خاصة بالمنهل
( بحث قيم يلقي ضوءا على تاريخ اللغة العربية وكتابتها وذويها بقلم معالي فؤاد بك حمزة وزير الدولة ومن كبار مستشاري جلالة الملك المعظم )
استعملت الأبجدية العربية الجنوبية المعروفة بالسبائية أو الحميرية أو المسند فى جنوب بلاد العرب وانتشرت الى الشمال الغربي والشمال الشرقي حيث استعملت فى سيناء وسوريا وشرق الأردن ، كما استعملت في الاحساء والبحرين ، وانتقل فرع منها الى القارة الأفريقية حيث انقلب الى الأبجدية الحبشية التى ما زالت مستعملة حتى زماننا الحاضر فى اللغة الأمهرية . وهذه الأبجدية هى الأبجدية الحية الوحيدة التى ورثها العالم الحديث عن بلاد العرب الجنوبية ، وأما الأقلام الأخرى فقد تلاشت ولم يبق منها إلا ما هو منقوش على الصخور .
يكاد أن تكون جميع معلوماتنا الوثيقة عن جنوبي بلاد العرب قبل الاسلام - عدا ما ورد من روايات تاريخية متناقضة وخيالية فى كتب مؤرخي العرب بعد الإسلام - مستقاة من النقوش الباقية . وليس معنى هذا أنه لا توجد إشارات فى أخبار الدول القديمة الى العرب أو الى أقسام منهم ، ولكن المقصود هو أن دولة " معين " مثلا لم ندر عنها شيئا إلا من آثار النقوش التى اكتشفت فى القرن الميلادي الماضي .
أما الإشارات الى العرب أو الى سبأ وحضرموت فإنها كثيرة وأهمها ما ورد فى الأخبار المصرية عن " الهكسوس " . ثم فيما جاء فى بعض الاجرات الأشورية عن قوم سبأ وعن بعض مكربيهم وقصة بلقيس ملكة سبأ مع الملك سليمان مشهورة . وكذلك إشارة سنحاريب وأشور بانيبلى وسواهم من ملوك أشور
الى قوم سبأ دليل على ذلك وقد اكتشف نقش عربي بالمسند فى جنوبي بلاد العرب ورد فيه ذكر ملوك أشور
ويقول الدكتور ديرنفر : إن النقوش السامية والجنوبية لا يمكن معرفة تاريخ بعضها لأنها لا تحوى تواريخ مقروة فقد كان السبائيون يؤرخون بتاريخ جلوس المُكرِّب على العرش أو بحسب سنوات حكمه . ولكن النقش الوحيد الذي يذكر ديرنفر أنه يمكن تاريخه هو النقش الذي يشير الى غزو كسرى قمبيز الى مصر حوالى سنة ٥٢٥ ق . م . . وقد تحريت معرفة ما يحوى هذا النقش فعلمت انه يشير الى أن بعض تجار سبأ كانوا فى تجارة لهم الى ما بين النهرين وشمال سوريا فالتقوا بالجيوش المادية الذاهبة نحو محاربة مصر ، ويوجد خلاف على ما إذا كان المقصود من " ماظى " الواردة في النقش هم " مادى " أي فارس ؟ وما إذا كانت " ما وراء نهريم " تعنى الفرات أو تعنى " معان مصريم " " أي معان " ؟
والذى أمكن تحقيقه بصورة قاطعة هو تاريخ ١١٥ قبل الميلاد لنقوش ثابتة وليس معنى هذا أن أقدم نقش مسند هو المنقوش فى هذا التاريخ . بل
المقصود أنه برغم وجود آلاف النقوش بالمسند فان أول واحدة تحمل تاريخا مقررا هو ما ذكرناه . والنقوش التى على سد مأرب مما كتبه أبرهة الحبشي ترجع الى سنة ٦٥٧ و ٦٥٨ ميلادية .
