الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "الفكر"

الرحلة الصفر ... الغثيان ... الموت

Share

إن الحكمة الحقيقية تكون هادئة . . ولكن جميع العظام يقاسون من العذاب . .

الرحلة ما زالت طويلة يا ولدى . . طويلة . . ولن تفلح فى اختصارها بأحراقك للفائف فى نهم شديد . . لان اللفائف تحرقك انت كما احرقت العديدين من قبلك . . ولكن ، انظر حولك . . وحاول ان تتجاوز هذا الطعم المالح وهذا الجفاف الذى يستبد بحلقك . . ولا تفكر في أن تلتهمنى بشراهة . . فكل من هم ان يفعل ذلك من قبلك انتحر فيما بعد على قدمى ، واخذ يلحس دمه بلسانه وكأنما يسقى ماء الحياة من جديد . .

نفخت برفق على دوائر دخان سيجارتك العذبة ، فتلاشت فى الهواء كتبد السراب . . مسحت براحه يدك الغليظه قطرات العرق التى تفصدت على جبينك . . ثم زفرت تحت وطأة الحرارة التى تستعمر عربة القطار . . الناس من حولك يثرثرون . . كل له قصة مع الحياة تطول أو تقصر . . وكل جاهد فى مغالبة العدم والشعور بالنقص . . الاشياء من حولك جامدة ساكن كالموت . . وبين الحين والآخر تحركها اهتزازات عربات القاطرة ، فتتململ فى انزعاج خفيف ، ثم تعود الى الهدوء ، كأنها احدى رجات يوم الحشر .

- (( أف ! . . يوم الحشر!...))

ابتسمت ابتسامة صفراء مبهمة . . ثم قمت بتؤدة واخرجت رأسك المحموم من النافذة تستنشق هواء المساء البارد . . لفحتك احدى هبات النسيم البحري ففتحت فمك وانفك لتملأ رئتيك بهذا الهواء . . انه يبعث فيك نوعا من النشاط غريبا قد يبعدك عن الاهتمام بخرف دماغك الاجوف . . وعلى البعد ظلت الشمس صفراء حزينة معلقة بين السقوط فى هوة هذا البحر الاخضر العميق وبين التعلق بالسماء والحياة اكثر فاكثر . . تراقص خط الافق بين عينيك ، فبدا لك لونا رماديا غامضا تاهت فى عمقه عيناك ، وشملك فى نشوة عارمة كأنه يريد ان يشدك اكثر الى السماء والارض .

العمق ، ، العمق ،

دعوا هذا العمق يشملنى ، يغمرنى ، ،

دعوا هذا العمق يقتلني ،

يفني ، ( كذا ! )

دعوني أغرق ، اغرق ،

دعونى أختنق

دعوا هذا العمق يسحقني

يمحقني ، ،

لأصبح فقط ،

كأسا من الخمر

هي . . نعم . . انها هى . . عيناها الزرقاوان بحر يبحث عن العمق .... في وجهها الرمادى تطلعات الى اشياء متعددة . . وفى صمتها الصارخ ملامح القحط والموت يغطيهما سكون مبهم . . وها هي ذي تصطادك بعينيها مند أن اخذت مكانك داخل العربة ، تريدك ان تقف على الشاطئ بعد هذا السير اللاهث وان تدفن وجهك المتعب في امواح هذا الغريق ، ، وان يحتضنك العمق لتحس بالدفء . . و لتسمع منك ، ، نجوى . . أمامك ، ، كانت

تيدو غير مكترثة بأحد ، ، وفي محياها علائم الاستسلام واللامبالاة . . ولكنها كانت تسرق اليك النظر في الخفاء ، ثم تحول بسرعه بصرها عنك ، فترتسم أمام عينيها غمامة بيضاء مالحة كأنها الدوار او الغشية .

تراقصت اشياء متعددة امام عينيك ، واحسست بشئ من الدوار فى رأسك . . ثم كان ان تركت النافذة وعدت الى مكانك من العربة . .

(( اسقنيها ،,

بابى انت وأمى

لا لتجلو الهم عنى

انت همى ... ))

عندما انبعث اول لحن من جهاز التسجيل ، كانت جملة من احاسيسك تتمرغ على صفحة القلق الباطنى . . عيناك بقيتا تحلقان فى المجهول . الوان ضبابية تمر أمام مخيلتك العجوز فتترك خيوطا سرابية مالحة تتبع نغمات الموسيقى الشرقية ، ، ثم تنحدر الى قرارك اللعين ، فتولد نوعا من الضيق يجبرك على الاشمئزاز من نفسك . . الا يعرض ان يكره الانسان نفسه فى أحد المواقف الحياتية المؤلمة ؟ . . ولكن انت يعرض لك هذا شكل غريب ومتنوع . . خاصة عندما تحس بان الحياة لا تعدو أن تكون احدى غيمات الصيف القذرة ،، أو موجة بحر مالحة تجفف الحلق واللهاة ...

