قوة حية تجلت بدار الشغالين فى مستهل الشهر الفارط أثناء المؤتمر القومى الثامن للاتحاد العام التونسى للشغل (1) فلقد برهن النقابيون فى مدة ثلاثة أيام أحسن برهان عن حيوية منظمتهم وادائها لرسالتها على ضوء اتجاه سديد ومبادئ سليمة تشبعت بها منذ نشاتها وفى عهد المحنة والكفاح
"فالاتحاد" واع كل الوعى من حكمة سياسته التى تهدف فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الوطن الى التضامن مع كل ذى نية حسنة داخل البلاد وخارجها كى تتدعم دولتنا الفتية على أركان متينة وأسس عتيدة تضمن لها كيانها وتحقق لها حرمتها فى صف الدول الحرة المستقلة
و "الاتحاد" متمسك اشد التمسك بسياسة التعاون لاتمويها ولاذرا للرماد على العيون بل حرصا على تعزيز شعورنا جميعا باننا من وطن واحد وابناء امة واحدة واعضاء جسد واحد
و "الاتحاد" يدين بهذه الوطنية الصميمة التى تتمثل فى هذا الشعور بوحدة كافة عناصر الشعب وبالانتساب الى وطن واحد ودولة متماسكة الحلقات متفاعلة الاعضاء متعاملة الاجزاء متينة القواعد صلبة الاساس
ومتى التحم هذا الشعور التحاما وانغرست فى النفوس روح التضامن والاخوة تمخضت من ذلك عقلية حية تضمن للدولة قوة وعزا وللشعب تقدما وازدهارا
وانما التقدمية الصادقة فى تنمية هذه العقلية للقضاء على اسباب الفتنة ودواعى الضعف والسقم فى هيكل الدولة ولوقاية المؤسسات الحرة من الخلل والانحلال ولحماية الامة من التلف والهلاك
و "الاتحاد" متمسك بسياسة التعاون لاحرصا على تدعيم المؤسسات السياسية الحرة فحسب بل سعيا حثيثا ايضا الى بناء مؤسسات اجتماعية واقتصادية حرة تساعد على تشييد وضع اشتراكى حقيقى لفائدة كامل عناصر الشعب
فهذه الاشتراكية متى وضعت وضعا واقعيا لمصلحة كل المواطنين حققت ما نصبو اليه جميعا من نهضة جبارة وتقدم اجتماعى سريع وسعة اقتصادية تقضى على داء التخلف ومظاهر العوز والبؤس
ولقد دل "الاتحاد" باشعاعه ونشاطه فى حقل الحياة العامة وبنجاح
مشاريعه الاقتصادية والاجتماعية (2) عن سداد اتجاهة وحكمة سياسته ولقد برهن "الاتحاد" بمواقفة الرشيدة عن صدق العمال واخلاصهم عن وعيهم ونضجهم مهما كانت ظروف الكفاح لاسيما ان الاستعمار لم بزل قائما لنا بالمرصاد عدوا غاشما على حدود ارضنا وفى رقعة من ترابنا يتهدد استقلالنا ويعرقل ثورتنا
صدق واخلاص وعي ونضج تعاون وتضامن منظمة حرة مستقلة حرية وديمقراطية نهضة وتقدم ليست هى الفاظا نلوكها لوكا او نتشدق بها بهتانا فكل نقابى قد تغذى بمبادىء الاتحاد وآمن برسالته يعبر بهذه الالفاظ عن معان سامية ويبلغ عن مثل طاهرة لا يكافح لها فحسب بل قد يموت في سبيلها تضحية وتفانيا
ملتقى الشباب الافريقى
انعقد بتونس من 11 افريل الى 19 منه ملتقى للشباب الافريقى وكان هذا الملتقى فرصة لاتصال الشباب التونسى بالشباب الافريقى كما ان هؤلاء امكن لهم التعرف الى اهم قضايانا وذلك بفضل الزيارات القليلة الخاطفة لبعض المدن التونسية او بفضل المحاضرات التى كان لها القسط الكبير فى تنشيط المؤتمرين وتمكينهم من "عض" الواقع التونسى خاصة والافريقى عامة . ذلك ان محاضرة الهادى النويرة عضو الديوان السياسى فى تصفية الاستعمار ومحمد مزالى مدير الشباب والرياضة فى واقع الشباب التونسى ودوره فى بناء الوطن واحمد التليلى الكاتب العام للاتحاد العام التونسى للشغل فى مصير النقابات فى افريقيا وفتحية مزالى من الاتحاد النسائى التونسى فى دور النساء الافريقيات كل هذه المحاضرات لابد انها قد فتحت آفاقا للشباب الافريقى وجعلته يفهم واقعنا ويقدر جهودنا فى اصلاح ما ورثناه عن وضع قديم فاسد . اضف الى ذلك محاضرة محمد يزيد عن الشباب الجزائرى ومحجوب بن الصديق عن التطور الاقتصادى فى افريقيا ومحاضرة بل مناقشات ديالوسيدو المغتصبة الحادة . الصاخبة فيما يخص دور النقابة ومصيرها كل ذلك قد يجعل الشبان المؤتمرين بفتحون أعينهم الى مشاكل افريقيا الصاعدة وقد يمكنهم من التعرف الى وضعها الحقيقى لو تمكنوا من جميع وسائل العمل كنشر المحاضرات وتوزيعها على المؤتمرين
وقد اقتبل المؤتمرين رئيس الجمهورية السيد الحبيب بورقيبة وتحادث معهم فردا فردا واوضح لهم كثيرا من النقط التى لم يتمكنوا من التعرف اليها اثناء الملتقى واخيرا فقد ختم هذا الملتقى جلساته بالاقتراع على جملة مقررات تستنكر بعضها سياسة الاستعمار فى افريقيا والتجارب الذرية الفرنسية والتمييز العنصرى وتدعو الاخرى الى بعث افريقيا جديدة عاملة متحررة
