توطئة : الادب الاندلسي شعرا ونثرا حظي بدراسات كثيرة لعدد كبير من أفذاذ ادبائنا ، ولعدد كبير من المستشرقين ايضا ، وكان هناك فعلا طائفة من المستشرقين الالمان الذين اهتموا باحياء التراث الأندلسي من جهة ، ودراسته وتحقيق نهوضه من جهة ثانية .
والمستشرقون الذين اهتموا بهذه الناحية أو هذا الجزء الغالي من ادبنا كثيرون ، أذكر منهم على سبيل المثال : انخل جنثالث بالنتيا وليفي بروننصال ، ودوزي ، واسين بلاثيوس ، وغيرهم . .
أما من اهتم به من العرب فكثيرون أيضا أشهرهم الاستاذ عبد الحميد العبادي ، والاستاذ محمد عبدالله عنان ، والاستاذ حنا الفاخورى ، والشيخ محمد رضا الشبيبي وغيرهم كثيرون .
وجل هذه الدراسات تناولت الشعر الاندلسي بعد تكون الدولة الاموية فيه . . ومعظم هذه الأبحاث تناولت ما تميز به الأدب الأندلسي من فنون ، كفن الموشحات والأزجال . . وناقش كتاب أفاضل كثيرون قضية الموشحات وموطنها الاول : اهي حصيلة الثقافة المشرقية ؟ ام بنت الأندلس ؟ وطالت المجادلات وكثرت الآراء
ولقد تناولت بالقراءة كثيرا من المصادر والمراجع فلم أجد منها اهتماما بالأدب الأندلسي في العصر الذي سبق ظهور الدولة الأموية وحكم عبد الرحمن الداخل . أو بعبارة أوضح : لم أجد اهتماما كبيرا بما يسمونه عصر الولاة ، بل ان بعض الكتاب يتجاوز احيانا هذا العصر قافزا قفزة سريعة إلى ما بعده وكأنه يرى أن لا أهمية لهذا العصير تستوجب الوقوف عنده قليلا ، والبحث عن الانتاج الأدبي فيه . . ووجدت آثارا تورد أبياتا قليلة لشعراء اشتهروا فى هذه الفترة دون أن تورد ترجمة كاملة لحياتهم واتجاههم الشعرى ، ووجدت مصادر أخرى على العكس من ذلك تماما تكتفي بأخبار الشاعر ضاربة صفحا عن شعره الذي قد يورده مصدر آخر
ومعظم ما ذكرت هو من المصادر القديمة ، أما الحديثة فمعظمها لا تولى أهمية تذكر لهذا العصر . . وقد أخذ هذا السؤال يلح على ، كثيرا : لماذا لم يهتم الباحثون بادب هذا العصر ؛ وجاءني الجواب في بعض ما قرأت من أسفار .
فسبب عدم الاهتمام بأدب هذا العصر يعود الى انه كان عصرا مضطربا تحيط به الفتن والقلاقل ، فهذه الفترة كانت في الحقيقة فترة انتقال من الحكم القوطي الى الحكم الأموي الإسلامي المستقر الذى دام حوالى ثلاثمائة سنة .
وبالرغم من قصر هذه الفترة التى نسميها بعصر الولاة والتي بدأت من سنة ٩٥ ه الى سنة ١٣٨ ه فقد تقلب فيها واحد وعشرون واليا ، أى بمعدل سنتين للوالى الواحد .
