الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 5الرجوع إلى "المنهل"

العرب والمؤتمر الإفريقى

Share

في الايام الفائتة انعقد مؤتمر القمة الافريقي الثاني في القاهرة وكان المؤتمر الاول قد عقد فى العام الماضي في اديس ابابا .. وقد حضر المؤتمر الاخير ممثلون عن ثلاث وثلاثين دولة افريقية مستقلة وقيل ان هذا المؤتمر قد بحث فى اجتماعاته موضوع التفرقة العنصرية التى تمارس في بعض البلدان ضد الأفريقيين لجنوب افريقية وروديسيا الجنوبية، كما قيل انه بحث فيه كفاح البلدان الافريقية الواقعة تحت الاستعمار وموضوع الوحدة بين البلدان الافريقية المستقلة .. ونحن في بلادنا العربية نشارك هذه البلدان او هذه المنظمة في نقاط عدة ..

اولا - التفرقة العنصرية .. ان بلادنا العربية خاصة والاسلامية عامة حاربت ولا تزال تحارب مثل هذا العمل اللا انساني الذي يمارسه المتطرفون من البيض ضد الافريقيين .. وبلادنا العربية بمحاربتها للتفرقة بين بني الانسان لم يكن هذا منها مجرد مجاملة وقتية اقتضتها ظروف الحال ولم يكن هذا عن مكافأة او معاملة بالمثل .. ولم يكن هذا حبا فى كسب افريقية .. قد يكون كسب افريقية عنصرا هاما لنا ولكن محاربتنا للتفرقة ليس من أجل الكسب .. وان ايماننا بان التفرقة العنصرية عمل لا انساني نابع من الوجدان الداخلى لنا ومستمد من عقيدتنا التى جاءت تحارب هذه التفرقة العنصرية منذ اكثر من اربعة عشر قرنا .. عقيدتنا اولى عقيدة سماوية حاربت تلك التفرقة التى كان يمارسها الحكام الرومانيون فى تصنيفهم الشعب الروماني الى طبقات ممتايزة فيما بينها كطبقة الاحرار الاصلاء والاحرار غير الاصلاء ،. والمعتقين الخ .. في طبقات

تتفاوت في المكانة الاجتماعية .. عقيدتنا ضد هذا وتمسكنا بعقيدتنا وايماننا بها جعلنا نؤمن ايمانا مطلقا بمحاربة التفرقة على أى وجه كانت، وبالسير بدون قيود مع اولئك الذين يحاربونها .. قد يكون هناك بلدان سايرت افريقية فى هذه المحاربة عملا بالمجاملة السياسية او حبا فى كسبها ولكننا نحن عكس هذا .. ولعل أكبر شاهد لذلك هو ان بلادنا العربية مدت يد العون الى افريقية منذ بدأت فيها أول انطلاقة تحررية وتحملت بلادنا الكثير من المتاعب السياسية فى سبيل ذلك وبقيت بلادنا ولا زالت على تلك الوتيرة الاولى حتى الآن فاوقفت في وجه جنوب افريقية والبرتغال حتى ان كثيرا منها حرم التجارة مع أعداء افريقية، وحرم تصدير البترول الى جنوب افريقية وحاربنا البرتغال ادبيا وانسحبت وفودنا فى كل المؤتمرات التى تمثل فيها البرتغال وجنوب افريقية .. واعتقد ان كل العالم يعرف ان هناك ثلاث عشرة دولة عربية قد وقفت ولا تزال تقف مع افريقية

فى كل محنة وفي كل نازلة . . متضامنة معها الى ابعد حدود التضامن ومتعاونة معها الى اقصى حدود التعاون بدون قيود او تحفظات . .

ثانيا - موضوع تحرر البلدان الافريقية الواقعة تحت الاستعمار . .

