الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "الفكر"

المخدعون

Share

- ماذا تم فى القضية ؟ - انتهى البحث واودع الملف فى الارشيف - وألصقت التهمة طبعا ضد مجهول .

- لم نتوصل الى معرفة الحقيقة أجلت القضية مرات ومرات ، ثم كان لا بد من الانحاء الى الواقع . ثم لم توجه التهمة ضد مجهول ؟ ليست هناك أية تهمة انه انتحار

- انتحار ! ! وما الذى أوحى لهم انه انتحار ؟ لم لا تكون قضية قتل . قتل قتل مع سابق إضرار وتدبير ؟

- ليس لدينا الادلة لادانة أى كان . المشكلة شائكة من سيفكر فى قتلها ؟ فتاة محترمة ، جادة ، بلا اعداء على ما أعتقد إنما الانتحار فأمره يكتنفه بعض الغموض - لكنه ليس ببعيد الاحتمال ....ربما فى لحظة يأس ......أو حزن...... أو . .

- لم لا تكون قد قتلت لانها محترمة..... جادة كما تقول ، أليس هما أمران يدفعان الى الموت ؟ الجد.... الفضيلة .....انه الموت بعينه فى عالم العبث والفوضى وأمور صغيرة أخرى تافهة لكنها ذات قيمة تقود صاحبها خطوة خطوة الى الهاوية الا ترى ذلك ؟ لكن ألم تفكروا فيه هو ولو لحظة .....؟ هو ؟ لكن الادلة كل ما وجدناه كان ضدها هي لا أحد غيرها

- طبعا . ما دامت لم تعرف أبدا للمكر طريقا انما هو .

- لقد وجد عندها كمية لا بأس بها من المخدرات ، كانها عاشت العمر مخدرة الاعصاب

- كان لا بد أن تعيش مخدرة الاعصاب لكي لا تتذكر . لا تتذكر أنها فاضلة ..... جادة في زمن يسبح للرذيلة يقدس الخطايا . كان لا بد أن لا تتذكر .....ولكن

مخدوعا كان حيث ظن انه ثعلب ماكر . خدعته فقتلها . خدعته البغايا فراح يبحث عن ضحية . وخدعها فانتحرت والحقيقة هما الاثنان قد خدعا و كان من المفروض أن يكون لهما نفس المصير لا بقاء للاثنين انما فى بلد المخدعين " لا باس....

كانت سيارة ما تسير متعثرة الخطي لم يستقر بها الامر على الاتجاه الذي  ستتخذه .

الى أين - الى اى مكان هادىء حيث نستطيع أن نتحدث دون مقلق أو رقيب . فى البيت عندي مثلا تأخذ قهوة . ندخن سجارة . ونتكلم ما رأيك ؟ فى البيت سجارة نتحدث يا ابن اللئيمة . طبعا سنتحدث كثيرا . وما بقى أمامنا غير النقاش العقيم والغوغاء اللامجدية . الثرثرة ربما هى المتعة الوحيدة الراسخة على ارض العبث ؟ في ماذا سنتكلم سيدي ؟ لا يهم . أفى الاشتراكية أم الدمقراطية الميتة . ؟ أم فى الرأسمالية التى تضخم عودها وبدأت تلتهم الكون فى ماذا ؟ لا يهم . . لا حديث يهم الآن ولا كان بالامس بهم شئ . ولا فى الغد . . الامبريالية . . الدمقراطية . . الحرية . . الكل استقر فى نفس الكيس يتقاتل في نفس الهوة . الحياة . الجد . الكرامة كلمات شنقت فوق شفاهنا . ماتت لنحيا . أو نحن قتلناها لنحيا إذ لا حياة للجميع معا . لا مكان للجميع معا .

لنتكلم عن الحضارة أو الفقر أجدى بل الاحسن نأخذ السفالة ، لقد أضحت من أمتن الصروح المرتكز عليها وجودنا . يا له من موضوع مدهش وواقعي ! أليس الكل الآن يطالب بالواقعية ؛ يا لها من أطروحة ! بل احسن اطروحة يمكن لك ان تنجح بها لتدخل الحياة الواقعية العابثة اللامبالية كما تراها أنت ، وكما يراها كل ذى عقل واع هل أنا على غلط ؟ لا . أنا على حق ، وانت على حق ، والواقع السافل الذى يرمقنا ساخرا على حق

والرجعية والدمقراطية وشهامة العرب الشهيدة ، وامجادهم الفانية والمجاعة التى تهدد العالم الثالث والمعتقدات الزائفة الجميع على حق .