فى أغوارك ، تكون انسانا تائها فى صحراء لا حدود لها . . تدب رائحة العطش والموت فى جسمك . . وتحاول أن تصرخ بكل جوارحك . . ثم يعتريك نوع من الذهول . . فاذا انت تتآكل بشكل جهنمى فظيع . . واذا هم ايضا يتآكلون ،، بتؤدة ،, ولكنهم لا يشعرون . . وتبقى الحشرجة فى حلقك وانت صامت :

- (( الماء ! . . الماء ! . .))

هذه المرة خرجت عن قواعد الحلم . . ولكن مع ذلك لم يسمعك أحد من الجالسين حولك ، إلا هي . . فقد رأت فمك نصف مفتوح ، ، وقرأت في وجهك الرمادى تطلعات الى اشياء متعددة . . شئ محير . . هذا الدافع الغريب الذي يدفعها الى ان تهتم بك كل هذا الاهتمام . . سرقت النظر الى وجهها .

غريب في كل مرة يرتسم على محياها لون من ألوان الحياة :  . . وجهها رمادى . . وجهها اسود . . وجهها ممتقع . . منبسط  .. هادىء . . حزين . . أصفر . . الوان . . اشياء . . تمتزج جميعها فى نظرة رحيمة قاسية ترسلها اليك خلسة وانت تتصنع عدم الاكتراث . . وعدت الى نفسك . . هذه المرأة لا بد أن تكون قدرك ، ، أو جزءا من قدرك . . وعلى اية حال ، لا يمكن لك ان تتجاهل ارهاصات العمق فى داخلك ، ورائحة الموت المفزعة فى قلب القحط . .

ظمآي ...

ظمآى قوافلى,

ظمآى صحرائى ,

وأنا أريد أن أبحر

أريد أن أغطس

أغطس الى العنق

على اشتم رائحة الماء ،

رائحة الحياة

واعود بقطرة من هذا العمق

قطرة واحدة

تمحقني

تسحقني

تفنني

لأموت شهيدا

فى هذا العالم التآفه

عالم المجانين

عجلات القطار تداعب السكة فى رفق ولين اولدهما التعب . . لعلها تخاف - اذا هي استمرت في التمرغ عليها بكل جنون - ان تبتلعها السكة او تبتلع هى السكة ، وبالتالى أن يقطع حبل الحياة بينهما ، فيستمر كل شئ ، ، حتى

القطار والمسافرون . . ان يقطع حبل الابحار شىء جميل . . ولكن هناك من لم يمل من هذا الفن . . هناك الباحث دائما عن العمق . . عن الكشف . . ولا معنى عنده للحياة بغير هذا . .

عندما ادرت بصرك ثانية إلى البحر والشمس ، كان كل شئ فى الخارج جامدا ، ، ساكنا ، ، مفزعا كالموت . . قرص الشمس الاحمر ينحدر فى رفق ليعانق الافق الغربي ذا اللون الباهت . . تموجات الماء خفيفة على سطح البحر الاحمر . . السماء السماء حمراء نصف عارية . . الوان هذا المساء الحزين بدأت تكتسي نوعا من القتامة والعمق ، ، وساعة الغروب قد دقت .

فى داخلك يستوى الزمن والمكان فى مثل هذه اللحظة المقلقة . . كل ارهاصات العمق تنعكس على سطح هذا البحر المخيف . . مشاعر وآلامك تطفو فوق الماء وتتولد فقاقيع ترابية اللون . . لا طعم ولا رائحة . . بل مدورة على شاكلة الاصفار التى كان يعج بها كراس الرياضيات عندك . .

(( العالم ليس عقلا . . والمعلم كان مخطئا حين ادعى ان الانسان ليس اكثر من رقم .. ))

فى لحظة مثل هذه اللحظة ، ، يبدو لك كل شئ غامضا . . تافها ... مالحا تحس بأن أمعاءك تتكور ، وتجتاحك موجة من القلق تشعرك بعبثية وجودك . هذا اللون الغائم قذر ، ، يزيد فى وحشتك واحساسك بتفاهة الحياة . . تمر أمام مخيلتك صور شتى . . ثم ٠٠ رجل ينهار على كرسى بعدما سار طويلا بسبر اغوار العالم . . يتأمل لحظة . . تبدو له القاعة فارغة ، جوفاء ، مخيفة تماما كقاعة الخالي من كل شئ .

.يحس بأنه منهك . . خائر القوى . . يسند رأسه الى ظهر الكرسى . . لحظة . . ثم يتحسس جيوبه . . يخرج مسدسا اسود فى لون قتامة الحياة . يفتح ازرار قميصه الابيض . . واحد . . اثنان . . ثلاثة . . ثم يمر بيده وئيدا على قلبه ، يتحسس نافورة الاوهام الكاذبة . . وبحركة طبيعية جدا بضع فم المسدس على خزان الحياة ، ثم يغمض عينيه ، وتسمع طلقة نارية تدوى فى اركان القاعة . .