ان مواقف بلادنا في هذه النقطة معروفة جدا للافريقيين : كل بلادنا كانت بجانب الافريقيين ماديا ومعنويا حتى ان الجزائر رصدت فى ميزانيتها اكثر من مليون فرنك مساعدة لانجولا ، وقيل ايضا انها تطوعت بعشرة آلاف مجاهد من ابناء الجزائر العربية ليحاربوا بجانب الانجوليين مع ان هذه الخطوة اولى بها ابناء فلسطين قبل الانجولين . . حتى الدول الافريقية نفسها لم ترصد فى ميزانيتها مثل هذا المبلغ ولم تجهز فى جيوشها هذا العدد . . ودعاياتنا استخدم جلها لافريقية حتى عرف شعبنا العربى كله ان - لوممبا - مغوار عصره وان جوموكينياتا رمح ملهب وان نكروما . . بطل الخ . . ذلك من الالقاب التي اسدلت على امثال هؤلاء وحفظها شبنا الربى عن ظهر قلب . . كل ذلك فى سبيل افريقية . . ومنذ ايام قليلة وفي مؤتمر التعليم الدولي قاطعت جميع البلدان الاوربية وكثير من البلدان الآسيوية الموتمر احتجاجا على ابعاد البرتغال وجنوب افريقية منه . . ولم يبق مع الافريقيين فى ذلك المؤتمر غير ثلاث عشرة دولة عربية وبعض البلدان الشيوعية تضامنا مع الافريقيين وهذا جزء من كل . .

ثالثا - الوحدة الافريقية : نحن لا يهمنا فى هذه الوحدة غير حبنا لتقدم افريقية وقوتها. وشعوبنا العربية التى وقفت مع افريقية ايام كفاحها لا تريد لها

الا التقدم والخير ، ولكن ما هو مقابل هذه المناصرة العربية الافريقية من الافريقيين انفسهم نجونا ؟! ان تعداد ما حصل مقابل هذا وما لا يزال يحصل من معاملة عكسية قد يتشعب لانه اكثر من ان يحصى فى حيز صغير كهذا . . ولكن بكلمة واحدة اقولها - حسب رأيى - بكل وضوح انها معاملة من نوع جزاء سنمار . . وقصة سنمار معروفة . . وقد يكون فى هذا القول شئ من صراحة ولكن يجب ان تكون اى الصراحة معيارا للقول بالنسبة لنا نحن العرب في علاقاتنا مع افريقية او غيرها من دول العالم . . واعتقد ان خطورة القضية التى يلوحون في كل سنة . . وكلنا يذكر الحادثة . . اننا لم نعرف ان دولة افريقية واحدة وقفت معنا فى مطالبنا في هيئة الامم المتحدة ولا في غيرها باستثناء قلة قليلة جدا لم تسيطر عليها ، بعد ، الدعاية الصهيونية ويمكن تعدادها فى ثلاث دول اسلامية هي الصومال ونجيريا خاصة القسم الشمالي الذي يرأسه الحاج احمدوبللو ، وغينيا . . وكلنا يذكر الثلاث عشرة دولة افريقية التى تقدمت بمشروع إلى هيئة الامم المتحدة تطالب فيه فرض صلح على العرب يقضي بالاعتراف باسرائيل واخفق المشروع في المرة الاولى وقدم في السنة التى تليها وما زال اصحابه يلوحون به في كل سنة . . وكلنا يذكر الحادثة التى حصلت لسورية مع اسرائيل وطالبوا بادانة سورية فى مقتل المزارعين الاسرائليين وكاد قرار الادانة لسورية والبلاد العربية يتم ، لو لم يستعمل الفيتو الروسي ضده . . فمن هي الدولة الافريقية الواحدة التى وقفت معنا فى تلك الساعة الحرجة . .

وهل نتكلم عن ثوار زنجبار الذين احرقوا مواطنينا العرب مع انهم اخوتهم في العقيدة وكأن جزاء العرب المسلمين الذين بنوا زنجبار باموالهم وارواحهم الحرق