ويختلف العلماء اختلافا كبيرا بشأن قدم النقوش العربية بالمسند فبينما ان بعضهم يدلل على أن قيام دولة معين لم يحدث إلا فى القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد فإن آخرين ، ومنهم علماء الألمان ، ليعتقدون ان قيام معين كان أقدم من ذلك بكثير ، ويذكرون القرن الحادى عشر أو الثاني عشر قبل الميلاد . وهنالك من يبالغ في قدم هذه الدولة ويرجعها الى الألف الثالثة أو أواسط الثانية ؛ ويدلل على ذلك فى جملة الدلائل بالكتابة المسماة " برو تواراب " ، التى اكتشفت فى الطبقات السفلى من حفريات "أور" فى العراق.
ولكن مما لا شك فيه أن الأبجدية بالمسند قد استعملت في أواخر الألف الثانية السابقة للميلاد ، ويدل على ذلك ما اكتشفه الأستاذ " غلوك gluook
الاميركى فى خرائب تل الخليفة الى الشمال من العقبة ، فقد وجد على أرض غرفة واقعة فى الطبقة الثالثة المستورة ، قطعة كبيرة من الخزف كتب عليها بالمسند ) ١ ( وبقي من آثارها حرفان ، وقد خمن الاستاذ غلوك والبرايث ان هذا الخزف يرجع الى القرن الثامن قبل الميلاد فإذا صح ذلك كان لابد من انقضاء بضع مئات من السنين قبل أن تبلغ الكتابة بالمسند رقيا وانتشارا ينقلها من الجنوب الى الشمال.
ومهما يكن من أمر فإنه من المتعذر فى الوقت الحاضر بسبب قلة معلوماتنا الوثيقة وبسبب عدم إجراء حفريات أن نقف على تاريخ صحيح لبدء الدول العربية وبالتالي نشوء الكتابة الحميرية .
وقد كتب المستر فلبى كتابا سماه مشارف الاسلام : thebackground of islam حاول أن يثبت فيه أن دولة معين قامت على جهود مكربيها فى القرن الثاني عشر قبل الميلاد وقد بدأ حسابه باعتبار ورود اسم " ياتي عمارة باين " وخلافه من ملوك سبأ فى آجرة بابلية قديمة يعود تاريخها الى ٧١٥ ق . م وقد اتخذها أساسا لعمله وتوصل من ذلك التاريخ الى التعرف على سلسلة من
الملوك والمكربين السبائيين والمعينيين صاعدا ونازلا ولكن ، كما ذكرت ، مازال تاريخ الشعب العربى وتاريخ نشوء كتابته وتاريخ هجراته الى الشمال فى حاجة كبيرة الى إجراء حفريات أثرية واسعة فى حضرموت ووادي بيجان ( قطبان ) ومأرب والجوف (معين) ونجران وفي اليمن نفسها وكذلك فى الساحل الشرقي لبلاد العرب حيث وجدت آثار أحجار منقوشة بالحروف الحميرية وكذلك لم يكمل بعد درس مدائن صالح والعلا وتبوك ونواحيها فان قسما كبيرا من تاريخ الشمال والجنوب متداخل معقد ، ويلزم لكشف النقاب عنه معرفة أمور لا يمكن معرفتها إلا بإجراء الحفريات
وتنقسم النقوش المكتوبة بالقلم المسند الى نوعين : -
١) نقوش جنوب بلاد العرب ٢) نقوش شمال بلاد العرب.
ويمكن أن يضاف الى ذلك دراسة النقوش المكتشفة أو التى يمكن أن تكتشف فى البحرين وساحل الاحساء وسائر أنحاء الخليج الفارسي النقوش العربية الجنوبية
المساند
نشرت النقوش المكتشفة فى جنوبى بلاد العرب ويبلغ عددها قرابة ٤٠٠٠ نقش ( يضاف إليها مثلها فى الشمال ) فى المجموعات الكبرى مثل الكوربس . cerpus inseriptum semiticarme ete . repertaire , d epig raq hie sen tipue
منذ عام ١٨٨٩-١٨٩٢ . وقد قسمت فى هذه المجاميع الى ) ١ ( معينية ) ٢ ( سبائية ) ٣ ( حميرية ) ٤ ( قطبانية ) ٥ ( حضرمية . وأشكال حروف المسند واحدة فى أكثرها إلا أن أشكالها يغلب عليها تحول بسيط محلي ، ويبلغ عدد حروف الخط المسند ٢٨ حرفا وللسين حرفان فيصبح العدد ٢٩ حرفا .
