لم نزل فى هذه المجلة نعبر عن اعتزازنا بالمجهود الجبار الذى بذلته وتبذله الحكومة للسير بالتعليم نحو التعميم في كل الدرجات ونؤكد أن أرساء قواعد الديمقراطية فى هذه البلاد مشروط الى حد كبير بضمان ديمقراطية التعليم والحفاظ على مستواه فى آن واحد ، وان الازدهار الثقافى لن يتحقق ولن يبلغ الشمول والعمق المنشودين الا اذا ارتفع مستوى الشعب وظهرت نخبة فكرية تنصرف الى الخلق والابداع فى مجالات العلم والفكر وشتى الفنون .
ان الشعب التونسى قد سلخ من امكانياته المتواضعة مائة وخمسة وسبعين مليونا من الدنانير منذ عشر سنوات مرت على استقلاله واستطاع بذلك ان يوفر العلم والمعرفة الى ثمانية وخمسة وثمانين الف طفل تزخر بهم المدارس اليوم بمختلف درجاتها وفى طول البلاد وعرضها .
وشعورنا بالاعتزاز واعتبارنا ايضا للتضحيات التى تقدمها الامة التونسية يفرضان علينا التأمل فى نتائج مجهودنا التعليمى وتقدير الجدوى المرتجاة منه والبحث عن مزيد الملاءمة بين انتاج المدرسة وحاجات المجتمع التونسى المتطور ؛ يدفعنا الى ذلك طموح الى الاحسن والاجدى ، وحرص على بلوغ القصد بأيسر السبل واقصر الآجال ، واقتناع بان العمل البشرى محتاج الى التعهد دوما والى التكملة بالنظر الى الانسان الحى المتطور المتأثر بالظواهر الاجتماعية والمعطيات الاقتصادية المتجددة .
لذا استبشرنا خيرا عندما جمع رئيس الدولة لهذا الغرض نخبة من المسؤولين والاساتذة يوم 31 جانفى المنصرم وقال لهم بالخصوص أنه بوسعهم (( أن يبدوا ما يعن لهم من الآراء على ضوء ما اكتسبوه من التجارب وان يبينوا كيف يتصورون التحسين الذى يودون ادخاله على سير التعليم . فما هو حسن فى حد ذاته يستمر العمل به بطبيعة الحال ، أما ما يمكن تحسينه فى اى ميدان من الميادين فلا ينبغى التردد فى الاشارة إلى الطرق الناجعة لتقويمه . . . )) .
وأملنا ان توفق هذه اللجنة الى تأدية رسالتها وتكلل أعمالها بما يضمن للتعليم التونسى المستوى الارفع والجدوى القصوى وما يفسح امام الاجيال الصاعدة آفاق التعلم المتين والتربية القويمة والحضارة الحق .
الفكر