والسحل والنهب . . فلو فرضنا جدلا ان لهم اخطاء كما زعم - مع اننا لا نعتقد ان الذين بنوا زنجبار بأموالهم يخطئون عليها ولو فرض ان لهم اخطاء فهل يكون عقاب تلك الاخطاء القتل والسحل ؟! وقد حصل كل هذا وسكت اكثر البلاد العربية لئلا تمس شعور البلاد الافريقية وزيادة على هذا تحدى عبيد كارومي رئيس زنجبار البلاد العربية وخرج يستقبل فى مطار زنجبار شحنة قيل انها ادوية وهي فى الواقع شحنة أسلحة ارسلت من اسرائيل لقتل العرب في زنجبار . والعقيدة الاسلامية تحتم علينا ان نقول ونحارب تلك الطغمة التى نشأت وجاءت من كوبا وصوفيا وهي تحمل في يديها معاول الهدم والابادة للعرب وللعقيدة الاسلامية فى شرق افريقية . ثم هل نتكلم عما حصل لمواطنينا العرب في تنجانيقا من اعتداءات وغارات مسلحة ؟ هل كان أى عربي او مسلم يرضى ان يقتل اخوة له فى العروبة والاسلام زرافات ووحدانا ويمثل بهم في شوارع زنجبار وتنجانيقا ؟ . . اعتقد انه لا يرضى احد بتلك الجرائم الدموية البشعة التى يأباها أى ضمير انساني ، ولا تقرها ابسط القواعد الدولية . . وهل نرضى نحن العرب المسلمين ان يقتل " يوليوس نيريرى " رئيس تنجانيقا ، المسلمين بالجملة ويقول : ( سوف اقضى على كل القبائل المسلمين ولو انها تنجانيقية ) ورفضت طلب تونس الذي اقترح عقد المؤتمر فى تونس او فى القاهرة وكانت تونس تبتغي حرمان اسرائيل من حضور ذلك المؤتمر ولكن سكرتاريته اصرت على عقده فى اديس ابابا حتى تتيح لاسرائيل فرصة الحضور والمراقبة عن كثب . . وبالفعل طلبت اسرائيل حضوره فووفق على الطلب وسوف تحضر اسرائيل المؤتمر مع انها ليست عن افريقية ولكن رغم كل العقبات سوف تحضر تحديا للعرب تحت

اسم ( المراقبة ) وما للعرب ذنب الا انهم انسحبوا في العام الفائت من مؤتمر العمل الدولى حين حضره البرتغال وجنوب افريقية تضامنا مع الافريقيين ولا يزالون ينسحبون من كل مؤتمر او اجتماع لا يحضره الافريقيون.

وخلاصة القول انه يجب ان نصارح انفسنا ونصارح الافريقيين بهذا . . ونقول في صراحة ووضوح كما قال " الحبيب أبو رقيبة " فى خطابه امام المؤتمر : " انه لا وحدة افريقية مادامت اسرائيل تسيطر سيطرة تامة على بعض الدول الافريقية وكان الرئيس بو رقيبة يعنى بعض اولئك الذين يجلسون معه على مائدة المؤتمر ويتكلمون عن الاستعمار والاضطهاد ، وقد قال لهم ضمنا : " انكم تساعدون اسرائيل على اجرامها وملمحا لهم بأن التعاون يستحيل معهم ما لم يغيروا خطتهم وموقفهم فى اسرائيل " . صراحة وجرأة من الرئيس التونسي لم يجرؤ على قولها زعيم عربي افريقي غيره ، عجب ان لا نقول لهم ان اسرائيل هي مثل جنوب افريقية التى يطالبون بازالتها وقد تكون جنوب افريقية أقل جرما واخف وطأة من اسرائيل ، لان الافريقيين لم يخرجوا قسرا من بلادهم . اما أهل فلسطين فأخرجوا قسرا وذبحوا علنا وجاءت عصابة ملفقة من كل بلاد الدنيا تهددهم وتهدد العرب معهم ومقدسات الاسلام بالخراب والدمار . .

اننا اصحاب قضية كبرى قضية وجود وقضية مصير ، والذين يتعاونون معناهم اصحابنا سواء كانوا من افريقية او اسية او اوربة او في أية قارة من قارات العالم . . وانه لمن العسير جدا ان نضحى باناس هم على الاقل ليسوا معادين لنا ونكسب على

حساب هذه التضحية ، عدوا من اعداء الداء . . واعتقد ان " سالازار " فى البرتغال مهما يكن تعاونه مع اسرائيل لم يصل بعد من صداقة معها مثل ما وصل اليه عبيد كارومى واشباهه مع اننا قد تحدينا " سالازار " وهددته بعض بلادنا العربية بالحرب والدمار وما الى ذلك . . وان خطورة معركتنا مع الصهيونية تحتم علينا ان نكون صريحين الى ابعد حدود الصراحة ، وان نراعي قبل كل

شئ مصلحتنا ومصلحة قضايانا المصيرية ونحدد على ضوء هذه المصلحة علاقاتنا مع العالم سواء كانوا في افريقية او آسية او اوربة . . والا فاننا كمن يمثل دور النعامة . . واذا اصررنا على الاستمرار فى ذلك الخط فالويل كل الويل لنا ولاجيالنا ولمستقبلنا فى هذه السياسة الرعناء . .

اشترك في نشرتنا البريدية