وهي تكتب من اليمين الى اليسار ولكنها تكتب مقلوبة أي أن يبدأ الكاتب من اليمين الى نهاية السطر ثم يبدأ السطر الثاني من اليسار حتى المنتهى
ثم يعود من اليمين وتسمى هذه الطريقة من الكتابة boustrepheden فإذا كتبت من اليسار الى اليمين تغيرت في الغالب اتجاهات الحروف مثلا ٤ ش فانه فى الكتابة العكسية يكتب ٤ الخ .
وقد اشتقت الكتابة الأمهرية الحبشية من المسند العربى القديم ، كما أن فى أفريقيا نقوشا حميرية كثيرة .
النقوش العربية الشمالية
ليست هذه المساند في جمال المساند الجنوبية لأن معظم حروفها مقطوم أو ضخم غير جميل وأكثر ما وجد منها فهو فى العلا ومدائن صالح وبطرا وسائر أنحاء شرق الأردن وسوريا ، كما أنه وجد نقش عربي في إحدى جزائر الأرخبيل . وتقسم الكتابة العربية الشمالية الى ثلاثة أقسام رئيسية وهي : -
أولا - الثمودية وقد وجد منها حوالى ١٧٥٠ نقشا لا يعلم تاريخ أقدمها على أنه يكاد أن يكون مجمعا على أن أقدمها يعود الى القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد حالما أن المتأخر منها يرجع الى القرن الخامس بعد الميلاد وقد جمع أكبر مجموعة من هذه النقوش الراهبان الفرنساويان جوسان وسافينياك فى مجموعة أسمياها : بعثة أثرية الى بلاد العرب : missien archelegique en arabie .
ودرس معظم النقوش على اعتبار أنها تاريخية فوجد أن معظمها ديني .
وقد قسم الاستاذ وينيت Winuet النقوش الثمودية بحسب قدمها الى أنواع : -
١ ( ما يعود منها الى القرن الخامس قبل الميلاد . ٢ ( ما يعود الى زمن الحكم اليوناني . ٣ ( ما يعود الى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد . ٤ ( ما يعود الى الزمن الروماني ) القرن الثالث ( . ٥ ( ما يعود الى القرن الرابع الميلادي
ثانيا - الكتابة الضيدانية ( أو الديدانية ) " وضيدان " هي بلدة العلا الحالية ؛ وقد ظهر انها كانت مملكة مثلت دورا فى التاريخ القديم حينما كانت السلطة فيها
لحيانية والظاهر أن المعينيين استولوا عليها وجعلوا منها مستعمرة معينية وقد درس المنقبون والباحثون لمعرفة أى الحكومتين سابقة على الأخرى ، وقد نشر الاستاذ وينيت أن نشوء المستعمرة المعينية متأخر عن اللحيانية وقد ذكر هذا الاستاذ أن النقوش القديمة فى العلا يرجع عهدها الى القرن السادس قبل الميلاد حالما أن الاستاذ أولبرايت يجعلها فى القرن السابع أى إن هذا يرجعها إلى تاريخ أقدم النقوش المسندة فى جنوب بلاد العرب ، وللحيانية قسمان الضيدانية القديمة واللحيانية أو اللحيانية الجديدة التى يوجد منها نحو ٤٠٠ نقش يرجع تاريخها الى القرون من ٥-٢ قبل الميلاد .
ثالثا - الكتابة الصفوية وقد وجدت كثيرة جدا فى نواحي الجبال الشرقية الجنوبية من جبل الدورز ، ومعظم هذه النقوش التى تزيد في عددها عن النقوش الثمودية يرجع تاريخها الى القرنين الأول والثانى بعد الميلاد وكتابتها ليست جميلة كالمسند .
