يعتقد كثير من المختصين فى الدراسات الخلدونية أن ابن خلدون ظل مجهولا فى عصره ، وعندما عثرت على كتاب ( بدائع السلك ) للقاضى ابن الازرق لتبت عدة ابحاث تتعلق بشخصية المؤلف وتحليل كتابه الذى آمل ان تتاح فرصة طبعه ، حتى يتجاوز الباحثون فى مقدمة ابن خلدون عدة افتراضات فى شرح اصطلاحاته ، ما دام ابن الازرق المعاصر له أقدر الناس على فهمه وشرح أفكاره .
ابن الازرق أول تلميذ للمدرسة الخلدونية :
لم تكد المقدمة التى كتبها ابن خلدون لتاريخه العظيم تتناقلها ايدى المؤرخين والمفكرين حتى اصبحت نواة لدراسة علم الاجتماع ، وكان أول من كتب عنها وشرحها القاضي ابن الازرق الذى جعل من كتابه فى السياسة المعنون ( بدائع السلك في نظام الملك ) شرحا للمقدمة بطريقة جديدة لم يسبق اليها ، ويجهل كثير من المستشرقين وعلماء الاجتماع هذا الكتاب ، فيعاجلون الفكر العربى بعدم اهتمامه بالمقدمة التى ظلت فى زعمهم مجهولة كانها فوق مستوى تفكير المعاصرين لابن خلدون ، بل يذهبون الى ابعد من ذلك ليتخذوا من انفسهم المكتشفين الاولين لابن خلدون ولفلسفته . ورغم أن نظريات ابن خلدون تبدو واضحة عند كثير من المؤرخين الغربيين الذين تعرفوا على الفكر العربى دون ان يعترفوا بذلك لان المقدمة ترجمت منذ اواسط القرن السابع عشر
و تأثر بها ميكيافيل وهوبس ولوك ، ومنتسكيو وهردر ، وغيرهم ، والواقع ان كتاب ابن الازرق كاف ليدحض هذا الزعم ، كما ان تأثير ابن خلدون كان عظيما على المقريزى وابن السكاك وحاجى خليفة ، ومصطفى نعيمة ، واحمد جودت ، وغيرهم من اعلام التاريخ العربى ، مما يدل على أن ابن خلدون لم يكن مجهولا عند العرب .
قيمة كتاب بدائع السلك :
وكتاب ( بدائع السلك ) ليس شرحا حسب الاسلوب المألوف عند الشراح ، وانما هو عملية تدميج لآراء الكاتب بافكار ابن خلدون ، مما يساعد على فهم الافكار الخلدونية ومعرفة مصادرها فى بعض الاحيان ، وسوف يجد المطلع على هذا الكتاب ما يقصد ابن خلدون ( بالعصبية ) و ( العروبة ) و ( البادية ) و ( الحاضرة ) وغير ذلك من الموضوعات التى اصبحت مجالا لتغيير دلالتها حتى تخدم أغراضا سياسية لم يقصد ابن خلدون الى شئ منها . ولعل من الواجب ان نتعرف على ابن الأزرق قبل تحليل كتابه . .
