( 3 ) فى اتصالية الفن
زعموا أن الفن - أساسا - أداة اتصال (2) .
1 - فأنت لا تعطى إلا بعد أن تأخذ . إنك لا تقول شعرا إلا بعد أن تقرأ أو تسمع الشعر . لا ترسم إلا بعد أن ترى المزيد من الرسوم . لا تغنى ولا تؤلف قطعا موسيقية إلا بعد سماعك الغناء ودرسك الموسيقى .
فلولا هذا الشعر السابق ولولا هذه الرسوم ولولا هذه الموسيقى ما أمكن لك أن تخلق فنا .
لقد اتصلت بفنون فأصبحت فنانا .
وقالوا - باللسان الاقتصادى المحبب إليهم إن الانتاج الذى استهلكته هو الذى مكنك من أن تصبح منتجا . عليك إذن أن تنفق مما أخذت . بذلك يكون الفن رابطا من خلالك بين من جاء قبلك ومن يأتى بعدك .
2 - ثم إن الفن ذو موضوع .
هذا الموضوع سواء كان زهرة وصفتها أو قطارا رسمته أو شيخا نحت على شكله موضوع خارجى عنك . حتى المشاعر التى تثيرها فيك هذه الاشياء مشاعر نفخت فيك من خارج (3) . كل هذه المواضيع محسوسة أو مجردة ليست فيك وليست منك . هى من الناس أو من دنيا الناس . فلولا هذه المواضيع أى لولا هؤلاء الناس ولولا دنياهم ما كان لفنك أن يكون .
فأنت اتصلت بفنك شكلا ومضمونا .
أما الشكل فقد تلقيته من فنانين سابقين . وأما المضمون فقد تلقيته من المجتمع الحى .
عليك إذن أن تعطى المجتمع ما أخذت منه . أن تعيد للحياة الاجتماعية ما تلقيت . أن توصل ما اتصلت به . أن تنفع كما انتفعت . وإلا فأنت أنانى حشع ومستغل مصاص دماء . يحق للمجتمع أن يحطمك لامتناعك عن اداء الدين (4) .
وهذا ما دعاه لينين بخدمة الملايين وما دعاه غوركى بـ ((إبراز حقيقة الحياة)) . التزام التطور الفنى والتزام الموضوع الحى يؤديان حسب مفهوم الاتصال إلى التزام الحياة والتزام المجتمع شكلا ومضمونا .
أما إذا كان طابع النشاط الاجتماعى اشتراكيا فيكون التزام المجتمع التزام الاشتراكية .
وهو ما دعاه ستالين ثم غوركى (( بالواقعية الاشتراكية )) .
القضية - إذن - لدى القائلين بالاتصال ليست إلا قضية معاملات ومبادلات . فالفنان لم يصبح فنانا إلا وقد اثقلت كاهله الديون : دين الفنون التى بها تغذى ودين الموضوع الذى فيه أو عنه تفنن (5) .
1 - دين الفنون :
لو رزت معرضا للرسوم وتأملت فى مواقف الناس منها لأدركت أن إدانة الفنان بفنون سابقيه تهمة باطلة فى معظمها .
لاحظ أن ردود الفعل لدى المتفرجين ليست واحدة . أمام اللوحة الواحدة هنالك من يبتسم وهنالك من يعبس وهنالك من يبرطم وهنالك من لا يبدو عليه تأثر . أمام الوجه الواحد هنالك من يهتف : (( آه ما أجمله ! )) وهناك من يصرخ : (( أف . ما أبشعه ! )) وهنالك من يهز كتفيه . مع الملاحظة بأن هذا لا يكون طبعا إلا أمام اللوحات الفنية الفنية .
هاك مثالا : السؤال ما يزال مطروحا : ما هو شعور La Joconde الحقيقى ؟ إذ هنالك من يرى لها وجها ينضح سعادة . وهنالك من يرى عليه ظلال الكآبة .
ألا يدل كل هذا على أن الناس لا يتصلون بمقاصد الفنان ؟ ثم ألا يدل على أن الفنان - ككل الناس - لا يتصل بأهداف الفنان ؟
والشعر ذلك الفن المزدوج الذى تعانق فيه فن المعانى بفن الموسيقى كم اختلف الناس فى شرحه وتأويله !