منشأ الخط المسند
لم يتمكن العلماء من تحديد تاريخ الخط المسند ولا تعيين علاقته بالكتابات السامية الشمالية ولهم فى ذلك نظريات عديدة أرادوا بسوقها أن يوضحوا هذه النقط الغامضة ، ولكل النظريات ما يؤيدها أو ما يضعف من قوتها على أن الموضوع لا يمكن حله بصورة جلية قبل إجراء حفريات أثرية واكتشاف الأصول الأولى لهذه الكتابة وقبل معرفة بعض الوقائع التاريخية المهمة كمثل هجرة الساميين من الجنوب وهجرة الفنيقيين والآريين وطريق انتشارها وفيما يلي ملخص هذه الآراء :-
أولا - يقدم بعض العلماء نظرية مؤداها أن الكتابة السبائية أقدم المساند على الإطلاق ، ومن الجهة الأخرى يدعون أنها مستقاة من الأبجدية التى أوجدها الساميون الشماليون : أى أهل كنعان . ويكاد أن يجمع العلماء على القسم الأول من النظرية ؛ أما الشطر الثاني فإنهم لم يصيبوا فيه المحجة ، لأن الحروف المسندة
التي تشبه حروف الشمال شكلا وصوتا، قليلة العدد وهي: ج. ت. ل. ن. ع. ش. ط والقاف ، ويرى الاستاذ غريم أن الثمودية أقدم الحروف المسندة وانها أم المساند جميعا ويعتبرها علاوة على ذلك أنها مشتقة من كتابة سينا القديمة ( ذكرنا ما تحقق عن أصل الكتابة السبائية وأنه لا يصح بعد الآن الاعتداد بأنها أصل الكتابة الأبجدية).
ثانيا- هنالك من يدعي أن جميع الكتابات فى جنوبى جزيرة العرب مشتقة من أصل واحد يمكن تسميته ( الأم ) مثلما يوجد فى الشمال .
ثالثا- نظرية الفرنساوي موريس دينان قائمة على أساس أن الحروف الهيروغليفية الكاذبة التى اكتشفها فى جبيل منشأ للمسند العربي لأنه وجد ١٨ رمزا مسندا موجودة ضمن المئة رمز التى تتألف منها كتابة جبيل ، ولكن حل الأستاذ دورم لتلك الكتابة أبطل مفعول هذه النظرية . . وفي عقيدتي أنا أنه مادام أهل جبيل استقرضوا أشكالا غريبة عنهم لكتابة لغتهم الفينيقية بها فانه لا يستبعد ان يكون المذكورون قد اقتبسوا المسند العربى الذي كانوا على علم به فاستعملوه فى نقوشهم ، وعلى كل إن هذا أمر يلزم لتحقيقه دراسات وأبحاث عن منشأ الفينيقيين ووطنهم الأصلي الذي سلكوه بين المكانين قبل أن يمكننا التثبت من شيء عن ذلك .
رابعا - نظرية منشأ المسند من الكتابة السينائية القديمة ، ولكن الاعتراض على هذه النظرية يرد من حيث أنه لم يثبت كون السينائية مصدر الكتابة التى أوجدها الساميون الشماليون ، ومهما يكن من أمر بأن منشأ كتابة المسند مازال عويصا غامضا ، مثل منشأ الكتابة الكنعانية والآرامية بأقسامها فى الشمال وليس فى استطاعتنا قبول كلام من يدعى أن المسند لا يمكن ان يكون متقدما على القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد ، وكلام من يدعى انه كان فى القرنين الحادي عشر والثاني عشر قبل الميلاد وكل يوم يظهر لنا من الاكتشافات ما تتغير به نظريتنا تغيرا سريعا فقد وجد الاستاذ غلوك glueck في حفرياته فى " تل الخليفة" ، فى شمال العقبة ، كتابة بالمسند العربي أرجع تاريخها الى القرن الثامن
قبل الميلاد ، ويقول الاستاذ "دير نفر" : إنه إذا صح ذلك فلا شك ان سياحة المسند من الجنوب وانتقالها الى الشمال تستغرق بضع مئات من السنين
ونفس الكلام يصدق على الحروف الشبيهة بالمسند والتي اكتشفت فى "اور " الكلدانية فإذا صح أنها بالمسند فإن ذلك يرجع تاريخ المسند الى أوائل الألف الثانية قبل الميلاد وربما إلى أقدم من ذلك .
فالنقوش المسندة القديمة التي لم يمكن تحديد زمانها إذن هي :
١ ( النقوش المسندة المكتشفة في اور الكلدانيين .