قديما كان العفاف والنبل . . والشهامة من شيم العرب وحديثا أصبح المجون والنفاق والانحلال من خصال العرب ، تطور . تمدن . عصر  

تكنلوجيا . ومادة تسير الجميع . السياسة العالمية والعلاقات العائلية والطموحات الشخصية مادة سامة واقتصاد متدهور سنتحدث عن ذلك يا ابن ٠

وذاك الطبيب الاحمق عقدة نفسية قديمة كتفاهته قديمة قديمة . ألغبى ألم يلمح الا عقدة وكل ما حولى قد رص بالعقد ؟ لابد أنه فى طريقه الى فقدان بصره من جهة ما . عينه الشمال ؟ أم عينه اليمني ؟ . " عقدة أوديب " سببها تبا له . تبا لأبى واحضان عمى الذى قال : إنها ما زالت نؤسرنى . ولكل الاسباب الملفقة التى تكبلنى . رعب كوابيس عويل يغتال سكون الليل . وعقد تنمو . وتنمو كأعشاب برية . تنمو لتصبح غابة كثيفة من العقد بقيت تائهة فى متاهاتها الحالكة ولا من يدل على السبيل فقد ضاعت معالم السبيل بين الجد والهزل عبث . عبث و "عقدة أوديب " وابى وعمي ورجال كثيرون . كثيرون تمتد يداي لخنقهم . أخنقهم . أخنقها واختنق معهم .

الى أين ؟ عد بي سنشرب القهوة غدا . وسنتناقش فى موضوع الحضارة العربية . والرجعية والسفالة العصرية غدا . الآن أريد أن أنام . " عقدة أوديب " تعذبنى هل سمعت بها ؟ هل سمعت بها ؟ لا . مدهش الا تعرف الارق؟. محظوظ أنت علم النفس بعيد عنك . رائع ذلك ينام . لا ينام ، يظل مستمعا الى مناجاة غريبة . تنهدات حرة آتية مما لا أدرى . أصداء موسيقى حزينة نائحة أم صرخة استغاثة يعقبها عويل وبكاء . بكاء شديد وكوابيس . عالم زاخر من الكوابيس . هل فهمت أم ؟ سنتناقش غدا فى كل ذلك ماذا تخير ، السفالة أم الارق ، أم كلاهما معا . لا تبتسم هكذا بغباء والا حطمت رأسك . ثم نسيت . يبدو أنك صغير . صغير عن " عقدة اوديب" وعن الارق كم عمرك ؟ ام إذا كنا سنحصى السنين بالعقد فالاحسن ان اسال كم عقدة فى جرابك ؟ هاه دع الجواب الى الغد . أنا متعبة الآن

الطيبون للطيبات والخبيثون للخبيثات . و . . هزل ، سخف : ظلم ولا عدالة . لا شبح للعدل . ظلم ابتدأت حلقاته من فوق ، لتنتهى الى تحت . اللامبالون فوق يخطون أقدار البؤساء . والسفلة الانتهازيون تحت يتلهون بمصائرهم . وهم قد خلقوا ليظلوا دائما يتأرجحون من فوق الى تحت من اعلى درجات السلم الى آخر درجاته ، ظلم هفوة تجر هفوة يا دهر الهفوات ولا شئ كما يجب . ولا احد فى مكانه . لا احد فى طريقه

والطيبون غدوا للخبيثات . والسذج للمنافقات . انما دوما الضائعون للضائعات . . والحسرة والكبت للفاضلات . لا شئ كما يجب ولا احد فى مكانه

انت انسان جاد . اذن انسان متخلف . ميت . أو يجب أن يموت كما لنص عليه اللوائح العصرية . فى زمن الفوضى يصبح العبث أغلى عملية يتعامل بها الاذكباء . كل ما عداه مزيف . عملية مزيفة يعاقب عليها القانون ، السجن الكبت . الكوابيس . . وعقد ورعب بلا حدود . والحياة عبث أو لا تكون - الجاد فيها يموت حسرة ، والشريف يذوى كمدا