وبطبيعة الحال ان بلادا هذا شأنها من الاضطراب تحول هذه العوامل بينها وبين
ازدهار الشعر ونمائه . . هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان الشعر الاندلسي في هذه الفترة كان صدى خافتا للشعر المشرقى يحاكيه فى صوره وتشابيهه ، فكأن الشاعر الأندلسي خلق ليعكس البيئة المشرقية ، لم يستغل جمال الأندلس ولم تؤثر فيه البيئة الجديدة فيأخذ منها صورا يزين بها شعره بل ظل مع المشارقة فى خيامهم وابلهم وجزالة ألفاظهم وخشونتهم . . وهكذا لم يجعل الشاعر الأندلسي لنفسه شخصية مستقلة تجذب اليه أقلام الكتاب ، بل كان محاكيا ، ومقلدا ، فأدار عنه الكتاب ظهورهم باحثين عمن جدد وابدع
والذي لفت نظري أيضا قلة شعر هذه الفترة ، فليس للشاعر الا الابيات القليلة . وهنا تبادر الى الذهن سؤال جدير أن يبحث عن جوابه وهو : هل أن شعراء هذه الفترة كان انتاجهم قليلا بطبيعته ؟ أم ان انتاج الشاعر كان وفيرا ولكن تدخلت عوامل وظروف قاسية ابتلعت هذا الانتاج فلم يبق منه الا النزر اليسير .؟
أما بالنسبة للاحتمال الاول ، فأنا استبعده كل الاستبعاد لأننا لم نر شاعرا واحدا من شعرائنا الا وله ما لا يقل عن المائة بيت . . فالعربى مكثر في كل شئ وقريحة العربى كانت تفيض وفيضانها دائم . . لقد اتخذ الشاعر القديم من الشعر ترجمانا لأحاسيسه ، فاذا أحب أو كره او حقد أو رغب أو رهب ، جاد بأحسن القول وأسلسه ، فهل من المعقول أن يكون شعراء الاندلس وهم العرب الفصحاء ليسوا قادرين الا على قول البيت والبيتين ثم تنضب القريحة وتخمد الأحاسيس . وتموت الشاعرية . . ليس من المعقول قطعا ان يكون
هذا شأنهم والا لما جادوا بهذه الأبيات الفخمة القوية . . ولقد قرأت آراء كثيرة لشعرائنا القدماء في الأدب الأندلسي . يقال ان شاعرا مشرقيا واظنه ابا نواس عندما سمع قصيدة للشاعر الأندلسي جعونة بن الصمة الكلاب قال عنه انه في منزلة جرير والفرزدق .
فإذا كانت اشعار جرير والفرزدق قد ملأت بطون الكتب ونقائضهما قد شغلت الناس في زمنهم ولا تزال تشغل عددا لا بأس به من بحوث المحدثين ، فاين اشعار جعونة ؟ هل ضاعت ؟ أم انه لم يقل الا هذه الأبيات القليلة التى تذكرها بعض المصادر والتي ساحاول ذكرها أثناء البحث ؟ .
أكاديمية أجزم بأن شعراء هذه الفترة قالوا شعرا كثيرا شأنهم في ذلك شأن غيرهم من الفحول ، ولكن الحالة السياسية المضطربة وكثرة الفتن والحروب قد أضاعت الكثير من هذا الشعر ولم يبق منه الا القليل القليل . . ومن هذا القليل الذي عثرنا عليه سنحاول أن نسلط الأضواء على شعراء وشعر هذه الفترة المنسية من فترات الأندلس
١ - كلمة تاريخية موجزة عن العرب في عصر الولاة :
فتح العرب الأندلس بقيادة القائدين العظيمين : طارق بن زياد ، وموسى بن نصير وكان هذا الفتح باب خير عميم لهذه البقعة الطيبة ، فقد نظمها العرب واهتموا بها عمرانيا وصناعيا ، ونجحوا في تنسيقها وخفف العرب الضرائب على أهلها والغوا بعضها . .
