انظر في عينها أرى حلما أخضر بدعوني اليه يهون على ااطأة المأساة أرى براءة صادقة تحبها نفسى ويتعشقها وجدانى وأتأملها فأنسي الحوع وأنسى سنوات الجدب وزمان الاوبئة يتلاشى كل ذلك فى لحظ وانظر فأرى الخصب وأرى الماء وبعد اعياء وتعب شديدين تشملنى فرح فرحة تضمني الى الحياة وتضمنها الى ان اكون قد قاطعتها وقاطعتني .
السماء شديدة السواد السحب متكاثفة هواء بارد يتسرب الى غرفتى يقشعر له بدني وتثلج له أطرافى انهض فاحكم اغلاق النوافذ وأعود .
أشجاني تتكاتف وحنيني يتضاعف الى شىء يسكن أعماق نفسي وأجهله ويتفاقم أللى وأحس بالمرارة وتغشيني كآبة وأذكر الموت وأفكر فى الحياة ويعاودنى حنيني أشد مما كان الى شئ مجهول أرومه وأحبه وتنزع نفس اليه
ولما أحس بالاختناق أهرع الى النافذة أفتحها فتلفحنى نسمات باردة بقشعر لها جسمى وأرفع بصري أتأمل ما جولي السماء تنذر بنزول غيث نمزير النجم اللألاء اختفى الارض هى الارض ما زالت تحمل فوق ظهرها الاحياء والاموات الصحاح والسقام العباقرة والاغبياء وما زالت تحتض الخير والشر والعابد والمعبود السيد والمسود
وتتراى لى القبور فى ردائها الابيض هادئة ساكنة بعيدة عن صخب الحياة وعن ضجيجها موغلة فى الوحشة والوحدة والخلاء ويتبادر الى ذهنى سؤال كثيرا ما أرقني : " أيعني الموت الفناء أم أنه يعنى الحياة المثلى الت ننشدها دوما ، الحياة التى تعدل بين الناس وتنصف العباد ؟ " .
صوت الرعد يصلني مزمجرا حادا . أضواء فجئية تنبثق من السماء تخترق الغرفة وتشع النور ثم لا تلبث أن تعود لتمزق السحب بخيوط من نار يضاء لها الكون ويفزع لمرآها الاطفال
بدا الفزع فوق وجهها واضحا جليا واتسعت حدقتاها وأوشكت على أن نصيح رأيتها وقد ألقت بلعبتها جانبا فهرعت اليها أحتضنها وأقبلها وأهدى من روعها . قطرات المطر تنقر سطح الغرفة فى ايقاعات منتظمة عواء الرياح - بخرق الصمت الشامل النوافذ ترتجف تصفع احدى النوافذ فتندفع في العاصفة في هياج مصفرة حانقة تفزع طفلتي وتركن الى صدرى أبعدها في عني في رفق لكنها تتشبت بى وتزداد التصاقا وتمسكا احد نفسى مجبرة على النهوض وهى بين ذراعي التقط " شالا " أضعه فوقها أخطو خطوات نحو النافذة العاصفة شديدة والصقيع أشد ورشاش المطر يتناثر وسط الغرفة احاول اغلاق النافذة يلمع البرق ويزمجر الرعد ويتتراقص الضوء ثم لا يلبث ان يشمل الظلام الغرفة . . أتحسس الجدار حتى تمس يدى الفراش ألقى بطفلتي فوقه تصرخ ويعلو صراخها أعصابى تزداد توترا أبحث عن شمعة كنت قد وضعتها على المكتب احتياطا أجدها . ابحث عن علبة اعواد الكبريت يطول بحثى عنها ويطول معه صياح طفلتي وتتشنج اعصابي ثم وبعد برهة اجدها باحدى جيبوب الروب دى شامبر " الذي ارتديه أخذ العلبة فيعود الضوء تكف طفلتي عن بف عقدني خمس الصراخ وتهدأ أعصابي أغلق النافذة ثم اجلس لجانبها ألاطفها وأقص جابها الا عنها وانتص عليها احدى الحكايات المضحكة .
- ٨ الوحشة ثقيلة على قلبي السكون يمتد فى أعماقى يلفني ياسرني فى اعماضى . . ينقضى . . ياسري تحت قبضته يخنق كلماتى يشد أنفاسى تتراخي عضلات جسدى تتقلص تذوب أغمض عينى ، حتى لا أشاهد نفسي وأنا انزل فى بئر ٣٣ - ر عميقة حيث الصمت الابدى وحيث الخنوع وحيث الموت .
الصراخ يعلو البركان يشتعل الزلزال يهزنى الثورة تتفجر في ب ٠ ٣ه تحضير تحي أعماقى تتصاعد شظاياها حمراء ملتهبة تبث النور وتعطى الاضواء وتطهر الكون النار تصهر كل شئ النار تقضى على الميكروبات تسحقها سحقا تلتهمها التهاما النار تضمن سلامة الصحة تضمن سلامة الكيان الوجودى وتنحنا فوق ذلك الدفء وتبعث فينا النشاط وتحفزنا على العمل حيثبي الستعمل وعلى الخلق
شكت لى مرة التعفن شكت لى الصفيع كانت تضع على كتفيها ادثرة كثيرة كانت تركن الى القعود والى السكون كانت تركن الى الجمود . اليوم جاءت تشكو لى الامراض والاوبئة والحياة العفنة .
