_ 1 _ الادب عامة :
ليس موضوع الالتزام واللا التزام فى الادب بصورة عامة وفي الشعر بصورة خاصة بالموضوع الجديد . لقد عرفه القدماء وان عرفوه تحت اسمين آخرين غير الالتزام واللا التزام ، وبحدة أخف من الحدة التى اخذتها الدعوة الى الالتزام . و لانعدو الحق اذا قلنا ان نصيب (( الالتزام )) القديم من الانسانية والشمول اكثر من نصيب الالتزام الذى نعرفه اليوم .
كان الشعر _ وبالتالى الادب بكل فنونه _ ينقسم الى ادب موضوعى - وهو ما يقابل الادب الملتزم _ والى ادب ذاتى _ وهو ما يقابل الادب غير الملتزم .
والحق ان كبار الشعراء ظلوا _ حتى اواخر القرن السابع عشر _ ادباء ملتزمين اى موضوعيين وفي وسعنا ان نعدد من الاسماء ما يثبت ذلك ابتداء بهوميروس وصوفوكليس واسخيلوس من الاغريق فمروا بشكسبير وجونسون وراسين وكورنى وامرىء القيس وطرفة بن العبد والمتنبى وكثير من الآخرين . اما الشعر العربى فلم يعرف الدعوة الى الالتزام او التملص منه الا فى فترة متاخرة كان النقاد العرب القدامى يقسمون الشعر الى ابواب او (( فنون )) كالغزل والحماسة والمديح والهجاء والرثاء وسواها . ولم يكونوا ليفضلون اى (( فن ))
من هذه الفنون على سواه . ان الشاعر العربى نشأ - أول ما نشأ - ملتزما دون ان يدعوه احد الى ذلك . واذا كان الشعر الجاهلى او ل ما وصلنا من الشعر العربى القديم فقد كان الشاعر الجاهلى لسان القبيلة ، تغضب فيعبر عن غضبها ،
وتحزن فيصور حزنها ، وتتقاعس اذ يعتدى عليها فيثير الحماس في نفوس ابنائها ويدعوهم الى الثار والدفاع عن كرامتهم . على انه لم يكن كهفا اصم يردد ما يتناهى اليه من اصوات ، وان كانت عواطفه مشدودة الى عواطف قبيلته .
كان يحكم عقله ووجدانه فيما يعرض له من امور ، فحين شبت الحرب الطاحنة بين عبس وذبيان وطغت قعقعة السلاح على صوت العقل فما يسمع . ارتفع صوت الشاعر زهير بن ابى سلمى يشجب الحرب ويبارك السلام الذي كان قد حل لتوه :
وما الحرب الا ما علمتم وذقتمو
وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
وتضر اذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحي بثقالها
وتلقح عشارا ثم تنجب فتتئم
وحين جاء الاسلام فرض الدين الجديد الالتزام على شعرائه فرضا وان لم يأمر بذلك صراحة . فقد اصبح الشاعر المسلم _ والدين فى اول جدته _ يرى حرجا فى التغزل باخته المسلمة او فى هجو اخيه المسلم او فى التعالى بنسبه على انسابه الآخرين . فصار لزاما عليه ان يسخر فنه الى الدعوة الجديدة ، يمدح الرسول ويصف حروبه ويهجو اعاديه . لذلك اصاب الشعر فى صدر الاسلام ذلك الركود الذى اصاب الادب الروسى بعد الثورة البلشفية ، حين فرضت الدولة على الادباء مواضيع بذاتها بل ووضعت لهم مخططات ادبية وطلبت اليهم ان يبعثوا الحياة فيها . . وبعثوا فيها لا حياة وانما ما يمكن ان تبعثه الآلة فى الدمية الميكانيكية من حركة . غير ان حدة الوازع الديني ما لبث ان خفت ،
واصحاب ابناء المدن رغدا من الحياة ونعيما فى العيش فانطلقوا يفسقون ويمجنون واذا شعراء كعمر بن ابى ربيعة وغزله المتهتك وكالاخطل وخمرياته وكجرير والفرزدق وما دار بينهما من هجاء مقذع يظهرون فى المدن العربية الجديدة ، واصيب سكان البوادى بخيبة امل شديدة وحرمان من نعم الحياة . . فاذا هم متقشفون زاهدون ، واذا شعراؤهم يعبرون عن حرمانهم من المناصب والنعم والثروات عن طريق الغزل العذرى الذى ما فيه غير التوجع والتشكى وسكب الدموع . غير ان الشعر العربي لم يعدم شعراء يؤيدون هذا الفريق السياسى او ذاك : الامويين او الهاشميين ، ويعبرون عن ميولهم السياسية بشعر يستحق ان يوضع فى المرتبة الاولى من مراتب الشعر السياسى .
