الفتية على حمل المشعل والسير فى الدرب الصعب الموصل - وحده - الى سمو الخلق والإبداع . وكلنا ثقة فى ان المجلد الذى سوف نستهل به السنة الواحدة والعشرين - ان شاء الله وشاء رجال الأدب والثقافة فى هذه الديار - يكون زاخرا بانتاج الجيل الصاعد من الأدباء ودليلا على استكمال نهضتنا الفكرية
وحسبنا ان نزيل - بابراز تجربة " الفكر " وطول نفسها وانتصارها على مختلف المشاكل - أسباب الشك والقنوط والعجز ، ونقيم الدليل على أن التربة التونسية ثرية ، خصبة ، وأن الانسان التونسي ، إذا ما آمن بنفسه وانتصر على أسباب الوهن والخذلان والتهافت فى نفسه ، قادر على أن يؤسس المشاريع الأدبية وأن يكتب لها طول العمر واطراد الفوز ، وقادر بالخصوص على ان ينتج انتاجا أدبيا أصيلا يمكن ان يساهم به فى اثراء الأدب العربى ويمكن أن يفتح بفضله حوارا ايجابيا مع غيره من البشر حول القضايا الوجودية الكبرى التى لم تزل طوال العصور مصدر عنائه وعظمته فى آن واحد .
بهذا العدد - حينئذ - نتوج عهدا ونفتح عهدا ثانيا من حياة الفكر ، من حياة الثقافة بتونس والمغرب الكبير ، وندعو ذوى العزائم الصادقة الى لم الشمل وتساند الجهود حتى نبقى - نحن حملة القلم ورجال " الفكر " - فى مقدمة القافلة ، فى الصفوف الأمامية من المعركة الكبرى التى تخوضها أمتنا الماجدة في سبيل العزة والكرامة .
ثم نحن نقول للعاملين ، وحتى لبعض المتفرجين ! ما أعذب العذاب والعناء والجهاد إذا ظفر الانسان بلذة الخلق ونشوة العمل الصالح الذى قد يزول معه جسمك وتبقى بعده خالدا
الفكر
