الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "المنهل"

استفتاء السنة الخامس, كيف ترسم برنامجا عمليا، قابلا للتطبيق فى رفع مستوانا الاقتصادى

Share

فى كل يوم تظهر اقتراحات جديدة . بعضها يتعلق بحل المشكلة الاقتصادية وبعضها يتصل بجوهر المسألة الاقتصادية للتفكير فى رسم برنامج عملي سهل التطبيق والتنفيذ . وفي الايام الاخيرة قامت دعوة مستفيضة في الصحف المحلية سداها ولحمتها الاهتمام بالمسألة الاقتصادية ، وقد راجت هذه الدعوة رواجا محسوسا بتأثير الدعاية الطبية التى قام بها بعض من لهم نزعة اصلاحية من الأدباء ، ومنهم صديقنا منشئ المنهل الاديب الأستاذ عبد القدوس الانصاري ، وقد استعد لفتح صدر مجلته لقبول بحوث الأدباء الهادئة إجابة منهم على الاستفتاء الذي وضعه خصيصا المنهل السنة الخامسة لبحث المسألة الاقتصادية كموضوع حيوي يحتاج الى تفكير وتدقيق وتحقيق .

ونحن نقول فى الاجابة على الاستفتاء المرسل الينا والموضح بعاليه : بأن مسألة التفكير فى رسم برنامج عملي اقتصادى فكرة حسنة والعمل بها رجوع بالأمة الى الشعور بالكرامة ، وتركيز للروح العملية لاظهار الفضائل التى تعرف بها فى مظاهر النشاط الاقتصادى ، كما تعرف الوجوه بالالوان . ولما كان التفكير فى رسم البرنامج العملي لاقتصادياتنا هو من ألزم الواجبات

ففي الدعاية لترويجه بصورة معقولة بين الشعب . مشاركة توحى بها الضرورة لتمكين المقومات التى تقوم عليها حياة الشعب - مديا ومعنويا

والمنتوجات من أهم العناصر التى تمثل حيوية الشعب فى اقتصادياته فالامة التى تكثر فيها المنتوجات الزراعية تكون بالطبع أمة حية ، والأمة التى تقل فيها هذه المنتوجات تكون أمة عديمة النفع والشعب الذي يستجيب لداعي الاصلاح هو الشعب الذي يريد ان يعيش عيشة الأحياء بحيث يذكر فى ميادين الحياة فى جانب الامم ذات الصولة والشوكة له ما لهم من نصيب الفوز والظفر ، ومن اراد الحياة السعيدة ورغب فى الظفر فليصلح من زراعة بلاده لان المنتوجات لكل أمة بمنزلة الدم فى صورة اللحم والجسم والامم التى تعنى بمنتوجاتها الزراعية هي أقرب الامم الى الحياة وهذا تصوير صادق اذا اردنا تطبيقه على بلاد زراعية كمصر والهند مثلا فالسواد الأعظم من هذين القطرين عامل بحكم انصرافه الى فلاحة الارض والعمل دليل الحياة . من هذا نعلم ان الامم الزراعية هي الحية أو على الاقل الجديرة بالحياة ونحن نرى ان الامم الزراعية أطوع ما تكون الى من يرشدها الى وسائل الاصلاح .

ففي مصر والهند توجد " نقابات " للدعاية مهمتها الوحيدة وضع النشرات الزراعية بقصد الدعاية لبلادها لترويج محصولاتها في اسواق العالم وهى فى الوقت نفسه تقوم باسعاف المعارض الدولية ، وناهيك بهذه المعارض فهي دعاية قوية لها أثرها البعيد فى اكتساب السمعة الحسنة ، وترويج المحصولات للشعب الزراعي المنتج ، والانتاج شىء والعمل للدعاية له شىء اخر والأمة التى تكون فى الداخل غنية ، ولا تحسن الدعاية لانتاجها الزراعي ، لا تعتبر امة حية بالمعنى الاعم بل حيويتها مقصورة على نفسها ، ونشاطها محدود لا يتجاوز منفعته الحدود الطبيعية للبلاد مما لا تتجاوز مياه المستنقعات محيطها المحصور

ومن اكبر الادلة على اظهار حيويتنا هو التفكير فى رسم برنامج عملى قابل للتطبيق فى رفع مستوانا الاقتصادى ، وفى العثور على البرامج الموفق دليل على نجاح الدعاية وتمهيد لاستمرار النجاح فى بقية خطوات السعى لبناء الصرح الاقتصادي