ورغم ما قد يبدو لأول وهلة من استقلال شخصية الشاعر العربى فى العصر العباسى وانصرافه الى التعبير عن شؤونه الخاصة ، لم يكن ابو نواس ولا العباس من الاحنف ولا مسلم بن الوليد كل الشعراء العباسيين . والحق ان هؤلاء الشعراء خرجوا عن خط الشعر العربي ، اى عن موضوعيته والتزامه ، لانهم كانوا كلهم او جلهم على الاقل من الاقطاب الفكريين للحركة الشعوبية التى تقمصت صورا شتى : فهى المنادية بأنصاف الفقير والغاء الفروق بينه وبين من هم احسن منه حالا . وبأباحة النساء بين رجال المجتمع دون تفريق ، تارة ، والمنادية تارة اخرى
بان : « لا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى » او بان الفرس كانوا اصحاب حضارة ومدنية ولم يكن العرب الا بدوا ارباب شويهة وبعير . وقد امتدت هذه الحركة الشعوبية - بكل وجوهها : السياسية والفكرية والدينية - الى العصر الحاضر . فقام شاعر يدعى انه شاعر » التقدمية » في العراق يخاطب القوميين من ابناء العراق مفتخرا عليهم بسلمان الفارسي ويقول :
سلمان اشرف من ابيكم كعبة
وعصام ما عرف الجدود عصام
لقد ظل الشاعر العربي في العصر العباسي يسلك ذات النهج الذي سلكه الشعراء العرب من قبله غير خاص عواطفه الذاتية الا بالنزر اليسير ، ومفتعلا التعبير عنها في اغلب الأحايين ، ابو تمام والمتنبى والمعرى هم خير من يمثلون هذا الاتجاه الموضوعى للشعر العربي في العصر العباسي
وفى عصر الانحطاط الفكري ، اصبح هم الشاعر العربي ان ياتي بالجناس او الطباق المستظرف ، وان يكتب قصائد ذات قواف مستعصية ليثبت براعته اللفظية لا اكثر . هذه الفترة من تاريخ الشعر العربي تشبه الى حد ما الفترة التي مر بها الشعر الانكليزى فى أواخر القرن السابع عشر الى اواخر القرن الثامن عشر حيث ظهرت تباشير الحركة الرومانتيكية على يد توماس غراى وكوبر وسواهما . وما لبث الشعر العربي ان شق عنه قشور البذرة التي كانت تخبئه دفينا تحت الارض . ولاح في سمائه شعراء كالبارودي وحفني ناصف ،
لم يختلفوا في وجهتهم الشعرية عن الاتجاه العام للشعر العربي ، كانوا شعراء ملتزمين » الى اقصى حدود الالتزام التي كان يمكن ان توجد في تلك الحقبة التاريخية
واستعاد الشعر العربى على يد احمد شوقى كامل رونقة السابق واتجاهه الموضوعى . ما كانت لتمر من مناسبة قومية او تقام من حفلة وطنية الا وارتفع صوت شوقى وصوت حافظ وصوت خليل مطران مجلجلا فيها .
قد يعترض معترض فيقول : اترى فى تحول الشعر العربى الى شعر مناسبات استعادة لاتجاههه الموضوعى . ولرد هذا الاعتراض يجدر بنا ان ندرس تلك الحقبة التاريخية وندرس اتجاهاتها السياسية والاجتماعية . ولا يتسع مجال هذه المحاضرة الى اكثر من اشارة عابرة الى بعض تلك الظروف . لم يكن الشعر ولا حتى السياسة قد نزلت الى الصعيد الشعبى بعد واذا صح ما يقال من ان الشاعر الملتزم قد شد اعصابه الى اعصاب الجماهير فراحت حركة طفيفة من هذه
تثير رجات عنيفة فى اعصاب الشاعر ، فما كانت اعصاب الجماهير لتتحرك ان لم تحركها هزة من الطبقات العليا او الطبقة الوسطى بتعبير اصح . ولم يكن فى وسع الشاعر ان ينتظر رجة الوحى من انتفاض للجماهير وحركة لها . كان الشاعر هو الذى يحرك الجماهير وما كانت الجماهير لتحرك الشاعر . وكانت الاحتفالات التى تقام فى المناسبات الوطنية تهيئ للشاعر الفرصة المناسبة ل "امتياح " المشاعر من اعماق نفسه ، كما يمتاح الزارع الماء من بئر ارتوازية تحفر له . كان عليه ان يمتاحه فلم يكن ليتدفق كما يتدفق من نبع غزير .