قلت لها : ضعى الاعواد وأوقدى النار افتحى النوافذ وأطلى على العالم خل الشمس تدخل بيتك . وتحرك كفاك جمودا وقعودا تحركي حتى تبعث الحياة فى أوصالك واشرعي في القيام بعملية تنظيف شامله . تحولي الى كل ركن من أركان بيتك نظيفية وأشعلى به النار فستقضير على الاوبئة وستعود اليك صحتك
ترددت تمطت فى مكانها أرادت الوقوف حياة الخمول تشدها ائحة المكان النتنة تقوى تشتد تجعلها تضطرب تجعلها تفكر في النهوض تلقى بالغطاء بعيدا عنها يتسرب الهواء البارد الى جسدها تنشا الدفء تبحث عن الغطاء الرائحة تقوى تتصاعد . . تزداد قوة كلما تحركت يصيبها دوار إنها تكاد تختنق . . تجهد نفسها لكى تتنفس ولما تتنفس تصطدم بتلك الرائحة النتنة التى تملأ خياشيمها وتصل حتى رئتبها يتولد فى نفسها شعور بالتقزز . بالاشمئزاز تبصق يشحب لونها يخضر يبدو عليها الهزال والمرض والبؤس . . تقوم . . تقف تتحرك ترثى لحالها يصعب عليها ما تراه يثقل عليها الحمل تفكر . تعتزم المبادرة بتطهير المكان تروق لها الفكرة يراودها أمل فى أن ترى المكان نظيفا وفى أن تسعد ولو للحظات برائحة زكية تنبعث من أركانه تهرع الى جلب العقاقير العقاقير متعددة يبدو أنها لا تجدى . لا يمكن لها ان تجعل عملية التطهير عملية كاملة وان تقضى قضاء مبرما على الرائحة الكريهة التى تملأ المكان لتحل محلها رائحة عطر وعنبر ومسك
وتذكرت ومضت الفكرة فى رأسها فجأة وابتسمت للفكرة قفزت لها صفقت زغردت صاحت : النار النار وأسرعت لتوقد النار في كل ركن من أركان بيتها وسعدت بمرآها وهى تفترس كل ما أصابه التعفر ظلت ترقبها فى صمت وهي تلتهم كل ما يحتوى عليه بيتها وتمت عملية التطهير فى ظروف صعبة كان التعب واضحا جليا فى عينيها وكان الهزا قد أخذ منها مأخذا عظيما كانت تبدو شاردة وكانت عيناها تلمعا ببريق التحدى وتحركت لتنقل أول خطواتها فى بيت صهرته النيرا وأضاءه اللهيب
وسارعت باشعال أعواد العنبر وبفتح النوافذ وسطعت الانوار فى كل ركن وانبعثت من المكان رائحة بخور منعشة تتسرب الى أنفك فتخد أوصالك وتشجعك على ان تحلم وبدا المكان جليلا وقورا تأنس
نفسك ويتجاوب معه احساسك ويثير فيك عواطف غامضة لذيذة تجعلك نهفو إلى دنيا الفرح والبهجة والطلاقة .
وتشتاق الى يوم تنسى فيه حزنك وضياعك يوم يحررك من دنيا القلق والوجوم ليقذف بك الى شاطئ الامان حيث تسطع الشمس وحيث يظهر الضياء وحيث يحتوي الكون بين ذراعيه فى رفق فينتشلك من ألم العزلة ومرارة الذهول
- ١٠ ولاول مرة تتخطى عتبة بيتها لتأخذ مكانها بين الآخرين أخذت تتطلع الى الوجوه وجوه لم ترها قط ووجوه رأتها ولكنها وفى هذا اليوم بالذات تبدو جديدة عليها تراها وكأنها تلتقى بها لاول مرة . . وقذفت بنفسها وسط الجموع المحتشدة تبحث فى عزم عن مكانها بينهم عن أرض تنبت بها الزرع وترعى بها النابت منه لكى ييننع ويخضر .
ان رائحة عشر وعطر ومسك تملأ أنفها . . وان دفئا ها ومسك تملأ أنفها وان دفئا هائلا يسرى فى كيانها وان أغاني عذبة والحانا " موزارية " تتردد خلف أعماقها ان نشوة النصر النصر تبدو فى كل حركة تقوم بها لقد قضت على الاوبئة وعلى حياة لخمول لقد ولت أيام الصقيع والانزواء أيام البؤس والانكماش انها نتنفس وما دامت تتنفس فهى قادرة على أن تنبت الزرع وعلى أن ترعى النابت منه لكى ييننع ويخضر
فى النهاية وجدت نفسها وقد أقامت مدينتها السحرية فى أعلى قمة من الجبل وحولت أساطيرها وحكاياتها القديمة الى واقع يتحدث فيه الزهر والحيوان وينتصر فيه الحب ويعمه السلام ، وأصبح عالمها عالما من الضحكات والآمال عالما من الجبال العالية والبحار الواسعة . وتعددت الاقمار ف سمائها ومع كل سحابة رأت شمسا تسطع وابتسامة ترف كانت طفلتها ما تزال فى سريرها تتابع حركاتها وسط الغرفة وتبتسم .
انحنت لتقبلها فرأت فى عينيها قاربها الصغير الذي صنعته بيديها وظلت تصنعه السنوات الطوال واحتضنتها فى قوة ودموع الفرح تسيل فى صمت فوق وجنتيها لقد تراءى لها الافق من بعيد مشرقا وضاحا انها تتنفس وما دامت تتنفس فهى قادرة على ان تنبت الزرع وعلى أن ترعى النابت منه لكى ييننع ويخضر
