تنتهي بهذا العدد السنة التاسعة منذ ان أسسنا مجلة " الفكر " غداة الاستقلال الذاتي وفي ظروف صعبة كنا فيها منصرفين بكليتنا الى استكمال السيادة الوطنية وتركيز مقومات الأمة والمساهمة ، مع شعبنا وفي اطار حزبنا العظيم وتوجيهات زعمائنا الأبرار وعلى رأسهم الرئيس المناضل الحبيب بورقيبة الذي فتحنا أعيننا - نحن " جيل بورقيبة " - فوجدناه المعلم الكبير و " المثقف" الأصيل فلم نزل نعمل كي نستحق تضحياته ونستشرف مستواه الأخلاقي والانساني - قلنا المساهمة فى تشييد دولة مزدهرة اقتصاديا واجتماعيا وروحيا .
ونعتقد أن هذه المجلة - بما أكدته من طول نفس رجال الفكر بتونس وجدهم في العمل والانتاج وبما افسحته من مجال للأدباء الأصيلين والناشئين وأبرزته ، هكذا ، من قيم وكشفت عنه من مواهب - شاركت ولا تزال تشارك فى البعث الثقافي المرتجى والذى لن تكون النهضة القومية شاملة وصحيحة من دونه .
ونلاحظ - بكل ارتياح - أن الامكانيات أصبحت اليوم أوفر مما كانت عليه في سنين الاستقلال الأولى ، وأن أسباب الانطلاقة الثقافية الكبرى ميسورة ، مما يضاعف الشعور بالتفاؤل ويحفز الأدباء على رفع مستوى انتاجهم كما وكيفا ، وبذلك يغذون الشباب الصاعد الطموح الذي مكنه النظام الجمهورى من العلم والرقي ، ويدعمون ثقة الشعب عامة ، وثقة جمهور المثقفين خاصة ، في قيمة انتاجهم ، فتنشط سوقه ويتوفر لهم بذلك باب جديد للتشجيع .
ان "الفكر" تتوقف كالعادة عن الصدور طيلة شهرين ، ولكن الحركة الثقافية في ازدياد مطرد ، سواء في ميادين الأدب والشعر ، والفنون الجميلة والرسم والنحت ، والفلكلور ، وقد علمنا ان لجنة يرأسها السيد كاتب الدلة للثقافة تكونت اخيرا وأخذت تعد العدة للاحتفال ، فى اكتوبر القادم ، بمرور ثلاثين سنة على وفاة شاعر تونس الكبير وفقيد الأدب العربي أبو القاسم الشابي ، وان مهرجانات عظيمة ستنتظم بهذه المناسبة نأمل أن تكسب الحركة الأدبية في تونس طاقة مجددة وأن تجد مجلتنا عند استئناف بروزها والدخول فى سنتها العاشرة الجو الملائم لمزيد التحسن والرقي .
فالى قرائنا المخلصين والى كل الأدباء بهذه الديار مجدد التحية والشكر والى اللقاء .