ما يزال - وسيبقى - لأبى العتاهية والمتنبى والمعرى والشابى أنصار وخصوم .
والموسيقى ؟
ضع خمس اسطوانات لمقطوعات موسيقية متنوعة المصادر والألحان أمام خمسة أشخاص . واطلب منهم أن يرتبوها حسب التفضيل . لن تجد اثنين متماثلين فى الاختيار .
وأعرف صديقا تنهال دموعه كلما سمع أغنية : (( يا جارة الوادى )) .
وأعرف فتاة تسمع أغنية : (( لا تكذبى . إنى رأيتكما معا )) فتصيح عابثة : (( كذاب ! لقد مت قبل أن يولد )) .
الآذان والعيون - بقطع النظر عن الصم العمى - متشابهة لدى الجميع . كلها تسمع الانتاج الفني أو تراه على غرار واحد . كلها تتصل بالأثر الفنى . فما الذى يحبسه عن الوصول إلى الوجدان ؟ ما الذى يعوق بلوغ المقاصد ؟ ما
الذى يغربلها ؟ ما الذى يجعل أنك ترى جميلا ما يراه غيرك قبيحا ؟ ما الذى يجعل أنك تندهش أمام اللوحة ويندهش غيرك لاندهاشك أو يضحك عليك ؟
أين اتصالك بأهداف الفنان وأين اتصال الفنان بالآثار الفنية السابقة ؟
نعم . كل الناس يزعمون أنهم فهموا وتذوقوا . فايهم نصدق وأيهم نكذب ؟
كلهم صادقون فى تذوقهم وكلهم كاذبون إن ادعوا الاتصال الأكيد ، إذ لا أحد يتصل بالاهداف . لسبب بسيط وهو أن الفنان لا يقصد إلا هدفا واحدا . الفن ، أى شرارة اللقاء .
قيل إن إماما كان يقرأ آيات من سورة طه . فدخل أحد المصلين اللصوص ويده ما تزال محشورة فى جيبه حيث أخفى كيس نقود اختلسه مند حين . وما أن استوى اللص فى وقفته حتى انطلقت عقيرة الامام بالآية الكريمة : (( فأوجس خيفة موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى . وألق ما فى يمينك )) وصادف أن كان اسم اللص موسى . فرمى بكيس النقود ثائرا صائحا : (( خذه . مشؤوم عليك )) وخرج هاربا تاركا حذاءه .
وما أظن أن الامام كان يقصد اللص بقراءته لتلك الآية وإن حسب اللص ذلك لارتياع ضميره .
وما أكثر اللصوص وراء الائمة الفنانين . ومن المؤسف أنهم لصوص من نوع صاحبنا يؤولون الآيات الفنية تأويلا تجاريا يطلبون منه الربح الفردى باسم التحرر أو الربح الاجتماعى باسم الالزام أو الالتزام أو المثالية أو الواقعية أو . . . أو . . . !
لست أدعى أن مستهلك الانتاج الفنى لا يتصل منه بشىء .
لكنى أؤكد أن اختلافنا فى تفسيره يدل على عدم اتصالنا بأغراض الفنان .
قد نفهم منه أشياء . لكنها ليست من أغراضه .
قد نتصل باشياء لم يوصلها الفنان وقد نأخذ من إنتاجه ما لم يعطه صاحبه !
فمن أين وصلتنا ؟
لقد اتصلنا بها من ذات أنفسنا . لا أكثر ولا أقل .
لماذا اتصلنا بها فى ذلك الوقت بالذات ؟
لأنها كانت ضائعة فى النفس . مغمورة فى الدهاليز . فأعادها الأثر الفنى إلى السطح . فوجدنا البعض من أنفسنا ! (6)
إنك ترى اللوحة أو تقرأ القصيد فتذكر حادثا فينعقد اللقاء وتتصل . . . بشرارة . لا أكثر ولا أقل .
الدليل ؟
La Joconde يراها الحزين حزينة ويراها المبتهج مبتسمة .