نهاية جميلة لبداية مؤلمة . .

أخاف على رأسك المحموم يا ولدى . . وأرجوك أن تبقى على السطح . . بلا ابحار . . بلا شئ . . ان تدع عنك الابعاد التى لا تتناهى . . وان تكتفى بجهلنا وبساطتنا وشقائنا . . ان تهجر العمق ، ، والا فانه سيبتلعك بشراهة وانت الآن فى بداية النهاية . .

وضعت رأسك بين يديك . . غريبة هذه الاصوات تتناهى اليك من بعيد كأنها خارجة من هوة يئر سحيقة . . علائم الدوران بدأت تتسرب اليك . على وجهك ارتسمت صفحة من القلق والضياع اودت بك فى عالم غريب . .

رائحة القئ تنبعث من كل أعضاء جسمك ، والطعم المالح للحياة دائما يرجع اليك عودا على بدء . .

غريب أنا

فى متاهات العمر

يا عمرى

يا زمني

يا لحظة كئبة

حزينة

ترتطم على صخورى اليابسة

وتنكسر

لترسم البداية

بداية النهاية

نهاية الهارب من الزمن المشؤوم

الزمن الغادر

تتواصل الاشرطة الراقصة أمام عينيك الغائمتين . . وتبدو هادئا كأنك فى لحظة اغفاءة رقيقة . . ثم يهز انتباهك صوت نأى ينبعث من احدى زوايا

العربة . . وتنصت . . جملية هذه التأوهات التى يعرفها هذا الانسان الغريب . . يتملكك الفضول ، فتلتفت لترى صاحب الصوت . . رجل بائس قذر اسمر الوجه ، شائك اللحية ، رث الهندام ، يندب حظه بنغمات حزينه ، يريد ان يسمع الناس شكواه ، وان ينقلب العالم رأسا على عقب .....

اولئك وانت . . نعم انه صوتك وصوت اولئك التعساء الحزين . . صوتكم الباحث عن الخبز ، عن الحب ، عن الحرية . . انهم قومك . . يبيتون على اعقاب خبز مالح جاف ، وتنفخ اوداجهم بالنفاق واساطير الاولين . . يا مساكين قريتك وعراء العالم . .

ترتفع درجة الحرارة فى رأسك . . تتوتر أعصابك وكل خلايا جسمك . . تشعر بانقباض شديد . . وتشتد بك الرغبة فى تحطيم كل شىء . . حتى نحطيمها هي واعادة بنائها من الاساس . . تعزف فى داخلك اوتار سيمفونية مضطربة . . تختلط لديك الاشياء وتتشابه . . وتستوى كل آلام الحياة فى لحظة مثل هذه اللحظة القاسية العذبة . .

(( ما ابدع الحياة عندما تتجلى لنا بمثل هذا الشكل العبثى المفرط . . هذا الشكل الرائع المروع . . ))

الاصوات تتناهى اليك من كل جانب . . هي تصرخ فى وجهك بكل قواها . . هم أيضا يصيحون ويشتكون ويبكون . . وانت تصرخ وتشتكى وتتقطع اوصالك . . وتحس برأسك يتعاظم كالطبل . . ثم تضيع فى زمرتهم . . نوتة من موسيقى ثائرة متمردة . .

سأحبك انت

أعماقا

وسنأكل معا

خبزنا الاحمر المدور

وسنشرب معا

من عرقنا المالح اللذيذ

سأحصد الزرع بالمنجل

سأجنى الزيتون

سأحرث الارض اليابسة

لتنبت الشوك فى بلادى

سنسمع معا اغاني الرعاة الحزينة

الرعاة البائسين

سنصطلى بالشمس المحرقة

والريح الغبراء الباردة

كالثلج

والقحط

والظما القاتل

ساطعمك اللوز المر

كالعلقم

حتى تقدسيها

وسنمشى معا

على الاشواك

والدم الأحمر

عطاشا

عطاشا

حتى نحترق

عندما التقت عيونكما ثانية ، ابتسمت لك ابتسامة غامضة تخفف بها من حدة الموقف . . رددت بابتسامة صفراء مبهمة . . ثم ادرت رأسك الى البحر حيث تنعكس على صفحة مائه ظلمة الليل الآخذة فى الانتشار . . جميل هذا اللون الاسود القاتم . . بامكانه ان يطوى كل شئ . . البداية والنهاية وعبث الانسان الضحل . . وما احلى ان تضيع فى سواد الليل المبهم ..

عزفت اوكار القلق فى داخلك ...