٢ ( النقوش الجبيلية الكاذبة التى اكتفشت في جبيل فأنها تحتوي ١٨ رمزا من حروف المسند العربي من أصل مئة من مجموعها وقد تبين من حل الأستاذ دورم للجبيلية الكاذبة أنها ترجع الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد على الأقل
٣ ( نقش ربلو لوعة ( فى شرق الأردن فأن الأثريين وعلى رأسهم اولبرايت يرجعون تاريخه الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد وربما قبل ذلك ومنها حروف أربعة من حروف المسند .
٤ ( نقش تل الخليفة شمال العقبة فقد قرروا أنه النقش المسند الأول الذي يكتشف ضمن طبقة أرضية بطيدة ) الطبقة الثالثة ( ويرجعون تاريخة إلى القرن الثامن قبل الميلاد أو أكثر .
اللغة الحميرية
تأتي اللغة الحميرية فى منتصف سلم التحول الذي تدرجت فيه اللغة العربية من أصولها الأولى كلغة العرب الأولين فى جنوب جزيرة العرب الى لغة قريش التى ثبتها القرآن الكريم . وقد كتبت اللغة العربية الأولى بمختلف لهجاتها بحروف المسند الذي نحن واصفوه فيما يلى حالما ان اللغة العربية التى نعرفها من القرآن الكريم وما تلاه من الأطوار كتبت بالحرف العربى المشتق من النبطية عن طريق الكتابة السينائية الحديثة ، فالآرمية التى هى الكتابة ) الأم ( لما نستعمله من أقلام كوفية ورقعة ونسخ ومشق ومعلق ومغربي وغير ذلك.
واللغة الحميرية هي اللغة العربية التى ظل العرب يستعملونها فى جنوب الجزيرة
فى القرون المسيحية الأولى الى عهد الرسالة وهي كما ذكرنا لغة عربية تمثل لنا حلقة متوسطة فى سلسلة تطور اللغة العربية القديمة الى شكلها الأخير الذي عرفت به ، أما اللهجات العربية السابقة على الحميرية والتي قد كتبت بحرف المسند فإنا ذاكروها فيما يلى مع بيان الفروق البارزة بينها : -
تمكن قسمة اللهجات العربية القديمة فى العصور السابقة للإسلام الى الأقسام الآتية ونبدأ بسردها باعتبار قدمها :
أولا اللغات التى كان يستعملها أهل معين : ) وادي الجوف ( ) ثانيا ( - لغة حضرموت ) ثالثا ( - لغة كتبان ) رابعا ( - لغة اوسان ) خامسا ( - لغة سبأ
(سادسا) - لغة حمير وهي التى خلفت لغة سبأ
ويجب أن يضاف الى ذلك بطبيعة الحال اللهجات العربية التالية :
أولا - لغة ثمود في العلا ومدائن صالح وما جاورهما
ثانيا - لغة ضيدان (أو ديدان) وهي بلدة العلا الحالية وتسمى أيضا لغة لحيان وفيها قسمان : القديم والحديث.
ثالثا - لغة الصفويين فى جبال الصفاء وواحة الرحبة
رابعا - لغة الانباط ، من وادى موسى والعلا وتيما الى بصرى .
ومع أن التدمرية قريبة من العربية ، وفيها ألفاظ عديدة هى عربية صحيحة فإننا نخرجها من دائرة العربية ونجعلها فى اللغة الآرامية.
أما الكتابة بجميع هذه اللغات فإنها كتابة المسند مع تغيير بسيط طرأ على الحروف فجعلها فى الثمودية والصفوية أقل جمالا من الحرف المسند الجنوبي . وجميع هذه اللهجات التى أوردناها عربية ، ما من شك فى عروبتها ولكن الذي يجعلها تظهر بعيدة عن عربيتنا الحديثة إنما هى ضرورات محلية أو زمانية نشأت في الغالب عن مؤثرات يمكن بيان معظمها .
فالحروف فى جميع اللهجات واحدة مع اختلاف بسيط نسبي فى أشكال هذه الحروف ولكن عدد الحروف واحد في جميعها وهي ٢٨ حرفا ، وللسين حرفان
وجميع اللهجات تكتب من اليمين الى اليسار وقد تكتب متعاكسة وجميعها خالية من الضوابط وحروف العلة التى تستعمل كحروف صامتة .
