قصة
تكون منبطحا على الفراش . . تكون تتحرك برجليك ويديك كتلة هلامية واحدة . . نكون كثور من ثيران إسبانيا بعد ما يصرع . . تكون عاريا . . لكون لحمك أحمر كشمس أصياف الأزمنة البعيدة تكون تتلوى . . تكون تتقلب . . تكون تتمطى ويكون الوقت صيفا . . وتكون أنت تتأمل بعينين معتمتين فيهما حزن وغربة سقفا أحمر يذكرك بسقوف بيوت القرى القديمة . .
وتكون تحدق فيه . . وتكون تفكر كالاطفال فى أشياء عجيبة يا رجلا غريبا فى هذه المدينة . . نكون تقول لو يسقط هذا السقف فجأة . . لو يباغتني وأنا منبطح . . وتكون تتخيل ذلك . .
تكون تتخيله وقد سقط فعلا وتكدست حجاراته فصعد الغبار الى أنفك فملأ خياشيك يا رجلا تبكى فى المدن عندما يقبل الليل وتكون وحيدا فى محطات السفر الحزينة تنتظر قدوم القطارات . . .
وتكون تتذكر أمك ويكون وجهها البربرى أمامك تكون تراها وفى عينيها زيت كزيوت القناديل الرومانية القديمة . . وتكون أنت تتذكر تتذكر . .
وتكون هى تموت . . تموت تكون قد ماتت عندما اشتد القيظ وتكون أنت قد عدت . . تكون قد لهثت تكون عيناك قد برزتا . . وتكون قد غاصت رجلاك فى رمل أحمر ساخن . . نكون قد عرقت يا رجلا تحب العرق والحرارة والقيظ . .
وعندما تصل تكون قد بكيت . . وتكون قد ذهبت الى زيتونة (( الكلب )) فأنت تحب أن تختلى بنفسك وتبكى يا رجلا تجد لذة فى البكاء . .
وعند المساء تكون تمشى مع رجال القرية . . تكون كأبيك صامتا . . تكون تتبع النعش وفى نفسك اصطخاب ومعاناة وهواجس . . نكون تسمع هذه الأصوات القروية : رحمان يا رحمان هذا عبدك . . وتكون تطرب . . ويكون الرمل أحمر . . وتكون الرؤوس تتحرك . . وتكون الأرجل المشققة تغوص فى التراب . . وتكون الطريق حزينة . . وتكون الأشجار حزينة . . وتكون الأجساد حزينة . .
يكون المكان قد آمتلأ بالناس عندما صاح الرجل يكونون رجالا ذوى شوارب . . يكونون ذوى ربطات عنق يكونون ذوى حقائب سوداء ، , يكونون ذوى نظارات . . يكونون عراة أو شبه عراة . .
ويكن نساء أيضا ويكن سافرات الوجوه . . يكن جميلات أو دميمات . . يكن عاهرات . . يكون المكان نهجا ضيقا ويكون الرجل ملقى على الارض . . يكون دمه أحمر كشمس القرى البعيدة يكون يسيل على الارض فيختلط بمياه المطر المحملة بالغبار والأترية . . ثم يمر وقت
تكون سيارة بيضاء تمر . . تكون تحمل الرجل الذى قد مات ويكون الرجال قد ذهبوا ولا تكون المدينة حزينة . . ولا تكون السماء حزينة . . ولا تكون الأجساد حزينة . . .
