الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "المنهل"

السيرة النبوية

Share

السيرة النبوية العطرة هي سفر الخلود ، وسر العظمة والنبوغ . . إذا تأملنا اسرارها وحللنا مواقفها ودرسنا احوال مشاهدها وغزواتها وسراياها نجد أنها دروس شيقة محسوسة تنير لنا سبيل الهدى والسعادة وتأخذ بأيدينا - اذا اعتبرنا بها - الى اوج العزة والسؤدد ، ألسنا ننشد الحضارة والتقدم والتسدن ؟ ألسنا نطلب القوة والنصر والحياة الطيبة حياة الاستقلال والهناء ؟ ألسنا نريد أن نفكك عنا قيود الجهل والفقر والمرض ، ونحيا حياة النظام والاخلاص والعمل والشعور بعظيم المسؤولية ؟ إن كل ما ننشده ونطلبه ونريده هو ملموس فى سيرة المعلم الأعظم والرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم فلندرس إذن السيرة النبوية ولنفكر فى اهدافها السامية واسرارها الكبرى دارسة تحليل وتنفيذ ، دراسة اتباع واعتبار ؛ لنقرأها فى مدارسنا ومساجدنا ولنلقنها أولادنا ونساءنا ، وليختر المدرسون والخطباء والمحاضرون بعض الغزوات الشريفة ليتكلموا عن عجائبها ويكشفوا النقاب للعموم عن فحواها وآثارها ، ولنذكر مناقب المهاجرين وفضائل الانصار رضي الله عنهم ، لنمتلئ بحبهم وتقديرهم ، ولننشر سير الشخصيات الاسلامية من قواد الاسلام وابطال الفتوحات والعلماء من الجفاظ والقراء والادباء والشعراء والكرماء والاجواد ليعرف النشء تواريخ الآباء والاجداد الصيد المغاوير اولى المعالي السواحق والهمم العوالي والآثار الخالدة والاعمال النافعة والنيات الصالحة

أليس هذا هو الواجب المفروض علينا يا شباب الاسلام ؟ فأن السيرة النبوية والتاريخ الاسلامى مع ما فيهما من سر عظيم ومجد شامخ وفخر اعلى وعز مكين واخبار صادقة ومعجزات خارقة ودروس حيوية نافعة - قد وجدا من ابناء الاسلام من يصدف عنهما الى روايات كاذبة واخبار ملفقة وآراء خاطئة ومظاهر هدامة وعناوين مغرية واساليب عقيمة ، وكل هذا إنما وقع بسبب حرية الطبع والنشر فى الخارج واطلاق الحبل على الغارب واهمال المراقبة الدينية وحب المادة وإيثار الاغراض والهوى واسناد الأمر الى غير أهله ، فيؤلف الرجل في غير فنه فيأتي بالعجائب ، فكم جرت هذه المصائب على الاسلام ويلات مؤلمة يصبو اليها الالحاد ويشعلها اهل الفساد ، تقشعر منها جلود المتقين وتنفر من عواقبها افئدة المؤمنين ؛ لكن للدين ربا ورب الدين يحميه

أليس من العار أن يجهل أبناؤنا سيرة رسولنا الأكرم وسير ابطالنا وعلمائنا ، مع العناية بدارسة من لا يستحق عناية ، من غير المسلمين ؟ إن هذا لعار عظيم ، ما اخطر هذه الروايات الغرامية والصور الفاتنة والقصص الملفقة يزداد بها الفتى ميوعا ورقة وعشقا وفتنة ، فمتى نجد ابطال الدفاع واسود العرين وأشبال القوة ورجال الغد إذا لم يقرأ الشباب اخبار الشجعان وسير الابطال ويحفظوا أشعار الحماسة ويظهروا بمظهر الرجولة ؟ وكيف يشحذون عزائمهم ويلتهبون غيرة للدين ودفاعا عن الوطن العزيز ؟ آه آه من تيار البلاء ومصائب الحضارة ووسائل الالحاد ما اكثر انتشارها فى هذا العصر ! . إن بعض الكتب العصرية مملوءة بالمطاعن فى دين الاسلام وتاريخ المسلمين وقرآنهم وحضارتهم تحت ستار النصح والنقد ؛ تطبع وتنشر ثم تسمع الضجة فى الأندية والصحف والمجلات ولكن كل ذلك لا يقيد . . إننا لنحذر ونخاف ونصحح وندعو ونحن والحمد لله مأرز الأيمان مع حرص الراعي ورجاله وفقهم الله على نصر الدين وحماية الاخلاق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والمحافظة على الحياء فكيف لو كنا والعياذ بالله فى وسط الحرية والفتن ؟ ما اصعب تربية الابناء تربية

إسلامية محمدية فى العالم الاسلامي اليوم مع انتشار الملاهى والفتن إنها لكبيرة الا على مرب مخلص ماهر

هذا ولنورد موجزا من بعض نواحى السيرة النبوية فكل نواحيها هدى ونور واصلاح

١ - نشأ محمد صلى الله عليه وسلم يتيما فكفله عمه ابو طالب وأدبه الله فأحسن تأديبه ورباه واصطفاه ؛ فالواجب علينا تربية أيتام الأسلام لأنهما أبناء الامة كلها قال الله تبارك وتعالى : وأن تقوموا اللتيامى بالقسط ( والايتام والمساكين اوصانا الله بهم بأبلغ بيان حتى كأن النجاة من العذاب والتخلص من الذنب لا يتمان الا برعايتهما قال تعالى : ) فلا اقتحم العقبة وما ادارك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ( وقال تعالى : ) ولا يحض على طعام المسكين

٢ - كان صلى الله عليه وسلم يرعى الاغنام لاهل مكة على قراريط ليترقى من رعى الاغنام الى رعاية الانام وليمتلىء فؤاده الشريف رحمة وحنانا هذا درس عظيم يعلمنا فضل العمل ويحذرنا البطالة والكسل ؛ إن الله يحب المؤمن المحترف ، وما أكل أحد طعاما قط خيرا له من أن يأكل من عمل يده وان نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ، إن العامل عضو نافع فى جسم الامة والهامل عضو أشل إما أن يعالج فيصلح او يقطع خشية ضرره ، فالأسلام دين العمل والعلم ونظام الدين والدنيا وسعادة الأولى والأخرى

٣ - كان الله صلي الله عليه مشهورا بالصدق والامانة حتى لقبوه بالا مين . . وهنا فعلم كيف اعده الله لتحمل رسالته فحلاه بوسام الامانة الذهبي فحاز كمال الثقة والتقدير فليعلم ارباب الوظائف والاعمال أن الامانة هي اول واجباتهم فلا نجاح إلا بالامانة قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم (

٤ - كان صبره صلى الله عليه وسلم على تحمل الأذى فى سبيل نجاحه درسا جليلا

للزعماء والمصلحين أن يتدرعوا بالصبر والثبات فهذا طريق السعادة أيتها الدنيا لقد جاءك سيد الصابرين وامام المصلحين :

جاءك المنقذ المحرر لا يترك قيدا ولا يغادر نيرا

ورث المالكين والرسل الها دين بالحق اولا واخيرا

الحكم الذي يهد ويبني فيجيد البناء والتدميرا

والزعيم الذي يسن ويقضى لبني الدهر غيبا وحضورا

تترامى الاجيال بين يديه تتلقى النظام والدستورا

رب آتيتنا هداك وأنزلت علينا كتابك المسطورا

فلك الحمد وافرا مستمرا ولك الشكر باقيا مذكورا

مكة المكرمة

اشترك في نشرتنا البريدية