اشتد ضيقك ودوران رأسك اللامتناهى . . وبدا لك من جديد كل شئ تافها ، ، مالحا ، ، غائما لا معنى ولا حياة تخفق فى داخله . .

- اقتربنا من المحطة الثانية . . استعدوا للنزول ! . . قالها بائع التذاكر وانصرف فى طريقه الى العربة الموالية . . وبدأت القاطرة تكبح من جماح السرعة ...

نهضت من مكانها ، واخذت حقيبة صغيرة حمراء فى يدها . . ثم جاءت لتجلس الى جانبك بعض اللحظات . .

فى رأسك ، دارت اشرطة متعددة ، سوداء - بيضاء ، ، أو بالالوان الطبيعية . . بدا عليك الاضطراب واضحا ، ، واستوى عندك الزمن الى هذه اللحظة المبهمة . .

ما ستكون نهاية هذه اللعبة ؟

طوال هذه المدة القصيرة ، كانت تحملق فيك مليا كأنها تريد ان تأخذ عنك صورة كاملة . . وانت شبه فاقد لوعيك . . وحلبات الرقص لا تغادر دائما مخيلتك المتعبة العفنة . .

القاطرة آخذة فى التوقف ، وعن قريب تعلن نهاية الجولة الثانية . .

عندما مالت اليك واخذت تحدق فى صفحة وجهك ، أحسست ان حبك لها كان قدرا ، ، وان نهاية الرحلة ستكون رائعة القسوة ، رغم اللفائف والقحط وبحثك المستمر عن العمق والموت . .

ولما عيل صبرها واوشك القطار أن يقف ، همست في اذنيك وعلائم الحزن تشوه وجهها وكل كيانها :

(( كنت أريد أن اسمع منك نجوى ، بعد كل ذلك العطش والموت والسير اللاهث . . ولكنى تيقنت ان مصيرنا واحد وان تعددت الاشكال . . والآن ، ، وداعا ٠٠ ))

لا يا ولدى . . لا تكتب الشعر ، ، فانه يدنيك من النهاية . . ولتبق عيناك مغمضتين ، حتى لا ينكشف لك لرعب والروعة ، ، ويكون اندحارك المفزع بداية نهايات أخرى . .

عندما وطئت رجلاك أرض المحطة ، ، كان أول ما فعلته هو ان استقللت سيارة أجرة إلى اقرب شاطئ من المدينة . . وعلى الصخور الشديدة الجاثية فوق الرمل ، كانت رجلاك تقعان ببطء ثقيل كانهما تحملان كل اعباء الحياة . لصمت يلفك على هذا الشاطئ الصخرى وبرودة الليل تسرى الى جسمك المنهك . . واحسست انك مثقل . . مثقل . .

تلك ، ، وهم ، ، وأنا ، ،

اصوات ضائعة تنفخ فى الريح

وقد تشتد يوما ما

عندما تزاح الاقنعة

وينكشف كل شىء

عندما تتعرى الحياة

وتظهر لنا الحقيقة

عارية

كحواء

ولكن ، ، عندها ، ،

هل سيتغير مجرى الريح ؟

وتولد الاشياء

بيضاء ، ناصعة

مع مطلع الشمس الجديد

الطافح بالامل

والحب

والعدل

والخير

كلت عيناك . . كلتا من التحديق فى صفحة الماء المظلمة . . اصوات العذاب تتناهى دائما الى اذنيك . . فى رأسك يعيش اشقياء العالم كلهم . . وفى داخلك القلق والضياع يشعرانك بتفاهة الحياة وعبث الوجود . . وفي صمت هذا الليل المبهم اكثر من صرخة . .

عندما تنقلت رجلاك بين الصخور ، احسست انك متعب حقا ، ، وان شيئا غريبا يدفعك لمعانقة هذا الماء الاملس الدافيء .

لم يدم ترددك لحظة . .

ثم القيت بثيابك على الصخر ، وتقدمت بتؤدة إلى البحر وعلائم اللامبالاة بادية على وجهك . .

أخذت تعبر الموج . .

عندما داعب الماء صفحة وجهك ، ارتسمت أمام عينيك غمامة بيضاء مالحة . جف حلقك ولهاتك واستبد بك الظمأ والقحط من جديد . . تذكرتها وتذكرت السجائر والرحلة واصواتهم الحزينة وزنزانات الموت فى داخلك . .

احساسست بشئ من الدوار ينتابك . . ثم اغمضت عينيك وشعرت أنك ننزل الى هوة بئر سحيقة لا قرار لها . . هم يطلون عليك من فوق ، يبكونك ويمدون اليك حبالهم . .

ورأيتها هى . . تبكى وتمد اليك حبالها محاولة بكل قواها أن تنقذك . . ثم صرخت :

(( النجدة ! . . النجدة ! . . ))

اشترك في نشرتنا البريدية