فمن هو المؤرخ ابن الازرق ؟ هو ابو عبد الله شمس الدين محمد بن على بن محمد المشهور بابن الأزرق . لم يتكلم المؤرخون على تاريخ ولادته ، وانما نعرف تاريخ وفاته مما ذكره عبد الرحمن بن مجير الدين الحنبلى ( المتوفى سنة 927 ) فى كتابه ( الانس الجليل فى تاريخ القدس والخليل ) ، فقد جاء فى ( جـ 2 ص 91 ) ان ابن الازرق توفى سنة 896 هجريه وله من عمره 64 سنة فتكون ولادته على هذا سنة 832 هجرية الموافقة له 1427 ميلادية ، اى بعد موت ابن خلدون بعشرين سنة . كما نجد تأكيدا لهذه الوفاة فى مرثية الشاعر عبد الكريم الغرناطى لابن الأزرق . وبقرطبة نشأ ابن الأزرق اخذا عن علامها المشهورين كالاستاذ ابراهيم بن احمد بن فتوح الذى درس عليه النحو والتفسير والحديث والمنطق ، كما درس عن ابى عبد الله محمد بن محمد السرقسطى وعن الخطيب ابى الفرج عبد الله بن احمد البقنى ( ويشك محمد محيى الدين فى نفح الطيب فى ضبط اسمه شكا لا مبرر له ) كما أخذ عن الشهاب قاضى الجماعة بغرناطة ابى العباس احمد بن يحيى بن شرف التلمسانى ، وعن قاضى الجماعة أبى القاسم بن سراج ، وبعد دراسته اصبح من علماء المذهب المالكى وقاضيا بغرناطة
ثم ترك قرطبة الى غرناطة ليصبح مدرسا ومفتيا واخيرا قاضيها المرموق ، ويحدثنا مؤلف تاريخ القدس ان ابن الازرق كان حسن الشكل من اهل العلم والصلاح عليه حلة الابهة والوقار ، وكانت غرناطة فى عهده تعيش حياة اليمة فقد كان مسيحيو الشمال يجهزون عليها او يكادون لاستئصال الحكم الاسلامى بها ، ولم يبق على ملك قشتالة واراجون ( فردنان وازابلا ) بعد احتلالهما لسائر الثغور والقواعد الاندلسية الجنوبية والشرقية الا ان يستوليا على غرناطة التى لم يكن فى وسعها ان تقاوم قوة المسيحيين ، لذلك أخذ المسلمون
يغادرون الاندلس حفاظا على دينهم وعلمهم ومكانتهم ، فقد هددت غرناطة بعد سقوط مدينة لوشة فى يد النصارى وتسليم بسطة ووادى آش سنة 985 ولذلك توجه كثير من اعلامها الى افريقيا بصفة خاصة ، والعالم الاسلامى يصف عامة سعيا لانقاذ مدينتهم الاخيرة ، وكان من بين هؤلاء ابن الازرق الذى توجه اولا الى تلمسان ثم الى القاهرة حيث اتصل بالملك الاشرف قايتباى ( 1410 - 1496 ) الذى حكم مصر سنة 1468 الى سنة 1496 ، وهو من المماليك البرجيين اشتهر بعدله ومنافسته لاتراك الأناضول وبالآثار العمرانية فى القاهرة وحلب والمدينة ، فوجده مشغولا بقتال الروم وبصراعه مع العثمانيين ايضا ، ولذلك لم يستطع قايتباى تلبية دعوته ، فكان كما يقول المقرى ( كمن يطلب بيض الانوق والابيض العقوق ). ولما طال انتظاره ، توجه الى مكة لاداء الفريضة فحج وجاور المدينة ، ثم رجع الى القاهرة سنة 896 ، وعاود طلبه من سلطان مصر الذى دافعه هذه المرة ، وشغله بوظيفة قاضى القضاة ببيت المقدس
بعيدا عن القاهرة عوضا عن القاضى ابى مجبر ، وكان ذلك فى رابع رمضان سنة 896 ، فتوجه ابن الازرق الى القدس التى وصلها يوم الاثنين 16 شوال سنة 896 ، واقام بها نحو شهر ثم مرض بها مرض وفاته ، حيث قضى نحبه يوم الجمعة بعد الصلاة آخر ذى الحجة الحرام من نفس السنة ، ودفن الى جانب حوشى البسطامى من جهة الغرب . ويقول عنه صاحب ( انس الجليل ) انه كان عدلا نزيها ، ومن الاتفاق ان يتوفى السلطان قايتباى فى نفس هذه السنة ، وان تستسلم غرناطة فى الثانى من ربيع الاول سنة 897 موافق 2 يناير 1492 ، أى بعد سنة من وفاة ابن الازرق الذى ظل مدافعا عن مدينته مقيما وراحلا . . ولاشك ان المقرى وكثيرا من المؤرخين المغاربة لابن الازرق حين يذكرون انه رحل من الاندلس بعد استيلاء النصارى عليها ، انما يريدون بذلك تهديد النصارى لغرناطة قبل ان تسقط نهائيا ، ويدل على ذلك قصيدته العينية التى يصف فيها نزول النصارى بمرج غرناطة ، كما يدل على ذلك موته ببيت المقدس قبل سقوط غرناطة ، ومرثية الشاعر عبد الكريم الغرناطى لابن الأزرق ، وقد كان هذا الشاعر بغرناطة . ولا ضرورة ليشك المقرى فى ازهار الرياض عما اذا كان ابن الازرق دخل تلمسان قبل القاهرة او بعدها .
