في انشاء السدود حكمة عمرانية كبيرة . أدركتها اجيال البشرية المتعاقبة ، خاصة في البلاد التى تشقها السيول الجوارف ، أو تجري عليها الانهار المنهرة . فكان بناء السدود يستهدف أما ابعاد أخطار فيضانات هذه المياه المتدفقة عن المدن وما أشبه ، او حفظ مياهها الثرة للانتفاع بها في ري الناس او الحقول والمزارع ، أو الاستفادة منها صناعيا بادارة بعض الآلات الصناعية الطاحنة أو غيرها . .
ولسنا هنا بصدد احصاء السدود القديمة او الحديثة في العالم فذلك أمر يحتاج إلى مجلدات ضخام ، ولكن الذي نتوخاه هنا هو : استعراض سريع موجز لما احاط به العلم ووعته الذاكرة من السدود التى انشئت في هذه المملكة حديثا . . تلك التى كان سد وادي جازان " العظيم آخر ما احتفل منها بانجازه في مطلع هذا العام الهجرى .
ولعل من أوائل السدود المقامة في هذه البلاد ، ذلك السد الذى بني في أعالي مكة المكرمة لغرض منع غمر مياه السيول الجارفة لبلد الله الحرام . وكان وضع الحجر الأساسي لهذا السد الكبير الذي ربما كان الاول من نوعه آنذاك ، على يد سمو الامير عبدائله الفيصل نائبا عن سمو الامير فيصل بن عبد العزيز نائب جلالة الملك عبد العزيز آل سعود ( الملك فيصل حاليا ) .
وكان وضع الحجر الاساسي لذلك السد في يوم ٢٦ ربيع الاول ١٣٦١ ه . واقامت له أمانة العاصمة بمكة المكرمة مهرجانا حافلا ألقيت فيه القصائد والخطب مشيدة بمناقب الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله .
وقد اقيم كذلك فيما بعد ، سد وادى نمار ، وسد وادى الدرعية بالرياض ، وسد عكرمة بالطائف ، وسد العاقول ، وسد وادى عروة ، وسد وادى بطحان بالمدينة المنورة ، وس حريملا ، وسد ملهم ، وربما سدود اخرى أيضا لم تعها الذاكرة .
وأخيرا وفق الله حكومة حلالة " الفصل فأنجزت بناء ( سد وادى جازان العظيم ) أول سد من نوعه في البلاد أهمية وضخامة ومهمة ، وسيروي - بحول الله وحسن توفيقه _ الارضين الخصبة التى كانت السيول المنهرة نفيض عليها فيضانا عارما ، وينظم الرى ، فتؤتي هذة الأرضون الخصبة لبلادنا نوعا من الاكتفاء الذاتى المنشود ، في الحبوب والقطانى والفواكه ومختلف الثمار .
وقد تم بناء هذا السد في العهد الفيصلي الزاهر ، وكانت عنايى صاحب الجلالة " الفيصل " العظيم ، وراء اقامته وتشييده وانجازه . . وقد افتتحه صاحب السمو الملكى الامير فهد بن عبد العزيز النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ، في مهرجان حافل دعت اليه وزارة الزراعة يوم الاثنين ٢٥ المحرم ١٣٩١ ه _ مارس ( آذار ) ١٩٧١ م وقد ألقى سموه حين قصه لشريط الافتتاح الكلمة القيمة التالية :
( بسم الله نفتتح السد ، راجين أن يحقق الله من ورائه نفعا طيبا لخير الوطن والمواطنين في ظل جلالة ) . وقد القيت في المهرجان قصائد وخطب مشيدة بفضل الله تعالى ثم بفضل اهتمامات الفيصل الباني ، بمشروعات التنمية والنهوض الكبرى ببلاد ومن بينها (سدى جازان ) العظيم ( هدية الفيصل الكبرى ) لشعبه الوفي الامين . في مطلع هذا العام الميمون .
ويروي هذا السد ٨٠٠٠ هكتار من الأرضين المجاورة ، ويؤمن مياه الشرب لأكثر من ٢٥ ألف شخص .
وبالمنسبة فمما علمناه ان الاهتمام موجه اليوم الى اقامة بناء سد ابها . . الذي سيروى المنطقة المجاورة له ، بحول الله تعالى وحسن توفيقه ، وسيكون مصدر خير ونماء لعاصمة بلاد السراة ، كما سيكون سد وادى جازان الذي فرغ المهندسون من اقامته ، وافتتح عما قريب ، مصدر خير ونماء لسكان تهامة فيما حول ذلك السد ، من الارضين والقرى المجاورة . . وهكذا سيعم الخير البلاد وتعوداليها خيراتها ونضارتها المعروفة في سجلات التاريخ . . ان شاء الله .
