الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 4الرجوع إلى "الفكر"

بسمة شهر زاد،

Share

نهضوا باكرا وقد آخذ نور الفجر يمحو آخر ظلمات الليل فهم منذ زمان منتظرون هذا اليوم يريدون ان يقضوا فيه على الماضى البغيض .

لقد انتدبوا منهم رساما ماهرا ليرسم لشهرزاد لوحة عظيمة يدع فيها كل ما لفنه من روعة وسحر فانكب عليها أشهرا طويلة بلياليها فبدت كأصدق ما يكون الفن وأروع ما يكون الخيال .

حملوا التحفة العظيمة الى اكبر ساحات المدينة حيث نصوها كالتمثال .

وهم الان مع الصباح الباكر اليها منطلقون وعليها مقبلون يعزز جمعهم في كل مرحلة من مراحل الطريق شبان آخرون يقصدون نفس . يريدون .

كانوا على أديم الطريق المثلوجة العارية يمرون فى بطء ثقيل يتحادثون أو يتهامسون وبما هم عليه مقبلون يتفكهون .

وبهم التحق من حيث لا يدرون شاب غريب الى جمعهم انضم ومعهم اخذ يسير فما اياه انكروا ولا منه اشمأزوا ولا به أساؤوا ظنا

قال له أحدهم : - الى اين تقصد هذا الصباح الباكر

قال الشاب الغريب : - انى قاصد ما تقصدون

قال : - وستبصق عليها

قال :

- سأفعل ما تفعلون

قال : - ولم ستفعل ذلك

قال : - مجرد تفكهة فاندفعوا كلهم يضحكون

قال الشاب الغريب : هل هى جميلة فاتنة كما يقولون

قال أحدهم : - هي اجمل واروع

قال : - وكم عمرها

قال : - هنالك من يقول سنون وهنالك من يقول قرون وهنالك لا يجعل لها عمرا .

قال : - هي اذن خالدة

قال : هكذا يزعمون نحن اليوم على تحطيمها مقبلون ليتبين لهم انهم في زعمهم مخطئون

قال الشاب الغريب : - ويقولون انها تبتسم

قال أحدهم : بسمتها أروع فتنتها

قال الشاب الغريب فى لهفة: ومتى سنراها

قال : - بعد حين لا اظنه يطول تصبر قليلا . . لكن لا تنس أن تبصق عليها انها الماضى البغيض . . ولاحت عن بعد ساحة الميدان وقد بدأت أشعة الشمس تغمرها بالنور والدفء

هي ساحة فسيحة عريضة مكتظة بالشباب مثل الذين هم الآن عليها مقبلون تعلوها صورة عظيمة جميلة ساحرة فاتنة كاروع ما يكون الجمال والسحر والفتنة .

وانتظم الشبان كلهم الواحد تلو الآخر وأخذوا أمام الصورة يمرون وعليها يبصقون ووقف الشاب الغريب أمامها مأخوذا لا يجرؤ على شئ

قال له أحدهم : - تقدم وابصق

قال : - انها جميلة

قال آخر : - ابصق ودع من بعدك يبصقون

قال : - انها لرائعة

قال ثالث : - تقدم وابصق أو .

قال : - انها لساحرة فمن هى ...

قال : - انها شهرزاد قال الشاب الغريب حالما :

- شهر زاد ؟ . شهرزاد الخالدة شهرزاد الخالدة ؟ وانتم عليها تبصقون . ألا اليها تسجدون واياها تستلهمون لكنهم ما كادوا منه يسمعون حتى انهالوا عليها اجمعين فى حنق وجنون باظافرهم يمزقون وأسنانهم وانيابهم ينهشون وأقدامهم يدوسون .

وسمع صوت تمزيق وفتك صوت حاد طويل عريض كيوم السعير فتفرقوا في فزع مهرولين

وساد الساحة صمت مهول فتقدم الشاب الغريب في تؤدة وثبات نحو الصورة الممزقة كل ممزق ومد يده الى أشلائها فقبض أول شلو في متناول يده ولوى راجعا فى سرعة البرق .

عاد الشاب الغريب الى غرفته المقرورة وأصابعه لا تزال معقودة على الخرقة وما ان ارتمى على المقعد البارد البالي حتى أحس بدفء غريب يسرى في الغرفة ويشملها واياه وبطمآنينة ونشوة تستقران في اعماق اعماقه . وفي تؤدة وحذر أطلق اصابعه فاتحا يده عن الخرقة . وا بصر . انه أصاب البسمة .

اشترك في نشرتنا البريدية