لا يزال العرب والمسلمون تحت وقع الصدمة العنيفة التى داهمتهم فى كرامتهم وفي أوطانهم ومقدساتهم وزعزعت كيانهم ؛ وبينما يواصل الظالمون دوس الحرمات وتحدى ابسط المبادئ والاصول الاخلاقية التى تقوم عليها حياة البشرية المعاصرة ، وتتمطط مداولات الأمم المتحدة وتتردد بعض " الضمائر " فى شجب العدوان والمطالبة باجلاء قوى الاحتلال الغاشمة عن أراضى العرب ، نشاهد ، نحن المنتسبين الى الثقافة والفكر ، والحسرة والغضب يتجاذباننا، نشاهد ظاهرة غريبة قلما وجدنا لها مثيلا حتى فى أحلك الظروف التى مر منها تاريخ الانسان !
ذلك ان العدوان الصهيونى لم يكد يبدأ حتى تعالت أصوات جماهير المثقفين ورجال الفن في معظم بلدان العالم وتبارت فى نصرة اسرائيل وتسابقت الى تشويه العرب ومسخ وجهة نظرهم العادلة ؛ اتحد فى ذلك أهل اليمين واليسار وتلاقي الشباب والشيوخ وانسجم المؤمنون والملاحدة فى حرب صليبية من نوع جديد !
نحن نعلم ان للقضية جوانب سياسية وعسكرية واقتصادية يمكن بل يجب علاجها وتبين جميع حوانبها لكسب الجولة المقبلة . لكن كيف نفسر هذا الموقف العدائى " الأعمى " الذي وقفه رجال الفكر والأدب والفن والصحافة من مأساتنا ؛ لا بد لنا من وقفة تأمل وتحليل لتستجلى الأسباب ونتعظ ، فنضبط الوسائل الكفيلة بربح المعركة النفسية والفلسفية ونساهم فى عزل اسرائيل من الوجهة الايديولوجية .
الواقع اننا ، معشر الادباء والمفكرين العرب ، قصرنا في القيام بهذا الواجب واقتصرنا على الوجدان والشعر ولم تتجاوز مستوى التحدى اللفظى بينما تحتاج الفكرة الى فكرة اخرى تقارعها وتقيم الدليل على تهافتها ، وتحتاج القضية ايضا الى حوار مذهبى لا فى حدود العالم العربي فحسب بل بالخصوص بين العرب وحاملى القلم في كل مكان .
لأن قضيتنا عادلة ولأنه لا بد لنا أن ننتصر !
ولأن ربح المعارك في ساحات الوغي يقتضى فى كثير من الاحيان ربحها أولا فى مستوى الفكر .
الفكر
