( ١ )
العلامة الشريف عبد الرحمن بن زيدان نقيب العائلة المالكه بالمغرب الاقصى وسليل ملوكه يعد بحق فى طليعة المؤرخين المعاصرين . بما تخصص فيه وجلى فيه من تاريخ المغرب الاقصى . وقد تفضل سيادته قأتحف مجلة المنهل ؛ بمحاضرته هاته القيمة التى القاها فى محطة الاذاعة بالمغرب الاقصى وها نحن ننشرها معجبين ) ( المحرر )
ايها السادة المصغون الكرام ! لما رأيت ابناءنا البررة لا يدرسون التاريخ ، لا يجنون ثمره ، ولا يتبينون من مقاطعة عبره ، ولا ينشرون بين الناس خيره ، مع انه مرآة الزمان واساس العمران ومن كان معتنيا به فله عمران . حملنى ذلك على ان القي على مسامعكم هذه المسامرة التى ترغب فى الاعتناء به وتبين اهميته ، وتشرح مزيته ؛ وتنشئ فى الناشئة نشوته ، وتحبب اليهم ندوته .
ايها السادة الالباء ! ان التاريخ وما ادراك ، هو الذى ينور الذهن ويرقى الادراك ، شؤنه كلها عجب ؛ تحمل على القيام بما وجب ، والتمسك منه بكل سبب ، وكيف لا وهو المنزل من علوم العمران منزلة العقود من اللب ؛ والكؤس البلورية من الحبب ؟ ان تطلبتم ايها المصغون الاماثل فائدته وجدواه وعائدته ، وجدتموه مرقيا للافكار منورا للالباب ، ومسدد قويا للاطلاع على حوادث الازمان والاحقاب ، فيه ترغيب وترهيب ، وتهذيب وتشذيب ؛ وانذار واعتبار وشغل بال وتسلية وتخلية وتخلية ، وتحريض وتحضيض ، هو المرآة الكبري لاستكشاف نتائج الاولين وآثار الاقدمين في العلوم والصنائع وبدائع الافكار والروائع والمدرجة العظمي للوقوف
على احوال القرون الشاسعة واخبار الامصار الجامعة ، ومالها وعليها من الامور الضارة والنافعة بل هو غذاء الارواح ومهب الارواح الملقحه للاشباح وخزانة اخبار السلف المفيدة للخلف ؛ وسجل اعمال الرجال فى كل مجال وزينة الاديب الاريب ، وعمدة الحاذق اللبيب الجهل به سبة والعلم به جميل المغبة :
ليس بانسان ولا عاقل من لا يعى التاريخ في صدره
ومن دري اخبار من قبله اضاف اعمارا الى عمره
لايجهل فضله الا ساقط الهمه ؛ او غبى لا اهتمام له بالامور المهمة .
ان بحثتم ايها المصغون الجلة عن بيان فضله وفضيلته وجدتموه من اشرف العلوم واجلها عند الخصوص والعموم به يزن الانسان نفسه بمن مضى من اشكاله فى هذه الدار ، فيتمشى على بصيرة فى جميع شؤنها بمقدار ، ناهيكم انه نزلت به الكتب السماوية منها ما ورد باخباره المجملة ومنها ما جاء بانبائه المفصلة ؛ نص فى سفر من اسفار التوراة ما تضمن تفاصيل احوال الامم السالفة ؛ وورد في الانجيل واتي الاحتجاج به فى الفرقان ، قال الله العظيم . ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم : وما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده أفلا تعقلون ) وهذا من لطائف الاستدلال كما قال الزين العراقي . وقال تعالى ( يسئلونك عن الاهلة قل هى مواقيت للناس والحج ) وقال ( ولقد جاءهم من الانباء مافيه مزدجر حكمة بالغة ) وقال . ( فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما ) وقال ( وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك ( وقال . لقد كان فى قصصهم عبرة لاولى الالباب ) وفى صحيح مسلم عن جابر بن حرب قال قلت لجابر بن سمرة رضي الله عنهما كنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم كان لا يقوم من مصلاه الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس فاذا طلعت قام وكانوا يتحدثون فيأخذون فى امر الجاهلية ويضحكون ويبتسمون ، واخرج البخارى فى بدء الخلق من صحيحه عن ابن شهاب قال سمعت عمر رضى الله عنه
يقول قام فينا النبى صلى الله عليه وسلم مقاما فاخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل اهل الجنة منازلها واهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه ؛ واخرج مسلم فى صحيحه عن عمر وابن اخطب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فاخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا احفظنا واخرج الامام احمد فى مسنده عن ابى زيد الانصارى باللفظ الا انه قال صلاة الصبح بدل صلاة الفجر وفى سنن ابى داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن بني اسرائيل ما يقوم الا لعظيم صلاة . وفى الشفا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع جلسائه بحديث اولهم اى بما كان قبل الاسلام من حروبهم كيوم بعاث . وبوب للتاريخ البخاري في الصحيح . ( يتبع )
