ورايت الشيب في رأسى بدأ ىي كالخطايا ،
لونه ادمى فؤادى . . آه من صنع المرايا !
هذه الشعرات ، هل فى كفها غير البلايا ؟
أين كانت قبل هذا اليوم ؟ فى أى الزوايا ؟
ما لها تقتات من عمرى ؟ وفي سخر تناجى :
((آن للأنوار أن تخبو . . وتطويها الدياجى))
ذات يوم . . والأسى يرخى على الايام ستره
لمحت عيني خيالا طاف بالمرآة فتره
ذا جفون هدها عبء السنين المكفهرة
وجبين راح يعلو سطحه وهم وحيره
انه طيفى . . غدا ينعى شبابا مستنيرا
كان مثل الورد أهدى خافقى - دوما - حبورا
قلت إذ ذاك لنفسي - والأسى يفري عظامي -
كان الى انصف اليوم (( دعاة الالتزام )) ؟
فاحيد الدهر عن شعر الهوى ، من خوف اشواك الملام
ما يقول الصحب عني . . عن أناشيد الغرام ؟
ان راوا فيها جنونا للصبا يقذف نارا
وهم يدرون ان الركب ألقاىي وسارا
شارد الاهواء والتفكير ما بين العذارى
والعيون السود غدران الهوى ، تبدو حيارى
فى سماها صور شتى لحب قد توارى
فى نقاها رغبة حرى تنادينى جهارا
غير انى - رغم شوقى - شمت من نفسى نفورا
إذ علمت الآن انى لم يعد قلبى صغيرا .
قالت احداهن : ماذا ؛ أى سر فى شجونك ؟
قد عهدناك طروبا . . لا ذبولا في جفونك ،
أنت تدرى . . هل زها مجلسنا يوما بدونك ؟
فترنم يا رفيقى ، واسقنا أشهى لحونك .
غننا شعر الصبابات واحلام العذارى
آن للاشعار أن تنشد ليلا . . ونهارا
قلت يا أختاه . . كان الأمس يرعانى بحب ،
كانت الأقمار تمشى . . تتهادى فوق دربى
راقصات . . فالشباب الغض يرسو ملء قل قلبي ،
أترانى اليوم أزهو . . والمشيب المر قربى ؟
كيف أشدو للهوى . . والعمر قد أضحى كبيرا ؟
حيث الاخرى وقالت : (( انت لم تبرح صغير ))
كان في صدري قلب داوى الأصداء . . ثائر
يتحدى الفكر منى . . منكرا منى الخواطر :
(( عش هزارا يا غبيا . . أعط حظا للمشاعر . .
أجمل الأحلام ما بين الورى وجدان شاعر !
سوف أبقى طول عمرى منشدا شعر العذارى .
إننى دوما صغير . . ان أنا جئت الديارا . ))
وأطعته يا فرحتى . . وتركته يقتاد نفسي .
وحملت قيثار الهوى ، وركعت فى محراب أمسى
ولجأت للأوتار أزجيها لحونا ذات قدس
(( كيوبيد )) يخلقها ، وينفض ريشها من كل رجس
والغادة السمراء (( فينيس )) ترش لى العطورا
وتضمنى . . فكأننى مازلت فى الدنيا صغيرا
وأطعته . . لأعيش كالشحرور ما بين العباد ،
متحررا من كل قيد . . هائما فى كل واد . .
الشذي فيض بروحى . . والهوى والشعر زادى
ولحونى سوف تبقى وفق ما يبغى فؤادى
وليروها أدمعا من مهجتى سالت حيارى
أو يروها هذيانا كخرافات السكارى
