الأستاذ عبد القدوس الأنصارى من الصحفيين القلائل الذين يهدفون لتحقيق المثل العليا فيما يقومون به من أعمال.
وقد كان لهذا الاتصال الصحفي الاذاعى ، أثره البعيد فى تدعيم الحركة المباركة ، والخطوة الحميدة التى تخطوها البلاد فى سبيل نهضتها الشاملة ، وهو تعاون فذ من نوعه . تكرم فيه الصحافة الاذاعة فى هذا العدد الممتاز الذى خص به الاذاعة الأستاذ الكبير عبد القدوس الأنصارى ؛ وانه لجهد عظيم يقابل بالاعجاب والتقدير للروح الكريمة التى تهدف الى الخير وتصبو الى تحقيقه . ولقد أتاح لنا الأستاذ الأنصارى بدعوته هذه فرصة الكتابة عن الادوار التى مرت بها الاذاعة فى فترات مختلفة حتى الآن.
حياة الاذاعة ، أو مولدها على الأصح كان فى اليوم التاسع من شهر ذى الحجة عام ١٣٦٨ للهجرة حينما انطلق صوتها عاليا مدويا فى جميع الارجاء ينقل الى العالم أجمع صوته على أجنحة الأثير للموقف العظيم استجابة لرغبة المسلمين فى مشارق الارض ومغاربها الذين كانوا يتلهفون لسماع ذلك الصوت معبرا عن الشعور الاسلامى الفياض للملبين دعوة ربهم.
فى ذلك اليوم العظيم بدأ العالم الاسلامى يشعر باتصاله الوثيق بهذا البلد المقدس الذى طالما تاقت نفوس المسلمين الى الاتصال الروحى به . فكانت رسالة الاذاعة هى نقل ذلك الشعور العميق فى ذلك الموقف العظيم الى من لم يتح لهم الاشتراك لمشاهدة الموقف . وترغيب من صرفته مشاغل الحياة عنه . فوفقت فى ذلك كل التوفيق بما كانت تذيعه فى تلك المناسبات وما بعدها بما يتفق ومركز هذه الديار المقدسة.
وكانت تصدر فى كل ذلك عن رغبة صادقه فى بلوغ الهدف المأمول للسمو بهذه المؤسسية لتبلغ غايتها المتوخاة لها. وقد خطت فى سبيل ذلك خطوات
مجيدة . فكونت لها مستمعين ومدحثين من طراز ممتاز وآية ذلك ما كان يفيض به بريد الاذاعة من الرسائل التوجيهية والارشادية. والملاحظات القيمة فى مختلف نواحي نشاطها الاذاعي، وكانت تنظر الى كل ذلك نظرة المقدر المحب للاصلاح كما كانت برامجها تزخر باحاديث المحدثين الكرام الذين حرصوا على تزويدها باحاديثهم النافعة كل فى حقل اختصاصه مساهمين معها فى أداء رسالتها وكانت خطواتها الواسعة الموفقة محل اعجاب المستمعين الكرام الدين كانوا على صلة وثيقة بها فقد عرفوا أنها مؤسستهم جميعا وأن لهم الحق فى الاشتراك فى توجيهها وتقويمها ولذلك دأبوا على صلتهم بها صلة تعاون فكرى أدت الى جعل المستمع أحد أعضاء أسرة الاذاعة الذين يحق لهم الاشتراك فى الاعداد والتوجيه.
ولكن الذي كان يؤخذ على هذا هو عدم الاستفادة من الصلة التى كانت تقوم بين الاذاعة ومستمعيها بعدم تحقيق مطالبهم ورغباتهم - ولا أقول كلها فتحقيق مطالب المستمعين كما يريدون أمر غير متيسر ويستلزم فى كثير من الاحيان الصبر والاناة والتدرج في تحقيق تلك الرغبات، ولكن الذى أقوله هو أن تحقيق بعض تلك الرغبات فى حدود امكانياتنا لئلا نفقد هذا السامع.