واذا كان ابن الازرق عاش آخر عهد الاسلام والعروبة فى الاندلس ، فان عصره كان عصر ازدهار الثقافة الاسلامية بها ، فقد استسلمت كل البلاد الاندلسية ، ولم يبق الا غرناطة التى آوى اليها اعلام الفكر الاسلامى الاندلسى واجتمعوا فى مدارسها ومساجدها ، ينشرون معارفهم بحمية وحماس والتزام
فاتقدت جذوة الثقافة الاسلامية بغرناطة التى كان من اعلامها فى هذه الحقبة من زمرة ، وابن عاصم ، وابن الأزرق ، الذى قدر لغرناطة المسلمة ان تنتهى بموته ولهذا فقد كان علماء هذه الحقبة الاخيرة مشاركين ، يضربون فى كل علم يعرف ، ويؤلفون فى مختلف فروع المعرفة وكأنهم يتحملون وزر الاستلاب الذي تعرض له اباؤهم ، ولهذا نجد ابن الازرق وله اوفى حظ فى هذه العلوم كما يدل عل ذلك كتابه فى التاريخ ، وكتبه الاخرى التى وضعها المؤرخون بالتحقيق والتدقيق
وبالرجوع إلى ما ذكره المترجمون عن اساتذته وثقافتهم وحلقات دروسهم ، إلى ما كتبه فى ( بدائع السلك ) عن مختلف العلوم ، ندرك مدى اطلاعه الواسع وثقافته العامة ، وتمكنه من المعرفة ، ووعيه العميق بقضايا التاريخ ، واذا رجعنا إلى ( قائمة ) اساتذته فنحن نرى بينهم اعلاما كبارا ، كمفتى غرناطه ابراهيم بن احمد بن فتوح المتوفى سنة 897 معاصر ابن عاصم المشهور الذى يذكر القلصادى فى رحلته انه لازمه وكانت له مشاركة فى العلوم ، كما كان له اعتماد بالاصلين والمنطق والمعانى والبيان وعلم العربية مع حفظ اللغة والادب الشعر وثقوب في الذهن حتى لا يعسر عليه شىء مما ينتحله من العلم ، وقد ذك ابن فتوح كتابا مهما عن الاسطرلاب ، ونظم الصفيحة الشكارزية المشهورة فى المغرب والاندلس ، وكان ابن فتوح يعلم ( بالمدرسة ) وهي اعظم مواضع التدريس في غرناطة ، والجامع الاعظم بغرناطة ، وكان يدرس الكتب الآتية التى لاشك ان ابن الازرق اخذها عنه ومن جملتها مقالات ابن رضوان فى المنطق ، والشمسية ، ورجزابن سينا فى الطب ، ومختصر ابن رشد وجمع الجوامع لابن السبكى ، وكراسة الجزولى ، والتسهيل لابن مالك ، وشامل بهراك ، والكشاف للزمخشرى ، والجواهر والاربعين للغزالى . كما أخذ ابن الازرق عن مفتى غرناطة محمد بن محمد السرقسطى المتوفى سنه 865 فأخذ عليه صحيح الامام ابى الحسين مسلم ابن الحجاج القشيرى النيسابورى وكتاب الموطأ للامام مالك بن انس الاصبحى المدنى ، وكتاب التهذيب للبرادعى وهو أبو سعيد خلف ابن أبى القاسم البرادعى الازدى من كبار المالكية وكتاب الجلاب وهو ابو القاسم عبد الله بن الحسن ابن الجلاب البصرى من اعلام المالكية ، والتلقين فى الفقه لابن عبد الوهاب ، والرسالة فى الفقه المالكى لابن عبد الله بن عبد الرحمن ابن ابى زيد القيروانى المالكى ، وكتاب ابن لحاجب المختصر الفرعى لأبى عمرو عثمان بن عمر بن أبى بكر الحاجب المصرى المالكى ، ومختصر الشيخ خليل بن اسحاق بن موسى المعروف بالجندى المالكى ، والمقدمات ( لابن رشد ) فى بيان ما اقتضته رسوم المدونة من
الأحكام للقاضى أبى الوليد محمد أحمد بن رشيد الحفيد الأندلسى المالكى والمدونة برواية عبد السلام سحنون بن سعيد السنوخى القيروانى على عبد الرحمن بن القاسم . والشامل فى الفقه المالكى لبهرام بن عبد الله الدميرى المالكى