والذى يباعد بين لغتنا الحديثة وبينها إنما هو تغير ظروف الحياة فى كثير من الأحيان وهجر استعمال ألفاظ معينة لبطلان استعمال المسميات التى كانت ترمز إليها فى أحيان أخرى ، فقد كان العرب الأقدمون عباد أصنام ولهم مئات منها ، كانوا يقدمون لها النذور والقرابين ويوقفون عليها الخيرات والأراضى والهياكل والمبانى والتماثيل فما أن ابطلت عبادة الأصنام حتى هجرت الألفاظ التى كانت تستعمل للدلالة عليها أو على نوع عباداتها ، وكذلك يقال عن الألفاظ التى كانت تستعمل فى أعمال الري والزراعة وتدوين الأوقات وعمليات التجارة المستندة على متاجر لم يعد لها وجود حين دونت لغتنا العربية الحالية ، وما عدا ذلك فإن الكلام الذي استعمله العرب الأقدمون هو الكلام العربي الذي استعمل حين تدوين عربيتنا .
أداة التعريف
فاللغة العربية القديمة كانت خالية من أداة التعريف العربية ومع أن حرف الألف واللام وردا كثيرا فإن ورودهما لم يكن للتعريف بل للدلالة على الآله . " ال " أو " ايل " الذى اشتقت منه اللات والإله ، وكانت النون فى آخر الكلمة تفيد معنى التعريف ، كما أن الثمودية والصفوية كانتا تستعملان حرف الهاء فى أول الكلمة بدل أداة التعريف مثل اللغة العبرانية ولكن الأنباط استعملوا الأداة : م ل ك ن - الملك - ش ع ب ن - الشعب - ش ر ق ن - شرق
التنوين
كان حرف الميم فى آخر الكلام يفيد التنوين ويسمى هذا بالتمييم ولا يرد التنوين الذي يفيد التعريف مع التمييم مطلقا ، والميم في آخر الكلام قد تكون إما للتمييم كما ذكرناه ، وإما ان تكون جزءا من الكلمة - م ل ك م - ملك .
الضمائر
ضمير الغائب المفرد والجمع فى اللعة المعينية والأوسانية والقتبانية والحضرمية هو حرف السين أما في السبائية والحميرية فهو الضمير الذي نستعمله نحن فى العربية الحديثة . م ل ك م ع ن و ش ع ب س = ملك معين وشعبة ) فى المعينية ( ب ن ى ه م و = بنوهم فى ) السبائية (
المد: كان يجرى بتكرير حرف الالف ااش ر = آشور .
الإدغام : كان يجرى بمضاعفة الحرف الصامت وتكريره : و د د = ود
الترقيم: لم تكن في العربية القديمة أرقام ، ولكن الحروف الأبجدية كانت تدل على الأرقام بحسب ترتيبها كما هو مستعمل فى حساب الجمل .
الجمع: كان يجرى إما بالياء والنون ؛ وكجمع تكسير مثل : أوْعُلٍ وأشمُسِ .
وها نحن نضرب بعض الأمثال للدلالة على كيفية استعمال بعض الحروف : حرف الباء - كان يستعمل كقسم من الكلمة وأما للقسم وإما للتعدية وإما كحرف جر
حرف الذال : كان يستعمل : كجزء من الكلمة بمعنى ذو أو ذي لبيان ما يأتي : المادة والنوع ، مثل ) صلم ذذهب ن ( . . أى صلم من الذهب . قبل أسماء الأماكن والقبائل للدلالة على النسبة كذي ربدان وذي ريام.. بعد أسماء الآلهة للدلالة على مواقعها عثتر ذى قبض . كاسم موصول كمن ذا.. قبل الظرف : ذي قدم = أى امام وكان يستعمل مستقلا كشعار للآلهة
حرف اللام: كان يستعمل حرف جر ، لام التعليل ، لام الدعاء لام جواب الشرط .
أمثلة أخرى هوت = هذا . ه ي ت = هذه . هو= هم ه م ت = هم ( اسم اشارة جمع) ح ج ن= لأن أو من أجل أن. ن = ابن. بر = ابن. اب ي ه م و = أبوهم : ا ا ب و = آباء ااب و ت = أبوه. ااب وه م و = آباؤم. اب ه س = أبوه .
(تم البحث)

