الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 7الرجوع إلى "الفكر"

* المقال الخامس :, (( جناية على الأدب ))

Share

نشر فى جريدة (( لسان الشعب )) يوم 4 افريل 1928

(( رأينا فى المدة الأخيرة ذلك الهيكل المتحرك الذى أطلق الناس عليه اسم  زين العابدين يخالط الأدباء فقلنا إنه أدرك النقص الذى هو عليه فأخذ يجالسهم ليستفيد منهم ولينزغ عن نفسه ثوب الجهالة الذى ظل ملتحفا به طول أيام حياته . وقد ( ظننا ) أنه ستتحسن حالته الأدبية ويمكنه بعد ذلك أن يكتب فى الادب الذى يقول انه يميل اليه . وبعد أن قضى مدة طويلة بجانب الأدباء يطلب رأيهم حتى فى الأمور التافهة شعر فى نفسه بأنه أصبح أهلا لأن يشد القلم ويكتب . وبدأ عمله بكتابة فصول خالية من كل روح نشرها فى جريدة النهضة . وقد كنا نقرأ البعض مما ينشره للناس ونقول إنه يعبث بالأدب ويكتب فى موضوع لا يعرف منه كثيرا ولا قليلا ولكننا نسكت كما سكت الكثير من الذين يعرفون أن قيمة ما يكتب على قدر قيمة من يكتب ، غير أن هذا المحرر الأديب رغم أنوف الأدباء طرق فى عدد فارط من النهضة موضوعا أظهر فيه كذبا على الأدب يكاد يلمس بالأصابع . وذلك الموضوع هو كلامه على ( الأغراض ) التى كان يطرقها الشعراء قبل اليوم والتى أصبحوا يطرقونها اليوم فذكر ما معناه أن شعراء الأمس كانوا يطرقون أبواب المديح والرثاء والهجاء ثم ظهرت حركة التطور أى الانتقال من تلك المواضيع الى غيرها من أبواب الشعر الاجتماعى . وهى حقيقة . غير أنه قال إن ذلك التطور وقع على كاهل شاعرين سماهما ونحن لا نريد أن نسميهما لأننا نريد أن نقول إن الكاتب يكذب على الأدب التونسى فى شخصيهما . وأعظم دليل على ذلك هو وجود ديوان لكل منهما . ويكفى الانسان أن يتصفح ويعد عدد قصائد المديح والرثاء وما شاكلهما فى واحد منهما . ونحن نقف هنا متسائلين عن السبب الذى دعا هذا المحرر . . . ليذكر هذين الشاعرين كذبا ويغفل غيرهما من الشعراء الذين يمكنهم أن يراهنوا الناس إذا هم وجدوا لهم قصائد من الأبواب الركيكة التى ذكرت فى طالع هذا . فهل تعمد الكاتب إغفالهم لما يحمله نحو بعضهم من الحقد لأنه قضى عليه فى كتابه الذى يقول إنه ساع فى تأليفه - وما أسهل التأليف من كلام الناس ! - وقد وقف بنفسه على التأثير

السئ فى رحلته الأخيرة الى الجنوب التونسى . وإذا كان ذلك كذلك فان أولئك الشعراء الذين أبى أن يذكرهم زين العابدين غنيون عن التعريف والأولى عندئذ أن يشتغل محرر الصفحة الأدبية ( فى جريدة النهضه ) بتصحيح الحروف وأن لا يزيد على ذلك أمورا لا طاقة له بها .

اشترك في نشرتنا البريدية