ما زال للشعر هاهنا ألق وللشذى فى رحابه عبق
وللقوافى امتدادها أبدا لها بدنيا الاشراق منطلق
وهاجة النور عقد لؤلئها يرى بجيد الزمان يأتلق
تبهر من شذ عن طرائقها وجاء إدا وعق من سبقوا
فجد ما لم يكن سوى بدع يبرأ منها الخليل والخلق
فما استقامت الا على عوج وما استقرت الا بها قلق
لم تحو الا أحوى الغثاء ولم تستو الا وما بها رمق
يا بؤس هذا الجديد جلله ثوب كما شاءه البلى خلق
قد همت بالشهر فى روائعه يجلى وريا فحواه تنتشق
تسمو بنفسى أسرار نفحته ويغمر الروح فيضه الغدق
فما شفيت الفؤاد مرتويا وما اعترانى من صفوه شرق
فى الصدر منه تلوح وامضة اشعاعة يمحى بها الغسق
ينبوعه الثر فى اختلاجته من خاطرى المستفيض ينبثق
فان عنت لى يوما شوارده فما عنانى فى صيدها أرق
لم يعينى قط حين أطلبها لا الخب فى اثرها ولا العنق
ملكت اذ رضتها أعنتها فهى وما قد أردت تتفق
انى هنا ألتقى بنخبتها ومن هم فى مجالها السبق
المبدعون الالى بحلبتها مضوا مضيا ما حدهم أفق
قد حلقوا فى العلا بأجنحة ما أخفقوا حينما بها خفقوا
وما شوت نظرة لهم هدفا ولا سهام بها العدى رشقوا
من مفلق كلما ارتأى حدسا جاءت رؤاه كأنها الفلق
ومبدع لم تزل أوابده تجتاز أقصى المدى وتخترق
يشدو بها كل من له شغف ومن بسحر البيان معتلق
يظل فى نشوة . فمصطبح بخمر كأساتها ومعتبق
يشرب صرفا من صفو منبعها لا كدر شابه ولا رنق
انى بهم ألتقى على قدر وبى من الشوق نحوهم حرق
النبل فوق الجباه مرتسم وفى العيون الذكاء مؤتلق
واليمن باد على ملامحهم وللرقاب الوقار يعتنق
حلوا بدار لم تؤو من قدم الا رجالا لعهدهم صدقوا
دار بها المجد لم يزل كلفا والامر منها من قبل ينطلق
والفخر يزهى بظل دوحته فيها وعقد السلام متسق
على رباها الحصرى قد درجت أقدامه ما التوت به الطرق
وفى المصلى سحنونها علقت من سامعى فقهه به الحدق
وابن الفرات الذى قد اندفعت جنوده للخضم تستبق
تشحذ للحق سيفه وعلى أسوار ( بالرم ) ظل يمتشق
ومن عظيم الرجال كابن أبى الر جال من طيب ذكرهم عبق
يا ابن رشيق قم فاستمع عجبا أسلافنا قبل ما له سبقوا
تغريك آى لهم بفتنتها ويستبيك الدر الذى نسقوا
أينع غرس الآداب عندهم واخضل فى الحقل زهره الأنق
فى ملتقى ضم كل نابغة ذى مرتقى لم ينله ملتحق
وبالذي عبدوه من سبل يلتئم للعرب شملها المزق
فقد أشل الشقاق هيبتها وشتتها الاشياع والفرق
تكون ان أصبحت موحدة سلسلة أحكمت بها الحلق
بذاك تعنو لها الوجوه كما قبل عنت حين ساد متفق
ما كان مثل الخذلان أوبقها أو الالى من رعاتها أبقوا
ظلت خياناتهم بمعولها تهوى فتهوى المعاقل السمق
تلك جناياتهم وما سلموا منها فأشقوا بما جنوا وشقوا
يا أيها المجمعون أمرهم على نضال بصدقه وثقوا
نحن لكم اخوة وان بعدت اصقاعنا فالميول تتفق
ما كان يوما جرح يصيبكم الا له فى قلوبنا عمق
أو حل خطب بمن بداركم الا لقينا الذى هناك لقوا
يسوءنا ما يسوءكم ولكم كان لنا فى الجهاد مرتفق
هذى فلسطين وهى من دمنا وكلنا ألسن بها نطق
ترزح بالعبء فادحا ولقد ناءت به موديا بها الرهق
وفى غد ان توحدت دولا أمتنا يشوبها فرق
يحقق الدهر يوم منتصر ورهط صهيون فيه ينسحق
ليطفئ الله فيه باطلهم ولتغرب الشمس ان هم شرقوا
فنحن جند إذا الوغى استعرت ونحن ثبت لدى اللقا صدق
فللفدائى مدفع هزج وللأديب اليراع والورق