يا زمهرير اللؤم الذى نفح وجوهنا يا دموع المساجين فى زنازين الطهر  والجد المحتضر أما أنت ساعة الانعتاق ؟ وزنانتى نسيت رقمها . السجانة حتما تعرفه تلك الانثى الذكر لو رأتني لمسكتنى والقت بى وسط الزنزانة المظلمة لاواجه الكرسي الذي انكسرت قوائمه فارتكن فى احدى زوايا الزنزانة المعتمة بحث عن هوية مثلى تماما انسان متحطم يبحث عن هوية . عن حنسية . مغتربة فى دهاليز دهر غريب بلا اسم بلا اوراق بلا ثياب بلا زاد . بلا  بلاوقد كنت فى ما مضي . فى عهد غابر أحمل جنسية ما . ومزايا عديدة وحفنة خصال حميدة وضعتها فى كأس شاى ساخن الى ان ذابت فشربتها ما دامت عقيمة الجدوى

- من انت ؟ هل لك بطاقة شخصية ؟ أين اوراقك ؟ بطاقة !!! المغفل اهل البطاقة أنا ، ام انا البطاقة ، ام كلانا يدين الآخر ويستثر خلفه ؟ أنا الاوراق أم الاوراق انا ؟ اسم بل بعض اسماء لأناس تخلوا عني فقررت ان اتجاههم . موعد ميلاد وارقام ارقام لا تكون مجدية لا فى صك يقدم الى صراف ساذج فيمد لك بيد شحيحة ببعض نقود تبدأ فى الفرار لحظة تضع قدميك فى الشارع أوراق وارقام وعقد هذه أنا !!!

البطاقة لقد مزقتها واحرقت أشلاءها مذ تأكدت انى سأبقى فى عالم العبث شبح انسان بلا هوية بلا مستقر أسير مع قطيع العابين يعصب الياس رأسى ولا اعرف من أنا ولا أبصر معالم طريقى . عفوا ، قلت انى اضعت طريقي في غابة العقد

- من أنت ؟ من أين ماذا تعملين ؟ نعم من أنا ؟ بقايا فتاة فاضلة . لا تبتسم . قلت بقايا امرأة محترمة في طريقها إلى أن تغدو مومسا . ربما ستكون مومسا فاشلة ، كما كانت حطام فتاة فاضلة مهزومة لا يهم مهزومة فاشلة . بقايا فضيلة واطنان زاحفة من الرذيلة قل ما تريد ولا تسلنى

على كل مومس ناجحة أحسن ألف مرة من فتاة فاضلة مهزومة اعرفت اخيرا من أنا وما سأكون يا له من مستقبل باسم فى انتظارى  ....! خط لى . ودفعت اليه قصرا صدقني ولا تكثر من الابتسام ايها الوغد والا .

السجانة الانثى الذكر عرفت أخيرا رقمي . يا لها من زانية كريمة . أتتنى بابريق ماء نصف متسخ لكنها لم تصلح اللمبة المنكسرة . تغافلت عنها ثدياها أضخم مما احتمل صخرتان فوق هضبة جافة التربة . لو أضع رأسي فوق أحدهما لا حتما لن أجده بعدها سيضيع كما ضاع طريقى فى غابة العقد . لن افعل . اول ذكر بنهدين كل ما فيها مفزع

" لم أنت هنا أحقا ؟ " - نعم . تهمة خطيرة . بقايا فتاة فاضلة ، سيشفع لها طبعا انها عما قريب ستصبح مومسا . لم أقل ذلك من أول وهلة لذاك الابله ، صدمته براءتى وصعقته سذاجتى . براءة فضيلة . أخلاق وجد فى جد بالامس كنت لكنى فى الغد سأغدو أشهر بغى في أرض التافهين أزاحم قطيع العابثين وأتعلم الدعارة منهم . فى الصباح حطمت اللمبة لذا سأبقى الآن فى الظلام . لم حطمتها ؟ لا أدرى . ربما كنت أبحث عن هويتى فيها . لكن اللمبة وجدت بها بعض ارقام لم افهمها . حشرت المادة والارقام فى كل شئ حتى فى النور النور كذلك لا يسلم الا بارقام . من اجل ذلك عمت القتامة كل القلوب مصير حالك للبشرية جمعاء .