واذا كان لابد للاذاعة من ان يمر بها فى دور تطورها مايمر عادة باى عمل ناهض ناشئ منذ استطاعب ان تتخطى ذلك الدور من الفتور بحيث لم يسمع له كيانها القوى من البقاء طويلا شأن كل تطور يهدف الى الكمال، فقد لست الاذاعة في عهد مديرها الحالى سعادة الأستاذ ابراهيم امين فودة كل ذلك وسعت الى اعادة الصلة بينها وبين السامع بما حققت له من رغباته واقامته فى ميزان التقدير لملاحظاته التى جعلت الاستجابة مكفولة مضمونة .
كما اوجدت بفضل نشاط مديرها الشاب جواً من التفاهم بين اعضاء أسرتها حقق لها كثيرا مما كان غير محتمل التحقيق . وهذا عامل أساسى لأداء مثل رسالة الاذاعة.
وكان من اهم تلك الخطوات الناجحة هى ما توصلت اليه أخيرا من نقل صوت مكة المكرمة الى آذان المستمعين . صوت أم القرى التى تهفو إلى سماعه أفئدة المسلمين فى مختلف البقاع وقد تحقق ذلك فى حفل كبير شائق فى غرة المحرم من عام ١٣٧١ ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة المباركة جديرة بالتقدير والاعجاب لما بذل فى سبيل تحقيقها من جهد لا يلمس مقدار عظم ذلك الجهد
الكبير وتنفيذ ذلك المشروع الضخم بتلك السرعة الموفقة الآن الا من كان متتبعا لكل خطواته مما كان يتطلب تنفيذه شهورا عدة إن لم أقل أعواما.
ولم يقتصر ذلك النشاط عند هذا التقدير بل لقد كان من الكسب العظيم للسامع العزيز أن تكون الاذاعة فى أربع فترات فى اليوم مما كان أمنية للكثير من المستمعين ففترة الظهر والاذاعة المسائية الأولى كان لابد منها تحقيقا لرغبة عدد غير يسير من السامعين الذين كانوا يطالبوننا بالحاح . وضمانا لتقديم الأخبار التى ترد فى هاتين الفترتين بالذات والتى يهتم الكثير بسماعها فى فتراتها المعينة مما أصبحنا باذاعته ولله الحمد نسبق الكثير من الاذاعات .
هذا عدى العمل على تأسيس مكتبة ضخمة كان لابد من وجودها لما يترتب على ذلك من تيسير الاطلاع والبحث للقائمين على أمور البرامج ويزود السائلين من المستمعين بمختلف الاجابات فيما تهم مراجعته.
كما كان لاخراج البرنامج شهريا أثره الفعال في إزالة الوضع الارتجالى بما يحدثه من ارتباك ويسببه من فوضى يدفع اليها أولا وقبل كل شئ عدم وفرة مادة البرنامج فأصبحت الآن مواد البرامج متوافرة لتزويد الفترات الأربع الاذاعية بما تستلزمه من برامج ثابتة وأحاديث مختلفة وشعر وقصص وتمثيليات .
وهو نوع من الاستقرار لم يكن في حساب الاذاعة فيما سبق من فترانها وهى الخطوة العملية للاستقرار فى تنفيذ البرامج كما لابد لها من هذا النوع من الاستقرار وهو أهم ما تسعى الاذاعة للوصول اليه لتضمن للسامع ما تنشر عنه وتعلق، لئلا يفاجأ بالتغيير غير المنتظر مما يسبب الملل فى نفس السامع الذي يرجو شيئا ويسمع غير الذي كان يرجوه.
ولم تقتصر أوجه النشاط على ما قدمنا بل هناك الكثير ولله الحمد بما جعل الاذاعة تسعى بخطوات واسعة لتحقيق هدفها. وعلى العموم فليس هذا كل ما نريده فان على الاذاعة واجبات كثيرة مطالبة بها تجاه مستمعيها وتجاه الأمة والحكومة التى تعمل هي على إعطاء الصورة الجميلة لكل ما تصدر فيه عنهما ولتحقيق هذه الرسالة عليها أن تسير قدما دون ان تنسى أو تكل . وان فى نشاط الأستاذ إبراهيم أمين فودة وسعة أفقه ما يحقق ذلك إن شاء الله.