وفى اواخر ايام شوقى ظهرت فى عالم الشعر العربي حركة جديدة ، لقد تأثر شعراء تلك الحركة بما قرأوه من الشعر الرومانتيكى الانكليزى والفرنسى الغرامى منه وشعر الطبيعة والشعر الذي يعبر عن خوالج نفس الشاعر من حزن وفرح وشك او ايمان ويأس أو امل . لعل اولئك الشعراء ( ونستطيع تسميتهم شعراء مجلة ابولو ) لم يطلعوا - او لم يعجبهم على الاقل - من شعر شللر الا على القبرة والسيرنادا آلهندية ودعوة ولم يطلعوا على آثاره الاخرى الاكثر اهمية او لم تعجبهم على الاقل ، من بروميثوس طليقا الى ثورة الاسلام كما لم يقرأوا - او لم تعجبهم - قصائد بايرون التى غنى فيها كفاح اوروبا الثائرة من اجل حريتها . اما الموضوعية التى عرفوها فهى موضوعية الشاعر احمد زكى ابى شادى رائد تلك الحركة وأبيها التى سماها " بالشعر التصويرى
حيث كان يؤلف قصيدة عن كل لوحة او صورة مرسومة تعجبه . غير ان شعر بعض من أولئك الشعراء لم يخل من بعض المشاعر الوطنية والقومية والشعبية . ولم تستطع تلك الحركة الشعرية الاستمرار فى عزلتها عن الاحداث السياسية والوطنية التى كانت تجرى من حولهم فى الوطن العربي . فما لبثت مجلة ابولو ان احتجبت وما لبث شعراؤها ان تفرقوا . ورغم النجاح الذى صادفه بعضهم - من حيث الشهرة او الحظوة عند النساء - فقد طمحوا فى أواخر ايامهم الى ان يحلوا محل شوقي ،
شاعر المنابر والحفلات والمناسبات الوطنية . حتى أن الشاعر المصرى على محمود طه اصدر ديوانا جمع فيه قصائد تختلف عن بقية شعره ، من حيث المواضيع والاتجاهات هو ( شرق وغرب ) الذي صور فيه بعض البطولات العربية والاسلامية . واصدر محمود حسن اسماعيل ديوانا سماه " الملك " قصره على مدح فاروق ملك مصر السابق .
، وحين قويت الحركة الشيوعية فى الوطن العربي فى اعقاب الحرب العالمية الثانية وصار فى وسع الشيوعيين ان يصدروا مجلاتهم فى عدد من العواصم
العربية . كمجلة الفجر الجديد التى كانت تصدر فى القاهرة ومجله ام درمان التى كانت تصدر فى الخرطوم ومجله الطريق التى كانت تصدر فى بيروت وبعض المجلات والصحف العراقية التى لم تكن احداها لتعمر طويلا . . فى ذلك الحين ظهرت نغمة جديدة كان الشيوعيون عازفيها ، تلك النغمة . هي الفن للفن او الفن للمجتمع . واصبح فى وسع الشيوعيين بجماهيرهم الواسعة المهيئة اكفها للتصفيق وصحافتهم التى كانت تمولها مصادر مجهولة - او معلومة بأحرى - ان يرفعوا اى شعرور او متأدب ينضوى تحت لوائهم او يجاريهم على لاقل الى مرتبة ما كان ليصلها حتى نهاية حياته ، لو لم يرفعوه اليها . بل ان بعض الشعراء المبدعين بحق ، لم يستطيعوا الصمود امام ذلك الاغراء الشيوعى فانحرفوا مع التيار الاحمر ، مضحين بفنهم وانسانيتهم وبكل ما يحرص الاديب عليه . من اولئك الشعراء الشاعر اللبنانى المبدع المرحوم الياس ابو شبكة والشاعر العربى - المصرى آنذاك - عبد القادر القطر - والشاعر الفلسطيني ابو سلمى وآخرون وآخرون .
لقد بسط الشيوعيون مسألة الالتزام وعدمه او مسألة الفن للفن - بما فى ذلك الادب - والفن للمجتمع تبسيطا اخفى جوهر القضية بل ومسخ معنى الادب الملتزم او الادب للمجتمع او الادب الواقعى .
فى عام 1945 وكنت عضوا فى الحزب الشيوعى العراقى دفع الى الحزب بكتاب مؤلف باللغة الانكليزية عنوانه " الماركسية والفن " ، لقد طرح مؤلف الكتاب مسألة الفن للفن او الفن للمجتمع ، بالشكل الآتى :
كتب المؤلف الشيوعي :
" يقول دعاة الفن للفن : إذا رسمت بيضة او بيضات فى عش ، ثم نجحت في تلوين مارسمت . . فذلك يكفى . المهم ان تنجح فى رسم ما تريد رسمه وفي تلوينه "
ويرد المؤلف الشيوعى على ما زعم من حجة دعاة الفن للفن . اننا نقول لهؤلاء اذا كان المهم هو ان تنجح فى رسم ما تريد رسمه وفى تلوينه فلماذا لا ترسم ، بدلا من العش والبيضة ، عائلة كادحة يبكى اطفالها من الجوع ، وتنجح فى رسمها وفى تلوينها ؟
ولما كان موضوع المحاضرة هو الالتزام واللا التزام فى الشعر وليس فى الفن بصورة عامة ، أرى من الافضل ان اتكلم عن الموقف الشيوعى من الشعر الملتزم او الشعر الجماهيرى او النضالى كما يسمونه .