القطعة الموسيقية الراقصة يسمعها الشاب فيهتز ويسمعها الشيخ فيشمئز . تقع شرارتها على وجدان الشاب فتحرك مفاصله فيرقص . وتقع على برودة الشيخ فتقول (( تش )) فيتقزز وإن اعترف بقيمتها التقنية (7) .
فالفنان - ككل الناس - لم يتصل من الآثار الفنية السابقة إلا بشرارة هزت ما فى نفسه وحركت وأضاءت وأرقصت (8) .
2 - دين الموضوع :
ما قلناه عن دين الاستهلاك صالح للرد على الزعم القائل بأن الموضوع يمثل دينا على كاهل الفنان .
فكما أن المستهلك لا يرى من اللوحة إلا ما انعكس من نفسه عليها فالفنان لا يرى من لوحة الحياة ولوحة الوجود إلا ما انعكس من وجدانه عليهما (9) .
منا من يرى الحياة فى شكل زهرة ومنا من يراها فى شكل صحراء ومنا من يراها فى شكل دينار .
منا من يرى الوجود صداقة . ومنا من يراه صراعا . ومنا من يراه جنونا .
منا من يرى العدالة فى أعلى سلم المثل . ومنا من يفضل عليها القوة ومنا من يفضل عليهما المحبة (10) .
لهذه المواقف تأثير أساسى على الانتاج الفنى بل هى صلب كل انتاج فنى .
هذا لا يعنى أننا نقدس المشاعر والافكار على حساب الشكل لكن يجب أن نعيد لكل شىء قدره .
يقين أن الخصومة الدائرة حول التفضيل بين الشكل والمحتوى خصومة خرقاء .
كنت اسهبت فى الحديث عن هذه الخصومة فى مستوى اللغة فحاولت الاقناع بأن اللغة والفكر شىء واحد يجر الفصل بينهما خنق الفكر وتجويف الكلمة . وجعلت منشأ الخلاف القائم يبن دعاة الاتصال ودعاة التعبير هذا الفصل بالذات .
وما أحسب إلا أن السبب هو هو .
فقد اتفق الخصمان على حفر الهوة بين الوجدان والانتاج الفنى ثم افترقا على الضفتين .
فمال القائل بالتعبير إلى تقديس الشكل على حساب المضمون (11) .
ومال القائل بالاتصال إلى تقديس المضمون على حساب الشكل (12) .
والحقيقة هى أن الشكل وجدان فى شكل محسوس . وأن التحرش بأحدهما تحرش بالآخر . أن التنازل عن احدهما تنازل عن الآخر (13) .
فما هو الجمال إن لم يتقمص شكلا من الاشكال ؟
ما هو البؤس إن لم يتجل على هيكل من الهياكل ؟
قضية (( الشعر والعمود )) قضية مفتعلة من الجانبين تهرأت فيها الاصابع وبحث لها الحناجر بدون طائل . الخصومة القائمة حول عدد أصابع القفاز خصومة دون كيشوتية . أليس عدد أصابع القفاز مطابقا لعدد أصابع اليد ؟ ألا يمكن إذن أن تجد قفازا ذا ستة أصابع أو أربعة ؟ ما لك تحكم حكم ذى الأصابع الخمسة ؟ وما لك تريد فرضه على الآخرين ؟
والخصومات حول الأغنية بين الخفة والرصانة ، أليست تتجاهل عامل السن والطبع ؟
والسباب الذى يكيله الشيوخ للرقصات الحديثة ؟
وادعاء بعضهم أن القصة البسيكولوجية ليست قصة ؟
وثورة بعضهم على إقحام السياسة فى الأدب ؟
وضيق الآخرين بطغيان العواطف على الشعر ؟ الخ . . .
يقينى أن كل هذه (( الخناقات )) خصام من أجل الخصام ولغو لا طائل تحته . فهى خلافات لم تتسبب عنها طبيعة الاشياء . بل هم المتسببون فيها . ذلك أنهم انتقلوا من التمييز بين الشكل والمحتوى - قصد الفهم - إلى الامتياز قصد المفاضلة بين الشكل والمحتوى . ثم جاء التزييف وختمه سوء النية !