واصبح ابن الازرق احد علماء غرناطة المشهورين ، كما أضحى كاتبا لامعا مشهورا باسلوبه المتين وجزالة تعبيره ، وتمكنه من ناصية البيان ، ويمتاز بحسن التقييم لموضوعاته ، والتنميق بطريقة لم يسبق اليها ، فهو ذو عقل منهجية ، يقسم موضوعه بدقة تقسيما مركزا كما يلاحظ فى كتابه بدائع السلك ووصفه المقرى فى أزهار الرياض انه كان خطيبا مؤرخا راوية ، ولابن الازرة عدة كتب منها بدائع السلك فى طبائع الملك ، ويقول المقرى عنه انه كتاب حسن مفيد فى موضوعه ، لخص ابن خلدون مع زيادات كثيرة نافعة . وله كتاب ( شفاء الخليل فى شرح خليل ) ، ويظن سعيد المقرى ان اسمه ( شفاء لغليل ) دفعا للتوارد مع كتاب ابن غازى المسمى بنفس الاسم ، ويقول المقرى انه رآه بتلمسان ويظن انه فى عشرين مجلدا كما يقول عنه ( انه لم يوف شرح خليل مع كثرتها مثله ) . كما ألف ابن الازرق ( روضة الاعلام بمنزلة العربية من علوم الاسلام ) وهو مجلد ضخم يقول المقرى لم يؤلف في هذا الفن مثله ، وكان موجودا فى تلمسان فى عصر المقرى ، وترك كذلك ( الابريز المسبوك فى كيفية آداب الملوك ). وفى كتاب ( تعبير الرياسة ) الذي وصفه ابن عسكر بانه كتاب رائع لم يؤلف فى فنه مثله . . وكما ترك ابن الازرق آثارا علمية ، فقد ترك طلابا متأثرين به ، ومنهم الوادى آشى المشهور الذى ترك غرناطة بعد سقوطها الى تلمسان لما استولى عليها الاسبان
وقد ترك ابن الأزرق غرناطة بعد حياة مليئة بالعمل الى بلاد المشرق بحثا عن وجود حل خارجى لتهديد النصارى لغرناطة ، فقد رأى بلاده تتساقط أمام الغزو المسيح كما لاحظ ضعف الملوك النصريين عن مواجهة النصارى واشتغالهم بخلافاتهم ، فذهب لتلمسان لطلب العون من المرينيين الذين كانوا يعانون تطاحنا داخليا فيما بينهم ، فتركهم وتوجه الى مصر بصفة شخصية للاتصال مع الملك قايتباى ، وحسب ما نجده فى المعيار من انتقاد ابن الأزرق لمبايعة ابن السلطان يتأكد لنا استياؤه من حالة غرناطة وحكامها . وقد رق لحاله ملك مصر فسماه قاضيا بالقدس حيث كان يعرف نهاية غرناطة ، فصرفه عنها الى ولاية القضاء بالقدس تقديرا لعلمه وطموحه واخلاصه لقومه . . . وقد كان النصريون فى غرناطة بعد عجزهم عن الدفاع عنها يبعثون سفراءهم الى دول الاسلام ، فقد تلقى الملك الاشرف سفارة رسمية من الاندلس فى ذى القعدة
سنة 892 تحمل رغبة ملوك الأندلس ان تبعث مصر بكتيبه عسكرية لتعينهم على قتال نصارى الافرنج ، ولكن ملك مصر لم يكن في وسعة تلبية رغبتهم وانجادهم عسكريا ، فاعانهم دبلوماسيا بأن وجه سفارة إلى البابا من راهبين من رعاياه ورئيس دير القدس ببيت المقدس ، وعهد اليهما بكتب الى البابا ( الفنوصل الثامن ) وملك نابولى وملكى قشتاله واراجون ( فرديناند وإيسابيلا )
غير انه بجانب هذا التدخل الرسمى كان المسلمون فى العالم الاسلامى يتألمون لمصير الأندلس ويتتبعون عن كثب مأساتها الآليمة ، لما فى حوليات مؤرخ مصر ابن اياس ، كما نلاحظ يأس المسلمين واضحا فى عبارات تند من اقلام المؤرخين كالمقرى الذى يقول عن ابن الأزرق ( انه كان كمن يطلب بيض الانوق والابيض العقوق ).