وبرغم هذه الاصلاحات فان الفاتحين لاقوا من الصعوبات الكثير الكثير ، فالمجتمع
الاسبانى كان مؤلفا من عناصر شتى ، فهؤلاء البربر الذين كان يتألف منهم معظم الجيش وكانوا يكرهون الضباط العرب لانفتهم وكبريائهم ، ولأن العربى ظل رغم تعاليم الاسلام وتوصيات الرسول الكريم ( ص ) التى تؤكد على ان المسلمين أخوة ولا فضل لعربى على أعجمي الا بالتقوى . . أقول رغم هذه التعاليم فقد ظل العربى معتزا بنفسه وبقبيلته ، يرى نفسه أعلى شأنا وارفع مقاما من غيره . . وهؤلاء مسلمو الاسبان الذين رغم اسلامهم فقد كانوا في حالة جفاء مع العرب للأسباب التى ذكرتها آنفا وهي شعورهم بأن العرب أمة متعالية لا ترى السيادة الا لها . . ومسلمو الاسبان في حالة تناحر أيضا مع البربر لقساوتهم ، وهناك الصقالية والمسالمة وغيرهم من الطبقات ، ولم تكن هذه الجماعات الا في حالة تناحر وعداء ، وهذا مما أدى الى اضمحلال الدولة الاسلامية فيما بعد كما يعتقد كثير من المؤرخين والكتاب .
٢ - نظام اسبانيا الاداري والاجتماعي بعد الفتح :
لقد نظم العرب اسبانيا على غرار الولايات الاسلامية من حيث المناصب الرئيسية فالوالى وصاحب الخراج والقاضى وصاحب الشرطة ، أما الجيش فهو خليط من العرب والبربر الا ان القيادة كانت بيد العرب .
هذا من الناحية الادارية ، أما الناحية الاجتماعية فقد طرأ عليها تغيير جذرى فطبقة النبلاء قضى عليها وصودرت أموال أصحابها ، والكنيسة خفف من نفوذها ، وطبقة رفيق الارض البائسة انعشت بعد جدب طويل ، وطبقة العبيد تحررت
باعتناقها الاسلام دين الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية . .
والعرب بعد الفتح كانت حياتهم يتجاذبها عاملان :
العامل الاول : هذه الارض الجديدة التى حلوا فيها اسيادا واختلاطهم بأعلها عن طريق الزواج والمعاملات اليومية .
والعامل الثاني : هو تعلقهم بموطنهم الاول ( المشرق ) فقد ظلوا رغم بعدهم عنه يتلقفون أخباره وينظرون اليه وكأنه مثلهم الأعلى فى كن شئ ( ١ ) حتى لقد قال صاحب الذخيرة : " ان أهل هذا الأفق ، أبوا الا متابعة أهل المشرق يرجعون الى أخبارهم رجوع الحديث الى قتادة حتى لو نعق بتلك الآفاق غراب ، أو طن بأقصى الشام والعراق ذباب بحثوا على هذا ضما وتلوا ذلك كتابا محكما (٢) .
الشعر في هذا العصر
يجمع الباحثون والنقاد على أن الشعر في هذه الفترة لم يكن له من الأندلسية الا انه قيل في الاندلس فقائلوه مشارقة وفدوا مع من وفد من الفاتحين ، وشعر هذه الفترة يمثل شعر المدرسة المحافظة في المشرق . . فموضوعاته : المدح ، الهجاء ، الفخر . . وهو من حيث الالفاظ بدوى خشن ، فأهم خصائصه هو الاهتمام بجزالة اللفظ وفخامة العبارة . . أما الخيال المحلق والصور البراقة ليس لها فيه نصيب يذكر
والجذير بالذكر ان الاندلسيين ظلوا
معجبين بالمشرق حتى في أوج نهضتهم ، فقد أطلقوا على نوابغهم أسماء اندلسية ، فلديهم متنبي الاندلسي وهو ابن هانئ ، أما ابن زيدون فهو بحترى الاندلس ، وهذه الألقاب ان دلت على شىء فانما تدل على تعلقهم بكل ما هو مشرقى
أشهر شعراء هذه الفترة ١ - ابو الأجرب جعونة بن الصمة
الكلابى :
يذكره الحميدي في جذوة المقتبس ويقول عنه ( انه من قدماء شعراء الاندلس ) وذكره محمد بن أحمد فقال ( وإذا ذكرنا ابا الأحرب جعونة بن الصمة لم نبار به الا جريرا والفرزدق لكونه في عصرهما ) . ولو انصف لاستشهد بشعره فهو جار على مذاهب أوائل العرب لا على طريق المحدثين . ثم يقول : ومما وقع الي من شعره قوله :
ولقد اراني من صداى بمنزل
عال وراسى ذو غدائر اقوع
والعيش اغيد ساقط افنانه
والماء اطيبه لنا والمرتع ( ٣)
ويذكر الاستاذ هيكل ان جعونة هذا قد اشتهر بهجاء الصميل بن حاتم رئيس القيسية هناك ، ثم انه اشتهر بمدح الصميل بعد أن تمكن منه فعفا عنه . . ثم يذكر ان ابانواس قد سأل عنه عباس بن ناصح وطلب أن يسمع شيئا من شعره . .