تعتقد الشيوعية ان ليس هناك من فلسفة صحيحة غير الفلسفة المادية الدايلكتيكية وان ليس هناك من حلول صحيحة ، لاية مشكلة ، غير الحلول
الشيوعية . وعلى هذا الاساس يحرم على الشاعر الشيوعي - او اى شاعر يريد ان يرضى الشيوعيون عنه - آلاتيان باية فكرة غير مستمدة من الفلسفة الشيوعية او الاتيان باى حل غير الحلول الشيوعية التى تقررها كتب ماركس وانكلز ولينين وستالين بصورة عامة وتقرر تفاصيلها وجزئياتها منشورات الحزب الشيوعي فى بلد معين .
اليكم ابياتا من قصيدة كتبها شاعر شيوعي عراقى عن القضية الفلسطينية ، قبل ان يتخذ الاتحاد السوفياتى موقفه المعلوم منها :
فلسطين لك المجد
وللمجد فلسطين
من الشرق الى الغرب
تحييك الملايين
على مهلك يا شيخ الولايات على مهلك
ذر الذرة واستعمل لنا الذرة من عقلك
الى آخر هذا النظم الركيك الذى لم يستطع ان يرتفع حتى الى مستوى الشعر الردىء . وللشاعر ذاته بيت حظى بدوى من التصفيق والهتاف قل ان يحظ به بيت شعر . يقول من قصيدة له القاها بمناسبة ذكرى الوثبة - وهو الاسم الذي اطلقه الشيوعيون العراقيون وتبناه بقية ابناء الشعب على مظاهرات الشعب العراقى التى احبطت معاهدة بور تسموت واسقطت حكومة صالح جبر عام 1947 :
فالعراق الحر فى وثبته
يحسن الوثبة صيفا وشتاء
ولم يقتصر الشيوعيون العرب في تطبيق مقاييسهم الماركسية على الشعر العربى المعاصر ، بل تعدى بهم الامر ذلك الى الرجوع الى الشعر وآلادب العربيين القديمين وتطبيق مقاييس الواقعية الماركسية والادب النضالي عليهما .
كنا ذات مرة مجتمعين فى حلقة شيوعية ادبية ، حين اخذ اديب شيوعى يهاجم شكسبير ويصفه بشاعر " الرجعية والاقطاع " المتحدث عن الملوك والامراء والقواد لا عن العمال والفلاحين . وحين احتججت بان شكسبير مات حتى قبل ان يولد كارل ماركس ، اجابنى بان هناك الكثيرين من الشعراء والادباء
" التقدميين " الذين جاؤوا قبل ماركس . ولماذا نأخذ على هذا الشيوعى العراقى موقفه هدا وقد وقفت صحيفة الديلى ووركر - جريدة الحزب الشيوعى البريطانى هذا الموقف ذاته من شكسبير ، وهاجمته لانه لم يعبر عن مصالح البروليتاريا وامانيها .
وحين رفع الشيوعيون شعار السلام العالمى راح الادباء والمتأدبون منهم ينقبون فى الادب العربى القديم عما قيل فى شجب الحرب والدعوة الى السلام . وكتب اديب شيوعي عراقى ، يسمونه اديبا كبيرا ، مقالا عن المتنبى وقصيدته فى شعب بوان ، جاءا نقطة انطلاق بيت المتنبى :
يقول بشعب بوان حصانى
امن هذا يسار إلى الطعان
وخلص من هذا الى القول الى ان المتنبى كان مروج حرب بينما كان حصانه نصيرا للسلام . ورغم اننى كنت شيوعيا آنذاك فقد علقت على مقالته قائلا بان حصان المتنبى قد وقع على نداء استوكهولم بحافره .
ازاء هذه الحملة الشيوعية العنيفة ، لم يستطع اغلب الشعراء العرب صمودا فراحوا يكتبون شعرا نضاليا على نمط ما يكتب الشيوعيون واصبح الفرق الوحيد بين الشعراء الشيوعيين وبين اغلب الشعراء الملتزمين من غير الشيوعيين هو اختلافهم فى بعض الكلمات التى يستعملونها . فبينما يردد الشاعر الشيوعى كلمات " السلام " و " الكادحين " و " الراية الحمراء " ، يردد الشاعر غير الشيوعى كلمات العروبة " و " المجاهدين "
على ان كلمة " التزام " لم تستعمل فى النقد العربى بمفهومها الحالى ، الا بعد ان استعملها جان بول سارتر . وجاءت دعوة سارتتر هذه الحجة لغير الشيوعيين بان الادب الواقعى والادب الملتزم ليسا وقفا على الشيوعيين . وكان الشيوعيون قد قطعوا السبيل على النقاد غير الشيوعيين حين ادعوا بكل شاعر او اديب مكافح ، غنى الحرية والعدالة وتحدث عن البؤنس والفقر . فادعوا مثال بالشاعر الاسبانى لوركا بل واوشكوا ان يدعوا بالشاعر الانكليزى كولردج .
