أتوق الى لقائك كل عيد كتوق الإلف للالف البعيد
وأهفو للصباح وقد تجلى يشير لبدء تاريخ جديد
وأحضر ملتقي الشعراء ، يدعى له الادباء لتتويج المجيد
ورفع مكانه حتى يؤدى رسالته الخليقة بالخلود
وشأن الشعر خلق وابتكار وشحذ للعزائم والجهود
وما للشعر من حول وطول ولا للشعر حشد من جنود
ولكن للاديب لسان صدق يذب به عن الخلق الحميد
وروح عن حضيض الذل تسمو لتحرس قلعة العز التليد
بذلك عز قدر الشعر فينا ولم يلحقه إذلال العبيد
وقد نفقت له سوق وقامت بقرطاج عكاظ للنشيد
تبارى أنبياء الشعر فيها وأقطاب الفصاحة بالقصيد
وما تكموا إلى خنسا سليم ولا الأعشى ولا لقضا لبيد
ولكن حب تونس واشتياق لها ولكل قافية شرود
أهاب بهم . وإعجاب شديد بقائدها ومنهجه الفريد
وكان لنا مع الشعرا لقاء خرجنا منه بالود الاكيد
وكان القصر للأدبا محجا إليه حج أعلام الوفود
فعشنا جدة الادب المصفي من الدغل الملفف فى الجديد
ولولا سنة سرنا عليها وكانت شارة العهد السعيد
وذكرنا معيد الشعر فنا يذكرنا بفن ابن العميد
لما كان التعارف والتلاقي بأرض الاستماتة والصمود
على أرض قد ارتسمت عليها خطى أبطالها فوق الصعيد
وفي ذرات تربة كل شبر عناصر خضبت بدم الشهيد
فحيوا تونس الخضرا وحيوا مخلصها من الطوق الحديدى
وحيوا عيده السبعين يوحى بما فى العيد من صور الخلود
زعيمي ! يا مناصر كل حق تنكر غاصبوه للعهود
وكنت لمستحقيه المحامي لتنتزع السليب من اللدود
دعمت حجاجهم بسداد قول وبرهان يؤيد بالبنود
وكم لك من مواقف هز فيها دفاعك معقل الخصم العنيد
تزلزل تحت اسرائيل أرضا وتفضح دجلها بين الوفود
وتجعل ملك " ابن غريون حلما وحكم " أبا إبان " عوى قرود
وكم لك من نصائح غاليات لمن ذبوا عن الوطن الشهيد
وما وهنوا وما ضعفوا ولكن ثمار النصر تجني بالصمود
مضت ست وما انقشعت غيوم ولا مجت ترانيم الوعود
ولا حرب ولا سلم ولكن لقاءات لتخطيط جديد
واسرائيل ماضية توالى توسعها ، وتسرف فى المزيد
وخلف صفوفها دعم وعطف وعون فى الخفاء بلا حدود
وما لسواد عينيها أعينت ولا لبياض هاتيك الجلود
ولكن اليهود قد استعدوا لغزو القدس من زمن بعيد
وحازوا تقنيات بذاتهم مراكز لا تنال بلا رصيد
ونحن - ويالشقاوتنا - نيام نعيش على المنى وعلى النشيد
وأغلي ما ادخرنا من عتاد لغسل العار فى يوم الوعيد
جعلنا من صدور بني أبينا له هدفا أطل دم الوريد
فسال من الجراح يخط عارا يسجله لنا سفر الوجود
أموقظ أمة نامت قرونا وفازت فى مسابقة الركود
وما عبأت بطعن من حراب كأن الطعن لم يك فى الكبود
صرخت بها وقد حسبته حلما فعادت للمضاجع من جديد
ولكن عدت مرات وعادت وبعد القمع والجهد الجهيد
فكانت جولة شقت وطالت وكان رهانها فسخ العقود
وكان لنا بها وزن وصيت وكان لنا بها مجد الخلود
وكانت تونس للعز رمزا وكان رئيسها بيت القصيد
فهل نرضى وأولى قبلتينا تقاسى الذل من قهر اليهود
وهل تبقى فلسطين تعاني عذاب الهون من شرس حقود
وهل نستمرى العذب المصفي وصبيتنا تعب من الصديد
وأرض القدس تعمرها المئاسي وتقتحم الذئاب حمى الاسود
ومسرى سيد الثقلين يغدو لشذاذ الممالك ركح غيد
فأدرك يا عزيز النفس شعبا يعيش على التشرد كالطريد
ومد اليه يدا وأضف اليها جهود الدعم للسعى الحميد
لتنقذ أمة وتصون حقا يقاوم بالتعصب والحديد
زعيم المغرب العربي ومعلي لوا افريقيا فوق البنود
حفظت القيروان وساكنيها بحفظك ماءها خلف السدود
فغني الشعر ألحانا عذابا ورددها خرير غنا " زرود
وأوفد وفده لينوب عنه ويحضر عيد مولدك السعيد
ويرفعها زهورا يانعات من الفل الموشى بالورود
كرايات لتونس خافقات ترفرف فوق قصرك يوم عيد
وما للقيروان سواك ممن يريد لها التحرك للصعود
وان تحيا حياة العصر تمشى على درب التطور لا الجمود
لننهض مثل من نهضوا ونرقى رقي الناقمين على القعود
ففي اعماقنا صور تناءت عن اللفظ المصفد بالقيود
تطل عليك في خفر لتهدى اليك طرائف الدر النضيد
بذكرى عيدك السبعين ترجو لها عودا يبشر بالمزيد
وعشت لمثلها لترى شعوبا بسعيك سوف تنعم بالوجود