ويعلق الاستاذ هيكل قائلا : ( ومع كل ذلك فليس بين أيدى الباحثين اليوم الا قليل جدا من شعر هذا الشاعر الذى اهتم به أبو نواس والذي قيل انه وصل مرتبة جرير والفرزدق ). ( ٤)
٢ - ابو المخشي :
هو عاصم بن زياد التميمي وكان منضويا الى الامير سليمان اكبر أبناء عبدالرحمن فحقد عليه بعض أصحاب هشام ثانى أولاد عبد الرحمن فمدح سليمان بن عبد الرحمن بشعره وتوهم عليه انه عرض بهشام أخيه ، وكانت بينهما مباعدة ، ثم قصد عبدالرحمن ابن معاوية فأنشده اباه فرق له واستعبر دعا بالفي دينار فأعطاه وضاعف له دية العينين وهو الشعر الذي أوله :
خضعت ام بناتي للعدى
ان قضى الله قضاء فمضى
ورأت اعمى ضريرا انما
مشيه في الارض لمس بالعصا
فاستكانت ثم قالت قولة
وهي حرى - بلغت في ، المدى
ففؤادي قرح من قولها
ما من الأدواء داء كالعمى
٣ - أبو الخطار حسام بن ضرار :
وكان من أشراف القحطانية في الاندلس وممن شهدوا فتوح المسلمين بافريقية وأبلوا فيها ( ٥) .
وأورد هنا أبياتا لأبي الخطار ، كتبها في افريقية الى هشام بن عبد الملك ، وذلك لانني لم أعثر في المصادر التى راجعتها على أبيات لهذا الشاعر قالها فى العصر الذي ادرسه عصر الولاة .
والأبيات هى :
افاتم بني مروان قيسا دماءنا
وفي الله لم تنصفوا عدل ( ٦)
كانكم لم تشهدوا مرج راهط
ولم تعلموا من كان ثم له الفضل
وقيناكم حر الوغي بصدورنا
وليست لكم خيل وليست لكم رجل
فلما رأيتم واقد الحرب قد خبا
وطاب لكم منا المشارب والأكل
تغافلتم عنا كان لم يكن لنا
بلاء وانتم ما علمت لها فعل
فلا تجزعوا ان عضت الحرب مرة
وزلت من المرقاة بالقدم النعل
لقد قد حبل الوصل وانقطع الهوى ( ٧)
ألا ربما يلوى فينقطع الحبل
٤ - الصميل بن حاتم الكوفي :
يذكر المقري نسبه ، ولكنه لا يورد له شعرا . . وهو ابن حاتم بن شعر بن ذى الجوشن ، وقيل الصميل بن حاتم بن عرر ابن جوزع بن شعر بن ذى الجوشن . . وكان جده شمر من أشراف الكوفة ، وهو أحد قتلة الحسن ( رضي ) ودخل الصميل الاندلسي حين دخل كلثوم بن عياض المغرب غازيا ، وساد بها وكان شاعرا كثير السكر أميا . . ومع ذلك فقد انتهت اليه في زمانه رئاسة العرب بالاندلس وكان اميرها يوسف الفهرى كالمغلوب معه ، وكانت ولاية الفهرى للأندلس سنة تسع وعشرين ومائة فدانت له تسع سنين وتسعة أشهر ( ٨) .
