الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 6الرجوع إلى "المنهل"

استفتاء المنهل

Share

عصرنا عصر السرعة الجبارة ومنذ ربع قرن ولد الادب الحديث في هذه البلا د ولكنه لي ادز ما يزال يحبو . . فلم لا يطير مع الطائرين ؟ هذا ما أردت ان نسخنه بعض اسبابه ليست العاملون على معالجتها فطر حنا هذا السؤل شتي الاستاذ محمد حسن كتبي وهو ) ما هي اهم الوسائل لرفع مستوى الأدب و الادباء عندنا ؟ ( وقد اجاب عنه بالمثال التالي : قال الاستاذ :

الادب موهبة وستبد قبرز وثقافة وصناعة وملكة بعد ذلك والاديب انسان موهرب توفر له الاستعداد والفبنية وكانت نفسه مستعدة للانسجام فى اليدة وهضمها واحالتها الى فكرة و سلسلة من الافكار ودراسة او مجموعة من الدراسات وملاحظات قيمة تمل من كل شان من شئون الحياة محل الماء من الأرض ينعشها ويجرى الحياة على صفحتها فتنفتح ازهارها وتزد هى بجمالها تكنس حلة من الرونق والبهاء فاذا هي فتنة للناظرين وياتى بعد الاستعداد النفسي فى الدرجة الثقة والصناعة والملكة - فالادب للاديب صفة مضومة لا تسمك عنه كاللون والشكل والهيئة وهذه الملازمة معقودة مع الفطرة لا تنفك بحال من الاحوال ولذا فانا نجد كثيرا من الناس لم يتوفروا على صناعه لأدب ولا حصلوا على ثقافة وقد تكون ثفا فاتهم واتجاهاتهم الحيوية محصورة فى وجوه بعيدة كل البعد عن وجوه فن الادب ولكن تكون فى فطرتهم الموهبة الادبية والاستعداد فتغلب هذه الفطرة على جميع العوامل التى تتكون منها شخصيتهم وتتحدد فيها اتجاهاتهم فيفيضون عن ملاحظات ادبية عميقة ونكات بارعة . ولفتات حلوة ويتذوقون الشعر ويحسون احساسا صادقا بالجمال ويفهمون اسرار الحياة وتستجيب نفوسهم لنداء الحق ويصفون بوضوح لهمس الكون ونجوى النفوس وكثير غير هؤلاء من العوام الذين لم تصقل نفوسهم ثقافة ولم تحدد اتجاههم عوامل معينة تظهر فيهم موهبة

الادب ظهورا واضحا تسمو بافكارهم وتهذب حياتهم وقد يختلط اثر الموهبة مع طرائق حياتهم الملتوية فيفضي بهم الى حياة مضطربة وافكار متزاحة ومقارنة خاطئة لواقع حياتهم وما تمليه عليه فطرتهم وتنقطع بهم الطريق في اختيار الأصلح من الواقع الحاضرو وما يجب ان يكون فالادب يعتمد في الدرجة الاولى على الموهبة ، وهي استعداد تتضافر على تربيته وتنميته وتوجيهه فى النفس عوامل شتى وراثة اكتسابا . وللبيئة اعظم الاثر فى صقل هذا الاستعداد وتوجيهه ويكون الادب حيا قويا ناضجا متى كانت الامة تشعر بوجودها وحقها في الحياة ومتى شعرت الامة بوجودها وكرامتها فانها تشعر كذلك بكل شئ حولها ومتى شعرت الامة بما حولها وتحدث بذلك ادباؤها وغنى بجمال الوجود شعراؤها وتمرنت على الرغبة فى المعرفة وادرك كنه الاشياء والبحث عن حقائق الحياة فانها قد استطاعت ان تمون ادبها بقوة تزخر بها وحيوية تغالب بها اعاصير الحياة هذا هو الأدب وهو عبارة عن حس مشترك وموهبة عالية وحيوية قوية ومتى توفرت هذه المعانى يأتي بعدها دور الاعراب والبيان

دور الشعر والنثر ولعل هذا هو ماحدا بابن خلدون ان يقول فى مقدمته عن علم الادب : ) هذا العلم لا موضوع له ينظر في اثبات عوارضه او نفيها وانما المقصود منه عند اهل اللسان ثمرته وهي الاجادة فى فن المنظوم والمنثور على اساليب العرب ومناحيهم فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصل به الملكة من شعر عالي الطبقة وسجع متساو فى الاجادة ومسائل من اللغة والنحو مبثوثة اثبات ذلك متفرقة يستقرى منها الناظر فى الغالب معظم قوانين العربية مع ذكر بعض من آيات العرب يفهم به ما وقع فى اشعارهم منها وكذلك ذكر المهم من الانساب الشهيرة والأخبار العامة وهو لذلك يقول : ) ان اصول هذا الفن واركانه اربعة دواوين وهي ادب الكاتب لابن قتيبة وكتاب الكامل للمبرد وكذب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لابى على القالي ( وقد اخذ على هذا المنوال يفصل علم الادب في حدود المنظوم والمنثور وصناعة الشعر ووجه تعلمه وان صناعة النظم والنثر في الالفاظ لا المعاني و ن توفر

هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ الى غير ذلك مما اسميناه ثقافة وصناعة على ان الادب فى عرف هذا الجل لا يقتصر على هذه الثقافة وحدها بل قد يكون قد استغنى عن بعض الوانها كمعرفة الانساب والتقيد بالاساليب العربية القديمة التى تعتبر البيت وحدة والغزل ديباجة والمدح والهجاء لباب القصيد وغرضه الاول - فالثقفة الادبية قد اتسعت آفاقها بامتداد آفاق الحياة وتنوع المواضيع الادبية والشعرية ، فقد نضج ادب المقالة والقصة واحتل النقد مركزه الاسمى من فنون الادب وانطلق الشعر في اخيلة والهامات لم تكن فيما مضى يطرقها الشعراء او يحومون حولها وتلقحت الآداب العربية بالآداب الغربية المترجمة حتى اصبحت مادة الثقافة الادبية منها ما هو اساس لا بد من الحصول عليه ولا يمكن لطالب الادب الحصول على غرضه دون ادراكه ، وهو اللغة وعلوم العربية ولكن ادراك هذه الفنون لا ينبغ بصاحبها الى الدرجة التى يصبح بها اديبا بالمعنى المعروف بل لا بدمن الحصول على اطراف من علوم اخرى والالمام بها كمل النفس والاجتماع والسياسة وتاريخ الامم والاطلاع الواسع لما انتجته قرائح الادباء وما نقل الى اللغة العربية من آداب اللغات الاخرى ومتى توفرت للشخص جميع هذه الدراسات فانها وسيلة قد تفضى الى الغاية المنشودة وقد تتخلف عنها الموهبة والاستعداد فتبقى هذه الدراسة محدودة الاثر تظهر على صاحبها فى حدود معرفته الضيقة ولا تتجاوز الى حد الانتاج والتلوين .

وعندي ن خير وسيلة لبعث هذه الموهبة فى نفس طلاب الادب هو تزويدهم بالثقة بانفسهم واعتمادهم على ارادتهم وشعورهم بشخصيتهم وفتح اعينهم على جمال الكون ونفوسهم على الاخلاص للحق والعدل والحرية ومعانى الحياة السامية ثم متى توفرت الموهبة فان جميع النقذفات الحية لغوية واجتماعية كفيلة برفع مستوى لادب والادباء فى محيضنا

اشترك في نشرتنا البريدية