ان الدعوة السارترية والنكبات التى اصابت العرب من النكبة الفلسطينية حتى الحرب الجزائرية الراهنة ازالت الفروق بين نوعين من الادب الملتزم بصورة عامة والشعر الملتزم بصورة خاصة : الشيوعى وغير الشيوعى . ان قيام الاحزاب فى البلدان العربية " وما يؤدى اليه قيامها من اجتماعات ومهرجانات ومظاهرات قد شجع الشعر المنبرى ، شعر المناسبات .
ولعل استفحال خطر الشعر المنبرى كان من جملة العوامل التى ادت الى ميلاد حركة الشعر الحر واشتدادها . لكن الشعر الحر لم يسلم من استغلال الشيوعية والاتجاهات الحزبية الاخرى له . بل انه سهل الطريق على كثير من المتشاعرين الذين راحوا يرصفون كلمات معينة مما يحويه قاموس الشيوعية السياسى والاقتصادى ، ويلتقطون الشعارات التى يهتف بها المتظاهرون او التى ينقشونها على شعاراتهم ثم يؤلفون من كل ذلك شيئا يسمونه شعرا نضاليا ، وما هو بالشعر ولا بالنضالى ، باية حال من الاحوال .
وفى وسع من يريد الشواهد على ذلك الرجوع الى دواوين الشعر الشيوعية التى صدرت فى الفترة الاخيرة ولعل ديوان عبد الوهاب البياتى المسمى كلمات لا تموت " آخر ما صدر من تلك الدواوين .
ولا بدلنا ، فى هذا المجال ، من الاشارة الى ما كان للشاعر الانكليزى الكبير ت . س . اليوت وخاصة فى قصيدته " الارض الخراب " من اثر كبير على الشعر الملتزم فى الادب العربى الحديث ، آل الشيوعى منه وغير الشيوعى ، والردئ منه والجيد على السواء .
لعلى لا اغالي اذا قلت ان المدنية الاوروبية الحديثة لم تهج هجاء اعنف ولا اعمق من الهجاء الذى وجهه ت . س . اليوت اليها فى قصيدته " الارض الخراب " على كثرة ما هجا الادباء والشعراء الشيوعيون الجانب الراسمالي من المدنية الاوروبية المعاصرة . وقد لقيت " الارض الخراب " من اهتمام النقاد ودراساتهم ما لم تلقه آية قصيدة اخرى . ان الشيوعيين يعتبرون كل شاعر يهجو المدنية الحديثة لاسباب غير اسبابهم ، ومنطلقا من وجهة نظر غير وجهة نظرهم ، عدوا تجب محاربته ، ولم يال الشيوعيون جهدا فى محاربته . بل ان مجلة " ساينس اند سوسيتى " الشيوعية الاميركية نشرت مقالا عن ت . س . اليوت . نفت في عنه حتى صفة الناظم المجيد فى نظمه .
غير ان الشيوعيين مصابون ، وخاصة فى الناحية الثقافية ، بعقدة الشعور بالنقص ، وان شعراءهم - ليشعرون فى قرارة انفسهم - بالتضاؤل امام جبروت الشعر الاليوتى . وقالوا لانفسهم ، ان تكتيك اليوت هو العظيم اما افكاره فرجعية ، استعمارية . وعلى هذا اخذوا يقلدون تكتيك ت . س . اليوت مبدلين محتواه بمحتوى " تقدمى " كما يسمونه .
لست ادرى اذا كان الشعراء الشيوعيون فى الغرب قد نجحوا في تقليد اليوت او لم ينجحوا . اما الشعراء الشيوعيون العرب ، فقد قرأوا اليوت دون
ان يفهموه . كل ما عرفوه عنه انه يضمن قصائده ابياتا لشعراء آخرين فرنسيين او المأن او انكليز . اما ما الذى يختفى وراء ذلك التضمين من عمق ، وما فى ورود ذلك التضمين فى موضع معين من تناقض يقصده الشاعر مع النص السابق له او اللاحق . فذلك ما لم يفهموه . عرفوا عنه انه يضمن شعره ابياتا لشعراء آخرين وانه يستعمل اللجهة الشعبية احيانا . وانه قد يلتقط حديثا سمعه فى مقهى ، او حوارا سمعه فى الشارع ، فقلدوه فى ذلك . فاصبحت قصائدهم كأنها جلباب متسول مرقع برقع مختلفة الالوان . هنا بيت يتحدث عن الربيع والخضرة وبعده مقطع من اغنية شعبية عن موت الكلاب من الجوع وبعده هتاف التقطه الشاعر من مظاهرة الى آخر هذا الخلط العجيب .
