الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 8الرجوع إلى "المنهل"

الشيخ الفلاح

Share

هبط الشاعر ذات أصيل مع صحبه الى وادى ابراهيم فاذا حقل انيق رابض بين الجبال الدكتور الجرداء يتصل طرفه الأقصى بفم الوادى ، واذا بالبستانى شيخ مديد القامة تبدو عليه سيما الصحة والجد والغبطة واقفا في وسط ذياك الحقل يصرف مياه جداوله بمجرفته وهو في اثناء ذلك يشدو بالنشيد الحجازى القديم (المجرور) ذي النغمات الشجية العذاب ، فاوحى ذلك المنظر والمسمع إلى الشاعر هاته القصيدة !

رأى الزرع مخضراً بحقل منضد       أراق به المجهود فى الفكر واليد

زمردة خضراء قد نصبت على       منص لجين فى اطار معسجد (١)

ترى الماء إذ ينساب فى جنباته       كعقد من (الألماس)فى كف مرعد

وقد بسطت شمس الأصيل شعاعها    عليه فرف الحسن في زهره الندى

وللطير فى أوكاره حفلاته          فما بين مزهو وبين مغره

تماوج فيه(الأب) ريان ناضرا       إذا جزا علاه تسامق فى غد

وللائل فى حافاته وقفاته            بقاماته الهيفاء فى كل مرصد

فما شئت من جو زكى معطر     وما شئت من حسن وظل ممدد

تطل عليه من قريب شواهق       لقد جردت م العشب كل التجرد

أرادت لتضفى حسنها متجرداً     على حبها الحقل الجميل المورد

وأعجب ذاك الشيخ بالروض يانعاً     حفيلا بزرع سندسي منضد

هنالك قام (الشيخ)يرتاد حقله         ويرسل فى ارجائه نظر الشدى

اذا هو خاص الماء والماء دافق          بمجراه وسط الحقل رنت سلاسله      

يصرف ذاك الماء تصريف حاذق       ببستانه كيما تفوق محاصله

وغلمانه تبدى نشاط مدرب           تطارد طيراً لا تكف تنازله

لقد كرس الشيخ الوقور حياته         وآماله بالحقل تزكو سنابله

فليس له شوق الى أى منصب        وليس له هم يبيت يشاغله

وان يك هذا الناس جماع ثروة         فثروته بستانه وحواصله

وان يك شيخا قد تقاعس عمره       فما ذاك بالخطب الجليل يصاوله

أليس يرى هذا الذي هو رابض         امام محياه تسامت جنادله (١)

وان يك من أقرانه من تقدموا          وراحوا ولم تطبق عليه عقابله

فان له من (سدرة) الحقل سلوة        فقد مكثت رغم الزمان تطاوله

بحسبك يا (شيخ الفلاحة)جنة                 بها الورد ريانا به الزهرات

بحسبك يا (شيخ الفلاحة)روضة                بها الغرس فينانا به الثمرات

فما فى حياة الناس أهنأ عيشة                  وأهدأ بالا (والحياة ترات)

من (الحارث)المحظوط يحرث حقله              وتسمق أشجار به نضرات

ويأكل من (كد الجبين)ممتعا                    وتنعشه نسماته العطرات  

يحدق فى دوحاته ونباته                         فتبهج عينا تلكم النظرات

على انه (يا شيخ)انت الذى لقد       تسامت بك الأوطان فى سائر الدنيا

بسعيك تحيا النفس والأهل والآلى      يرومون فى تسيارهم درك العليا

تزين بك الأرضون بعد اغبرارها        فتحيا وقد كانت قبيلك لا تحيا

فأنت (ابو النهضات)فى كل أمة        وان طمر الأجيال فضلك والسعيا

اشترك في نشرتنا البريدية