كلا . ليس على الفنان دين شكل أو دين موضوع .
كل من الشكل والموضوع - وهما شىء واحد - كامن فى نفس الفنان . هو فنان منذ البدء . هو قابل لأن يكون فنانا . هو فنان بالقوة .
هذا لا يعنى أنه لم يتصل من المجتمع بشىء .
بل . لقد اتصل . اتصل بالشرارة التى فجرت النبع . التى جعلت من قبوله إقبالا وجعلت من القوة فعلا .
تلك الشرارة تمثل دينا . تلك الشرارة المقدسة يجب إيصالها ليبقى الفن فيبقى الانسان (14) .
أما المجتمع ببلاده وعباده فقد غربله الفنان ونخله فاحتفظ منه بما شاءت نفسه شأن ما يفعل الناس بالانتاج الفنى تماما .
قيل إن الفنان مرآة مجتمعه .
كلا . إن فنانا كهذا فنان مرآة أى فنان قشرة أى بصلة .
هو ليس آلة صماء تصور الواقع تصويرا فوتوغرافيا . قد يرى بصره الشىء الذى تراه . لكن لا يفسره تفسيرا مطابقا لتفسيرك تمام المطابقة . ولا يتأثر به وجدانه تأثرا مماثلا لتأثرك . وهو - بالتالى - لا يعبر عنه كما تعبر (15) إن كان اختلاف الابصار اختلافا فى الكم فاختلاف البصائر اختلاف نوعى أو كيفى .
بين النظر إلى الشىء والافصاح عنه تجرى عملية باطنية ميدانها الوجدان وفيه تحدث للشىء تغييرات وتغييرات . ينبغى أن لا ننسى تلك العملية الداخلية فننسى اللب ونعتبر الانسان بصلة .
أمام المشهد الواحد وأمام الحدث الاجتماعى الواحد تختلف المشاعر باختلاف البصمات . ما يرضى العقل قد لا يرضى الذوق وما يرضى الذوق قد لا يرضى العقل . كنا نود أن تكون الأمور عقلانية المجرى . لكن الأمور جارية حسب سنن أخرى فيها عقل وفيها ما لا يطيق العقل أى الربط .
لولا هذا التمرد على العقل الجاف لما كنا نجد فرقا بين زبير التركى وحاتم المكى ، بين محمد عبد الوهاب وشكوكو ، بين كوكتو وكامو .
ولولا هذا التمرد على الاحكام البديهية - الاتوماتيكية - لكانت الفنون تركد بركود المجتمع وتزدهر بازدهاره المادى (16) .
ولنحمد الله على أن الأمور ليست كذلك . إذ لو كانت الفنون موازية لما فى المجتمع لكان الفن دفترا مزخرفا يسجل الاحداث بشكل متحذلق . فتمكن الاستعاضة عنه بدفتر أيسر ضبطا وأدق تأليفا وأقل تكاليف .
بينما الفن الفن لا يعوض .
نعم . الفنان يتأثر بمشاهد المجتمع مثلما يتأثر مستهلك الفن بالأثر الفنى . فهو - كما ذكرت - يتأثر منها بما يصور ذات نفسه .
هذا لا يعنى أن الفنان مرآة نفسه . كلا . هو ليس مرآة لشىء مهما كان . بل هو مرآة من نوع خاص . هى مرآة لا تعكس كل ما يمر أمامها .
الفنان يعكس البعض مما فى المجتمع . لا كل ما فى المجتمع . ولا ما يريد المجتمع . ولا ما يريد الفنان نفسه . بل ما يهز نفسه .
وما يهز وجدان الفنان قد لا يهز كل النفوس . وقد لا يهز إلا وجدانه (17) . وإن لم ترقك هذه الحقائق فحاول أن تجعل البصمات متشابهة !
وقد بلغ انكار الذاتية Subjectivité بالقوم الداعين إلى الموضوعية منحدرا لا محيد عنه .
فعوض أن يقال لك : ساهم فى النهضة الفنية . يقال لك : ساهم فى النهضة الاشتراكية . وعوض أن يقال لك : ساهم فى رقى الفن . يقال لك : ساهم فى رقى المجتمع (18) .
