يعرف قراء المنهل ان من دابه ، ان يتقدم بين الفينة والاخرى ، باستطلاعاته الهادفة ، ذات العلاقة بموضوعات الساعة . .
في العام المنصرم : عام ١٣٨٧ ه - ١٩٦٧ م مني المسلمون والعرب بنكبة مريرة هزت من نياط قلوبهم ومن اعصابهم ، وكادت تزلزل كيانهم اجمع ، لولا لطف من الله جلى ، ودعم منه لهم حفي .
والنكبة تتمثل في : " كيف امكن لشرذمة ملفقة وملتقطة من سائر انحاء الدنيا ان تتحد على مبدأ وفى كيان . . ضد وطن مقدس تملكه اجيالا بعد اجيال امة ضخمة العدد ، عريقة المبادئ والجذور فى بلادها الضخمة الواسعة الوفيرة الخيرات ، وهي مع ذلك تحيط بتلك الشرذمة الضئيلة العدد المجلوبة من كل ارض ، احاطة الدائرة الواسعة بما يلقى في وسطها الأفيح المترامي ؟
هذه هى صورة النكبة العنيفة التى حلت بالعالم الاسلامى والعربى . . وهذا هو الموضوع البالغ الاهمية الذى حرك الافكار والإقلام العربية والاسلامية لمعالجته وتحليل عناصره ، وبحث اسبابه وعوامله ، وكشف خباياه فى زواياه - من " زاوية " النظر الاسلامية العربية المخلصة الخالصة من الشوائب
والاقدار فى هذه الديار . . ومن زوايا اخرى في غير هذه الديار .
وقد رأى المنهل ان يدلى بدلوه فى هذا الموضوع الحيوى البالغ الاهمية بالنسبة لحاضرنا ومستقبلنا القريب والبعيد . ومن أجل ذلك تقدم باستطلاعه هذا ، الى رجالاتنا البارزين فى فكر وعلم وادب ورأى وعمل . . وقد تفضلوا - مشكورين - بالتجاوب مع المنهل فبعثوا بآرائهم المركزة النيرة فى هذا المطلب السامى . . ونحن اذ ننشرها تباعا فى هذا العدد الذي نستهل به ، عامنا الرابع والثلاثين فانما نهدف الى عرض مختلف وجهات النظر فى مسألة اليوم وغد وبعد غد . .
ويبدو جليا ان الرأي السائد في جميع هذه الآراء هو ضرورة الرجوع بنا نحن العرب والمسلمين الى التشبث بصدق وحرارة بعقيدتنا الاسلامية ومبادئنا الاسلامية التى هى صخرة النجاة وسبيل النصر والحياة المثلى لنا ، ونبذ الآراء المستوردة ، والبعد عن الارتجال فى رسم خطط حرب وفى رسم خطط سلم ، وفى تنفيذها والنأي عن الغوغائية ، والثرثرة الفارغة والدعايات الجوفاء التى تضر اكثر مما تنفع ، كما شاهدناه عيانا بيانا في حرب ٥ يونيو
عام ١٩٦٧ م . . وبالتزام هذه الطريقة يمكننا ان نتحد وان نعمل بقلب رجل واحد فنفوز بالنصر المؤر ، اذ لا يمكن عندها ان يقف امام جموعنا الهادرة دخيل اية كانت جموعه وأية كانت معداته وقواته . . والمهم فى الامر قبل هذا كله وبعده ان نقوم بمراجعة حساب ارباحنا المستندة على ماضينا المزدهر ، وان نعنى بمراجعة حساب خسائرنا المرتكزة على حاضرنا
الذي ذقنا فيه الامرين . . والمهم قبل كل شئ وبعده الرجوع الى الله عز وجل والانابة اليه ، وتنفيذ احكام شريعته الغراء ، والتمسك بعقيدة الاسلام العصماء التى يامرنا بها كتابها المجيد كما يأمرنا بالوحدة الشاملة وبالاستعداد الضخم بكل القوى المادية والمعنوية أمام اعدائنا الالداء . . وبعد فهذا نص رسالة الاستطلاع :
استطلاع المنهل الجديد : ماذا تنتظر للعالم الاسلامى والعربى في عام ١٣٨٨ ه ؟
بعد التحية والتقدير :
لا يخفى عليكم أن مجلة المنهل قد اعتادت أن تتقدم الى كبار رجالات الفكر والادب باستطلاعات تهدف الى الانارة والتوجيه . وبمناسبة قرب دخول عام ١٣٨٨ الهجرى رأت المجلة أن تتقدم اليكم باستطلاعها المدون بأعلى هذا الخطاب ، مؤملة أن تحظى منكم بالاجابة عنه بما ترونه لينشر ما ترونه ، في عددها الممتاز الذي سيصدر ان شاء الله فى مطلع العام الهجرى الجديد المشار اليه والذى به تستهل المجلة عامها الرابع والثلاثين وانتظر التفضل بذلك فى أقرب فرصة ممكنة مع الشكر والتقدير .
صاحب مجلة المنهل ورئيس تحريرها
واننا اذ ننشر اجابات رجالاتنا الاماثل المستطلعة اراؤهم - بفتح اللام - فاننا نقدرهم جم التقدير ، ونشكر لهم عظيم الشكران ،
تجاوبهم الحميد معنا ، وفي الوقت نفسه ندعو الله جل وعلا ، ان يهيئ للمسلمين وللعرب من أمرهم رشدا .