والمصلحون فى بلادنا قد نجحوا بعض الشىء فى تقريب فكرة المسألة الاقتصادية من أذهان الجمهور وهي الخطوة الاولى من خطوات النجاح التى نرجوها لبقية مسائلنا الحيوية الهامة الأخرى وفى هذه الخطوة او المرحلة الاولى نرى الاقبال على تشجيع الفكرة - ملحوظا وملموسا - فى الضجة الصحفية التى قامت بها بعض الاقلام الرصينة ، والعقول الوزينة مما جعلنا نغتبط لهذه الروح العالية التى تصور معني الاهتمام الذي له اكبر الدلالة على توثب الروح القومية فى نفوس الامة وله اوضح الاشارة على مرونة الطبيعة الحجازية بحيث يمكنها - عند الاقتناع مجاراة التطور المعقول وهذا ما رأيناه فى جمهرة الادباء حين دعي الداعى الى وضع برنامج عملي صالح للتطبيق والتنفيذ لاعلاء مستوانا الاقتصادى

ونحن نشارك اخواننا الادباء فى اداء الواجب ونشير الى الوسائل لوضع البرنامج العملي لتعبيد الطريق أمام المفكرين لاتخاذ هذه الوسائل كنبراس للاستنارة والاستفادة منها فى معالجة المسألة الاقتصادية بقدر المستطاع .

ولست فى حاجة الى التنبه اليها - أعني الوسائل - لاني اعلم بان التنبيه اليها بالكتابة لا يفيد مادام فى الشعب رجال مصلحون سبقت لهم فضيلة العمل حيث وضعوا العمل فى موضع القول ولكنى اذا حرمت فضيلة العمل فلا معدي من المشاركة بالكلام وهو غاية مجهود المقل كما يقولون وانا اقترح لوضع برنامجنا الاقتصادى ما يأتي :

١ - انشاء نقابة زراعية عليا وتنحصر مهمتها فى وضع البرنامج الاقتصادي العام للشعب ورسم الخطط والنشرات وتوزيعها على الهيئات الادارية الملحقة بها او المنوط بها الاشراف على حركات العمل فى الداخل والخارج

٢ - وضع برنامج داخلي يشتمل على أصلح الطرق لمعالجة المسائل الاقتصادية والزراعية على أحدث النظريات الحديثة .

٣ - تحديد مواضع الضعف الاقتصادي في الشعب وتشخيص علله ووضع الدواء الناجح لمعالجته .

٤ - اتخاذ اصلح الوسائل لتوجيه الايدى العاملة لضمان إحياء الأراضي البور ، بالطرق الحديثة وتوفير المياه اللازمة للزراعة واحكام معادلة الاستهلاك والانتاج لتأمين الارباح ، وتفادى الخسارة

٥ - انشاء مكتب دعاية فى الخارج يرتبط بادارة النقابة العليا للقيام بالدعاية لمنتوجات الشعب ، ويقوم بربط الصلات التجارية وتقوية العلاقات بين مؤسسات الداخل والخارج مع مراقبة حركة الاستهلاك فى الخارج وفي أسواق العالم لتأمين رواج أرغب المحصولات .

٦ - انشاء محلات وحوانيت فى الداخل لترويج المحصولات الوطنية مع اتخاذ الوقاية لمضايقة الصادرات الاجنبية وذلك بمتابعة التحسين فى المنتجات لتظفز بالمستوى العالي الذي يستهوى رغبات العملاء والزبائن

٧ - جلب خيراء اختصاصيين من الخارج  - ولو مؤقتا لمراقبة اهم العناصر اللازمة لإصلاح الشؤون الاقتصادية والزراعية وتنحصر مهمة الخبراء فى وضع التقارير والاقتراحات الفنية وتقديمها للنقابة العليا ، والنقابة تقوم بتوزيعها على النواحي المختصة لاختصار الطريق وتوفير الوقت للمزارعين لادراك الثمرة طبقا للاسس المقررة ، والقواعد الثابتة

٨ - تخفيض أسعار المنتوجات بدرجة لا تقبل المزاحمة

٩ - نزويد الفلاحين بالبذور ولو بجلبها من الخارج لتوسيع مجال الزراعة . هذا هو بعض ما لدى من المقترحات لتكوين البرنامج الاقتصادى لبلادنا وسيرى القراء انها مقترحات تتعلق باساس الحياة الزراعية التى ترغب بكل ما أوتينا من جهد ونشاط ان تنتعش والواقع ان انتعاش اقتصادياتنا مرتبط تمام الأرتباط بانتعاش الحياة الزراعية واذا استكملت اقتصادياتنا تم لنا ما نرجوه لبلادنا العزيزة من تقدم وحضارة ، وصولة ، وسطوة ، وسعادة ، ورفاهية

اشترك في نشرتنا البريدية