أغادر وجهي - الذي أرهقته المساحيق - والخشبات
التي حملتني زمانًا
تعرّتْ تفاصيله قرية تعبتْ
من تنقّلها بين شطّين .. حُبّي
وهَجْري
وظلت وما غادرت جذرها
وتقاتلُ
يا أيُّها الغرباءُ
الطواحينُ
والحَبُّ
والماءُ
صرنا دقيقًا
عجينًا
وخبزًا
أُكِلنا
فما هضمتنا البطون المهدّلة اللحم .
إني أغادرها
والدويُّ يحاصر صوتي
وينهيه
أرتعش الآن
والكلمات التي سبقتني إليكم
تمدُّ على فاصل الليل جسرًا
توقفت
واحترقت كتبي فوق دجلةَ ... والقدس
إني أنقِّل خطوي شُجاعًا كما أنبتتني
على شفرة السيفِ
أهتزّ
- لا بأسَ
وأفرد ذراعيكَ
هذا جناحٌ
وهذا جناح
- على الدرجات انحدرتُ
انحدرت
خلعتُ الكواليس عن كتفيّ
وصلتُ إلى الأرض
هذا الذي بينكم.. وجهكم
اقرأوه
ففي بعضه حبّكم
فيه تاريخكم
بعض أحلامكم نضجت من تقاسيمه
ذكريات قواعدكم
والميليشيا
الميليشا
المليشيا
- سجونًا
ومقبرةً
وفلولاً
تفتش عن وعدها المجهض السّمت
فيكم
أقول لكمْ
إنّه وجهكمْ
يخرج الآن من كل هذي الوجوه التي وسمتها الندوب
- أنصتوا
- ها هو الصوت يأتي
ويجتاز كل العراقيل
والمدن النائمات على شاطئ الموتِ
والنَّفْط
- يا وجهكم
فرحي
ليس بيني . وبين الأحبّة فاصلة
أو ستارٌ
- هو المسرح الآن يسقط
= كُفُّوا
انتهت لُعبة الضوءِ
والصَّوتِ
يا أيُّها المتعبون من الضجة الحربية
عاش الفدائي
فليذبح اليومَ
فليذبح اليومَ
أو فاذبحوه
- هوى
- انتبهوا
- أين كان المنادى ؟
- وأين اختفى ظِلُّه ؟
- ظلمة الصالة انحسرت برهة
عن جبيني
وعنكم
- فضيحتنا .. انفجرت حزمة الدّيناميتِ
- تناثر.. في السقف
تحت المقاعد
- انتبهوا
- فتّشوا بعضكم
إنّه أنت
أو أنتَ
أو أنتِ
- إنْ صفق الكل للموتِ فالكل للموتِ
- الكلُّ للموتِ
مكتوبة آيتي في العيون التي لا ترى الموت من حولكم
- احبسوا الآن أنفاسكم
- إنني أتخطى التوابيت فيكم
ومنكم
ولا تقرأوا الصّحف اليومَ
لم ينشروا صورتي
- عبثًا
- لستُ في صفحة الوفيات
ولا في العناوين
أو تحت باب الأعاجيب
والأحجياتِ
ولا ضمن كادر بيعِ الأراضي
وبيعِ النّساءِ
- انتهت لعبة المخرج العبقريّ
- أرى الصّالة الآن تطفح بالدم
حذّرتكم أنّكم تُقتلونَ
انفعلتم
ظننتم بأني أمثّل مذبحتي قربكم
ما عرفتم بأنّكم تذبحون معي
آيتي أنني الكل
والكل للموتِ
- لكن
- وتبقى الممرات فارغة في الظلام القديم
- نهضت على طرف الضوء
أنصتّ
ثمّ ارتميتُ
وألصقت أذني إلى القاعِ
- إني أذكّركم -
واستمعت إلى زمجرات الجنازير
حدّقت خلفَ زوابع سيناءَ
غنيّكم طلقة .. طلقتينِ
انتبهتم قليلاً
وقائلكم قال :
- يعبث بالنار
- صاروا هنا في ضفاف القنالِ
وفوق سهول الشمالِ
وغرب الشّريعة
يبتلعون إذاعاتنا
فقرة ... فقرة
وشعارًا ... شعارًا
- يقيمون بين شوارعنا قوس نصرٍ
ونارٍ
كما في تقاويم أيلول
تنهض عَمّان في وجههم
وتقاتلُ
ذاكرتي جبهتان
الجريمة ... والصّمت
هل تذكرون فِلسطين ؟
- ظلّ القتال على الجبهتين
الجريمة ... والصّمت
- عن الخيل ما أسقطتنا الخديعةُ
أو أسقطتنا التّحية
لكنّما اختلطت خيلنا بالتّرابِ
وبالفقراءِ
- أصارحكم أنّهم أعلنوا موتنا مرّتين
وسبعًا
وعشرًا
أصارحكم أنّهم شاركوا الليلة .. الآن في دفننا
سوّروًا بالحديدِ
وبالوردِ
والصّحف الجاهليّةِ
والنّارِ
أضرحة اللاّجئين نهارًا
فكانوا يقومون ليلاً
ويخترقون الحصارَ - برايتهم - واحدًا
واحدًا
وثلاثًا
ثلاثاً
يدورون بين الحواري
على هيئة لا تثير الفضولَ
ولا الدهشةَ
- انتبهوا
- إنّهم بينكمْ
هل تشمون رائحة الجوع والدمّ؟
فليكشف الآن كل الحضور الصدورَ
- هنا الجوع
والدم ..
والوطن العربي الممزّق
فلنكتب الآن منشورنا البكر للمرّة الألفْ
