ولد الدكتور محمد خيرى القبانى رحمه الله فى دمشق عام ١٨٨٠ ميلادية وتلقى علومه الابتدائية والثانوية فيها ثم التحق بكلية الطب العسكرية العثمانية فى استانبول وتخرج منها طبيبا برتبة رئيس فى عام ١٩٠٤ م وبالاضافة لدراسته الطب حصل على ليسانس الآداب - قسم التاريخ من استانبول ، وخدم الجيش
العثمانى متنقلا مع القطعات العسكرية فى الروملى والاناضول والبلاد العربية ، ولما أعلن الشريف حسين بن على ثورته على الحكم التركى التحق الدكتور محمد خير بجيش الثورة وكان يقوم باسعاف الجرحى تحت وابل الرصاص والقذائف ولما انتصرت ثورة الشريف حسين ودخلت جيوشه لدمشق دخل معها الدكتور محمد خيرى وكان قد رقى الى رتبة امير لواء ( زعيم ) .
تدريسه في كلية الطب بدمشق :
كانت الحكومة السورية قد أقامت كلية للطب فى دمشق مقام كلية الطب العثمانية التى كانت قائمة فيها ، وجعلت التدريس فيها باللغة العربية واستدعى الدكتور محمد خيرى القبانى رحمه الله للتدريس فيها فقام بتدريس امراض النساء والولادة وعلم الرشيم - الرحم - وله مؤلف قيم فى علم الرشيم يعتبر الاول من نوعه باللغة
العربية واكثر تلاميذه يحتفظون بهذا المؤلف حتى الآن لندرته ومن تلاميذه الكثيرين مجموعة من اطبائنا المعروفين فى هذه المملكة
اعماله كطبيب فى الاردن :
التحق رحمه الله بأمارة شرق الاردن ونظم فيها الكثير من الخدمات الطبية فى عمان والطفيلة التى لا تزال مرعية التطبيق فى الاردن حتى يومنا هذا
خدماته فى الصحة العربية السعودية :
كان المرحوم الدكتور محمود حمدى حمودة مدير الصحة العام فى المملكة العربية السعودية قد طلب من صديقه وزميله فى السلاح الدكتور خيرى القبانى رحمه الله المساهمة فى الخدمات الطبية وعين معاونا لمدير الصحة العام وقام فيها بنشاط منقطع النظير فى الحقلين الصحى والادارى ، وبالتعاون مع الدكتور محمود حمدى وبقية الزملاء . وفى ذلك العهد نظم فى المملكة ولاول مرة : -
١ - نظام التلقيح ضد الجدرى .
٢ - نظام مدرسة التمريض
٣ - نظام الكورنتينات والمحجر الصحى .
٤ - نظام استخدام الموظفين الصحيين
٥ - نظام الخدمات الصحية في موسم الحج
٦ - برنامج الحج الصحى .
٧ - نظام مساكن الحجاج .
٨ - نظام تطهير مياه الشرب في موسم الحج وفى غيره .
٩ - نطام نوبات الاطباء والممرضين والموظفين الصحيين وهذه الانظمة ما زالت حتى يومنا هذا الينبوع الذى استقت منه جميع اللوائح والانظمة الصحية التى صدرت فيما بعد حتى يومنا هذا .
دراسته فى أوروبا للاختصاص والمتابعة :
سافر الدكتور محمد خيرى القبانى رحمه الله الى أوروبا لدراسة الشئون الصحية فى
هذا الشأن للاستفادة منها والعمل على تطبيق ما يتلاءم منها فى المملكة ، واغتنم فرصة وجوده فى باريس فعكف على دراسة طب العيون ووضع فيه مؤلفا باللغة العربية لم يطبع حتى الآن ، كما نقل الى المملكة الكثير من اللوائح الصحية للمدن والمستشفيات صدر الكثير منها بشكل لوائح متتابعة وما زالت حتى الآن المرجع الاول لكل اللوائح والتنظيمات .
خدماته في القوات المسلحة السعودية :
التحق رحمه الله بالحملة العسكرية التى حاربت فى اليمن فى عهد المغفور له الملك عبد العزيز وكان يعالج مرضاه فى ساحات القتال ويعكف على تأليف كتابه بأمراض العيون كلما وجد فرصة مناسبة وكان فى الحرب مثله فى السلم دائم النشاط والحركة والحيوية .
نبذة عن أخلاقه رحمه الله :
كان الدكتور محمد خيرى وديعا لطيفا حلو الحديث واسع الاطلاع حساسا تجاه المرضى ، وكان لا يستنكف عن قطع المسافات البعيدة اما راكبا او ماشيا على أقدامه لاسعاف مريض يقيم فى منطقة نائية رغما عن تقدمه بالسن وحاجته للراحة ، وكان ولوعا بتدوين كل ما تقع عليه عينه من الطرائف خلال المراجعة ، وهو واسع الاطلاع بالتاريخ الاسلامى والعربى ويجغرافية الجزيرة العربية ، وكان مرجعا اقواد القوات المسلحة خلال حملة اليمن فى
كل ما يتعلق بتاريخ وجغرافية تلك البقاع .
مثاليته فى تربية ابنائه :
لقد عنى الدكتور خيرى بتعليم وتثقيف أبنائه وبناته بالثقافة العربية الاسلامية الصحيحة وقد اثمرت جهوده فترك ابناءا تفخر وتعتز بهم امتهم منهم
١ - الدكتور فاضل القبانى - وكيل الوزارة لشؤون الثروة المعدنية .
٢ - مأمون القبانى - وزير مفوض
١ - سهل القبانى - مدير شركة المنتجات الجديدة .
٤ - عصام القبانى - رئيس القسم الاقتصادى بوزارة البترول والثروة المعدنية .
الدكتور محمد خيرى القبانى في شيخوخته:
لما تقدمت به السن فضل الاقامة فى مدينة الطائف وكان يعالج مرضاه ويدأب على الطالعة والتأليف حتى وافته المنية عن عمر يناهز الثامية والثمانين قضاها كلها فى الجد والنشاط وخدمة المرضى والتنظيم
رحمه الله رحمة واسعة وجعل الخير والبركة فى ابنائه وذويه وانا لله وانا اليه راجعون
