الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "المنهل"

العالم الاسلامي والتقدم العلمي

Share

قرأت في مجلة " الوعى الاسلامى " الباكستانية العربية ، مقالا بعنوان : ) أضواء على التقدم النووي في العالم الاسلامي ) . وقد أعجبني منه ما يحمله من شعور بناء : لمفكرى العالم الاسلامي بعد أن نالت بلادهم نعمة الاستقلال السياسي ، بأنه من أجل الحفاظ على نعمة هذا الاستقلال من عوادى العدوان عليهم ان يحيطوه بسياج من قوة العلم والسلاح التى تحمي حماه وتجعله آمنا مطمئنا من القلاقل والزعازع .

والشعور بالحاجة الى الشئ هو اساس الانفعال والانفتاح النفسي لمطالبه ولوازمه . وهذا الانفتاح هو اساس تحقيق العلم والعمل المنشودين

وجاء فى المقال ان " مصدرا باكستانيا مطلعا ، قال : (ان باكستان دولة تقوم على المثل الاسلامية اولا . انها دولة مثالية ، وهي تستمد وجودها من التعاليم الاسلامية . والاسلام دين سلام . فمن الطبعي ان يتجه تطور باكستان في جميع مرافق الحياة . ومنها المرافق العلمية نحو السلام (١ )

قول هادف جميل ، وفكرة طيبة راشدة ، وشعور نبيل مستقيم ، يدلنا على مدى   (انتفتاح ) الوعى فى دولة باكستان المسلمة أكبر دولة اسلامية في عصرنا الحاضر ، أناسى وأوسعها أراضى ، لاقتحام ميادين العلم والبروز فيها ، لانها تستمد كيانها من تعاليم الاسلام ، والاسلام دين سلام ، سلام مسلح

بالعلم والسلاح والعمل البناء ، لسائر مقومات الحياة الكريمة المحترمة . وليس من ريب فى أن هذا ) الانفتاح الاسلامى النير) سيجعل من دولة باكستان المسلمة قدوة حسنة ، ومثالا خيرا ، ومنارا مشرقا ، يشجع سائر الدول الاسلامية المستقلة على احتضان هذا المبدأ النابع من صميم الاسلام والذي وصى به القرآن المجيد : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم )

ويمضي (المصدر الباكستاني المطلع ) فيقول مؤكدا ومحللا : ( ان باكستان تعتقد ان للمسلمين تاريخا عريقا في مجالات العلم . . ذلك ان الاسلام كدين ومنهج للحياة ، لا يحول دون البحث والحضارة ، ومن هنا كانت رغبة بأكستان الملحة فى التقدم والنهوض ، علميا وثقافيا ( ٢ )

أجل ! ان الاسلام لا يمنع البحث العلمى والحضارة فحسب ، بل انه يحث عليهما معتنقيه حثا بالغا مبينا . ( أو لم يتفكروا في خلق السموات والأرض وما خلق الله من شئ ) أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت والى السماء كيف رفعت والى الجبال كيف نصبت والى الارض كيف سطح )الى غير هاتين الآيتين الكريمتين ، فى الذكر الحكيم والسنة المحمدية مما يدعو الى البحث العلمي الذي تنبني عليه الحضارة الشامخة الصافية من الأوشاب

ان العالم اليوم لا يدين الا للقوة المادية الجبارة النابعة من البحث العلمى والقائمة على قوة العلم والسلاح والسلام المسلح ، هو اكثر ألوان السلام اصداءا ورسوخا وفاعلية وثباتا . وليس في الارض مكان للضعفاء . . ولذا نرى الاسلام يحث المسلم على العلم والعمل في كل زمان ومكان ، ويدفعه اليهمابشتى الوسائل والاساليب ويكره من المسلم ان يكون جاهلا وخائر واهنا كسولا ، وعالة على الغير يستورد منهم الطعام والكساء ، ويستمد منهم اسباب المنعة وحراسة استقلاله وحماية وجوده.

اننا من وراء انفتاح باكستان للبحث العلمي ، المستمد هذا الانفتاح من تعاليم الاسلام نعتبر هذا الاتجاه الميمون ) فاتحة ( و(فتحا) لهذا الباب الذي لا يزال شبه مغلق عن المسلمين بأحابيل الكيد الاستعمارى العميق ، وبسوء توجيهاته للثقافة وللتعليم في ديار المسلمين بأن أبقتهما شيئا ضحلا وقشورا جوفاء أكثر مما هما نافعان ومثمران .

وبعد ، فلنا أن نقول : اننا نأمل أن ينفض العالم الاسلامي عن كاهله غبار التقاعس فى ميادين الدراسات العلمية والتقنية العالية ، ليكشف عنها اللثام ببصيرته ، وليصل الى حقائقها المذكورة بنفسه الى ما وصل اليه غرب وشرق ، وذلك رهن بالاتجاه المسدد المصمم ، في دراسة هادفة واعية وفي انشاء اسلامي سليم لمعاهد العلم وجامعاته المتخصصة ، وفي احراز معامله ومصانعه ، الخاصة بهذا اللون من المعرفة الانسانية الحديثة ، وفي امتلاك اعنة خبرات واسعة النطاق من بني الاسلام ، وفي تملك وتشغيل لجهزة علمية دقيقة

متقنة التركيب والانتاج ، وفي البراعة فى استعمالها فيما وجدت له ، ثم التفنن في ايجادها ، والتوسع والتعمق في انشائها وتطويرها ، حتى تكون النتائج الكبرى لنا منها على طرف الثمام ، وحتى يكون الثمن أهون ، والانتاج أكبر وأهم ، وحتى لا ينفرد جيل أو أمة ، بامتلاك ناصية هذه الطاغية المعروفة باسم ( الطاقة النووية ).

نريد أن ( تنفتح ) اذهان العالم الاسلامي والعربى لكل هذه الحقائق ، انفتاحا عمليا واقعيا حثيئا حتى يصونوا بلادهم وعيالهم ، وحتى لا يضاروا فى كيانهم الناشئ ، بسبب نقاعسهم ، وبسبب ضعفهم العلمي والعملي الذي يجعلهم فريسة الاعداء طعمة الطامعين .

ولله احمد شوقي اذ يقول لنا فى مطلع هذا القرن :

وما نيل المطالب بالتمني

       ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

ان كل من له رأس وعينان ، جدير بأن يعلم ، وبأن يصنع ، وبأن ينتج ، كل ما يعلمه ، ويصنعه ، وينتجه ، سواه من بني الانسان ، أيا كانوا وأيا كان . واننا بتحقيق هذه النظرية سرعان ما نقف مع جبابرة العالم على قدم المساواة .

وان الاسباب هي السلالم التى جعلت لتحقيق المسببات ، وان المقدمات هي الوسائل التى تشكل النتائج .

وكل من سار على الدرب وصل ، كما يقوله المثل العربي القديم ، الخالد الحكيم .

اشترك في نشرتنا البريدية