ولو سألتهم عما يفهمونه من رقى المجتمع لأجابوك بكلمات سمعوها ولم يعوها أى بشعارات تجوفت وتجففت .
رقى المجتمع حصيلة . هو فى ختام عملية قد تطول وقد تقصر حسب المرتقى المنشود .
رقى المجتمع ذو واجهات . شأن المجتمع كشأن المنضدة لا يمكن رفعها برفع قائمة وإبقاء القوائم الاربع الاخرى . لا بد من رفع كل قوائم المجتمع ليرتفع المجتمع وإلا انقسم وتكسر . وتباعدت الشقة بين عناصره .
وتلك إحدى نتائج الرقى المادى وحده . ذلك الرقى لا أعتبره إلا انكسارا . وكذلك الشأن فى الرقى الروحى وحده .
نعم . على الفنان أن يساهم فى رقى المجتمع . لكن باعتبار أن الفن إحدى قوائم المجتمع .
على الفنان أن يساهم فى الحرب. لكن باعتبار أن الحرب مجموعة من المعارك. وأن الفن واجهة من الواجهات . لها معالمها ولها مميزاتها ولها استراتيجيتها الخاصة .
لا يمكن للفنان أن يدخل معركة أخرى غير معركة الفن .
الفنان غير قادر على أن يعطى من نوع ما أخذ . غير قادر على أن ينتج من نوع ما استهلك .
كل الناس يستهلكون خبزا وليس كل الناس خبازين .
الدجاجة تستهلك قمحا وشعيرا وتنتج بيضا . ولنحمد الله . إذ ما نفع الدجاجة لو كانت تستهلك بيضا وتنتج بيضا ؟ فهل من العقوق أن لا تعيد الدجاجة ما استهلكت .
نعم . لقد اتصل الفنان بالمواد الخام . لكن اتصاله بها - فضلا عن المفهوم الحقيقي للاتصال - لا يعنى وجوب إيصالها إلى غيره أو حتى إمكانية ذلك .
ذلك أنه صنع منها نفسه . فكيف يطلب منه أن يعبدها كما اتصل بها بعد أن أصبحت مادة مصنوعة ؟
يحكى أن جحا اشترى رطلا من اللحم وحمله إلى زوجته كى تطبخه . فطبخته وأكلته . ولما عاد جحا إلى منزله قدمت له طعاما لا لحم فيه . فلما سألها عن اللحم أجابت بأن القط أكله . فجاء جحا بالقط ووزنه . فاذا به يزن رطلا . عندئذ صاح جحا مدهوشا : (( إن كان هذا قطا فأين اللحم ؟ وإن كان هذا لحما فأين القط ؟ )) .
وقد يتساءل جحا الفنان : (( إن كنت (( أنا )) فأين (( ما تلقيت )) ؟ وإن كنت (( ما تلقيت )) فأين (( أنا )) ؟
عن السؤال الاول يجيب جعفر ماجد : (( أنت (( أنت )) . أما (( ما تلقيت )) فقد مر مرور السحاب الكاذب .
ويجيب على شلفوح : (( انت )) ما تلقيت )) . أما (( أنت )) فوهم وسراب كاذب (19) .
وأجيب بدورى : (( أنت (( أنت )) . أما (( ما تلقيته )) فقد هضمته !
فادا شاء مجتمعك شيئا فليكن (( شيئا منك )) لا شيئا مما تلقيت . أى فليكن
(( شيئا منك )) ممزوجا (( بما تلقيت )) ! (20) .
أما إذا شاء عصرك فانى أؤكد له أنه لن يحصل على الفن الذى يريد . ولن يحصل عليه حتى لو رضيت بأن تعصر !
عبر عن ذاتك يكن فى تعبيرك شىء من المجتمع وإليه (21) .
قال فوبرى Ivan Gobry : (( ليس الفرد فى المجتمع . المجتمع فى
الفرد )) (22) وهذا يعنى أن الافراج عن الذات إفراج عن المجتمع الكامن فى حناياها .
- يتبع -
