الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "الفكر"

المستشفيات بتونس *

Share

2 - مستشفى العزافين

جاء فى الحلل السندسية ان " من اثر حموده باشا . . انشاء المرستان بسوق العزافين (1) واعده للمرضى والغرباء وفيه عدة بيوت فى اسفله واعلاه وجعل له اوقافا تقوم به من كساء وادوية وطبيب يصلح شؤون المرضى وخدمة بين ايديهم " .

ان بناية هذا المرستان لم تزل قائمة الذات وهي بنهج القصبة عدد 101 بين نهج العزافين وسوق النحاس وتحتوى على اربع وعشرين غرفة اثنتي عشرة منها أرضية ومثلها فى الطابق الاول .

اسسه الباى محمد حمودة باشا المرادى سنة 1073 ه 1662 م لايواء وعلاج . عساكر البر والبحر من المجاهدين ثم تحول بطبيعة الحال الى علاج عامة الناس وخاصه الفقراء منهم يوم أبطلت القرصنة ( 2 ) وتمهدت سبل البلاد واستتب  الأمن على يد الحسينيين ، وبعد استيلاء السبنيور واخماد الثورات والحروب الملكية وكان يسمى غلطا مارستان عزيزة عثمانة .

ذكره السراج ( 3 ) وابن أبى الضياف ( 4 ) ومقديش ( ٥ ) وابن أبي دينار ( 6 ) وحسن حسنى عبد الوهاب ( 7 ) واطنب في التعريف به محمد بن الخوحة الذي ادلى فى المجلة الزيتونية بنص كامل لوثيقة التحبيس وكانت بتوقيع العدلين  ابى عبد الله محمد المحرزى وعبد الله تاجى بتاريخ اوسط ربيع الاول سنة  1073 ه 1663 م - جاء فى هذه الوثيقة ان محمد حمودة باشا صاحب كرسي تونس اسس هذا المرستان واشرف بنفسه على تحرير وثيقة التحبيس المشار  إليها ووضع عليها ختمه ( 8 ) .

وتعين الوثيقة مكان المرستان وحدوده والاوقاف التى اختصه بها المحبس  وهى ستة وعشرون عقارا منها ما هو بالعاصمة ومنها ما هو ببلدان الكاف وزغوان وبنزرت وباجة وتتمثل فى حمامات وفنادق وطاحونة وحوانيت وديار وكان ذلك بحضور السيد موسى الاندلسي الذي عينه الباى ليكون ناظرا على المرستان والاوقاف معا والتزم بذلك .

وتنص الوثيقة ايضا على التعليمات والجزئيات الآتية :

ياوى المرستان المرضى والجرحى من المجاهدين فى البر والبحر الفقراء الذين ليس لهم من يقوم بهم ولا مسكن لهم بمدينة تونس

ومن شفى منهم واخبر الطبيب بذلك فعلى الناظر ان يخرجه ولا فرق بين عربى أو تركى أو أعجمي ويصرف الفاضل من دخل الريع بعد اصلاحه حتى يبقى قائما على اصوله على القوت والدواء واجرة الاطباء والمعاونين والخدمة  والفراش والغطاء والحصر والمضارب والسفاسر والوزرات ( 9 ) شتاء والملاحف من الكتان صيفا .

وللطبيب حانوت بجانب المرستان يجلس فيه واجرته اربع خبزات وثمانية ناصرية ) 10 ( فى اليوم ، وللناظر اربع خبزات وستة ناصرية وللطباخ خبزتان وخمسة ناصرية ، ولوكيل النفقة خبزتان واربعة ناصرية والبواب يتعهد  الحراسة والنظافة وغسل الثياب له ثمانية ناصرية واربع خبزات ، وكل خبزة  بناصرى فى زمن الرخاء والشدة

وكل مريض توفى فان ادارة المرستان تتولى كفنه ودفنه

جاء فى كتاب مقديش عند ذكر محاسن حسين بن على ان من محاسنه احياؤه للمدرسة الطبية بالطبيين من تونس قرب جامع الزيتونة " ) مخطوط عدد 220 ورقة عدد 66 المكتبة الوطنية ) .

يستفاد من ذلك ان مستشفى العزافين الذي هو شرقي جامع الزيتونة وبالقرب منه كان فى مدة حسين بن على باي وقبلها مدرسة لتعليم الطب

ولما أحدثت القشل " الثكنات " - كان ذلك سنة 1217-1802 - خصصت فى كل منها غرفة او اكثر للتمريض واخذت نفقتها من دخل المستشفى ، نستفيد ذلك من وثيقتين اثنتين

الاولى من مجموعة شخصية من تحرير وختم ) طابع ( امين الاطباء بتونس محمد بوعصيدة ، هذا نصها بالحرف الواحد :

" تذكرتنا هته بيد ولدنا حمده بالى ) 11 ( لعلمنا به يخدم بالقشل لكم سنا كغيره والسلام من محمد بوعصيدة الامين فى تاريخ فى محرم سنة 1275 والسلام " . وهي تدل على وجود اطباء بالقشل من جهة وعلى مدى ثقافة أمين  الأطباء فى اللغة العربية من جهة أخرى

خصوصا وأن محمد بوعصيدة هذا من اصل تركى

والوثيقة الثانية تشير الى ان نفقة مرستانات القشل تؤخذ من دخل اوقاف مرستان الحاضرة حسب ارادة المحبس الذي اعد المستشفى لعلاج العساكر  وهى : الحمد لله تقييد حساب دراهم دفعها الموقر الوجيه الامير الاى العربى  زروق وكيل مرستان الحاضرة من دخل وقف ما ذكر لمصاريف بمرستانات القشل العسكرية لثمن مونة المرضى وثمن ادوية لهم وتجهيز الموتى منهم فى المدة السابقة تحريرا فى غرة قعدة سنة 1286 - 32600   عسكر التريس ،  94 الطبجية " ) 12 ( .

وهناك وثيقة أخرى بتاريخ سنة 1271 ه 1859 م تنص على مرتب محتسب المرستان وهو السيد مصطفى بيرم ومقداره الف ريال شهريا يؤخذ من فواضل دخل الحبس وكذلك مرتب وكيل الوفد السيد على زيد وقدره خمس ماية ريال ( 13 (

بقى لنا ان نبحث على ادارة المرستان مع ترك الناحية الفنية منها الى فرصة اخرى .

سبقت الاشارة الى ان العلاج كان بيد امين الاطباء ، هنالك وثيقة اخرى تشير الى طبيب ثان مساعد له واربعة عدول ) كتاب ( ) 14 (

اما مداخيل الوقف فليس لدينا اليوم ما يمكننا بالضبط من الاشارة الى اهميتها الا وثائق قليلة ومتقطعة فقد بلغت سنتى 1230 و 1231 ه والثلاثة الاشهر الاولى من 1232 ما قدره ) 10333 ( ريالات .

بينما كان جزء من المخروج ) 18186 ( ريالات ذلك مما يدل على عجز مقداره ( 7853 ) ريالات ) 14 ) .

واخيرا لما تكاثرت سكان العاصمة وضاق نطاق مستشفى العزافين وقع تعويضه بالمستشفى الصادقي سنة 1296 - فكانت مدته 223 سنة ) 15 ( .

اشترك في نشرتنا البريدية