لكن هناك فئة اخرى من الشعراء العرب الشباب قرات اليوم وفهمته وتأثرت بروحه وتكتيكه على السواء لقد رأي هؤلاء الشعراء في " الارض الخراب " اعنف هجاء للمجتمع الراسمالى يتضاءل ازاءه كل ما هجاه به الشعراء الشيوعيون رغم ما فى هجائهم من أقذاع وحقد ، ورأوا فيها ، من جهة اخرى ، هجاء للمجتمعات التى تخلت عن القيم آلانسانية الحقة ، القيم الدينية الرفيعة وهو هجاء ينطبق لا على المجتمع الراسمال وحده وانما ينطبق على المجتمع الاشتراكى - فى الدول الشيوعية - ايضا . بل وينطبق الى حد ما على المجتمعات المريضة المتخلفة ومنها المجتمع العربى . لقد رأوا كيف استطاع شاعر غربى ان يفيد من رموزهم ، كرمز تموز واوزيريس فنبههم الى امر كانوا عنه غافلين .
وساعدت الظروف السياسية التى كانت البلدان العربية تمر بها ، حيث الارهاب الفكرى وانعدام الحرية الى اللجوء الى الرمز ، يعبرون بواسطته عن نذمرهم من اوضاع بلادهم السياسية والاجتماعية على السواء وعن املهم في انبعاث جديد ينتشلها من موتها . هؤلاء الشعراء ملتزمون ايضا لكنهم يختلفون عن الشعراء الشيوعيين - وكلهم ملتزمون طبعا - فى ان الالتزام الشيوعى مفروض على الشاعر من الخارج ، اما التزام هؤلاء الشعراء فنابع من داخلهم . وهم لا يتخلون عن الفن ولا يهبطون بشعرهم عن اعلى مستوى يستطيع كل شاعر منها بلوغه ، فى سبيل ان يفهمهم المناضل شخنوب ار الرفيق حسن الركاع او عجرش الزبال .
وتعرضت هذه الفئة من الشعراء الملتزمين التزاما حقا ، الى هجوم من اليمين واليسار على السواء فهي فى نظر اليسار فئة تخدم مصالح البرجوازية والامبريالية ولا تفكر بالجماهير . وهي فى نظر اليمين المتطرف ، فئة تحاول تحطيم الشعر العربى بالخروج عن اوزانه وطائق نظمه المتوارثة مدفوعة الى ذلك بدوافع شتى
اعظمها ما يغدقه عليها الاستعمار من مال ، وآملها ضعف ادواتهم الشعرية وقلة حصيلتهم من الالمام بالادب العربي القديم .
انه لامر مؤسف حقا الا يبلغ الشعر العربى المعاصر مستوى الواقعية كما عرفها الشاعر الانكليزى الكبير والناقد المبدع الموهوب ستيفن سبندر في محاضرة له عنوانها " الواقعية والفن " . وخلاصة تعريفه ذاك هو ان الواقعية الحقة هى تلك التى تمكن الشاعر او الفنان من تحليل مجتمعه تحليلا يحوى اكبر قدر ممكن من الحقائق . ولا يهم ، بعد ذاك ، من أية وجهة نظر انطلق . ولكن الحد الذى بلغه الشعراء التموزيون - فى الشعر العربي الحديث ، كان يبشر بمستقبل لامع لهم او للشعراء الذين سيسيرون على آثارهم على الاقل .
لكن يبدو ان الشعراء التموزيين اصيبوا بخيبة امل . فاقلعوا عن الالتزام كانهم اتفقوا على ذلك ، وان لم يتفقوا . يبدو هذا الاقلاع عن الالتزام والانصراف الى المشاكل الذاتية والشخصية بل وحتى افتعالها ، فى الآثار الاخيرة لاولئك الشعراء . يتضح لنا ذلك فى ديوان يوسف الخال الاخير " قصائد فى الاربعين "
وفى قصائد صلاح عبد الصبور الاخيرة ، وفي الديوان المخطوط الذى يضم آخر ما كتبه ادونيس وارى ذلك فى نفسى انا شخصيا ، فكانني تخمت من الالتزام فانا اتفلت منه .
ولا اغالي اذا قلت ان نهاية الالتزام الحق فى الشعر العربى المعاصر ستكون حين ينتهى هؤلاء الشعراء منه .
اما من هو المسؤول عما اصابهم اهى مجتمعاتهم ام حكوماتهم ام الاوساط الادبية المختلفة فذلك ما نتركه للمؤرخين الذين سيكون لديهم الكثير مما يقولون .
