الرجوع إلى البحثالذهاب لعدد هذه المقالة العدد 10الرجوع إلى "المنهل"

جولة فى دنيا الخيال

Share

... وسرنا قليلا ، ومررنا بعدة عمارات جديدة ، لم يتم بناؤها بعد ، فسألت رفيقي عنها ، فقال : انها مؤسسات اسلامية حديثة ، لم تنته بنايتها ، ولنا امل عظيم بانها ستتم على احسن حال ، وتكون لها اليد الطولي فى انقاذ الاسلام ورفع مكانته ثم سالت رفيقي ، وقلت له : ألا يوجد " ناد"  للنهضة الاسلامية الحاضرة ؟ فقال بل ! وهو امامنا .. (  واشار باصبعه الى بناءة تظهر حديثة العمران لوجود غرف فيها لم يتم عمرانها بعد ) وكم اشتاق قلبي لزيارة هذا النادى الذى يمثل حياتنا الاجتماعية الحاضرة . وقلت فى نفسي ، لعلى إذا زرت هذا النادى اجد فيه من اعرفه من زعماء النهضة الاسلامية الحديثة فيبشرني بما يدخل على السرور الجم .

ودخل بي رفيقي الى هذا النادى ، واذابه يموج بخلق كثير ، لا يحصى عددهم واعترانى الاندهاش من اجتماع هذه الجموع الغفيرة ، وقلت لابد للامر من باعث هام وسألت عن حقيقة الامر فانبثت بان هذا اجتماع عام عقد فى هذا اليوم للنظر في شؤن الاسلام . فنقلت راجعا لأنى حسبته اجتماعا مختصا بالزعماء والقادة ، واذا بشخص يمسكنى من يدى ، فجذبت رفيقي معى ، فشق بنا هذا الشخص صفوفا متراصة عديدة واجلسنا فى مكان قريب من المنبر الذي نصب فى الوسط للخطباء ...  وما هى الابرهة يسيرة حتى نهض رجل قوى العضلات ، حاد النظرة تظهر عليه علامات الفتوة  والشهامة ، ويلوح على جبينه اثر العظمة والوقار فصعد المنبر واذا بالخدمة يقدمون بين يديه هيكلين مختلفي الزي والشكل والمنظر أشد اختلاف ، فهمت بان اسال رفيقي عن هذين الهيكلين ، وما العلاقة بينهما وبين القضية الاسلامية التى عقد

هذا المؤتمر لاجلها ؟ ولكن حال بيني وبين هذا السؤال ضرب الخطيب بيده على المنضدة الموضوعة امامه ، ليتنب له الحاضرون ، وقد ساد الصمت حينذاك واتجهت جميع الانظار نحوه .. وبعدما حمد الله وصلى على نبيه الكريم قال : ايها المسلمون !!

تعلمون ما حل بالاسلام فى هذا العصر من تقهقر وتأخر ، وما نزل بالمسلمين من إلحاد وتدهور فى الاخلاق ، وانحطاط فى الهمم ، حتى اصبح المسلم المشرقي مثلا غريبا فى اخلاقه وافكاره وعاداته عن المسلم المغربي ، بعد ما كان الجميع متحدين في كل ذلك تحت راية القران ، والحديث وآثار السلف الصالحين وهديهم القويم . وأنى انبهكم ايها المسلمون الى ان هذا الذى ترونه من التدهور والانحلال فى الجامعة الاسلامية منشؤه هذان الهيكلان . فهذا يدعو الى جموده ( واشار الى الهيكل الضخم ) وهذا يدعو الى تطرفه والحاده ( واشار الى الهيكل النحيل ) ولا يزالون مختلفين الامن رحم ربك ، والذين رحمهم هم المصلحون الذين لا يفتأون يدعون الى الاصلاح الديني ، والاصلاح العمرانى ، والاصلاح الاجتماعي . ولقد كان صوت هذه الفرقة المصلحة خافتا ما يكاد يبين من اثر الضوضاء والفوضى اللذين يثيرهما انصار كل من هذين الهيكلين ، فيشوشون على خلق الله ويؤخرون من سير " سفينة " النهضة الى ساحل النجاح . وان الحق ليعلو ولا يعلى عليه ، وان الحق جل وعلا قد وعد الحق بالنصر والسبق ، واوعد الباطل بالمحق والزهوق

أيها المسلمون

اننا نزمع اليوم ان نرسم لكم خطة قويمة معتدلة ، توصلكم إلى الهدف الاعلى بدون اعوجاج ولا التواء . وتقيكم مزالق التأخر والفساد ، فساعدونا وفقكم الله ( أصوات : أرسموا أرسموا )

ايها المسلمون

ان علينا أن نعمل لدنيانا كاننا نعيش ابدا ، قنتقن الصنائع الحديثة ونتقن الفنون الحديثة ، ونسعى بجد واجتهاد لاحياء مجدنا الاسلامى الباهر الذي اشرق نوره على هذه الارض فاضاء ارجاءها ، وأحيي مواتها ( اصوات من كل جانب : الله اكبر . ليحي مجدنا الاسلامي الباهر ) واننا ايها المسلمون اذ نعمل كل هذا ونتعلم كل هذا فانما نحن  وهذه الحالة مؤتمرون بامر ديننا الحنيف الذي جاء فى قرآنه المجيد ، أهم تعاليم المجد والنهوض ، الاوهى قوله تعالى ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين )  . وان علينا ايها المسلمون ايضا ان نعمل لديننا كاننا نموت غدا . ولسنا نريد أن نحصر الدين الحنيف في دائرة ضيقة ، وهو دين اليسر والتسامح ودين البشرية : ودين الفطرة ، ودين الاخلاق ، ودين العزة والمجد والنظام . ولسنا نريد خروجا من ريقة هذا الدين ولامر وقاما من حظيرته الفيحاء ولا اطراحا لتعاليمه القيمة التى أخرجت البشرية من ظلمات الاستبعاد والضلال الى نور الحرية والعدل والرشاد .

ولهذا الغرض النبيل أتينا بالجمود والالحاد ( وأشار الى الهيكلين )  نريد القضاء عليهما اليوم ، واراحة العالم الاسلامي من شغبهما الدائم ، وصخبهما السام فما رأيكم فى ذلك أيها المسلمون ؟

( ارتفعت جميع الاصوات منادية " ليست الجمود ، ليمت الالحاد . نعم ! نعم !!  لينزل عليهما سيف القضاء العاجل ، وليعدما من الوجود بالمرة ) .

وأشار الزعيم اشارة خاصة ، واذا بشخص متقلد سيفا صارما يتقدم نحو الهيكلين ويضرب عنقيهما ضربة اسقطتهما الى الأرض . . فوثبت انا من مقعدى فرحا مندهشا ، واذا بي أجد نفسى واقفا  فى غرفتى الصغيرة ، وكتابى حلقي امامى على الارض ! ؟

تمت

اشترك في نشرتنا البريدية