تفضل الاستاذ الشيخ محمد العربى المدرس بمدرسة الفلاح فاهدانا نسخة من مؤلفه هذا الذي افرغ فيه جهودا كبيرة ، وقد انتقد فيه محاضرات الخضري محاضرة محاضرة ، ويستهل المؤلف نقده للكتاب المذكور بدعوى مؤلفه ان الذي كان اصاب ابرهة وجيشه بمكة هو أمراض ثقيلة ، والحق الصريح بجانب الاستاذ العربى فى هذه القضية . فقد نص القرآن على هذه الحادثة فى سورة الفيل بان الذي دهاهم واصابهم هو حجارة من سجيل ، لا امراض ثقيلة . وليس للخضرى الحق فى جعله ميزان التاريخ الاسلامي ، هو آراء مؤرخي الافرنج ، فما قبلوه قبلنا وما انكروه رددناه . فمؤرخو الافرنج - مع ما عرفوا به من التدقيق والتنسيق شاهدناهم وكثيرا ما تحملهم اهواؤهم وبيئاتهم وتقاليدهم الى انكار الثابت واثبات المنكر . وفى انتقاد الاستاذ للخضرى فى شأن قصة بحيرا ، اجادة واضحة ، فلن يضير هذه الحادثة ان لا يذكرها أو يقرها مؤرخو الافرنج طالما نهما مثبوتة فى التاريخ الاسلامي ، مسجلة فيه من عدة وجوه صحيحة . وهناك دفاع مجيد من المؤلف عن الخليفتين الراشدين : عثمان وعلى رضى الله عنهما ازاء الحوادث التى طرأت في عهد خلافتهما . انظر من ص ٤١ إلى ص ٤٣ من الاستدراكات . وقد تحيز الخضرى الى جانب الامويين فى كتابه كثيرا . ونحن مع تقديرنا للامويين كعرب مسلمين أدوا للاسلام وللعروبة خدمات جليلة فى فتوحاتهم فى أوروبة وافريقية وآسية ، الا اننا مع ذلك لن نغضى عن انتقاد كثير من أحوالهم ، ولا يمكننا ان نثبت أونوافق ) كما حاول الخضرى ( ان شرفهم فى الجاهلية يساوى
شرف هاشم وآله ، لقيام الدلائل التاريخية المختلفة على نقض ذلك .
هذه لمحات عابرة اقتطفناها فى أثناء مطالعة هذا الكتاب . اما اسم الكتاب نفسه فانه يكون أوضح لو نص فيه المؤلف على قوله : " الاستدراكات على كتاب محاضرات الخضرى " . وكذلك يكون التاليف اضخم واعم فائدة لو ساق المؤلف فيه نصوص كلام الخضرى مقوما على كل كلام ينتقده ، حسب القاعدة المتبعة في عالم التأليف حديثا . اذن لكان ذلك اشفى للقارئين ، واهدى للمستفيدين ، وهناك مسائل انتقدها المؤلف على الخضرى تعقيبا منه له على كل جزئية وكلمة وهذا كله فى نظرنا لا ينقص من قيمة الكتاب العلمية . واخيرا فان هذا الكتاب على صغر حجمه قد سد فراغا فى بابه فجزى الله مؤلفه عن الاسلام والعروبة خير الجزاء
