الشركة القومية للنشر والتوزيع
لقد حدث فى شهر جانفى حدث عظيم فى تاريخ الحركة الثقافية بتونس هو (( بروز الشركة القومية للنشر والتوزيع )) وهو خطوة حاسمة فى معركة التخلف لمقاومة المظهر الفكرى من تخلفنا وليس خفيا على احد ما تعانيه تونس من فقر فى الانتاج الفكرى مما جعلها الى الآن مفتقرة الى الخارج شرقا كان ام غربا فى جميع ميادين الثقافة والتربية بحيث ترانا نورد بما قدره 400 الف دينار سنويا على الاقل فى هذا الميدان فى حين اننا لا نصدر شيئا تقريبا اذا استثنينا قصص راس الغول وامثالها الى افريقيا السوداء ونسخا معدودات من رواية السد ومجلة الفكر الى بعض الاقطار العربية خاصة . ولهذا الفقر اسباب عدة اهمها :
1 - فقدان الانتاج لكسل فكرى اعان على تنميته عهد استعمارى طويل الامد .
2 - فقر وسائل النشر والطبع لسوء حالة الجهاز الآلى والبشرى للمطابع الموجودة من زمن غير بعيد
3 - فقدان وسائل التوزيع اذ ان مؤسسة التوزيع الوحيدة الموجودة فى تونس والتى لها وسائل عريضة متينة هى مؤسسة اجنبية يشرف عليها اجانب لا يخدمون سوى مصالحهم ومصالح المؤسسات الاجنبية والثقافات الاجنبية غير مراعين فى ذلك حاجة البلاد الى تعميم ثقافتها والتشجيع على انتاجها .
4 - عقوق المؤلفين القليلين الذين لا يفكرون فى نشر مؤلفاتهم الا بالخارج خاصة بالشرق وفعلا لقد نشر البعض منهم بالشرق كالطاهر ابن عاشور وابنه الفاضل وابو القاسم محمد كرو وحتى (( اغانى الحياة )) لابى القاسم الشابى قد نشرت بالقاهرة .
ولقد اسست الشركة القومية للنشر والتوزيع للقضاء على كل هذه الاسباب ولتذليل مثل هذه العقبات واهدافها الرئيسية :
1- احياء التراث التونسى بنشر ما يمكن ويجدر نشره من مخطوطات بالمكاتب العمومية والخاصة بعد درسها وتحقيقها درسا جديا وتحقيقا منهجيا علميا .
2 - نشر المؤلفات الحديثة لرجال الادب والعلم والثقافة 3 - نشر الكتب المدرسية الموجودة منها على غير صورتها الحالية والتى ستوجد اى مواصلة عمل الديوان التربوى على اتفاق مع كتابة الدولة للتربية الوطنية
4 - اصدار كتب مبسطة فى جميع ميادين حياتنا القومية القصد منها تثقيف التونسى واحاطته علما ببلاده والتعريف ببلادنا للبلدان الشقيقة من مغربية وعربية وافريقية وغيرها
5 - اخراج صور بريدية cartes postales ممتازة للتعريف بجمال بلادنا وثروتها الطبيعية ومميزاتها السياحية للتونسى نفسه وللاجنبى . 6 - التعريف بتراثنا الفنى مما تحتويه المتاحف وينتجه الرسامون والنحاتون والفنانون المختلفون
7 - التعريف بصناعتنا التقليدية والدعاية لها باعانة ديوان الصناعة التقليدية . 8 - المساعدة على ازدهار المجلات وحتى الجرائد باساليب النشر الحديثة ووسائله الناجعة
9 - توسيع نطاق التوزيع باحدث الوسائل من تكوين المراكز الداخلية والخارجية واحداث التبادل الثقافى بين تونس والبلدان الاجنبية من عربية واسلامية وغيرها
وللشركة اهداف غير هذه الاهداف ستتبلور فيما بعد . وهكذا يظهر مدى اهمية هذه الشركة القومية التى ليست بمطبعة فتخافها المطابع ولا بمكتبة فتنزعج منها المكتبات بل هى ستوفر العمل للمطابع بشرط ان تفى هذه بحاجتها وتحسن امكانياتها وستزود المكتبات وتساعدها على النمو والتقدم
ويجب علينا نحن رجال الفكر ان نشعر بهذه الاهمية ملبين نداء الاكتتاب ولو بصورة رمزية وحسب امكانياتنا وحاثين غيرنا من اصحاب المطابع والمكاتب والمتاجر وغيرها الذين لهم امكانيات تفوق بكثير امكانياتنا .. فهلموا اذن ايها التونسيون كلكم وبدون ميز الى مكاتب الاكتتاب فالشركة شركتكم ترفع من شان تعليمكم وتربيتكم وتحمى ثقافتكم وتضمن لكم الكرامة بين الامم .
*فى عالم المجلات
_ظهرت فى مطلع الشهر المنصرم مجلة تونسية جديدة اسمها (( التجديد )) تشرف عليها هيئة من اساتذة شبان ويديرها المنجى الشملى الذى عرفه قراء الفكر وطالعوا له فيها مقالات ومترجمات كثيرة . حجم (( التجديد )) فى حجم (( الفكر )) تقريبا وصفحاتها ثمانون وقد صدرت هيئة التحرير العدد الاول بافتتاحية ذكرت فيها شعارها وحددت هدفها وبينت نزعتها ومنهاجها ملخصة رايها فى الحملة الاخيرة : (( ولقد فضلنا الجهاد فى روية وتثبت ، والاجتهاد فى نزاهة وتجرد )) وبعد البيان نجد جملة من الدراسات والبحوث القيمة .
نرجو ان تعزز الزميلة الجديدة جانب الادب المناضل فى هذه الديار وان تؤدى وظيفتها فى حقل الثقافة على خير الوجوه كما نرجو ان تحظى بعطف القراء وتشجيعهم .

