الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 1الرجوع إلى "الفكر"

بريد القراء , حديث عامل منجمي

Share

ذات يوم سادتى مات صديقى

لم يمت فى النور مثل الاقحوانه .

لم يمت خلف خزانه

لم يكن يملك كرسيا ولم يعرف سريرا

عندما غادر حي العمله

وارتقينا القاطره

ورمانا الليل فى الداموس بعد العاشرة

نطق الصمت فغاب

تحت طيات التراب . .

مات ذاك النسر وامتد الحجاب

وتناساه الكبار

عبروا عن حزنهم بالسهد فى الليل وناموا فى النهار

وبكيناه الرفاق الأربعه

واتخذنا الدمع تعبيرا عن الحزن فلم نفلح

لان الحزن لا يسكن فى عين المحب .

يسكن الحزن بقلب . .

خافت الدقات مشلول العروق

واجه الناس مآسينا ببعض الكلمات

وادعوا السلوان عصفورا مريحا

عندلى الصوت مخضر الجناح

ينقر الاحزان فى القلب ويمتص مرارات الجراح

ودعوا الصبر لان الصبر فى الحزن ثبات

ثم مدونا ببعض الامثله

ورووا بعض الحكايات لحل المشكله

هكذا اعتادوا اذا غاب عزيز تاركا مقعده الواسع فى الارض ومات

لم يمت فيليب توماس ) 1 (

لم يمت ذاك الذي يحرق فى الليل اساطير النعاس

رجل جاء من الغرب فلم يسلب ولم ينهب ولم يبغ اختلاس

مد للناس طريقا ذهبيا فى الجبال

وعلى الارض خطا خطوته الكبرى كآلاف الرجال

يده الناعمة الشقراء مفتاح أمل

وجواز للعمل

هذه الارض التى قبلها

أصبحت من بعده مهد عناق

بعدما كانت بساطات من القحط الذى يخلق فى الناس الشقاق

والعقول القبليه

والرؤوس الخشبيه

يومنا الرابع من مارس تاريخ دماء وانقلاب ) 2 (

ضد عهد يبست أزهاره

وقست أمطاره

واختفى العالم عن أنظارنا فيه بخمسين حجاب

فانتفضنا . .

وانتهت غفوتنا . .

واقتلعنا كل ما أنجزه الظالم فى قريتنا

وتحديناه بالرفض فلم يصبر

لأن الصبر قوه

وهو لا يملك قوه

فسليمان الرميك

أسقط الشمس على الظلم الركيك

وتحدى قاتليه الجبناء

مثل كل الشهداء

دمه الأحمر يخضر اذا عاد الربيع

واذا عاودت الذكرى الجموع

تصبح الشمس سماء

ويحس الناس أن الارض لا تخضر الا من أعاصير الشتاء

كلما حل مساء

تصبح النار رمادا فى الشمال

والنساء

يتهالكن بعنف فوق قامات الرجال

آه يا ليل الجنوب !

لم تزل وحدك تمتد نشيدا وأغاني

وتساهيد وجهدا وأمانى

فنناديك تعال

أعطنا الصبر وعلمنا بطولات الرجال

اننا نحلم بالدنيا بشئ فى السماء

وبتغيير الذى يحدث فى ذاك الشمال

كلما حل مساء

يقلق الاطفال فى قريتنا

كلما غاب قطار

ويظلون حيارى

يسألون الارض والفسفاط عن عودتنا

ويصيرون عصافير صغارا

كلما عدنا من الداموس مثل الانبياء

ونراهم بعيون من ضياء

فنرى أكبادنا

فهم الخير الذي ينبت فى أعماقنا

وهم الزهر الذى يطلع من أشواقنا

فاذا جاءوا ينامون لينسوا جوعهم

فنرى أنا ظلمناهم فتمتد بنا مأساتنا

قيل عنا :

ارضكم لا تنتج الزيتون والخوخ ولا فلفل نابل

وهي لا تنبت عشبا أو سنابل

وأهاليكم قريشيون فى كل المسائل

ويعيشون بأعصاب القبائل

ويموتون بأعصاب القبائل

وسنبقي مثلما قالوا بأعصاب القبائل

نلج الداموس في الليل وفي الصبح بأعصاب القبائل

عندما ينهمر التاريخ نبنيه بأعصاب القبائل

لنرى هذا الوطن

سيدا يكبر في كل زمن

عاملا مازلت للخير أنمى عملي

وأبى كان قديما من رعاة الابل

ذلك الشئ الذى يغمركم بالخجل

أنا لا يخجلني

عندما أصرخ انى ابن شخص من رعاة الابل

حدثونى !

أى فرد فى بلادى كان إبنا لنبئ ؟

حدثونى !

عن أب يمكن أن يعظم فى عينى أبى

فاذا كنا ورثنا دورنا

وحقول القمح والزيتون عن آبائنا

فأعلموا أن الوطن

نحن لم نأخذه عن جد وأب

انما نحن افتككناه بأعصاب الغضب

وطني لفظ جميل

ابدا لم يحوه القاموس بالمعنى الحقيقى المثالى

غلط كل الذى جاء به المنجد فى تفسيره

وطني ليس مناخا اعتدالى

ليس بحرا . . ليس نهرا .

ليس غابات زياتين وواحات نخيل

انما يمكن ان يدعى وطن

كل ما يحمل الشعب من الحب الذى يغلو على كل ثمن

وأنا أحمل مثل الشعب عصفورا صغير

ساكنا قلبي ويحيا بكيانى

راقني ريش جناحيه النظير

وسنى منقاره الفضى فى نور الأثير

وانا أطعمه من عنفواني

لأرى ظل جناحيه على كل مكان

اشترك في نشرتنا البريدية