انها مفاجأة يسجلها لك التاريخ يا نور الدين صمود ، لكن بشئ من اللوم والرجاء . هذه " المفاجأة " هى فتح ركن مناقشة فى مجلة " الفكر " الغراء ، التى كان او اغلبية مستهلكى الثقافة فى تونس ، يؤمنون بدورها الممتاز فى حياة تونس الجديدة . ونحن ، لا نعتبر اهتمامك " بالنقد " مفاجأة لانك شاعر فقط . ولم تخلق لمثل هذه الرسالة " التقييمية " ، بل نحن نعتبرها مفاجأة ، لانك برهنت على تتلمذك لمجلة " الآداب " الغراء ، من اجل اغتنام الفرصة ، للنظر الى أندادك وزملائك نظرة " أستاذ " غير متواضع ، الى تلامذة بسطاء . . وهذا لا يليق ! !
اذن ، فالمفاجأة ، يا صمود ، هى من النوع الخالى من روح " النكتة " . . فابحث لك عن غيرها ، اذن !
والمصيبة فى تونس ، هى ان مركب النقص ما يزال المحرك الاول لمن يتصدى الى غيره من معاصريه الذين يحترفون صناعة " الكلمة " .
وما دام هذا " المركب " هو الدافع ، فلن تقوم للنقد قائمة الى الأبد فى تونس او فى غير تونس . وكذلك " حجاب المعاصرة " ما دام مسدلا ، فمأساة " الشابى " فى حياته ، سوف تتكرر مرات ومرات بالرغم من أن " رجل السياسة " فى تونس برهن على انه اقرب الى روح الادب من اكثر الادباء . . . وهذا ليس فقط لان اهل الديبلوماسية عندنا فى تونس أدباء ( انظر ملاحظات السيد الرئيس فى الادب ، العدد الاخير ) بل لان الاديب عندنا لم يصل الى درجة النضج " الا فى النادر " ومن هنا ، ادعو صمود وجعفر ماجد ومحمد مصمولى ، وهم ابرز أقلامنا فى مجلة " الفكر " الغراء ، ان يرفعوا بينهم وبين معاصريهم " حجاب المعاصرة " ، وينتجوا لنا شعرا وأدبا ، عوض ان يكتبوا هذه " المفاجآت " غير السارة التى ينتقدون فيها غيرهم . . او بعضهم ، ومع برنارد شو ، أهمس لصمود هذه النصيحة : " القادر يعمل . اما العاجز فينتقد ! " . وأشكرك على هذه الفرصة التى ما كانت تتاح لولا احترامى لمجلة " الفكر " الغراء ، ولاسرتها العادلة ، وغيرتنى على دورها الريادى . بلا منازع .