وابن القوطية يورد نتفا من أخبار الصميل هذا فيذكر أن الصميل حضر يوما لمؤدب يؤدب الصبيان وهو يقرأ ( وتلك الايام نداولها بين الناس ) فقال الصميل : نداولها بين العرب . فقال له : بين الناس . فقال الصميل : أو هكذا نزلت ؟ قال : نعم . فقال الصميل : والله انى أرى هذا الأمر
ستشركنا فيه العبيد والشغال والأراذل . .
وخرج الصميل يوما من عبد الرحمن بن معاوية وقد انتهره وخرج عليه فرأى على باب القصر رجلا وقد اعوجت قلنسوته ، فقال الرجل : قوم قلنسوتك . فقال الصميل : ان كان لها قوم سيقومونها ( ٩)
وهكذا نرى ان كلا من المقرى وابن القوطية يكتفيان بايراد أخبار هذا الشاعر ولا يستشهدان له بشئ من الشعر
٥ - غربيب الطليطلي :
يذكره ابن القوطية ذكرا مقتضبا فيقول عنه ما نصه : ( شاعر قديم ومشهور بالطريقة في الفضل ) ومما يتداول الناس من شعره قوله :
مهددتي بمخلوق ضعيف
يهاب من المنية ما اهاب
وليس اليه محيا ذي حياة
وليس اليه مهلك من يصاب
له أجل ولى أجل وكل
سيبلغ حيث يبلغه الكتاب
وما تدري لعل الموت منه
قريب اينا قبل المصاب
لعمرك ما يرد الموت حصن
اذا لتلوك ولا حجاب
لعمرك ان محياى وموتى
الى ملك -ل له الصعاب
الى هلك يدوخ كل ملك
وتخضع من مهابته الرقاب
هذا ما تيسر لي الاطلاع عليه من اخبار شعراء هذا العصر .
وأود أن أختم هذه المقالة من الشعر الأندلسي بما قاله الاستاذ غرسيا غوهس
عن هذا الشعر من ( انه كان صدى خافتا لما كان يتردد في جوانب المشرق القصى من شرعه ، ولكن أصوله نبتت في التربة الأندلسية نتيجة لعاملين أحدهما بعيد كل البعد عن الآخر . . أولهما : ما أولاه اياه بعض امراء الاندلس كالداخل والناصر وأمراء بني امية عامة من العناية وما صرفه اليه بعض رؤساء العرب من اهتمام مثل سعيد بن جودى الزعيم العربى الشجاع . . فقد كان هؤلاء وأولئك ينفسون بالشعر عما يثقل صدورهم من هموم ويتغنون بأعمالهم ويتغزلون في نسائهم به . .
وثانيا : انصراف جماعة من النظامين الذين يمتازون بموهبة مثل بكر الكناني ، وعباس بن ناصح ، وغريب بن عبد الله بن قرلمان ، وعبيد بن محمود ، ومحمد بن يحي القلفاط ، وأبي المخشي عاصم بن زيد ، واحمد بن ابراهيم بن قلزم ، وحسانة التميمية ، ومن اليهم
واننا لنرى من شعر أولئك الآخرين كيف انتقل الشعر رويدا من المنهج التقليدي الاتباعي القديم الى منهج المحدثين من شعراء البلاط ، وكان بعضهم قد نسج على منوال شعراء الجاهلية فجعلوا شعرهم على ما فيه من فحش . . دعوات الى الحرب ونقائص لخصومهم او بلاغات ناطقة بلسان القيادة العليا ، وكان بعضهم الآخر أشبه بمجامر العود يعيشون على رفد الامراء ليضفوا على عروشهم القائمة بهجة وجمالا وينطق شعرهم بنفحة سياسية واضحة ، فاذا تميز بينهم نفر وجدنا ان سر الامتياز لا يرجع الى براعتهم في الشعر بقدر ما يرجع الى حياتهم الخاصة الطريقة ( ١٠)
ولعلي استطيع أن اخرج من هذه الدراسة بنتيجتين اثنتين :
أولاهما - ان الشعر في هذه الفترة كان تقليدا للشعر المشرقى فلم تجد فيه الموضوعات وأساليب جديدة متاثرة بالبيئة الاندلسية أو هو بعبارة أوجز كان كما قال أحد النقاد : ( ليس له من الأندلسية الا انه قيل في الأندلس ) . . فهو اذن مشرقى الاتجاه
وثانيتهما - ان هذه الفترة كانت مليئة بالأحداث الجسام والمنازعات والخصومات فلم تكن صالحة للدرس والتعليم أو محببة لهجرة الشعراء ، وربما كتب عن شعراء هذه الفترة شئ ولكنه فقد بسبب الحروب والفتن والحالة المضطربة به .
