اليك أعود اليوم يا قلمى العزيز
الى حديثك اليوم أنصت أيهــا الرفيــق المخلص . .
يا من تسمع منى . . وتسمع منى فقط . . وتقول عنى وعنى وحدى فقط .
اليك أيها العزيز أعود اليوم لأســـــــــمع حديثك الي . . بل نفثات أعمــــــــاقى عبــــر قطرات الحياة المنسابة منك على القرطاس . . لقد عشت زمنا أحسبه - طويلا جدا - وأنا بعيد عن صفحات مجلتى العزيزة ( المنهل ) . وأسباب الاحتجاب ليست هينة . . انها حياة الدراسة والبحث . . فطالب الجامعة ليس كطالب الابتدائية ولا حتى الثانوية . . شتان عا بينهما شتان . . فالجامعي أيامه متصلة بالكتب ، بالمراجع ، بالبحــــــــــوث بالمناقشــــــــــات ، بالتفكير ، بالاختبارات ، بالواجبات ، حياته مليئة حتى الثمالة ، فلا يجد لديه الوقت الكافي لينفس عن مكنوناته الخاصة - الا من رحم ربى - وأظننى اليـــــــوم من الذين رحمهم الرب ، فها أنذا اليـــــــــوم أمسك بك يا قلمى العزيز ، لأسطر بــك حديثا أو أحاديث في الحياة والنفس ، ولا أدرى متى تكون العودة التالية ، أهى قريبة أم بعيدة . . اننى آمل أن تكون قريبــــــــة وقريبة جدا باذن الله .
رسالة صيف . .
الى الروح البريئة ، الروح الفتية ، النقية التى تعيش معها روحى ، وعلى أطلال الألم
الذى أوشك أن ينتهى ، وكنت أعتقد انه لن ينتهى . .
الى ذياك النبع الذى أعيش عليه ، وبين ظلاله الخضرة أحيى .
تحيات القلـــــــــب . . تحيات الروح . . الروح التى لا تحيا بعيدا عنك ، وأنت أعلم الناس وأشعرهم بهذا . . ومن عجب الامور أن يبعث الانسان بتحياته أو يمس في أعماقه . . أعماق نفسه . . فقد كان عجبا أن نكون هذه الكلمات رسولا منى اليك . . بل من نفسى اليها . . ألست معى . . ألســــــــــــت تؤمن بهذا ؟
دلائل كثيرة . . الأحداث التى تؤكـــد الامتزاج الفكرى والروحى بيننا أكثر من أن تعد . .
يا عزيزى . . بل يا نفسى . .
اليك أكتب . . بل أسكب هذه الحبات من نفسى بين يديك ففى هذا اطمئنــــــان النفس ، وارتياح الفؤاد ، وما أعظم ارتياح الفؤاد اذا استطاع ذلك . . وكم لهذا أن يكون صعبا . . ولكن ربما يكون الداء في كلمة اذا قيلت كانت بلسما . . واذا لــم تقل كانت غصة في قلب من يبحث عنها ، يعيش آملا سماعها من ثغر . . بل من قلب نفسه أو جسده المنفصل الثانى وروحـــــــه القريبة اليه .
اليك أيها العزيز هذه الرسالة ! ! فتمتع بذوبان أحاسيسى بين أسطرها . . وتمتع باحتراق الالم في أعماقى ومن أجلك . . ومن أجل روحك الطيبة الطاهرة . . هذه هى رسالتى فتقبلها فهي هدية الحب . . هدية الاخلاص اليك ولك . . أيها العزيز الغالى .
انسان الضياع . .
لا أدرى . . لماذا أكتب هذه السطور . . فقد شعرت بحاجتى الى الكتابة . . والكتابة فقط . . ليس في ذهنى أية فكرة . . ليس في نفسى أى احساس وشعور ، ينبغي التعبير عنه . . كل ما في الامر أننى دفعت الى الكتابة لذاتها لا لغيرها . . ولا أدرى فلعلي أجــــد الفكرة تقف لى في وسط الطريق تقول لى :
- ها أنذا أمامك . . لا تتعب نفســـــــــك بالبحث عنى . . أنا بين يديك .
ربما . . أقول ربما . . لأننى أكتــــب الساعة بلا فكرة . . بلا غاية . .
ولكن حتى الآن لم أجدها .
واذا وجدتها . . أعنى الفكرة . . سارفع عقيدتى صائحا :
- وجدتها . . وجدتها . .
ها . . لقد وجدتها . . نعم وجدتها . . أيها القوم . .
انها تكمن بين أسطرى الآنفة . . نحــن هكذا مثل الأسطر السابقة . . نمشى بـــــلا هدف . . نسير بلا غاية . . لأننا تركنــــا الهدف الذى خلقنا من أجله . . لأننا ترفعنا
بأنفسنا عن مدارج عزتنا وكرامتنـــــــــــا . . فصرنا كالتائهين . . بل نحن تائهون ضائعون لا نعرف الأنفسنا اتجاها حقيقيـــــا . . ولا مسيرة منظمة . . بل اننا كالغنم الذى فقد مرعاه فيات يستجيب لاي ناعق ولأي مناد دون تمييز . . ودون وعي . . لكأن كـــــــل واحد منا انسان الضياع .
حياة الالم .
يا هذه الحياة . . أيهـــــــذا الوجود . . اننى أتكلم . . اننى أنسكب في هذه الكلمات بين أناملك أيتها الحياة . .
هذه هى براعتى . . بل هذا هو أنا . . مذايا في أسطر من مشاعرى . أيها القرطاس ، ولعل في هذا راحة لها وارتياحا لهذه النفس المعذبة التى تأبى العيش الا في العذاب .
العذاب . . العذاب . .
الالم . . الالم . . الآهات . . الآهات . .
هذه اطارات الحياة التى تعيشها هـــــــذه النفس . .
نجد اللذة كل اللذة ، الســــــــــــــعادة كل السعادة في تألمها في تشقيها . . ففى التشقى لذة النفس . . وفي الآهات راحة الفؤاد . . وهدأة الصدر المتأجج . .
فيا هذه الحياة . . أصيـــــــــــــــخى واسمعى لنداءات الاعماق المحترقـــــــــة . . لذوبـــــــان الأحاسيس بين الأسطر المطلقة . . لكلمــــــات الحياة السعيدة بتعاستها .