- ألست جائعة ؟ لم أنت وحيدة ؟ قيل : إنك خطرة ، أحقا ذلك ؟ . ماذا تفعلين ؟ أجيبى - لو جردوني مما قيل ومما يقال لمت انه اغلى ما بقى لى ماذا افعل اني اعد أجمع أرقاما ... - ماذا تحسين ؟ .

- البراغيث - ماذا ؟ - البراغيث أسي أسكتي . ضائع + ضائعة = ضائعون . . ضائعات . . ماكرة + ساذج = مخدوعون .......جد + وعى = موت . جنون . انهيار . عقد . عقد . غبار ونور منطفئ . وبراغيث . أسراب من البراغيث

- كم عدد البراغيث ؟ . - لا استطيع العد انه جيش . جيش من البراغيث . أنا جائعة ويائسة حقا لكنى لست خطرة . كنت فى ما مضى خطرة لما كنت بريئة وفاضلة . انما الآن أنا مثل الجميع ، لكنهم لا يريدون ان يصدقوا ذلك . ماذا يريدون اكثر . مهلا بدأت أهزم جيش البراغيث

- قيل : إنك قتلت . أصحيح ذلك ؟ - نعم . قتلت عن عمد واصرار - اذن الاعدام ينتظرك أو السجن المؤبد لكن كيف قتلته ولماذا ؟ - من ؟ عمن تتحدثين ؟ . - الضحية عنه هو القتيل .

- ليس هناك ضحية غيرى ؟ لقد قتلت نفسى . نفسى وما فيها من قيم وخلق . واباء وبراءة هي التى قتلتها لكنى لست هنا من أجل ذلك - ماذا ؟ قتلت نفسك أأنت ميتة الآن ؟ - نعم . ولا . اسألي البراغيث. فاضلة . ميتة . مومس حية . لم أعد أدرى ، قلت لك اسألي البراغيث . معذرة . لقد ماتت . قتلتها هى الاخرى

لقد أمست الجريمة جريمتين . قتلت نفسى والبراغيث ولست ادرى هل سأشنق من اجل نفسي أم من أجل البراغيث

- أنا ما فكرت أبدا فى قتل البراغيث . لقد تعودت عليها تعودت على عدة أشياء لو تعرفين . أشياء عدة تعودت عليها أهونها بل يمكن امتعها البراغيث لكن عجبا ألم تقتلى احدا غيرك ؟ .

- قلت لك : قتلت البراغيث وسأشنق حتما لفعلتى الشنعاء ، ساعدينى على النواح لقد جفت مناهل ادمعى

- لس لهم الادلة الكافية لادانتك . لم يرك أحد ، الا انا . ولن اشهد ضدك ثقى بى ربما كان لا بد للبراغيث ان تموت . - لا . كان يجب أن تحيا . انها دنياها . أما نحن فلكى نعيش يجب ان نبحث عن دنيانا . أفهمت ؟ هذه أرض البراغيث وأرض المخدوعين . والمنافقين . هي ليست لنا . ليست لنا

- هل احببت ؟ كم مرة ؟ انا احببت عشر مرات فقط . آخر مرة كانت صفعة مريرة . لقد اكتشفت ان لا شئ افظع من سخافات الرجال وهم يتسلقون الفراش لممارسة عملية الحب بعد ان ظنوا ان الفريسة انتهى أمرها ولا اشنع من مشاعر اناث نزلن للتو من السرير بعد مضاجعة احد الانذال المخدوعين ، وقد توهمن أن الوجود أضحى بين ايديهن اتضحكين تسخرين منى ؟ - اسكتي . كفى لغوا . لا بد من قهقهة على المزيفين المخدعين

ودمعة على البراغيث . لكن من قال لك : إنى قاتلة خطيرة ؟ أهي تلك الانثى الذكر ؟ على كل لا يهم . لا تقلقى راحة البراغيث بل نامي وحاولى ان تستفيقى باكرا ، لا بد ان نشيع جنازة البراغيث غدا . سيرافق الموكب كل القتلة المقتولين كل الفاضلين المغتالين . استعدى لذلك . ما اعظم ان أشيع جنازة البراغيث

- يتبع - ٠٠

اشترك في نشرتنا البريدية