ولعل ما يعاب به الادب العربى ، غلبة الشعر على فنون الادب الاخرى . ما زال الشاعر يحظى بالمكانة الاولى بين ادباء العرب . . وما زال كل اديب عربى سواء أكان كاتب قصة ام مقالة ام كان ناقدا ، يطمح ان يصبح شاعرا او يتمنى ذلك فى قرارة قلبه على الاقل . وعلى هذا الاساس فان المقاييس السائدة فى الشعر فرضت نفسها على فنون الادب الاخرى . ما جدوى كتابة قصة او رواية عن عواطف النفوس من حب وبغض وحسد فى حين يكتب شوقى وحافظ والرصافى قصائدهم عن دنشواى ، وعن الدستور .
لهذا كله كان الاتجاه الواقعي في القصة اول ما عرفه الادب العربى منذ اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين .
فى تلك الفترة كان لا بد من ظهور رواية ( زينب ) للدكتور محمد حسين هيكل التى استمد وقائعها من المجتمع الفلاحى . ولم يكن بد من ان يصدر طه حسين " الايام " مدونا فيه ذكريات طفولته فى الريف المصرى ومجتمع الفلاحين ، ثم " دعاء الكروان" . .
حتى حركة الترجمة تاثرت بالذوق الادبى الذي كان سائدا آنذاك . لقد وجد حافظ ابراهيم انه يؤدى واجبا شبيها بالواجب الذي يؤديه حين يكتب الشعر ، إذا هو ترجم رواية فكتور هوغو ( البؤساء ) فاضطلع بترجمتها بالرغم من عدم تضلعه باللغة الفرنسية . اما محمود تيمور وهو من رواد القصة القصيرة .
فى الادب العربى الحديث ، فهو تلميذ أمين للكاتب الفرنسي غى دى موباسان ، وبلغ محمود تيمور ذروة التمسك بالواقع والالتزام في روايته ( كليوباطره ) فى خان الخليلى التى انحدر الحوار فيها الى مستوى التعليقات السياسية على الوضع العالمى والصراع بين الدول الديموقراطية والمحور . لكنه لم ينج من التأثر بالاتجاه الرومانتيكى كما يفهمه اكثر الادباء العرب في كثير من آثاره . ان الرومانتيكية تعنى لدى اغلبية الادباء العرب وقرآئهم التحدث عن البحث والجمال والطبيعة ولا شئ اكثر .
يقول رئيس فى كتابه ( الفكر العربي الحديث ) متحدثا عن تلك الواقعية المبكرة " ان ادباء العرب ومفكريهم وجدوا انفسهم امام قيم ومثل ومعقولات جديدة شاعت على الالسنة والاقلام ابان الثورة الفرنسية وتناقلتها الافواه والقراطيس فى الشرق العربى ، فقد طفق الناس يتحدثون عن الوطن والوطنية والامة والقومية والحرية والمساواة والحقوق الوطنية كنتيجة لتشبع اعلام الفكر العربى بمبادئ الثورة الفرنسية امثال أمين الريحانى واديب اسحاق حيث وجدوا فى تلك المبادىء ضالتهم وعرفوا فيها الدواء الناجع لادواء الشرق المزمنة ."
لكن الاتجاه الواقعى فى القصة سرعان ما اندحر امام الاتجاه الرومانتيكي الذي يمكننا القول بان مصطفى لطفى المنفلوطى كان رائده الاول او من اوائل رواده على الاقل .
وظل الاتجاهان الواقعى والرومانتيكى فى القصة متعايشين دون ان يظهر من اى الاتجاهين اثر شامخ حتى طلع نجيب محفوظ بروايته الرائعة ( خان الخليلي ) التى كانت فاتحة عهد فى القصة الواقعية الرائعة .
وفى خلال تلك الفترة لم تخل المكتبات العربية ولا الصحف من قصص واقعية
على الطريقة الشيوعية امثال قصص ذو النون ايوب ورواياته ، او من ترجمات للقصص والروايات الشيوعية كرواية " الام " لمكسيم غوركى التى تعاون على ترجمتها عدد من شيوعي العراق عام 1934 ، وحوالى ذلك .
لقد سمى اديب شيوعي آخر ذو النون ايوب ب ( المقاص ) مشتقات الكلمة المزج بين المقالة والقصة . ورغم ان مقاييس الادب الشيوعى ترى فى القصة والرواية ارقى الفنون الادبية ، متحمسة لها اكثر حماسها للقصيدة او المسرحية لسهولة نشر الافكار الشيوعية عن طريقهما لم يستطع ذلك المفهوم أن يلقى رواجا في المجتمعات العربية . ذلك ان الطبقة الكادحة وهي العمود الفقرى لكل حركة شيوعية اشد طبقات المجتمعات العربية جهلا . ان تسعة وتسعين بالمائة من الفلاحين والعمال العرب اميون ، ولا يمكن ان يقرأوا قصة او رواية فتتسرب المفاهيم الشيوعيه الى انفسهم عن طريقها . كما ان من الصعب على المنظم الحزبى او رئيس الخلية الشيوعية ان يقرأ رواية " الام " لمكسيم غوركي مثلا ، على اعضاء خليته .