لقد ترك ابن الازرق الاندلس بعد سنة 892 ، فالوادى آشى يذكر فى بعض فتاويه الفقهية ( ج 3 ازهار الرياض ص 316 ) ان الامام قاضى الجماعة محمد ابن الازرق كان يرى فيمن ارتهن دارا ثم اذن للراهن ان يسكنها أو يكريها لم تخرج من الرهن ويرى الزام الكراء ، ويقول الوادى آشى ان ابن الازرق حكم في هذه القضية عام تسعين وثمانمائة 890 ، ويزيد ان الامام ابن الازرق تكلم فى هذا الموضوع وجلس درسه الذى يحضر فيه الوادى آشى وناقش استاذه فى هذا الموضوع
أما المقرى فيذكر في ازهار الرياض ( ج 3 ص 38 ) ان ارتحال ابن الأزرق يتلمسان كان بعد النكبة بلا شك كما يقول السودانى انه ارتحل لتلمسان لما استولى العدو على بلده ، واذا فقد غادرها بعد سنه 892 حين اشتد تكالب النصارى على غرناطة ، وبعد الفتنة الاهلية بحى البيازين الذى ناصر ابا عبد الله محمد الداعى الى عقد الصلح مع الاسبان حفاظا على مصالح الغرناطيين ، وكان حى البيازين مع ابى عبد الله محمد ، ولم تلبث غرناطة ان ايدته بعد خروج السلطان محمد بن سعيد ( الزغل ) الى معركه ( بلش )؛ وعند عودته منهزما الى العاصمة وجدها دخلت فى طاعة ابن اخيه الصغير ، ولا شك ان ابن الازرق كان ملتزما لبيعة محمد بن سعيد الزغل وساءه خروج الغرناطيين عن طاعته ، فتوجه الى تلمسان . وحسب ما ذكره الونشريسى صاحب المعيار من ان ابن الأزرق والمواق وقعا على عريضة جواب فقهاء غرناطة على قبح فعل من كتب بيعة أبى الحسن النصرى . والمعروف أن ابا عبد الله محمد جلس مكان ابيه على عرش غرناطة اواخر سنة 887 وبقيت مالقة وعرب الاندلس
على طاعة أبيه فلا يبعد ان يكون ابن الأزرق توجه الى مصر بايحاء من محمد بن سعيد الزغل الذى اصبح اميرا على وادى آش واعمالها والذى يئس من نصرة الغرناطيين سيما بعد تربع ابى عبد الله محمد على عرشها وهو صديق للمسيحيين ، والموقع على معاهدة الاتفاق مع الاسبان
وكان ابن الازرق بالاضافة الى ثقافته الفقهية المالكية وتفوقه فى الافتاء شاعرا ترك لنا عدة مقتطعات صغيرة فى مختلف المناسبات وسأروى له قصيدة تعتبر من بديع نظمه مدح بها شيخه الامام أبا يحيى بن عاصم الذى ولى القضاء سنة 877 ومؤلف روض الاريض ذيل الاحاطة ، ويشك راويها المقرى عما اذا كانت له او لابن الازرق المترجم له فى روضة الاعلام ، ومطلع هذه القصيدة
خضعت لمعطفه الغصون الميس ورنا فهام بمقلته النرجس
ذو مبسم زهر الربا فى كفه متنافس عن طيبة متنفس
ومورد من ورده أو ناره يتنعم القلب العميد وييأس
فالورد فيه من دموعى يرتوى والنار فيه من ضلوعى تقبس
كملت محاسنه فقد ناضر ولواحظ نجل وثغر ألعس
صعب التعطف والغرام حبيبه فالحب يحيى والتعطف ييئس
ما كنت اشقى لو حللت بجنة من وصله ، تحيا لديها الانفس
