الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "الفكر"

الفيل

Share

حدث الاستاذ حكمة قال : اجمع شيوخ القرى السبعة التابعة لاحدى  المقاطعات العربية ان يتقدموا بهدية الى الملك اعترافا له بما اغدقه على سكان المنطقة من عطف وخير حينما ذبح مائة شاة ووزع لحومها على الفقراء والمساكين واليتامى اثر شفائه من مرض عضال

هتف بهم هاتف : حفظ الله السلطان وهتف بنا هاتف : الموت حكمة والمرض رحمة .

اتفق الشيوخ السبعة بعد مشاورات ومناقشات ان تكون الهدية الى الملك فيلا تعاون السكان على ثمن شرائه

فرح الملك بهذه الهدية وشكرهم وسمح لهم بتقبيل يده . تمنى الاستاذ حكمة ودعا الله ان يحج وان يقبل الحجر الاسود . .

لما خرج الشيوخ من القصر ظلوا من فرحتهم فترة من الوقت مختلفين حول اقصر طريق كل الى قريته لتبليغ بشرى قبول الملك للهدية الى السكان هتف الهاتف من جديد : لا يغير الله ما بشيخ . . .

ابتسم الاستاذ حكمة وقال : رفض الملك ان يضع الحيوان فى حديقة قصره واحتار فى اختيار مكان مناسب له ، فاستشار وزيره فى الامر فاشار عليه  ان يرسله الى جزيرة ) ق . . ( المشهورة بغاباتها وسعة مساحتها ففعل  فرح السكان باختيار الملك لجزيرتهم مقرا للفيل واقاموا احتفالات كبيرة  وتواصوا بان لا يلحق احد ضررا بالحيوان وبترك كامل الحرية له . . .

عاد الهاتف يهمس : الارنب يدفعها الواد وتقول العام عام خير .

الا ان الحيوان الضخم لم يترك اخضر الا وشبع منه ولا يابسا الا وادخل فيه انيابه والحق بكل بقعة من الجزيرة اضرارا فادحة واتلف كامل المزروعات

والناس من حوله ينظرون يحمد السذج منهم نعمة الله بينما بدأ أصحاب الاملاك يتذمرون ويتهامسون ويفكرون لتدبر الامر وقلوبهم مملوءة خوفا من  مواجهة السلطان بالحقيقة .

قال الاستاذ حكمة : اشار عليهم احدهم بان يبعثوا برسول الى السلطان يطلب منه تغيير مكان الفيل او السماح لهم بأسره . لكن لم يقبل احد القيام بهذه الرسالة ، فجاءهم احد اعيان الجزيرة وقال لهم : لعل شخصا بمفرده يعرض نفسه الى الخطر اذا قابل السلطان فليكن وفد منا يضم عددا كبيرا استحسن الناس الفكرة ، وعندما كان الجمع فى منتصف الطريق واجههم احدهم بملاحظة جعلتهم لا يتقدمون خطوة اخرى الى الامام :

- من الذى سيتولى الكلام نيابة عن الجماعة اذ ليس من الادب ولا المنطق ان نتكلم معا .

قطب كل منهم جبينه وحركوا رؤوسهم موافقين الا ان الحل سرعان ما قفز الى رأس احدهم :

- سأبدأ أنا بالكلام أقول : الفيل يا سيدى . . . ثم كل منكم يذكر سيئة قام بها الحيوان وضررا الحقه بنا فنكون تكلمنا جميعا ولا نخشى شيئا لان السلطان سيفهم قصدنا

وافق الجميع على هذا الرأى الصائب وواصلوا سيرهم .

فتح الاستاذ حكمة علبة النفة واستنشق منها كمية اخذها بين السبابة والابهام ثم قال :

اذن لهم السلطان فدخلوا وانحنوا امامه احتراما وتمتم كل منهم يدعو له بطول الجاه والبقاء .

- ماذا تريدون وما الذى جاء بكم فى مثل هذا الجمع والمناسبة ليست عيدا ولا شفاء ؟

تقدم الاول ، اعاد التحية وتمتم : - الفيل يا سيدى . . . . حفظ الله السلطان رفع الملك رأسه وقطب جبينه ثم زمجر فى وجهه :

- آش بيه الفيل ؟ . . . التفت الى اصحابه لكن احدا لم يتكلم . صفعته نظرات الملك فاعاد التمتمة الفي ل يا سي . . دى

- قلت لك آش بيه الفيل ؟ . . اتكلم

أعاد الالتفات الى أصحابه وهو يكاد يسقط على الارض لكنهم ظلوا صامتين يرتعدون خوفا وجبنا . فكر فى النهاية التى تنتظره ، استوى فى وقفته ، مسك اعصابه وقال :

حفظ الله الملك ، الفيل هاج يحب فيلة معاه يا سيدى . . قهقه السلطان رافعا يديه فى الفضاء ثم التفت الى وزيره وقال له : - عنده حق ، ابعث فيله للجزيرة تعيش مع الفيل قال الاستاذ حكمة قبل أن ينصرف : لا يغير الله ما بقوم . . . ثم أضاف يستاهلوا اكثر من فيلة وفيل فى الجزيرة . .

اشترك في نشرتنا البريدية