اما الشعر فامره ايسر . فى وسع الشاعر الشيوعي ان يلقى قصيدته في المحلات والاجتماعات ، وفى وسع المنظم الحزبى او رئيس الخلية الشيوعية أن يتلو قصيدة " جماهيرية " على رفاقه فى اجتماع حزبي أو جلسة حزبية .
واذا خضع كثير من الشعراء الشيوعيين لمقاييس النقد الشيوعي فان اشباح دستويفسكى وجيمس جويس وفولكنر ظلت هى المسيطرة على نفس القصاص الشيوعى وهو يكتب اقصوصته او روايته . نجد ذلك واضحا للغاية في انتاج القصاص العراقى عبد الملك نورى ، المحسوب على الشيوعيين . انه يؤكد ،
اغلب الاحيان ، على اهمية المونولوج الداخلى وتهاويل اللاوعى . ولعل هذا من بين الاسباب التى ادت الى عدم صعود نجمه فى فلك الادباء الشيوعيين العرب .
وحين ارتقى مد الحركات الشيوعية فى البلاد العربية ، فى اعقاب الحرب العالمية الثانية ، عمت جو الادب العربي موجة من القصص الواقعى او " الملتزم "
واذا ما تذكرنا الطريقة الشيوعية فى كتابة القصة القصيرة او الرواية ، ادركنا اى نوع من القصص والروايات هو الذى عم وساد . لعل انجح ما صدر من تلك القصص والروايات ذات الطابع اليسارى ، بل هو انجح بالفعل ، كتاب " المعذبون فى الارض " للدكتور طه حسين والقصص التى نشرها مارون عبود فى مجلة الطريق الشيوعية فى لبنان .
وما لبث جان بول سارتر ان اطلق دعوته الى الالتزام فوجدت تلك الدعوة صدى لا فى اوساط الادب الشيوعي - الذى هو ملتزم منذ البدء - وحسب وانما فى اوسساط الادب القومى ايضا . فكثرة القصص التى تتحدث عن النكية الفلسطينية وعن كفاح الجزائر . ان احسن ما كتب فى هذا الموضوع دون منازع هو قصتان قصيرتان كتبتهما السيدة سميرة عزام ، الاديبة الفلسطينية ونشرتا فى مجموعتها " . . . وقصص اخرى " وتليهما فى الجودة بعض القصص التى كتبها الدكتور عبد السلام العجيلى ، حول موضوع فلسطين ذاته .
اما الروايات التقدمية الملتزمة فلعل " قصر الشوق " للكاتب العربى الكبير الكبير الاستاذ نجيب محفوظ احسن ما صدر منها . وقرأت ، وسمعت كثيرا من الثناء على رواية الفها الاستاذ مطاع صفدى ادباء الاقليم الشمالى من الجمهورية العربية المتحدة وسماها " جيل القدر " لكننى لم اقرأ الرواية الرواية ذاتها غير انى سمعته من ناحية اخرى يهاجم على تلك الرواية من قبل بعض الفئات الحزبية .
هذا عن القصة . اما عن المقالة فلم يرتفع الى مستوى الادب الا القليل من المقالات الملتزمة . ولعل مقالات عمر فاخورى - وهو شيوعي - من احسنها .
ويجب ان لا ننسى بعض المقالات التى كتبها الدكتور طه حسين وعالج فيها كثيرا من الامور السياسية والاجتماعية .
ولم يعرف العرب المسرحية الملتزمة التى ترتفع الى مرتبة الادب . لقد الف الشيوعيون كثيرا من المسرحيات " الملتزمة " حسب مفهومهم للالتزام - لكنهم كتبوها باللغة العامية .
هذا هو الأدب العربى الحديث فى التزامه وعدم التزامه . يحتل الشعر مكان الصدارة منه وتقف المسرحية فى المؤخرة . فيه نوعان من الالتزام : الالتزام الشيوعى وكلكم تعرفون ما هو " الالتزام " عند الشيوعيين . اولى بهم ان يسموه " الزاما " والالتزام القومى الحزبى وهو لا يختلف عن الالتزام الشيوعى الا فى بعض التفاصيل . ثم الالتزام اللاشيوعي اللاحزبى ، النابع من نفوس الادباء لقد قدم ادباء هذه الفئة نماذج رائعة من الادب الملتزم لكنهم اندحروا في المجتمع الذي يسيطر عليه التعصب الحزبي الى حد الجنون .