مراجع ومصادر المقالة :
١ - البيان المغرب في اخبار الاندلس والمغرب لابن عذابى ، نشر وتحقيق ج . س . كولان ، ليفى بروفنصال - ليدن ، ابريل ١٩٤٨-١٩٥١ .
٢ - نفح الطيب للمقري ، ضبط وتعليق محمد محي الدين عبد الحميد ، ج ١ - ج ٣ .
٣- تاريخ افتتاح الاندلس لابن القوطية ، تحقيق وشرح عبد الله انس الطباع ، دار النشر للجامعيين .
٥ - الذخيرة في محاسن الجزيرة لابن بسام الشنتريني ، مطبعة لجنة التاليف والترجمة والنشر ، . ١٣٦١-١٩٤٢
٦ - تاريخ الفكر الاندلسي تاليف انخل جنثالث بالتيا ، ترجمة حسين مؤنس ، الطبعة الاولى .
٧ - تاريخ الأدب العربي للاستاذ حنا الفاخورى لم اتمكن من معرفة الطبعة وتاريخها ) .
٨ - تاريخ الأدب العربي في الاندلس تاليف ابراهيم على أبو الخشب ، الطبعة الاولى سنة ١٩٦٦ م .
٩ - الموجز في الأدب العربي وتاريخه . وضع لجنة من الاساتذة في البلاد العربية ، ملتزم الطبع والنشر دار المعارف .
١٠ - المجمل في تاريخ الاندلس للاستاذ عبد الحميد العبادي ، نشر مكتبة النهضة المصرية .
١١ - تاريخ العرب في اسبانيا ، تأليف محمد عبد الله عنان ، الطبعة الاولى سنة ١٩٢٤ م .
١٢ - المنهل في الادب العربي في العصر العباسي والاندلسى تاليف على جواد الطاهر - عبد رب الرضا صادق - عبد الغفار الحبوبي ، من منشورات المكتبة الاهلية ، مطبعة المعارف ، بغداد ١٩٦٢ .
١٣ - الادب الاندلسي منذ الفتح الى سقوط الخلافة لأحمد حسنين هيكل .
١٤ - تاريخ الأدب والنصوص الادبية ، تاليف محمد الطيب عبد النافع - ابراهيم يوسف ، منشورات مكتبة الموحد العربية .
١٥ - الادب الاندلسي للاستاذين أحمد ملا فريج وعبد الجليل خليفة ، مطبعة الوحدة المغربية - تطوان - المغرب .
١٦ - ادب المغاربة والاندلسيين ، تاليف محمد رضا الشبيبي .
١٧ - تاريخ الأدب العربي في الاندلس - للدكتور احسان عباس ، دار الثقافة - بيروت .
١٨ - سلسلة محاضرات عامة في ادب الاندلس وتاريخه ، تاليف ليفي بروقتصال
١٩ - ادباء العرب في الاندلس وعصر الابتعاث ، تاليف بطرس البستاني ، الطبعة الثالثة ، مكتبة صادر - بيروت .
٢٠ - تاريخ ادباء العرب ، تاليف مصطفى صادق الرافعي ، ج ٣ .
٢١ - اخبار مجموعة في فتح الاندلس وذكر امرائها رحمهم الله والحرب الواقعة بينهم مؤلف مجهول . طبعة مدريد ، ص ٥٦ وما بعدها .
