الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 2الرجوع إلى "الفكر"

ثلاثون شمعة

Share

عشقتك في العشرين ، في عمر الشعر       وفي زمن الحب المضمخ بالعطر

زمان الهوى بالقلب يكثر عصفه              وينسج أحلامي من الوهم والسحر

نقشت على قلبي هواك مبكرا                فظ الهوى في القلب كالنقش في الصخر

ويا ضيعة العشرين تمضي مع الهوى          وفي القلب منه نسمة لم تزل تسري

كتبت بها ، في القلب ، ألف قصيدة        ففي كل يوم غادة بالهوى تغري

وأغرينني بالحب والحسن والصبا             وبالأصفر الرنان والذهب التبر

ولكنني قد ظلت في الحب مخلصا            ولم أتحول عن هواها مدى عمري

(( خلقت ألوفا ، لو نقلت إلى الغنى         لحن فؤادي ، في غناه ، إلى الفقر ))

(( ونقلت قلبي حيث شاء من الهوى ))      ولكن  حبي  ظل   للغادة  البكر

فقد أصبحت ليلاى أحيا بحبها               كما عاش قيس عمره في الهوى العذري

ثلاثون عاما في هوى من عشقتها             ولم أسل عنها رغم ما ابيض من شعري

وفيها كتبت الشعر منذ شبيبتي                وما   فاز   مني   غيرها   بسوى  النثر

وهل مانح الحسناء حفنة جوهر               كمن  منح  الحسناء  عقدا  من  الدر ؟!

ثلاثون حولا ؟ أم ثلاثون شمعة                 أضاءت  حياة الشعر  والنثر  والفكر ؟!

ولن تنطفي تلك الشموع ، وإنما              على ضوئها الأجيال تمشي مدى الدهر

ستبقى ، على الأيام ، مثل منارة              تضئ   سبيل   الراحلين   على   البحر

يرفرف قلبي في ضلوعي كلما            تعود بى الذكرى إلى مجلس الفكر

نسير إليه في اندفاع يقودنا              حنين الطيور العائدات إلى الوكر

ونسعى على الأقدام في الحر تارة       ونر كض طورا تحت منهمر القطر

ونسهر في النادى مع الشعر والنثر     كما انتظم العقد الجميل من الدر

وواسطة العقد الفريد محمد             فما أجمل العقد الفريد على النحر !

يزين من هام الجميع بحبها              وقد سحرتنا ، فى الهوى أيما سحر

نحن   إليها   رغم   بعد  ديارنا        وتشريدنا في سطوة الظلم والقهر

هي الغادة الحسناء نرقب ظلها        وطلعتها ، في العين ، أحلى من البدر

ولم تتخلف عن مواعيدها التي         غدت مضرب الأمثال في دقة السير

ونفرح كالأطفال عند ظهورها          وتنمو بنا الأشواق في غرة الشهر

عسانا نرى أسماءنا في غلافها          فذلك أقصى ما نروم من الأجر

زمان له في القلب أجمل صورة         تعيد لي الماضى الجميل من العمر

يذكرني أولى الحسان التى سبت         فؤادي ، وفازت بالفرائد من شعري

(( وإني لتعروني لذكراه هزة              كما انتفض العصفور بلل بالقطر ))

وتطفر من عيني الدموع لذكره           فتطفئ من ناري ، وتوقد من جمري

سوانا يرى أن اللذاذات في الهوى        فيغرق أحلى الوقت في اللهو والخمر

وكم صرفوا الأيام في ألف شهوة         ونحن صرفنا الوقت في خدمة الفكر

لأن الحمير البكم من أصيل طبعها       تفضل أكل التبن عن حلية التبر

فوا عجبا مالي أرى التبر عندها           ولم تبق إلا التبن للكاتب الحر !

وحسب رجال الفكر فخرا على المدى   بأن أصبحوا في قمة المجد والفخر

وحسبهم أن الثقافة قد غدت            حظوظ ذويها في يدي صاحب الفكر

وهذا بشير بانبثاقة فجر من              لهم قلم يمتاح من خالص الحبر

ومن جسموا بالحرف آمال شعبهم      ومن سبقوا بالنور إطلالة الفجر

وكانوا لهذي الأرض درعا حصينة        يفدونها بالروح في ساعة العسر

محمد يا من كنت للفكر رائدا         تذود بعزم الثائر الثابت الحر

لتحرير فكر وانطلاق عقيدة          فأنت الذي أرسيت حرية الفكر

أتتك جموع الكاتبين ، وبعضهم       يدب دبيب الطفل في أول العمر

فشرعت أبوابا وفتحت أذرعا         لتحضن من لم يقو منهم على السير

وأطلقتهم في الجو حتى تسابقوا        وطاروا بدنيا الفكر سربا من الطير

وقد شرفوا الخضراء في كل محفل       وكم رفعوا الريات في الشعر والنثر !

فشد بهم كفيك واضرب بعزمهم       فلول الأعادى في الرفاهة والعسر

وعلم لساني كيف يشكر من رعت     يراعي ، وأعلت في الكتابة من ذكري

(( فلو أن لي في كل منبت شعرة        لسانا )) , لظلت عاجزات عن الشكر

وما صغت إلا بعض ما في جوانحي      ولم أبد الا بعض ما قد حوى صدري

وإني ، وإن غنيت في العيد ها زجا      فان فؤادي مترع بالذي تدري

اشترك في نشرتنا البريدية